قال مصطفى الفيلالي أحد رموز النظام البورقيبي وعضو المجلس التأسيسي الذي شارك في كتابة الدستور سنة1957 والمعين مؤخرا من قبل حمادي الجبالي كعضو في مجلس الحكماء في لقاء تلفزي بث على قناة «نسمة» أمس الأول انه على المجلس التأسيسي الإنعزال عن المعركة السياسية والبقاء بعيدا عن كل الصراعات والإنكباب على القضايا الرئيسية للبلاد ووضع المصلحة الوطنية فوق كل إعتبار. وأضاف الفيلالي أن قضايا مقاومة الفساد والعدالة الانتقالية وغيرها يمكن إرجاؤها لمدة عام آخر لأنها ليست أولوية في الوقت الحالي على حد تعبيره. وأكد الفيلالي أن مصيبة الوضع الذي تعيشه البلاد حاليا هي نتيجة الإهتمام بقضايا ثانوية مقابل تهميش القضايا المركزية والرئيسية مشيرا إلى أن وظيفة المجلس التأسيسي الأساسية هي كتابة الدستور ملاحظا أن المجلس التأسيسي الأول انتهى من كتابة دستور 1959 في ظرف وجيز مضيفا أن إجتماعات المجلس الأولى بدأت في شهر جويلية سنة1956 وفي شهر جانفي1957 كانت هناك 117 فصلا من الدستور جاهزة مؤكدا انه يمكن الإنتهاء من كتابة جميع فصول الدستور في شهر واحد لو حكم أعضاء المجلس التأسيسي ضمائرهم. مقارنات وردا عن سؤال حول دور الحبيب خضر مقرر الدستور الحالي وإمكانية مقارنته بعلي البلهوان مقرر الدستور في العهد البورقيبي أجاب مصطفى الفيلالي «أستغفر الله, استغفر الله,لاقدر الله» مشيرا إلى أن علي البلهوان زعيم ومفكر وفيلسوف وكاتب، مضيفا انه درس كل دساتير العالم للإستفادة منهاولاستلهام بعض مبادئها. وفي ما يتعلق بأهم القضايا الخلافية التي وضعت على طاولة المجلس التأسيسي الأول قال الفيلالي انها تمثلت أساسا في قضية ملكية الأرض التي كانت محل خلاف بينه شخصيا وبين علي البلهوان والباهي الأدغم وكذلك تمحور الخلاف حول قضية الإسلام في الفصل الأول من الدستور بينه وبين الباهي الأدغم والشاذلي النيفر اذ إقترح النيفر مشروع فصل يقول إن تونس دولة إسلامية عربية في حين رأى بقية الأعضاء أنه لابد من التحري في هذه النقطة لأن الوضع العالمي كان يشي بخلفية خطيرة كظهور ما يسمى بالإخوان المسلمين ومشكلة تونس مع إيران والقضية اليوسفية وغيرها على حد قوله. رئيس الحكومة ادرك أن المجال السياسي في أزمة وعن رأيه في مقترح الجبالي تشكيل حكومة «تكنوقراط» قال مصطفى الفيلالي إن رئيس الحكومة أدرك إدراكا عقليا أن المجال السياسي في ازمة مضيفا أن العلاقة بين المجتمعين السياسي والمدني اتسمت بالضبابية وعدم الوضوح كما أن الرأي العام أصبح يعاني من لامبالاة تجاه الدولة بسبب عدم اتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب وكذلك التردد في اتخاذ هذه القرارات مؤكدا ان الرأي العام انتابته حالة من القرف والشعور بأنه يعيش في بلاد «اللادولة» على حد تعبيره. وأكد الفيلالي أنه لأجل هذه الأسباب اراد الجبالي توسيع التشاور خارج المجال التقليدي المعروف بالتحاور مع «نفر من المواطنين» غير الملتزمين حزبيا موضحا ان مبادرة الجبالي لتكوين حكومة كفاءات وطنية تتنزل في هذا الإطار حتى يتسنى إخراج البلاد من الحالة الأليمة التي تردت فيها والتي وصفها ب«المستنقع» على حد تعبيره. مجلس الحكماء وردا عن الإتهامات الموجهة لمجلس الحكماء الوليد الذي هو احد أعضائه وخاصة القول بأنه سيزاحم المجلس التأسيسي أجاب الفيلالي ان مجلس الحكماء ليس بديلا للتأسيسي ولن يزاحمه لأن الأول معين مختار من شخص واحد هو رئيس الحكومة ويقوم بوظيفة معينة هي النصح في حين ان الثاني أي المجلس التأسيسي منتخب من الشعب لكتابة الدستور وعلى هذا الأساس لا يمكن الحديث عن إزدواجية أو مزاحمة بين المجلسين على حد تعبيره. أما مجلس الشورى لحركة «النهضة» فقد اعتبره الفيلالي خارج أجهزة الدولة ولا يمكن وضعه في القائمة أصلا لانه مجلس حزبي وليس له أية صفة رسمية. الشرعية أنواع كما أكد الفيلالي أن الشرعية أنواع فهناك شرعية دستورية تكتسب عن طريق صناديق الإقتراع وعبر إنتخابات شفافة وهناك شرعية كفاحية تكتسب بسنوات السجن والتعرض للتعذيب وغيرها وهناك الشرعية الثقافية والشرعية السياسية والشرعية الشخصية متسائلا في هذا الصدد اين يمكن وضع شرعية نواب المجلس التأسيسي؟ واية شرعية يمتلكون اذا كانت هذه الشرعية مستمدة من إنتسابهم لحركة النهضة وهذا الإنتساب النهضوي اصبح محل تردد وشك وإرتياب؟ على حد قوله. الحزب الحاكم يلتجأ للشارع عندما تضعف المؤسسات من جهة أخرى قال الفيلالي معلقا على مسيرة حركة «النهضة» وانصارها نهاية الأسبوع دعما للشرعية إن لجوء الحزب الحاكم إلى الشارع دليل على وجود أزمة عميقة بينه وبين الشارع والمجتمع المدني. وأكد الفيلالي انه في حال ضعفت مؤسسات الدولة وساد مفهموم اللادولة يلجأ الحزب الحاكم الى الشارع لحسم الخلاف مع المجتمع المدني وهذا يعني تناقص المجال الشرعي للدولة على حد تعبيره. قانون الإقصاء سيؤدي إلى فتنة في البلاد وعن قانون العزل أو إقصاء رموز النظام السابق أوضح مصطفى الفيلالي أنه قانون ما أنزل الله به من سلطان وأنه سيؤدي إلى فتنة في البلاد لا في المجلس التأسيسي فقط لأنه يرمي إلى إقصاء جانب كبير من القوى السياسية من المشاركة في صنع المستقبل وصنع القرارات الحاسمة دون وجه شرعي مضيفا انه في السياسة لا تزر وازرة وزر أخرى كما أن الإسلام دين مبني على التسامح والعفو ملاحظا ان تفعيل قانون الإقصاء سيحول الإدارة التونسية إلى وكر للضغائن وافشاء الأسرار والشعب الى شعب من «القوادة» على حد قوله. الغنوشي مصاب بالإنفصام في الصفة وإجابة عن سؤال هل يشكو راشد الغنوشي من حالة إنفصام في الشخصية عندما أكد ان حركة النهضة لن تتخلى عن الحكم؟ وأية رسالة يوجهها الغنوشي من خلال هذا التصريح؟ أشار الفيلالي إلى أنه يعرف رئيس حركة النهضة منذ ثلاثين سنة تقريبا ويعرف أن لديه إنفصام في الصفة فهو المفكر والفيلسوف والسياسي الملتزم بحزبه والصفة الأخيرة تخضع إلى تقلبات مضيفا أن الغنوشي مسؤول عن أقواله ولكن عليه أن يفهم أن إكتساب الشرعية يمر فقط عبر الشعب وصناديق الإقتراع. رسالة إلى حركة «النهضة» وفي رسالة وجهها إلى حركة النهضة وقياداتها قال مصطفى الفيلالي إنه على المرء الذي يمر بأزمة العودة إلى ضميره الواضح الذي لا تشوبه الشوائب والإستلهام من مرجعياته مستشهدا بالآية القرآنية التالية: «يا أيها الذين أمنوا استجيبوا لله ولرسوله اذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه». (صدق الله العظيم) مؤكدا أن تونس اليوم في أمس الحاجة إلى أن لا يحول الله بين القلب والعقل لأنها في حاجة أكيدة إلى العقل أكثر من أي وقت مضى كما أن القران خاطب ذوي العقول لا ذوي الأمزجة الضبابية والجهلة على حد تعبيره.