بعد أن كانت نهاية الأسبوع الفارط مجالا للتظاهرات السياسية التي نظمها عدد من الأحزاب وكذلك الجمعيات وفي فضاءات مختلفة، كان يوم أمس الإثنين مجالا للعمل الميداني حيث سجلنا زخما كبيرا ومتنوعا من الانشطة الميدانية التي أمنها المجتمع المدني والسياسي. والصورة المميزة التي طبعت مجمل هذه التظاهرات لم تكن في منأى عما يحدث من سجال وتجاذب سياسي. «حزب التحرير» ورحلة البحث عن الدستور البديل فقد اغتنم «حزب التحرير» فرصة إحياء ذكرى 14 جانفي لتركيز خيام على مستوى ساحة سيدي يحيى وساحة الشلي بوسط المدينة هي عبارة عن «نقاط حوار» انتظمت تحت شعار «أمة واحدة، دولة واحدة، راية واحدة» والتي قام من خلالها الحزب بالاتصال المباشر بالمارة من المواطنين من اجل التعريف بمقاربته الداعية لإقامة دولة الخلافة في ظل مشروع دستور بديل عن ذلك الذي أعده المجلس التأسيسي. ويمكن اعتبار هذه العملية إمتدادا لما كان أقدم عليه الحزب يوم الجمعة الفارط حين بادر بتقديم مشروع دستور للمجلس التأسيسي مطالبا بإجراء مناظرة عليه مع ممثلين عن المجلس التأسيسي. «النهضة» تحتفي بشهداء وجرحى الثورة وغير بعيد عن «حزب التحرير» وعلى مستوى ساحة الميناء نظم المكتب الجهوي لحركة «النهضة» عرضا ل«سيرك الشوارع» لفائدة مناصريه ولفائدة عائلات شهداء وجرحى الثورة من جهة سوسة حيث انتظم تكريم رمزي لبعض عائلات الشهداء والجرحى وانتظم توازيا مع ذلك معرض صور شمسية احتوى على عدد من مجسمات التحرك الشعبي ليوم 14 جانفي 2011 بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة مع عرض صور لبعض شهداء الثورة. ساحة الاتحاد تعجز عن جمع شتات الفرقاء منذ الساعة التاسعة صباحا بدأ تدفق عدد كبير وهام من المواطنين إلى ساحة الاتحاد الجهوي للشغل بسوسة. وبمرور الوقت اتضحت هوية المجتمعين. فمن ناحية تجمع عدد هام من انصار «الجبهة الشعبية» ومن ناحية ثانية جاء ممثلو تنسيقية المجتمع المدني والتي نذكر انها عبارة عن مجمع لعدد من الجمعيات على غرار الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ومنتدى المواطنة والحكامة وشبكة دستورنا وممثلية هيومن رايتس وتش وممثلية «امنستي» والنساء الديمقراطيات وغيرها من الجمعيات. التنسيقية كانت بالتوافق مع بعض الأحزاب السياسية وبالخصوص منها مكونات «الاتحاد من أجل تونس» والتي كانت قد دعت منذ أيام لتنظيم مسيرة سلمية تنطلق من امام مقر الإتحاد في اتجاه ساحة المدن المتوأمة عبر ساحة فرحات حشاد غدوا ورواحا. حضور مفاجئ لحزب «التكتل» المفاجأة بالنسبة لهذا التجمع الشعبي أمام مقر الاتحاد الجهوي للشغل بسوسة صنعها بعض ممثلي حزب «التكتل» حيث رصدنا بعض قيادات واعضاء المكتب المحلي للحزب بسيدي عبد الحميد يحاولون الالتحام بالجموع من أجل المشاركة في المسيرة لكن العديد من الأطراف استغربت ورفضت هذه المشاركة غير المعلنة مسبقا. المسيرة تنقسم ظننا منذ الوهلة الأولى أن اجتماع الناس أمام مقر الاتحاد الجهوي للشغل سيكون ممهدا لانطلاق مسيرة موحدة بين الحاضرين على اختلاف انتماءاتهم لكن سرعان ما لاحت بوادر الانقسام. ف«الجبهة» نظمت مسيرتها ولم تمانع في وجود أنصار حزبي «المسار» و«الجمهوري» في حين لم يسمح لممثلي «نداء تونس» و«حزب التكتل» بالانضمام إليها. أما تنسيقية المجتمع المدني فقد قادت مسيرتها وبدون تحفظ على حضور هذا أو ذاك مما جعل غير المرغوب فيهم في مسيرة «الجبهة الشعبية» ينضمون إما على اقتناع أو اضطرارا لمسيرة تنسيقية المجتمع المدني التي فضل منظموها في الأخير عدم العودة إلى نقطة الانطلاق من أمام مقر الاتحاد الجهوي للشغل بسوسة في حين عاد أنصار «الجبهة» إلى هذا المكان. احتقان ونجاح أمني في تفادي الصدام الحضور الأمني كان لافتا واستثنائيا حيث رصدنا حضور وحدات متنوعة ومختلفة من قوات الأمن الداخلي التي كانت تراقب الأمور عن كثب لتفادي حصول أي انزلاق للعنف أو التصادم بين هذا الطرف أو ذاك. وهو ما كاد يحدث عند مرور مسيرة «الجبهة الشعبية» حذو تظاهرة حركة «النهضة» حين همّ البعض من هذا الطرف أو ذاك بالتلويح بشعارات توحي بالتصادم وبحدوث ما لا تحمد عقباه لكن قوات الأمن كانت متنبهة للوضع ووقفت حاجزا بين الشقين مما جعل الأمور تمر بسلام.