دخل أمس الأطباء الداخليون والمقيمون في إضراب قطاعي جزئي بكافة مستشفيات تونس الكبرى وبالمركبات الاستشفائية بالجهات احتجاجا على عدم احترام وزارة الصحة للاتفاقيات الممضاة مع النقابة بتاريخ 24 جويلية 2012 والتي تشمل قانون الخدمة الوطنية. وأكد شكري الزياني، كاتب عام نقابة الأطباء الداخليين والمقيمين أن قرار الإضراب هو نتيجة للتهميش الممنهج الذي يشهده قطاع الصحة منذ سنوات عديدة واحتجاج على القوانين التعسفية والظالمة التي تستهدف قطاعهم، حسب قوله: واصفا إياها بأنها محاولة لضرب قطاع الصحة العمومية لفائدة القطاع الخاص. وأوضح الزياني أن الإضراب سيكون بأماكن العمل ولن يعطل الحركة الاستعجالية في المستشفيات، مشيرا إلى أنّ إمكانية التصعيد واردة في انتظار ما ستفضي إليه الجلسة العامة التي ستعقدها اليوم الجهات المختصة والأطبّاء في كلية الطب. وفي سياق متصل، بينت نقابة الأطباء الداخليين والمقيمين في بيان لها أن قانون الخدمة الوطنية ما هو إلاّ محاولة لتهميش قطاع الصحة العمومية لمصلحة القطاع الخاص، وأن هذا القانون الذي وصفوه باللاديمقراطي، قد صيغ بطريقة سياسية تنفي شروط الإعفاء من الخدمة العسكرية لأطباء الاختصاص المتخرجين حديثا دون غيرهم رجالا كانوا أو نساء، متزوجين، حوامل أو كفلاء. وذكرت نقابة الأطبّاء الداخليين والمقيمين بكل من تونس، وصفاقس وسوسة والمنستير في بيانها أنها عارضت بشدة هذا القانون منذ صدوره تحت حكم بن علي. كما أشار البيان إلى أن هذه الآلية ما هي إلاّ لعبة سياسية تهدف إلى امتصاص غضب المواطنين بإيهامهم بوجود خدمات طبية مختصة في حين أن واقع الحال مخالف تماما، حيث أنه يتم الزج بأطباء حديثي العهد في مناطق تخلو من أبسط التجهيزات واستشهدوا في هذا الإطار بما حصل في المستشفى الجهوي بجندوبة أين تقاسم طاقم الجراحة العامة وطاقم طب النساء وطاقم جراحة العظام، قاعة عمليات واحدة ولم يتم توفير تقني تخدير في الحصة المسائية. وأشارت النقابة كذلك إلى أن رفضهم لهذا القانون يأتي لكونه مجرد أداة تعمق الفوارق الجهوية وتجعل من هؤلاء المواطنين مواطنين من درجة ثانية إلى جانب أنه قانون يقف حاجزا أمام الانتداب الفعلي لأطباء اختصاصيين جدد. الوزارة أخلَّت بوعودها وفي سياق متصل ذكرت نقابة الأطباء المقيمين والداخليين بتونس، أن الاتفاقيات الممضاة مع وزارة الصحة في 13 جوان 2011 و24 جويلية 2012، تنص أساسا على الالتزام بمعايير الإعفاء لقانون 2004 وإعفاء كل من تم انتدابه في خطة طبيب مختص للصحة العمومية وإعفاء الناجحين في مناظرة الأساتذة المساعدين في الطب والمباشرين لعملهم بالصحة العمومية، واستنكر الأطباء الداخليون والمقيميون موقف وزير الصحة على موجات إحدى الإذاعات الخاصة، معتبرين أنه ضرب بعرض الحائط كل الاتفاقيات المبرمة مع سلط الإشراف وان ذلك ما دفعهم إلى الإقرار بإضراب يومي 30 و31 أكتوبر 2012. اضطراب في أروقة المستشفى وشهد المستشفى الجهوي للحروق البليغة ببن عروس، حالة من الفوضى والبلبلة خلال ساعات مبكرة من يوم أمس، أين تنقل المواطنون من جهات وولايات مختلفة إلى المستشفى، إلا أنهم فوجئوا بحالة الشلل التام لقسم العيادات الخارجية، وهو ما سبب سخطهم وغضبهم. وإثر مناوشات بسيطة في قاعات الانتظار، قام المواطنون بتفويض من يمثلهم والتقى هذا الأخير بمدير المستشفى واتفقوا على أن يقع تأجيل مواعيدهم إلى الأسبوع القادم، وأن يتحمّل المستشفى مسؤولية أيّ تغيير أو إجراء جديد، وهو ما أكده لنا عماد الطويبي مدير المستشفى الجهوي للحروق البليغة ببن عروس، مشيرا إلى أن الإضراب قد كان له تأثير بسيط على سير العمل، وأنهم قد توصلوا إلى حلول ترضي المرضى وتمتص غضبهم. استنفار الممرضات والممرضين وسط حالة الفوضى وخيبة أمل المرضى، بدا الغضب والتململ على وجوه العديد من الممرضين والممرضات، الذين نفوا علمهم بالإضراب، ولم يخف البعض منهم سخطه على المضربين، حتى أنّ إحدى الممرضات قالت لنا أنّ الضحية الدائمة والوحيدة لتصرفات مماثلة هو المواطن لا غيره. نسق عادي بالأقسام الأخرى وفي ممرات ليست بالبعيدة، عرفت بقية الأقسام نسقا عاديا، حيث غصّ قسم الاستعجالي بمرضى، وكان الأطباء يستقبلون المواطنين ويمارسون عملهم بصفة عادية مثلما كان الحال في أقسام الجراحة والعمليات.