تمّ خلال الليلة الفاصلة بين الخميس والجمعة تكسير الواجهات البلورية للمكتب الجهوي لوكالة احياء التراث والتنمية الثقافية واقتحام وحرق أجزاء من مطعم «الكابيتول» وحرق سيارة حريف كانت رابضة بمأوى السيارات التابع لمركب الاستقبال الخاص بالمنتزه الأثري بسبيطلة. الحادثة شدت اهتمام الشارع بمدينة سبيطلة، خاصة وأن معلومات متضاربة تمّ تداولها حول هويّة الأطراف التي تقف خلف الحادثة والجهة المستهدفة بعد ثلاثة أيام من المشاحنات وأعمال الشغب والعنف المتبادل بين مجموعات مختلفة في عدد من الأحياء! «التونسية» حققت في الموضوع: حين وصلنا أمام مطعم «الكابيتول» صباح أمس كانت الحركة دؤوبة.. عملة ينظفون بقايا الزجاج المتناثر وعاملات يطرحن جانبا أكوام الرماد.. وصاحب المطعم يبحث مع حرفيين سبل اصلاح النوافذ وطلاء الجدران بأسرع وقت ممكن ورغبة كبيرة في اعادة البهجة والحياة للمكان.. السيدة صفيّة الظاهري مديرة المكتب الجهوي لوكالة احياء التراث قالت لنا أنهم هشموا الواجهات البلورية لمركب الاستقبال.. وأن «مكتبها» لم يكن مستهدفا.. لقد أرادوا مطعم «الكابيتول» وكنا على الهامش. وحدثنا السيد مراد عبدلاوي، المندوب الجهوي للسياحة بالوسط الغربي عن عودة الحياة الى القطاع السياحي بسبيطلة بتسجيل توافد أعداد هامة من السياح الجزائريين وبعد انتظام المهرجان المصغر لمصلحة سفراء أوروبا بالجنوب منذ أيام علّقنا آمالا كبيرة على موسم سياحي واعد.. وهذه الحادثة ستؤثر سلبا بالتأكيد. ليسوا سلفيّين شريط الأحداث رواه لنا شاهد عيان: «ليسوا سلفيّين» هكذا بدأ حديثه معنا وأضاف.. لقد حدثت معركة بين شخصين أمام احدى الاعداديات سرعان ما تطورت في حدود الثالثة بعد الزوال أمام أحد المقاهي بحيّ الفتح.. وتواصلت الى حدود آذان المغرب.. واستنجد كل طرف بأفراد عائلته وأبناء «حومته».. علما وأن أحد طرفي النزاع من «الملتحين» والآخر يشتغل حارسا بمطعم «الكابيتول»، وبعد أن عمدت المجموعة المساندة ل«الملتحي»، وأغلبهم أيضا من «الملتحين» الى مهاجمة حارس المطعم في حدود الثامنة والنصف ليلا بعد أن أحسّت بالضيّم من تفاصيل معركة المساء.. حدث ما حدث.. بعد أن اندّس المنحرفون والراغبون في السطو على ممتلكات المطعم محدّثنا أقسم أن «السياحة ليست مستهدفة وأن الصدفة فقط جعلت من المطعم هدفا لعنف متبادل بين مجموعات لم تجد من يردعها! دائرة أمنية... دون أعوان نفس التفاصيل تقريبا أكدها لنا رئيس الدائرة الأمنية بسبيطلة مضيفا بأنه تمّ ايقاف شخصين من الطرفين بعد وصول التعزيزات الأمنية من القصرين. وكانت الوحدات الأمنية قد قامت بحملة يومي الاربعاء والخميس أسفرت عن ايقاف 13 فردا بعد أعمال الشغب التي حصلت خلال الأيام الثلاثة الأخيرة. من جهته تساءل السيد الأمين المولاهي كاتب عام الاتحاد المحلي للشغل بسبيطلة عن السبب الحقيقي الذي يقف وراء تنامي ظاهرة التناحر بين «العروش» و«الأحياء» في مدينة معروفة بالتعايش السلمي والمستوى الحضاري لأغلب أبنائها وأكد السيد العمري الزواوي عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي وجود توظيف معارك عادية لاستغلالها قصد النهب من طرف المنحرفين وتساءل عن الجدوى من وجود دائرة أمنية دون عتاد وب10 أعوان في مدينة تضم 50 ألف ساكن! مدينة الحياة.. كما نشتهي من جهتنا نذكّر جميع الأطراف أن سبيطلة مدينة ضاربة في أعماق التاريخ.. شهدت الفتح العربي الاسلامي الأول وكانت عاصمة بيزنطية ومركزا للولاية سنتين بعد الاستقلال يعيش فيها «الجريدية» و«الصفاقسية» و«الجرابة» و«الهمامة» وأبناء غمراسن و«الفراشيش» و«ماجر» في تعايش تام.. وتملك كل مقوّمات المدينة العصرية.. بآثارها الشامخة ومياهها العذبة و«سوانيها» الخضراء.. والعنف أسلوب غريب بدأ يطرأ على حياة أبنائها الطيّبين... فأين تشكيلات المجتمع المدني.. وأين «كبارات البلاد».. لايقاف نزيف العنف.. عنف لا معنى له في مدينة نحبها دائما.. كما نشتهي.. مدينة الاختلاف والحضارة والتسامح.. والحياة!