أعرب أمس رئيس الحكومة «حمادي الجبالي» خلال الندوة الوطنية حول «الاقتصاد غير المنظم: سبل معالجته وتنظيمه» التي احتضنها مقر الاتحاد العام التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، عن أسفه لعدم ايلاء الحكومة الحالية الاهتمام اللازم بموضوع الاقتصاد غير المنظم أو «الموازي» الذي وصفه بالخطير وذي انعكاس سلبي على نسق التنمية في البلاد لسبب أرجعه إلى كثرة مشاغل أعضاء الحكومة.كما شدد «الجبالي» على ضرورة العمل لحل المشكل السياسي قبل المرور إلى حل بقية المشاكل الاقتصادية والاجتماعية «لان المفتاح هو مفتاح سياسي بالأساس... ودون ذلك لا يمكن حل أي إشكال اقتصادي أو اجتماعي»-، مؤكدا ان الحكومة الحالية تحدوها إرادة سياسية صادقة لمقاومة كل مظاهر الفساد وأنها لن تتوانى في اتخاذ أية إجراءات أو برامج من شأنها أن تحد من الانعكاسات السلبية لظاهرة الاقتصاد «الموازي» على الاقتصاد التونسي المنظم. و أشار «الجبالي» خلال هذه الندوة التي تميزت بحضور «وداد بو شماوي» رئيسة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وسفير سويسرا بتونس وعدد كبير من رجال الأعمال والخبراء في مجال الاقتصاد...، إلى أن الاقتصاد الموازي أخذا طريقه نحو النمو أكثر مما ينمو الاقتصاد المنظم،مؤكدا ان هذه الظاهرة تعتبر واحدة من ابرز معوقات التنمية في البلاد. «أسباب عميقة...» و ارجع «الجبالي» تفشي هذه الظاهرة في تونس إلى «أسباب عميقة ومتجذرة في الزمن»، مضيفا: «إن تواتر الهجرات الداخلية نتيجة غياب برامج تدعم الجهات المهمشة والمحرومة يعد من ابرز أسباب استشراء هذه الظاهرة بعد ان أصبح القطاع الموازي المصدر الأساسي ومورد الرزق الوحيد للشباب العاطل عن العمل». كما قال رئيس الحكومة إن عبء الدفعات الجبائية ونقص عمليات الرقابة كان أيضا من أهم أسباب تفشي هذه الظاهرة،مضيفا: «ومن جهة أخرى مثّل استشراء الفساد في العهد السابق من قبيل عدم تطبيق الأحكام الديوانية علاوة على تراكم كميات كبيرة من السلع المستوردة على غرار المحروقات والسجائر وبعض المواد المدعمة كالسكر والقهوة والطماطم المعلبة... محفزا لانتشار هذه الظاهرة ونحن لسنا في حاجة إلى التأكيد على حجم تداعيات هذه الظاهرة». «المفتاح سياسي بالأساس» ! و في تصوره لحل مشكل الاقتصاد غير المنظم، قال رئيس الحكومة: «ان المفتاح سياسي بالأساس حيث ان مجتمعنا في حاجة الى نظام سياسي ديمقراطي شفاف وعادل،لا بد أن نهتم قبل كل شيء بحل مشكلنا السياسي وعلى النخبة السياسية ان تتحمل مسؤوليتها في ذلك فمن دون ذلك لا يمكن حل أي مشكل اجتماعي أو اقتصادي وعلى رأسها ظاهرة الاقتصاد الموازي». و اضاف «الجبالي»: «انني على يقين بأن الدراسة التطبيقية حول هذا الاقتصاد ستساعدنا في الحكومة على مزيد التعمق في إبعاد هذه الظاهرة وتوجهنا لاحكام البرامج لمكافحتها فالحكومة الحالية تحدوها ارادة سياسية صادقة لمقاومة الفساد وان حساسية المرحلة التي تمر بها البلاد اليوم تتطلب توافقا وتكاثفا في الجهود» و بخصوص العاملين في القطاع الموازي،أكد «الجبالي» ان هؤلاء من ضحايا منظومة اقتصادية واجتماعية وسياسية قديمة وان القطاع هو «قطاع يهمنا لانه يعبر عن مظالم اجتماعية وسياسية»، متابعا بالقول: «لا اظن اننا سنقضي على ظاهرة الاقتصاد غير المنظم في سنة او سنتين ولكننا لن نتوانى في اتخاذ أي إجراءات أو برامج من شأنها أن تحد من الانعكاسات السلبية لظاهرة الاقتصاد «الموازي» على الاقتصاد التونسي المنظم». «نريد حلولا.. فأين الحلول»؟ على إثر إلقاء رئيس الحكومة «حمادي الجبالي» كلمة الختام ولدى شروعه في مغادرة القاعة استوقفه الناطق الرسمي باسم الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة ليطالبه بتقديم حلول وتعهد بحل هذا المشكل الذي وصفه ب«السرطان الذي أتى على الاخضر واليابس». و بمجرد مغادرة رئيس الحكومة للقاعة التي احتضنت الندوة وتمرير الكلمة الى بعض نواب المجلس الوطني التأسيسي ثارت ثائرة بعض رجال الاعمال الحاضرين مرددين: «كفانا كلاما معسولا..نريد حلولا فأين الحلول؟».