عاجل/ تقلبات جوية منتظرة وتحذير لمستعملي الطريق..    نقابة الصحفيين : 9 اعتداءات على صحفيين ومصورين صحفيين خلال أوت الماضي    قفصة: تسجيل رجّة أرضية بقوّة 3،2 في الساعات الأولى من صباح الإثنين    رصد طائرات مسيرة حلقت فوق إحدى سفن أسطول الصمود وطاقم السفينة يرفع مستوى الحذر    نفوق الأسماك بساحل سليمان: شهادات محلية وتوضيحات رسمية    الحماية المدنية : 408 تدخلات خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    تواصل ارتفاع أسعار السيارات الشعبية في تونس.. وهذه أحدث الأسعار حسب الماركات..    الدورة الاولى لصالون الابتكارات الفلاحية والتكنولوجيات المائية من 22 الى 25 اكتوبر المقبل بمعرض قابس الدولي    بريطانيا تُدرج دولة فلسطين على خرائطها لأوّل مرة..#خبر_عاجل    أول لقاء علني بعد الخلاف.. تأبين كيرك يجمع ترامب وماسك    "أمن المقاومة" يعدم 3 "عملاء" أمام حشد كبير في غزة    بطولة العالم لالعاب القوى: الأمريكي هوكر يستعيد مكانته بتحقيق ذهبية سباق 5000 متر    نشرة متابعة/ أمطار رعدية ومحليا غزيرة بهذه المناطق..#خبر_عاجل    أحكام بين 10 و20 سنة سجنا في قضية تهريب مخدرات أطيح بأفرادها عبر "درون"    5 سنوات سجناً لشيخ حاول اغتصاب طفل بحديقة الباساج    6 سنوات سجنا لكهل استدرج طفل قاصر وطلب منه تصوير فيدوهات...    فيلم "السودان يا غالي" للمخرجة التونسية هند المدب يفوز بجائزة أفضل فيلم وثائقي في اختتام مهرجان بغداد السينمائي    انطلاق حملات نظافة كبرى في دور الثقافة والمكتبات العمومية والجهوية    نقابة المكتبيين وموردي وموزعي الكتاب تنظم دورة تدريبية حول "أدوات ادارة المكتبات"    سفينة "عمر المختار" الليبية تبحر رسميا نحو غزة    مستوطنون يقتحمون الأقصى المبارك مجددا    البطولة الإسبانية : برشلونة يفوز على خيتافي 3-0 ويستعيد الوصافة    القبض على مروّج مخدرات بحوزته كوكايين وزطلة ..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    البطولة الفرنسية : موناكو يتفوق على ميتز 5-2    هزة أرضية بقوة 4.8 درجة تضرب تركيا.. #خبر_عاجل    29 ساعة في السماء.. أطول رحلة جوية مباشرة في العالم..!    من برلين إلى لندن: الطيران الأوروبي في قبضة هجوم سيبراني    الاستاذ سفيان بلحاج محمد رئيسا جديدا للفرع الجهوي للمحامين بتونس    قابس...انطلاق الاستعدادات للموسم السياحي الصحراوي والواحي    آفاقها واعدة .. السياحة البديلة سند للوجهة التونسية    حافلةُ الصينِ العظيمةُ    لأول مرة في تاريخها ...التلفزة التونسية تسعى إلى إنتاج 3 مسلسلات رمضانية    الصينيون يبتكرون غراء عظميا لمعالجة الكسور    بطولة افريقيا لكرة اليد للصغريات (الدور النهائي): المنتخب التونسي ينهزم امام نظيره المصري 21-33    الملعب التونسي سنيم الموريتاني (2 0) انتصار هام ل«البقلاوة»    هل تعرف أيهما أخطر على الصحة... نقص الوزن أم زيادته؟    في اليوم عالمي للزهايمر: هذه توصيات وزارة الصحة    الشمال والوسط تحت الرعد: أمطار قوية تجي الليلة!    الحوت الميت خطر على صحتك – الهيئة الوطنية تحذر    عاجل: ثلاثية نظيفة للترجي على القوات المسلحة وتقدم كبير نحو الدور الثاني!    وزير البيئة في زيارة غير معلنة لمعاينة الوضع البيئي بالشريط الساحلي بسليمان    كأس الكنفدرالية الإفريقية: النتائج الجزئية لذهاب الدور التمهيدي الأول    بطولة سان تروبيه الفرنسية للتحدي: التونسي معز الشرقي يحرز اللقب    المراقبة الاقتصادية تحجز 55 طنا من الخضر والغلال ببرج شاكير والحرايرية    قلة النوم تهدد قلبك.. تعرف شنو يصير لضغط الدم!    تونس تشارك في مؤتمر التعاون الثقافي والسياحي الصيني العربي    أمطار الخريف ''غسالة النوادر''.. شنية أهميتها للزرع الكبير؟    الجمعية التونسية للطب الباطني تنظم لقاء افتراضيا حول متلازمة "شوغرن"    انتشال جثتي طفلين توفيا غرقا في قنال مجردة الوطن القبلي    محمد علي: ''الأسطول يقترب كل دقيقة من غزة.. أما أنتم؟ مجرد أصابع ملوثة على لوحة مفاتيح''    عاجل: شيرين عبد الوهاب أمام القضاء    غدا الأحد: هذه المناطق من العالم على موعد مع كسوف جزئي للشمس    تكريم درة زروق في مهرجان بورسعيد السينمائي    استراحة «الويكاند»    ما تفوتهاش: فضائل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة!    وخالق الناس بخلق حسن    يا توانسة: آخر أيام الصيف قُربت.. تعرف على الموعد بالضبط!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«العربي عبيد» (النائب الثاني لمصطفى بن جعفر) ل«التونسية»:الثورة مهدّدة ولا بد أن تحمي نفسها
نشر في التونسية يوم 11 - 01 - 2013

«نداء تونس» يذكرني بمشروبات ال«كوكتال»
لا اكتمال للثورة دون قضاء مستقل وفاعل
العنف هو ضريبة حرية أسيء فهمها
جهات أجنبية ليست سعيدة بتجربتنا الديمقراطية
هو حقوقي بارز لطالما اعتبر المحاماة «موقعه الطبيعي وعائلته الأولى». انطلقت رحلته مع السياسة والأحزاب مع حزب «المؤتمر من أجل الجمهورية»، ثم تركه لينخرط في حركة «وفاء»، واليوم وجد ضالته في كتلة حزب «التكتل من أجل العمل والحريات». هو محام لدى التعقيب، انخرط في الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والمجلس الوطني للحريات منذ تأسيسهما.
«العربي عبيد» النائب الثاني لرئيس المجلس الوطني التأسيسي هو ضيفنا في «التونسية» اليوم.
الأستاذ العربي عبيد.. من «المؤتمر» إلى حركة «وفاء» واليوم يحط الرحال في كتلة حزب «التكتل». لماذا هذا التذبذب أو هذا الترحال بين الأحزاب؟
- أول أنا لم أبتعد عن المنظومة الفكرية المتمحورة حول مدنية الدولة والحزب الوسطي والترسخ في الهوية العربية الإسلامية، كل هذه المفاهيم نجدها في حزب «المؤتمر» وصولا إلى حزب «التكتل». ومع الأسف يحدث في غالب الأوقات سوء التفاهم والمشكل بيني وبين «المؤتمر» و«حركة وفاء» لم يكن حول الأفكار بل هي مسألة متعلقة ببعض السلوكيات وسوء التصرف من بعض الأطراف، كما أن هناك من حاول الانحراف بمواقف الحزبين بحيث أن كلا الحزبين قد «تغيرا ولست أنا من تغير»، ووجدت أن «التكتل» هو أقرب حزب لي، «النهضة» لها مرجعية دينية وأنا مع مدنية الدولة، إد على ذلك أنا مرتبط أخلاقيا مع «الترويكا»، لأنني اليوم في موقعي الحالي بموجب اتفاق مع ثلاثة أحزاب كبرى، إذا لا أستطيع التموقع في غير هذا السياق. وقد يأتي يوم تلتقي فيه جميع هذه الأحزاب في كتلة واحدة، وهي مسألة طرحت سابقا وربما ستتكرر هذه المحاولات ويا حبذا لو توصلنا إلى بناء هذا الحزب الكبير الذي يوحد الجميع.
العديد من الأطياف السياسية تعيب على «التكتل» سلبية مواقفه أمام قرارات حزب «النهضة». فهل فعلا دخل «التكتل» في جلباب «النهضة» ولم يخرج؟
- هذا قول وانطباع تردد لدى كثير من الناس ولا أتصور أن «التكتل» قد دخل في جلباب «النهضة» «أكثر من غيره» دون ذكر الأسماء وتفاديا للحساسيات وهذه الصورة بدأت تنقشع وبرزت الصورة الحقيقية ل«التكتل» ولنا أن نلمس ذلك من خلال موقفه الإيجابي من مبادرة اتحاد الشغل التي قاطعتها «النهضة» كما أعرج على الدور الذي قام به «التكتل» في تقريب وجهات النظر والوساطة بين الاتحاد وحركة «النهضة» في الأزمة الكبرى التي كادت أن تؤدي إلى إضراب عام، ومن نسج المصالحة هو «خليل الزاوية» وزير الشؤون الاجتماعية.
إن مواقف «التكتل» تمتاز بكل وضوح عن حزب «النهضة»، وحاليا تواترت المواقف المميزة التي تخرج بهذا الحزب عن بقية المواقف والأطراف في الترويكا أو في غيرها.
لكن كثيرين يعيبون على بعض وجوه النخبة السياسية تنقلهم من حزب إلى آخر واتهموهم بالتنكر لماضيهم؟
- كل له تصوره، فأنت لا تستطيع أن تمحو من مخيلة الإنسان اجتهاده وتفكيره وأسباب التنقلات ليست متشابهة وليست كلها لنفس الدعاوى. مأتاها قد يكون أمرا ذاتيا أو أمرا موضوعيا ويحدث أحيانا أن يتنكر الإنسان لحزبه أو أن الحزب هو من يتنكر لمنخرطيه. وأتمنى ألا أكون المعني بالأمر لأنني لست من الأشخاص الذين يتنكرون لماضيهم كما تجمعني علاقات طيبة بأعضاء «المؤتمر» و«حركة وفاء». إذن ليس لي مشكل مع فكر ومرجعيات هذه الأحزاب.
إن المشهد السياسي في تونس مازال في طور التشكل ونحن مازلنا نتمرس ونتدرب على الديمقراطية، لكن المهم هو أن للمرء حديثا بعده وإذا ما أصبح المشهد يحتوي على ما يدعو إلى الريبة والاشمئزاز، أخير المغادرة لا غير.
بعد سنتين من الثورة، وتونس تعيش نفس المخاض ونفس الحراك والمطالب الاجتماعية، بما تفسر ذلك؟
- هو أمر عادي جدا، لو حاولنا مراجعة التجارب الديمقراطية التي جدت في العالم لوجدنا أن هذه المرحلة الانتقالية التي عمرها سنتان لا تقدر بشيء أنجز فيهما الكثير مثل الحريات بصفة عامة، صحيح أن هناك مشاكل اقتصادية أفرزها مناخ الحريات الذي دفع بالعديد إلى القيام بالاضرابات والاعتصامات والمشاكل إضافة إلى وجود ريبة لدى المستثمرين سواء في الداخل أو في الخارج، مع غياب الأمن، كل ذلك من إفرازات الانتقال الديمقراطي وإفرازات الثورة ولا داعي إلى التهويل وشخصيا أعتقد أن المستقبل زاهر بالنسبة لتونس وأن الآتي أفضل، فتفاءلوا خيرا تجدوه.
وماذا عن انتشار ظاهرة العنف السياسي في تونس؟
- العنف استشرى بصفة عامة وهذه ضريبة الحرية التي لم يتوصل كثيرون إلى فك رموزها، فحدث انفلات أمني وإعلامي وانفلات في الأسعار بحيث أطلق الناس العنان لنزواتهم ولرغباتهم الجامحة والمكبوتة منذ 23 سنة، فاختلط الحابل بالنابل وهو ما أدى إلى انحرافات وهو أمر يؤسف له ونتمنى أن نتجاوزه خاصة أن «الأمن» بصدد القيام بجهوده الجبارة للسيطرة على من يحاولون بث البلبلة.
بالنسبة لرابطات حماية الثورة، مجموعة هامة من الأحزاب ومن كافة أطياف المجتمع المدني دعت إلى ضرورة حلها، ما هو رأيك؟
- كرجل قانون، أقول إنه إذا كان من الواجب اندثارها فهذا لا يكون إلا عن طريق القضاء بما أنها أسست بموجب تراتيب قانونية..
أنت أستاذ، هل ترى أن عملية حلها أصبحت حاجة ملحة؟
- هي تنصهر في سياق الحريات وحرية التنظم، أما إذا ثبت أن هذه الجمعيات قد انحرفت عن دورها وزاغت عن القانون، فإن القضاء يتدخل لحلها ولأخذ الإجراءات الرادعة والكفيلة بوضعها في إطارها الصحيح.
وفي اعتقادي أن الحل يكون قضائيا لأنه إذا تركنا القضاء وأصبحنا نبحث عن حل سياسي لن يكون هناك مخرج، والقضاء هو الفيصل بين الجميع.
وماذا تقول عن مشروع قانون تحصين الثورة؟
- أعتقد أن الثورة مهددة، ناهيك أن العديد من رموز الفساد مازالوا طليقين ومازالوا فاعلين وبقوة في المشهد السياسي وربما أكثر من المؤسسات الرسمية للدولة ولا فائدة في ذكر بعض الأسماء. هناك أناس عبثوا بتونس وقاموا بتخريب المؤسسات وبتخريب المشهد الإعلامي، لذلك لا بد للثورة أن تحمي نفسها، لتبقى مسألة المقاييس التي أدعو أن تكون مدروسة بدقة، حتى لا يسلط أي ظلم على أي أحد.
هل في كلامك تلميح لحزب «نداء تونس»؟
- «نداء تونس» هو خليط يذكرني ببعض المشروبات التي لا تملك لا لونا واضحا ولا طعما، هو بمثابة «كوكتال»، تجد فيه يساريين وتجمعيين قدامى ودساترة قدامى، بحيث أن المشهد أضحى غير واضح.
وأنا أعتقد أن «نداء تونس» يتمحور حول شخص رئيسه وبالتالي هذا المشهد الذي أراه اليوم لن يكون متماسكا بانسحاب رئيسهم أو ما شابه ذلك لأنه لا وجود لأرضية تجمعهم.
لكن أستاذ، هناك أطراف عديدة من «التجمع» مازالت فاعلة في حكومة «النهضة»؟
- فعلا هذا موجود، لكنني أقول إنه لا داعي لإقصاء كل شخص كان حاملا لبطاقة حزب ولم يشارك في تخريب القيم والأخلاق والحريات في البلاد ولم يساهم في ممارسة الظلم والاستبداد وأنا مازلت ضد الإقصاء.
كثيرون انضموا إلى حزب «التجمع» ولم يقوموا باستغلال مواقعهم ومن باب الهوس أن نحاسب أشخاصا على بطاقة حملوها لكن مَن ثبت تورطهم وجبت محاسبتهم.
وماذا عن التحوير الوزاري، هل ترى أن عملية تغيير الوزراء كفيلة بتغيير الوضع الراهن؟
- لا أعتقد ذلك إطلاقا، صراحة وجب أن تقع مراجعة السياسة العامة للدولة..
ألا ترى أن تونس في حاجة إلى حكومة مصغّرة، حكومة تكنوكراط وليس إلى تغيير وزراء؟
- ليس بالضرورة حكومة تكنوكراط، المسألة مسألة خيارات سياسية مع التدقيق فيها، وعملية التقليص في عدد الوزراء واردة ووقع التطرق إليها والحديث عنها في العديد من المناسبات، كما أعتقد أن الأمر آت في المستقبل.
ما هو رأيك في المشهد السياسي في تونس اليوم؟
- المشهد اليوم في طور التشكل، وحاليا هو شبيه بالفسيفساء، هناك تجمعات لبعض الأحزاب وهناك بعض التجمعات تفككت ليعاد التشكيل من جديد، بحيث أن المشهد غير مستقر اطلاقا باستثناء حركة «النهضة» التي تتميز بقوتها وحسن تنظيمها وهيكلتها. أما بقية الأحزاب فهي بصدد تلمس خطاها ومازالت في طور الدربة على الهيكلة وعلى التعاطي مع الشأن العام.
حسب رأيك، فيم أخفقت «الترويكا»؟
- كل عمل إنساني فيه قصور و«الترويكا» يسيّرها بشر تنقصهم التجربة وأغلبيتهم، ما يقارب ال90٫9٪ من بينهم لم يمارسوا السلطة سابقا ومن المؤكد أننا نحتاج إلى أكثر دربة على العمل السياسي ومازلنا نحتاج إلى صقل امكانياتنا ونحن في بداية الطريق.
وماذا عن المجلس التأسيسي، كثيرون وصفوه ب«حلبة المصارعة» الفارغة التي خصصت للتنابز بالألقاب» وأنه «جعل للهو والترفيه». ماذا يقول «العربي العبيد»؟
- هذا حكم قاس جدا، وهي نظرة للكأس على أن نصفه فارغ مقابل تجاهل تام لنصفه الممتلئ، إن الصراعات لا توجد فقط في المجلس الوطني التأسيسي. فلو عمق الإنسان التحليل لهذا المشهد للاحظ أن عديد برلمانات العالم شهدت ملاسنات وتراشقا بالكراسي، مثلما حدث في جورجيا وروسيا وفي عدة بلدان عرفت انتقالا ديمقراطيا.
فعلا هناك مظاهر سلبية يؤسف لها وشخصيا عندما كنت مسؤولا عن تسيير جلسة، كنت ضحية بعض هذه المظاهر، لكن في قرارة نفسي أتفهمها، فهي نتيجة كبت سنوات عديدة. كما أن هؤلاء الأشخاص لم يتصوروا يوما أن يُقذف بهم في سياق مماثل. وما نلاحظه اليوم بعد أكثر من سنة، أن حدة المهاترات تقلصت من يوم إلى آخر وتحسن المشهد عموما، بحيث أن ما يحدث هو ليس بنهاية العالم.
وماذا عن رواتب النواب؟
- لقد ذكر العديدون أننا نتقاضى رواتب مرتفعة مقابل جمودنا ومقابل لا شيء، وهذا فيه ظلم وتجن لأن الناس ترفض النظر إلى المجهود الذي نحن بصدد القيام به.. نحن نعمل إلى حدود ساعات متأخرة من الليل وحتى طلوع الفجر، لنجد بعدها أن بعض الإعلاميين يصرحون أن قرارا ما قد «اتخذ في الليل»، وكأننا قد تعمدنا كنواب أن نصادق على ذلك القرار ليلا بمعزل عن الإعلام وعن شاشات التلفزيون. هذا هراء نطق به بعض الإعلاميين وأيدهم فيه بعض السياسيين، وكل ما يروونه هو ضحك على ذقون الشعب التونسي.
الأجور شكلت هاجسا لدى العديدين، رغم أن النائب يحصل على ألفي دينار أو أكثر بقليل. هؤلاء النواب قدموا من مختلف بلدان العالم لخدمة تونس، فهناك نائب كان يتقاضى بالخارج راتبا يساوي 19 ألف أورو أي ما يقابل 38 مليونا من مليماتنا. فلا أظن أنه قد قدم إلى تونس بعد أن أغرته منحة المجلس التأسيسي، ولكن حبا في دخول التاريخ وتسجيل اسمه في هذه التجربة الأولى.
هذه الاتهامات ممنهجة ومسيسة، وهي حملة تشنها بعض الأطراف على «التأسيسي» وهو مستهدف من الداخل من قبل أشخاص لم يسعفهم الحظ ولم يحترموا لعبة الديمقراطية.
هل هو اتهام للمعارضة الموجودة في المجلس؟
- أتحدث عن جزء من المعارضة، فهناك معارضة مسؤولة وأخرى غير مسؤولة، زد على ذلك أن المجلس مستهدف كذلك من خارج الوطن وهناك جهات أخرى لا تريد أن تنجح هذه التجربة خوفا من العدوى.
وهذه الأطراف، هل هي ممثلة في أشخاص أم في دول؟
- لا أريد أن أذكر بلدانا وأنا في موقع مسؤول، لكن هناك جهات أجنبية في المحيط العربي الإسلامي ليست سعيدة بالتجربة التونسية خوفا من انتشار العدوى مثلما انتشرت من تونس إلى مصر وصولا إلى ليبيا فاليمن، وهم خائفون أن يتواصل هذا المد ويأتي عليهم الدور، لذلك هم يتمنّون أو بصدد البحث عن أية صورة لتشويه هذه المؤسسة.
هل لديكم الأدلة الكفيلة بإدانة هذه الأطراف الأجنبية؟
- حتى وإن كانت بحوزتي الأدلة فلن أخوض فيها لأن المسألة ليست هينة وأنا أفضّل ألا أتعمق في الموضوع. ما يهم اليوم هو أننا نريد خدمة تونس ونحن مسؤولون عن نجاح ثورتنا ولا يهمنا في ما يصدر من أعداء الثورة لأن العمل وحده كفيل بأن ينجح مسار الثورة وأن يوصلنا إلى بر الأمان سواء كان العدو من الداخل أو من الخارج، وأنا لا أريد أن انجر وراء عقلية المؤامرة.
لنعد قليلا إلى مبادرة «مائدة الحوار» لاتحاد الشغل، ما هو تعليقكم حول هذا المشروع؟
- الاتحاد قوة كبرى ومعتبرة في البلاد، كما لعب دورا هاما في تاريخ البلاد على امتداد فترات وله أن يلعب دورا في المشهد السياسي، دون أن ننسى أنه قد ساهم بمسودة في الدستور بحيث أنه لا بد من احترامه.
لكن البعض عاب على الاتحاد دعواته إلى الاضرابات والاعتصامات واتهموه بخلق الفتنة وضرب الحكومة بمطالبه؟
- طبعا أن لا أؤيد هذا التمشي خاصة عندما يكون له تأثير مباشر على تمشي المؤسسات الاقتصادية في البلاد، ونحن في طور التأسيس وفي حاجة للاستثمارات والنهوض باقتصادنا. إن الإطناب في الدعوات إلى الإضراب يؤسف له، وهذا جانب غير مستحب في سياسات الاتحاد، لكننا لا ننسى أن الاتحاد ساهم في بناء الدولة وفي السياسات العامة والخيارات الكبرى، وهو محق في ذلك باعتباره مؤسسة عتيدة ولها بصماتها في تاريخ البلاد.
من موقعك كمحام وحقوقي، هل ترى أن هناك محاولات لتركيع القضاء؟
- طبعا، القضاء التونسي مسكين ومغلوب على أمره، هو لم يعرف يوما الاستقلال وعاش حياته كاملة تحت وطأة نظام سياسي والجهاز التنفيذي للبلاد، ناهيك أنه لم يكن يسمى بالسلطة مطلقا، بل كان يسمى بالسلك القضائي وحتى الشعارات الرسمية التي تكتب وتعلق في سيارات القضاة هي «محقّرة» مقارنة بشعار هيئة المحامين.
إن القضاء يحتاج إلى ثورة في مستوى النصوص التي تنظمه، وثورة في مستوى عقلية القاضي ولا تكتمل الثورة دون قضاء مستقل وفاعل.
إن الأطراف التي كانت تسيطر عليه قبل جانفي 2011 كانت معروفة، فمن عوّضهم اليوم؟
- أطراف متعددة، أطراف فاعلة وليست السلطة السياسية فقط فحتى أصحاب السلطة المالية ورؤوس الأموال لهم دخل في ذلك لأن رأس المال كان في تداخل مع السياسة. وأعتقد أن الأمر بدأ ينحصر أكثر في رجال المال. والملاحظ اليوم أن بعض رجال المال والفساد مازالوا إلى يومنا هذا أحرار طليقون وفاعلون وفيهم من يهدد القضاة بفتح ملفات تُدينهم وهناك من تحدى كافة القضاة في البلاد.
هل هناك محاولات من وزارة العدل للسيطرة على القضاء؟
- ليست لي حُجة، لكن هناك خلل هيكلي غير موكول للوزارة. وأنا أتحدث عن عدم استقلال النيابة العمومية. بالقانون وزير العدل هو رئيس النيابة العمومية وهذا خلل هيكلي فادح، لأنه بموجب هذا التسلسل الوظيفي، بإمكان وزير العدل أن يأذن للنيابة العمومية بالتحقيق في مسألة ما أو أن تتصرف بطريقة معينة.
ومع الأسف، بعض القضاة سلموا في صلاحياتهم وقد جرت العادة أن يتعهد وكيل الجمهورية بملف حتى بمجرد السماع عن حصول مشكل حوله، لأنه مسؤول عن حسن تطبيق القانون وسلامة المجتمع من الانحرافات والإجرام، لكن اليوم هو لا يحرك ساكنا رغم وجود العديد من التجاوزات. إذن إن معالجة الخلل الهيكلي تقتضي فك الارتباط بين وزارة العدل والنيابة العمومية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.