عقدت أمس نقابة القضاة ندوة صحفية بقصر العدالة بالعاصمة للاعلان عن اطلاق مبادرة تحصين القضاء وللتحذير من «ولادة هيئة وقتية للقضاء العدلي لا تختلف عما كان عليه الأمر زمن بن علي وبورقيبة». وأعلنت روضة العبيدي رئيسة نقابة القضاة عن اطلاق مبادرة لتحصين القضاء لازالة كل الشوائب التي التصقت به طيلة الحقبة الماضية, مضيفة ان استقلالية القضاء التي اسالت الكثير من الحبر لم تر النور بعد وأنه أصبح رهين التجاذبات قائلة: «مسالة القضاء تطرح اشكالا كبيرا... لم تطأ قدمه عتبة الاستقلال»... وذكرت العبيدي انها التجأت الى الاعلام بعد ان اوصدت ابواب الرئاسات الثلاث في وجه النقابة التي لم ترد على مراسلاتها المتكررة . وأوضحت رئيسة نقابة القضاة ان تحصين المنظومة القضائية يمر اولا عبر التحصين الذاتي اي ان يبتعد عن التجاذبات ويفرض استقلاليته بنفسه لان القانون وحده لا يكفي, قائلة: «القضاة لم يلعبوا دورهم الحقيقي في حرصهم على استقلاليتهم...», وتطرقت العبيدي الى التحصين الهيكلي المتمثل في تشكيل هيئة وقتية للقضاء تحل محل المجلس الاعلى للقضاء مبدية امتعاضها الشديد من طريقة تعامل المجلس التأسيسي مع الهيئة المرتقبة قائلة: «طرح الهيئة مغلوط... لا حاجة لنا بالشكليات, نريد هيئة مستقلة... نرفض تشكيل هيئة وفق قانون 1967... التأسيسي لا يؤمن باستقلالية القضاء». هيئة شبيهة بما كان زمن بن علي وشددت العبيدي على ضرورة تفعيل بنود الفصل 22 من القانون المنظم للسلط العمومية عند تشكيل الهيئة الوقتية ضمانا لاستقلاليتها, مستغربة اقتصار التأسيسي على البند الاول من الفصل فقط مضيفة: «التأسيسي غض النظر عن بقية البنود وهذا سيعطينا هيئة شبيهة بما كانت عليه المجالس في عهدي بورقيبة وبن علي... لم نتصور حصول مثل هذا الامر في التأسيسي»... وهددت العبيدي بالطعن في دستورية الهيئة الوقتية للقضاء اذا لم تحترم الفصل 22 او وقع تغييب احد بنوده قائلة: «سندعو الى مقاطعتها وستكون هيئة مهمشة»... تسييس القضاء وأكدت رئيسة النقابة ان الهيئة تمر بمرحلة مخاض عسيرة وانها اسيرة اشكاليات عديدة من بينها تركيبتها, كما رفضت ادخال عناصر من خارج السلك القضائي لتجنب تسييس القضاء, مضيفة: «ادخال اطراف في تركيبة الهيئة خطير... سيتم جر القضاء الى السياسة». وأوضحت العبيدي ان اقحام اطراف خارجية صلب الهيئة سيكون بوابة لدخول المتحزبين والمسيسين لفرض سلطة على القضاء. لن نسمح بالتطاول على القضاء وانتقدت نقيبة القضاة تصريحات المرصد الوطني لاستقلال القضاء مؤكدة انه لا يمثل القضاة مضيفة: «ليس له الحق ان يتكلم باسم القضاة ... ندعو أحمد الرحموني (رئيس المرصد) الى احترام صلاحياته... المرصد حاد عن أهدافه المزعومة وأصبح ناطقا رسميا باسم قاضي التحقيق وهذا خطير»... ووجهت رئيسة نقابة القضاة انتقادات الى وزارة الداخلية على خلفية ما اعتبرته إفشاء سرية التحقيق والتدخل في عمل التحقيق في ما يتعلق بقضية إغتيال بلعيد , قائلة: «يجب الالتزام بالصلاحيات... لن نسمح لاي شخص مهما كان مركزه بالتطاول على القضاء ... القضاء لا يهدد...». الانتخابات لن تكون مستقلة واستبعدت العبيدي ان تجرى الانتخابات المرتقبة في كنف الشفافية والاستقلالية في حال تشكيل هيئة قضائية وفق قانون 1967 مضيفة: «لا مجال ان تشتغل الهيئة وفق قانون 67 ... لن تكون الانتخابات نزيهة اذا احدثت هيئة على شاكلة ما كان سائدا»... الاعفاء كارثة عظمى وأعربت رئيسة نقابة القضاة عن خيبة امل كبيرة تنتاب القضاة الطامحين لتحقيق استقلاليتهم عن السلطة التنفيذية معتبرة ان ما وقع هو مغالطة كبيرة للشعب التونسي, كما تحدثت بمرارة عن بقاء النيابة العمومية تحت يد وزير العدل وعن قانون الاعفاء واصفة اياه بالكارثة الكبرى المسلطة على رقاب القضاة لترهيبهم قائلة: «مسألة الاعفاء التي استخدمها وزير العدل اصبحت مدسترة وهي فضيحة»... كما أكدت العبيدي غياب الارادة السياسية الحقيقية لتحقيق استقلالية المنظومة القضائية لاعادة ثقة الشعب فيها مضيفة: «لقد تم تهميش القضاء في الدستور... «طيشولنا» نصوص مفرغة من محتواها»... و طالبت بضرورة مراجعة باب السلطة القضائية في الدستور الجديد بعد ان وقع تهميشها مبرزة ان وضعية القضاء لم تتغير بعد الثورة مضيفة: «لا وجود لتغيير في اي مستوى, بقي المعهد العالي للقضاء على حاله... وضعية المحاكم لم تتغير... ربحنا من الثورة الحرية والكلام فقط»... التطاول على القضاء والتشكيك فيه و استنكرت العبيدي التصريحات التي اطلقها البعض على غرار الأستاذ بن مراد الذي شكك في استقلال القضاء الوطني ونزاهته وقدرته على كشف الحقيقة في جريمة اغتيال المرحوم «شكري بلعيد» قائلة: «طرق بن مراد مشبوهة... لقد كثر المناضلون واشباه المناضلين بعد الثورة... هناك من يريد ان يكون بطلا عبر القضاء من خلال التطاول عليه». و دعت العبيدي الجميع الى عدم التشكيك في القضاء التونسي واعتبرت ان التهديد بتدويل بعض القضايا يهز من ثقة القضاء الوطني, قائلة: «هناك تشكيك استباقي في القضاء وهو تمش خطير»...