أثار إقرار الحركة القضائية مؤخرا حفيظة اغلب الهياكل القضائية التي اتهمت سلطة الإشراف ممثلة في وزارة العدل بالقيام بخطوة في اتجاه "ضرب استقلالية هذا الجهاز الحساس في مرحلة انتقالية لبناء دولة ديمقراطية خاصة في ظلّ غياب الهيئة الوقتية المستقلة للقضاة التي لم ترى النور بعد بسبب تعطل مشروع القانون الذي كانت ستحدث بمقتضاه". بعد استئناف العمل البرلماني كانت الهياكل القضائية تنتظر العودة إلى مناقشة مشروع القانون المحدث للهيئة لكن تبيّن أن هذا الموضوع غير مدرج في جدول أعمال المجلس التأسيسي. وقد اعتبرت كل من جمعية القضاة ورئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء أن من تداعيات إقرار حركة القضاة هو "إجهاض مشروع الهيئة الوقتية المستقلة للقضاء" فيما رأت نقابة القضاة أن مسألة وجود الهيئة من عدمه هو ليس الأساس بل المهم هو "وجود حلول عملية وشعارات تجميد الحركة هي شعارات "فارغة" ولا جدوى منها". وفي تصريح ل "الصباح" اكدّ احمد الرحموني رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء أنّ "الطريقة التي تمت بها الحركة القضائية لهذه السنة كان مخطط له وهذا انحراف خطير لانّ الوزارة استغلت ضعف المؤسسة القضائية والفراغ المؤسساتي الذي كانت هي المتسبب فيه لأنها لم تشجع وجود الهيئة الوقتية المستقلة للقضاء. وقال الرحموني: "توجهات وزير العدل الحالي هو ضدّ استقلالية القضاء فمنذ توليه لمهام الوزارة حتى موفى شهر ماي 2012 اصدر ما يقارب عن مائة مذكرة عمل تهمّ جميع درجات القضاة، كما اصدر بطاقات إعفاء ضمت 71 قاض وهي قرارات فردية ونستنتج من هذا انّ الوزير يتصرف وفقا لاعتبارات السلطة السياسة". تدجين.. وأضاف:"انّ الترقيات التي قام بها وزير العدل في سلك القضاء قصد تدجين القضاة وتطويعهم وهذا أمر ثابت في المحاكم". وأكدت كلثوم كنو رئيسة جمعية القضاة التونسيين على طلب الجمعية باستئناف مناقشة مشروع القانون المحدث للهيئة المستقلة للقضاء صلب التأسيسي. واعتبرت كنو أن ما قام به وزير العدل من ترقيات ونقل تحت غطاء ما يسمى بالمجلس الأعلى للقضاء "غير شرعي لانّ هذا الجهاز هو منحل". وذكرت كنو بالتصريح الذي أدلى به وزير العدل إلى إحدى الصحف التونسية قائلا" انّ ما يعزز شرعية اعتمادنا لآلية الإعفاء هو الحالة الاستثنائية التي تمرّ بها البلاد في غياب آلية مجلس التأديب لانّ المجلس الأعلى للقضاء بصفته القديمة مشكوك في مصداقيته ولا يمكن لنا اليوم العودة إليه". وقالت:"ان المجلس المنحل مشكوك في مصداقيته باعتباره ارث من النظام السابق وانّ عددا من أعضاءه قد تمّ تعيينهم مباشرة من قبل المخلوع إضافة إلى انّ عدد من أعضاءه تمّ انتخابهم بطريقة صورية وفي مخالفة تامة للقانون وهو ما أكدته المحكمة الإدارية في قرارها المتعلّق بانتخاب أعضاء المجلس لدورة 2007 2010 وتم إبطال الانتخابات ". ورأت كنو أن موقف نقابة القضاة التونسيين "اتسّم بالتأرجح والتذبذب فمن جهة تدّعي أنها ترفض أي إجراء للحركة القضائية دون هيئة وقتية ووصل بها الحدّ إلى الإعلان عن شنّ إضراب مفتوح إذا لم يتم سنّ الهيئة الوقتية المستقلة للقضاء قبل 14 ماي 2012 ومن جانب آخر تعتبر نقابة القضاة أن لوزير العدل صلاحية إقرار الحركة القضائية وهو ما يؤكد عدم مبدئية هذا الهيكل في مواقفه". شعارات ومن جانبها قالت روضة العبيدي رئيسة نقابة القضاة التونسيين أنه "لا مجال لتمضي سنة دون حركة قضائية" وصفت الشعارات التي رفعت للمناداة بتجميد الحركة ب"الفارغة". واعتبرت العبيدي انّ النقابة "مطالبة بحلول عملية في المقابل جمعية القضاة ليست مطالبة بذلك". إيقاف وفي السياق نفسه طرحت "الصباح " سؤالا على مقررة لجنة التشريع العام صلب المجلس الوطني التأسيسي حنان ساسي حول إمكانية استئناف مناقشة المشروع القاضي بإحداث الهيئة الوقتية المستقلة للقضاء، فقالت أن "من أوليات عمل المجلس التأسيسي الآن هو مناقشة مشروع القانون الخاص بإحداث هيئة الانتخابات لانّ هذا هو الأهم في الوقت الراهن فيما تم إيقاف مناقشة القانون المتعلق بإحداث هيئة وقتية مستقلة للقضاء إلى وقت لاحق خاصة وان وزير العدل قام بسدّ الفراغ بإقراره الحركة القضائية لهذه السنة".