ما حدث في «فيراج» ملعب رادس بين مجموعات من أحباء الترجي يعيد طرح المسألة المتعلقة بعودة الجماهير إلى الملاعب من زاوية تتطلب الكثير من التروي والحيطة.. فقد جاءت تلك الفئات وغيرها من جمهور الترجي لتشجيع فريقها في مباراة حاسمة ضد مازمبي الكنغولي، وكان الاعتقاد السائد أنها متلاحمة متآزرة وراء الألوان ذاتها لتحقيق الهدف الأوحد: الترشح إلى نهائي دوري أبطال إفريقيا.. هكذا كان الاعتقاد بل انتظار جملة الأحباء، ولكن حدث ما عكر الأجواء ولوث الصفاء. فمرة أخرى أبت بعض العناصر المنتمية إلى مجموعات متنافسة من الأحباء إلا أن تدخل في مشاجرات عنيفة وتبادل للمقذوفات المادية واللفظية وكادت تدخل باللقاء في اتجاه لا يعلم أحد مؤداه. ولئن استهجن عموم الحاضرين من العقلاء ما حدث بين مجموعات تدّعي حب الترجي- وهي في الواقع لا تفعل سوى الإضرار به وبسمعته من حيث تدري أو لا تدري- فإن تلك الأحداث تشكل مؤشرا سلبيا يدفع إلى مراجعة القرار القاضي بعودة الجماهير إلى الملاعب باتجاه المزيد من التمعن والتدقيق ووضع اشتراطات صارمة حتى لا يتكرر ما عشناه على مدى الموسم الماضي.. وهذا القول لم يأت من فراغ ولا يدخل في خانة المزايدات المجانية أو التشاؤم المفرط بقدر ما ينبع من شعور بالإحباط نتيجة ما يأتيه البعض من جماهيرنا غير الواعين باستحقاقات المرحلة.. أليس حريّا بالجماهير أن تراجع سلوكها وتقرأ بتمعن بين أسطر الأحداث الأليمة التي عرفتها الفضاءات الرياضية عندنا وما نتج عنها من خسائر بشرية ومادية؟ إنه من واجب الجميع أن ننظر إلى المسألة بمنظار المسؤولية لأنها أصبحت تتجاوز لعبة كرة القدم وغيرها من الرياضات لتدخل في متاهات مظلمة ندرك مدى خطورتها على البلاد والعباد. لذلك وجب دقّ الجرس وإشعال الأضواء الحمراء جميعها أمام هؤلاء.. دعاة الفوضى ومعتنقي العنف رغم ما اتُّخذ من إجراءات وقائية واحتياطات وتأطير.. وقد فشلت كل تلك المجهودات في فرض الفرجة الراقية والهادئة في حدود معقولة ومقبولة. إن الدعوة- وأقولها ثانية- إلى وجوب ملازمة الحذر الكامل في التعامل مع هذا الملف يستند إلى المؤشرات السلبية التي ذكرت رغم عملية الفرز التي خضع لها الأحباء ومحدودية العدد المرخص له بالحضور!.. وغدا؟.. ما عساه أن يحدث عندما يتضخم العدد وتقل درجات اليقظة والتحوّط؟.. في كلمة.. نريد عودة مدروسة ومضمونة وفق ضوابط وإجراءات معلومة حتى لا نقول ذات ندمٍ «ملعب مسكّر ولا فرجة مشومة!».. .. وبالصدق ألاقيكم وأشد على أياديكم..