بدت الأجواء داخل المجلس الوطني التأسيسي يوم أمس متوترة جدا، اجتماعات للكتل النيابية دامت وقتا طويلا دون اعلان أية كتلة عن فحوى اجتماعها، ليتصاعد هذا التوتر مع انطلاق أشغال الجلسة العامة عشية أمس والتي أثارت حفيظة بعض النواب على غرار النائب مبروك الحريزي عن كتلة الوفاء الذي أعلن انسحابه من الجلسة لأن رئيس المجلس غير جدول أعمالها دون إعلام النواب بذلك، فضلا عن تعليق الكتلة الديمقراطية نشاطها داخل المجلس. مع انطلاق الجلسة العامة للمجلس الوطني التأسيسي عشية أمس، عقدت الكتلة الديمقراطية ندوة صحفية مستعجلة أعلنت فيها مواصلة تعليق نشاطها داخل المجلس الوطني التأسيسي إلى حين تعيين جلسة عامة حول الشأن السياسي في البلاد، خاصة تدارس مسألة مقاومة العنف السياسي إلى جانب تقديم رؤية حول تشكيل الحكومة وإعداد رزنامة واضحة تتعلق بتحديد تواريخ الانتهاء من إحداث الهيئات وصياغة الدستور وموعد الانتخابات القادمة. مهزلة تاريخية واعتبرت النائبة عن الكتلة الديمقراطية ريم محجوب أن تخصيص الجلسة العامة لمناقشة عدد من المشاريع تعود إلى سنة 1986 مهزلة تاريخية خاصة وأن الوضع السياسي بالبلاد لا يسمح بذلك، وحملت مصطفى بن جعفر مسؤولية ذلك، في حين أكدت النائبة سلمى بكار أن تعليق نشاط الكتلة الديمقراطية داخل المجلس الوطني التأسيسي لن يكون له أي انعكاس سلبي ذلك أن من باب الأولوية هو مناقشة الوضع العام بالبلاد. كما أكد النائب محمود البارودي أن الكتلة الديمقراطية ستحدد موقفها من مبادرة رئيس الحكومة حمادي الجبالي بتشكيل حكومة كفاءات وطنية اليوم الثلاثاء، مشيرا إلى أن الأحزاب التي تشكل الكتلة الديمقراطية قد حددت موقفها في انتظار تحديد موقف موحد. دعوة إلى توجيه لائحة لوم ضد بن جعفر ومما زاد الطين بلة وأضفى على الجلسة العامة مزيدا من التوتر، هو تغيير رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر لجدول أعمال الجلسة في آخر دقيقة دون إعلام النواب بذلك، حيث كان من المفروض أن يتم مواصلة النظر في مشاريع القوانين التالية: مشروع قانون يتعلق بالمصادقة على اتفاقية خاصة بالمساعدة الإدارية المتبادلة والتعاون في المجال الديواني بين حكومة الجمهورية التونسية وحكومة الجمهورية التركية. عدد52/2012، مشروع قانون أساسي يتعلق بالمصادقة على اتفاقيات العمل الدولية رقم 144 ورقم 151 ورقم 154. عدد 20/2012 ومشروع قانون يتعلق بتنقيح وإتمام مجلة الاتصالات. عدد 33/2012 ومشروع قانون أساسي يتعلق بالمصادقة على الاتفاقية المتعلقة بالمساعدة الإدارية المتبادلة في المادة الجبائية المعتمدة من قبل مجلس أوروبا ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. غير أن رئيس الجلسة عبد اللطيف عبيد أعلن أن الجلسة ستخصص لمناقشة الباب السابع المتعلق بلجنة الجماعات العمومية الجهوية والمحلية، مما اضطر عددا من النواب إلى مقاطعة هذه الجلسة وعلى رأسهم مقرر هذه اللجنة فيصل الجدلاوي احتجاجا على عدم اعلامهم بذلك. وقد أكد النائب عن كتلة «التكتل» ومقرر لجنة الجماعات العمومية الجهوية والمحلية فيصل الجدلاوي ل «التونسية»، أن تغيير جدول أعمال الجلسة العامة دون اعلامه كمقرر لهذه اللجنة غير مقبول كما أشار إلى أن علاقته بالشهيد المناضل شكري بلعيد علاقة وطيدة جدا فقد كان رفيق دربه منذ الحركة الطلابية ولا يمكن تجاهل حادث اغتياله والمرور عليه مرور الكرام فضلا عن أن مسألة اغتياله وانعكاساتها على الوضع العام بالبلاد تحتم على المجلس ضرورة الحديث حول هذه المسألة. من جهته، اعتبر النائب المستقيل من كتلة «التكتل» سليم بن عبد السلام أن تغيير رئيس المجلس لجدول أعمال الجلسة هو عبارة عن ديكتاتورية وانقلاب على المجلس، مطالبا بضرورة توجيه لائحة لوم ضد بن جعفر لأنه في نظره لم يحترم النواب ولم يحترم قانون النظام الداخلي، وأنه سبب فشل المجلس لأنه أكد عدم قدرته وعدم كفاءته. وقد اضطر رئيس الجلسة عبد اللطيف عبيد إلى رفع الجلسة بعد دخول النائب الفاضل موسى إلى الجلسة العامة كممثل للكتلة الديمقراطية ليؤكد أن تغيير جدول أعمال الجلسة انما هو خرق واضح لقانون النظام الدخلي.