لا حديث داخل الأوساط الرياضية في تونس هذه الأيام سوى عن مراسلة الكتابة العامة للحكومة والتي طالبت من خلالها بتنحّي رئيس النادي الافريقي سليم الرياحي من منصبه عملا بأحكام المرسوم عدد 88 لسنة 2011 ورغم أن تجاذبات هذه المراسلة ماتزال العنوان الأبرز في حديقة المرحوم «منير القبايلي» ذلك أنها حملت في طياتها تهديدا مثيرا للغاية يعدّ سابقة في تاريخ الرياضة التونسية ألا وهو حلّ جمعية النادي الافريقي بكلّ ما تحمله هذه الكلمة من معان ورموز لعدد كبير من التونسيين الذين يهيمون عشقا بالأحمر والأبيض فإن الأمر لم يتوقّف عند هذا الحدّ بما أن التضييقات الأخيرة التي تتعرّض لها القلعة الحمراء طالت كذلك بعض الأسماء الفاعلة في محيط الفريق على غرار الوافد الجديد على مركّب الحديقة «أ» عمّار الجمل الذي وجد نفسه -دون سابق إنذار- مطالبا ومدعوّا لتسوية وضعيته المتعلّقة بالخدمة العسكرية... قد يكون تزامن الدعوة التي تلقاها عمار الجمل مع مراسلة الحكومة إلى سليم الرياحي مجرّد صدفة عابرة لا غير وقد تكون حالة السبات الرياضي الذي نعيشه اليوم سببا مباشرا في احتلال المراسلتين لصدارة الأحداث ونحن الذين خلنا لحين أنّ قانون العزل «الانتقائي» ولّى إلى الأبد مع مغيب شمس «بن علي» غير ان التسليم بهذا الواقع يبدو مجانبا للصواب بما أنّ الامر تشوبه خلفيات وتأثيرات جانبية قد تكون بعيدة كلّ البعد عن الإطار الرياضي الذي أصبح للأسف مرتعا لرجال السياسة وبؤرة لتلاقح وباء التصريحات والتصريحات المضادة في «كورة» بترت أقدامها ونزعت عنها أهدافها و صارت تلعب عنوة بالخلفيات وتنبض على وتر الجهويات... من واجب عمّار الجمل تسوية وضعيته العسكرية لأنّه ليس فوق القانون وهو ليس أفضل من بقيّة التونسيين الذين يقع اصطيادهم من المقاهي أو من عربات «الميترو» لتأدية الواجب بموجب أو دونه لكن السؤال الذي يطرح نفسه بشدّة هو لماذا تحركّت السواكن في هذا التوقيت بالذّات فالجمل لم يبلغ سنّ الرشد حديثا كما أنّه لم يكن منفيّا خارج حدود أرض الوطن والكرة كانت في ملعبه فقط لو شاء الراغبون في ذلك... كان يمكن أن تمرّ الدعوة مرور الكرام لو أنّ عمّار الجمل لم يكن الاستثناء الوحيد لأنّه على حدّ علمنا لم يسبق وان نال هذا الشرف لاعب تونسي آخر وقع استدراجه للخدمة العسكرية على العلن...كان يمكن أن تكون «واقعة» الجمل امتدادا لنواميس جديدة فرضتها ثورة العدالة والمساواة لو أنّ زملاؤه في المنتخب وفي بقيّة الملاعب التونسية شملتهم هذه الدعوة الإجبارية... كان أولى بمن ترصّد عودة الجمل إلى تونس من بوّابة الإفريقي أن يزفّ هذه البشرى إلى نجوم الورق في منتخب عانق الفشل في كأس الأمم الإفريقية الأخيرة حين كان لزاما حقّا الدفاع عن راية الوطن... كان يمكن أن نتفادى كلّ هذا الجدل العقيم لو أنّ الدعوة «الشرفية» كانت مفتوحة لكلّ الأقدام التونسية التي راوغت في السابق خدمة هذا الوطن وتنصّلت من واجباتها ومسؤولياتها تحت غطاء حصانة مزعومة ومنظومة احتراف ملغومة... الخوف كلّ الخوف أن يكون الجمل «كبش» فداء لهذا الوطن وأن تكون دعوته إلى تسوية وضعيته المتعلقّة بالخدمة العسكرية تدخل فقط في إطار «الجزاء من صنف العمل» وربمّا «ناس فرض وناس سنّة» لأنّ لغة المنطق تفترض ان يكون الجميع سواسية وبقية «الملاعبية» شركاء في حبّ هذا الوطن وما ينطبق على عمّار الجمل ينسحب على البقيّة أم أنّ «جنود» الإفريقي هم اسهل مطية عند ملاحقة المتملّصين من الخدمة الوطنية...؟ نسأل ونمضي لأنّه ما هكذا «يساق الجمل»...