وصفت أمس «روضة العبيدي» رئيسة نقابة القضاة التونسيين خلال ندوة صحفية احتضنها مقر مكتبة القضاة بقصر العدالة بالعاصمة، مشروع الدستور ب «الكارثي» وب «الضربة الموجعة التي يتكبد الجميع نتائجها السلبية»، مؤكدة سعي مشروع الدستور إلى تدجين القضاء وجعله آلية في يد السلطتين التنفيذية والتشريعية بما يتعارض مع التأسيس لقضاء مستقل يحمي المواطن ويضمن حقوقه، كما شددت «العبيدي» على رفض القضاة الانخراط في مشروع المجلس الأعلى للقضاء ومقاطعتهم لكل ما يتعلق به من انتخاب أو ترشح أو تصويت، معربة عن استعداد النقابة للتصعيد «في وقت باتت فيه كل أشكال التحرك الاحتجاجي مباحة» على حد تعبيرها . كما وصفت «العبيدي» المجلس الوطني التأسيسي ب «خائن الشعب»، مضيفة بالقول: «ان المجلس الوطني التأسيسي خان الشعب وخان نفسه وخان القضاء، كيف لا ونحن على ابواب العام الثالث منذ اندلاع الثورة والدستور لم يصغ بعد؟ لا والاكثر من ذلك ان مشروع الدستور يسعى الى تدجين القضاء وجعله الية في يد السلطتين التشريعية والتنفيذية.. لذلك أقول تمخض الجبل فأنجب قرلو»، مشددة على ان كل الاحزاب «عن بكرة ابيها» كما قالت قد خانت برامجها وتنكرت للوعود التي قطعتها على نفسها اولا وعلى الشعب ثانيا. مبادرة «تحصين القضاء» و أكدت «العبيدي» ان «الوضعية الصعبة التي يمر بها قضاء اليوم باتت تشكل خطرا على تونس» حسب قولها ، معربة عن رفض القضاة واستنكارهم لما يتضمنه مشروع القانون الخاص بالمجلس الاعلى للقضاء الذي تم تقديمه في مسودة الدستور الجديد لتصفه هو الآخر ب «الفاجعة والكارثة» الموجهتين ضد استقلال القضاء، مبررة ذلك بما يتيحه هذا المجلس أمام القضاة من انتخاب ربع اعضائه فحسب في حين يتدخل المجلس التأسيسي لتعيين النصف في حين تتصرف السلطة التنفيذية في تعيين الربع الاخير «وهذا يتعارض مع استقلالية القضاء من خلال تعيينات المجلس التي لا نثق بها». و حذرت «العبيدي» من التعاطي «الكارثي» للمجلس التأسيسي والحكومة المنبثقة عنه مع ملف القضاء ومن مغبة الزج به في بحر التجاذبات السياسية والمحاصصات الحزبية لما في ذلك من تأثير على استقلاليته، مشددة على تمسك النقابة بموقفها الداعي الى ضرورة النأي بالسلطة القضائية عن كل التجاذبات أيا كانت منطلقاتها، مبينة ان المناورات السياسية والتحالفات الحزبية لا يمكن ان تصفى على حساب القضاة والقضاء الذي يجب ان يبقى محايدا وبعيدا عن كل الصراعات والخلافات الدائرة. واكدت «العبيدي» على أن استقلال القضاء لا يمكن ان يتم من دون العمل على تنقيح القانون الاساسي للقضاة بما يقطع مع هيمنة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية واعتبار النيابة العمومية هيئة قضائية مستقلة عن وزير العدل وإحداث هيئة مستقلة تحل محل المجلس الأعلى للقضاء. كما أعربت «العبيدي» عن رفض القضاة للفصل 44 المتعلق بالإعفاءات كما نص على ذلك مشروع الدستور «بشكل يحافظ به التأسيسي على قانون 67 بما معناه الحفاظ على سلطة الوزير والحفاظ على ذات المبادئ والقوانين التي يجري بها العمل.. وحتى لو كانت القوانين ظالمة بتلك الشاكلة يجب على القضاة احترامها فإن لم يحترومها هم فمن سيحترمها؟ ! أمام المسائل المبدئية ينتفي الخلاف ! و بخصوص ما اشيع عن خلاف دائر بين نقابة القضاة وجمعية القضاة، قالت «روضة العبيدي»: «أمام المسائل المبدئية تنتفي النقابة وتنتفي الجمعية»، أما عن التحوير الوزاري وما قد يأتي به من تعيير على رأس وزارة العدل فأكدت «العبيدي» ان القضاة لا يهمهم من سيكون على رأس وزارة العدل «حيث لا تهمنا الاشخاص بل يهمنا من سيكون على رأس المجلس الاعلى للقضاء بصفة يكون فيها منتخبا ومستجيبا لتطلعات القضاة وانتظاراتهم. وفي الاخير، طالبت «العبيدي» جميع الأطراف (أحزابا وجمعيات ومنظمات ومجتمعا مدنيا...) بمساندة القضاة في دفاعهم عن هذا القطاع الحساس وتحييده عن كل الخلافات بشكل يضمن حقوق الأفراد وحرياتهم.