في وقت تسارعت فيه خطى التحضير والترتيب لموعد انتخابي جديد اخذ يطل من بعيد، وللإجابة عن سؤال «أي هيكلة وأي إجراءات بالنسبة للنزاعات الانتخابية المقبلة»، نظم أمس اتحاد القضاة الإداريين بالتعاون مع برنامج الاتحاد الأوروبي لدعم الانتخابات في تونس يوما دراسيا حول «النزاعات الانتخابية» فتحت فيه أبواب النقاش وتبادل الآراء لعدد من رؤساء الدوائر القضائية والمستشارين القانونيين... بهدف رصد النقائص المسجلة في التشريع الانتخابي الذي نظمت في إطاره انتخابات 23 أكتوبر 2011، وصياغة جملة من التوصيات التي من شأنها أن تنير خيارات المشرع (المجلس التأسيسي) عند سن القانون الانتخابي المقبل. وقد تميز اليوم الدراسي بحضور كل من «جيروم لايرو» مدير برنامج الاتحاد الأوروبي لدعم الانتخابات في تونس،و«زهير تنفوس» رئيس اتحاد القضاة الإداريين،والسيدة «نرجس طاهر» مستشارة قانونية لدى برنامج الاتحاد الأوروبي لدعم الانتخابات في تونس،»لمياء الزرقوني» مستشارة لدى التعقيب..وسط غياب ملحوظ لممثلي المجلس الوطني التأسيسي بعد أن كان من المبرمج ان يشارك عدد منهم في هذا اليوم الدراسي لما يكتسيه من أهمية وتأثير على طريقة تحضيرهم للقانون الانتخابي. وأشارت الأستاذة «نرجس طاهر» في مستهل مداخلة ألقتها بالمناسبة،إلى الدور المحوري الذي لعبه القضاة في انتخابات 23 أكتوبر 2011 «ذلك انه إضافة إلى ولايته العامة التي تخول له بصفته قاضي الشرعية،البت في النزاعات الإدارية الناشئة في إطار المسار الانتخابي ،اقتضى المرسوم عدد 35 لسنة 2011 المؤرخ في 10 ماي 2011 والمتعلق بانتخاب المجلس التأسيسي أن يكون «قاضيا انتخابيا» يتولى مهمة ضمان شرعية ومصداقية الانتخابات من خلال النظر في النزاعات المتصلة بشتى مراحل المسار الانتخابي»-على حد تعبيرها-. وبخصوص الهنات والنقائص التي شابت الانتخابات الماضية، قالت «نرجس»: «لاحظنا تمييزا بين الناخبين في الخارج والناخبين المتواجدين بأرض الوطن، زد على ذلك أن القانون لم يحدد لنا إجراءات التظلم الإداري أوإعلاما بآجال التظلم أوتحديد موعد انطلاق الدعوى القضائية رغم أهميتها»،كما أوضحت «الطاهري» أيضا أن قرار إنابة محام لدى التعقيب كان سببا في رفض عدد هام من دعاوى التظلم الإداري شكلا. وبينت المستشارة القانونية لدى برنامج الاتحاد الأوروبي لدعم الانتخابات في تونس أن من هنات ونواقص الانتخابات الماضية،انه تم التغافل عن آجال الطعن والبت في الطعون وفي آجال الإعلام بالأحكام القضائية... ما يجب مراعاته مستقبلا... وبخصوص المعطيات والضوابط التي يجب مراعاتها عند سن القواعد المتعلقة بالنزاعات مستقبلا،شددت «نرجس» على ضرورة الوضوح في تحديد الاختصاص تفاديا للنزاع والعمل في مرحلة أولى على فض النزاعات بشكل غير قضائي وتعميم مبدإ التظلم الإداري. وأكدت «نرجس» على وجوبية خضوع كل قرارات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وبالأخص الصادرة في المجال النزاعي للرقابة القضائية، مضيفة: «أي بمعنى إمكانية الطعن في قرارات الهيئة»-حسب قولها-، مشيرة في الآن ذاته إلى ضرورة تعميم مبدإ التقاضي على درجتين (ابتدائي واستئنافي) بالإضافة إلى مراعاة مبدإ تقريب القضاء من المتقاضي والإبقاء على دور المحاكم العدلية خاصة في ما يتعلق بإجراءات ترسيم الناخبين وبإجراءات قبول المترشحين. تفاديا لتراكم التجاوزات الانتخابية... أما بخصوص ما يجب اتباعه بخصوص تحديد إجراءات التقاضي،فقد أوضحت «نرجس» انه من الواجب ضمان المساواة بين المتقاضين وضمان الحق في التقاضي بصفة فعلية وتبسيط الإجراءات، متابعة القول: «من الواجب أيضا وضع نظام طعن شامل لكل القرارات الصادرة في المسار الانتخابي تفاديا لتراكم التجاوزات الانتخابية من مرحلة إلى أخرى، وضمان النجاعة والسرعة في البت النهائي في النزاعات حسب اجال مضبوطة ومعقولة..». من جانبه اكد «زهير بن تنفوس» رئيس اتحاد القضاة الاداريين، أن التأمل عن قرب في المسائل المتصلة بالنزاعات الانتخابية في التشريع المقبل «يبدومفيدا لا فقط على المستوى النظري بل كذلك على المستوى العملي إذ من شأنه المساهمة في حسن تطبيق أحكام القانون».