غابت امس مظاهر الاحتفال بعيد الاستقلال في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة بسبب تصاعد وتيرة الانقسامات والمشاحنات بين المواطنين الذين غص بهم الشارع منذ ساعات الصباح الاولى. وتحول عيد الاستقلال من موحد للتونسيين الى عامل فرقة وتشتت بين ابناء الوطن الواحد حسب تعبير الكثيرين الذين استنكروا غياب الاحتفالات الوطنية وحضور الشعارات الحزبية. توافد المئات على شارع الحبيب بورقيبة حاملين الشعارات والرايات الحزبية واكتفى القليل منهم بحمل الاعلام الوطنية. وقد تكونت حلقات نقاش طويلة عريضة ملأت الشارع اتت على عديد المواضيع الهامشية على غرار التكهنات حول استشهاد المرحوم «شكري بلعيد», حيث اعتبره بعض الملتحين مجرد قتيل عادي بينما اعتبره البعض الاخر شهيد الحرية والديمقراطية واصفين اياه بلسان الفقراء والمضطهدين. وقد طغت جريمة اغتيال «بلعيد» على جل الحوارات الجماعية والثنائية حيث حمل انصار حزب «الوطد» والجبهة الشعبية مسؤولية الاغتيال الى حركة «النهضة», وطالبوا باسقاط الحكومة «التي فشلت في تحقيق اهداف الثورة» على حدّ تعبيرهم وهي شعارات لم ترق لمجموعة صدحت بانتمائها للحركة المذكورة واتهمت جهات خارجية بالوقوف وراء اغتيال الفقيد وبرأت ساحة قيادات «النهضة». ومن بين التساؤلات التي طرحها الحاضرون: «هل أن تونس مستقلة فعلا ام مستعمرة ؟» وهو موضوع اثار جدلا ولغطا واسعين امس بشارع الحبيب بورقيبة حيث جزم البعض ان بلادنا مستقلة وتتمتع بالسيادة الوطنية مرجعين الفضل في ذلك الى الزعيم الحبيب بورقيبة الذي قاوم الاستعمار الفرنسي بكل ما اوتي من قوة, مضيفين انه ساهم في بناء الدولة التونسية وحرر المراة من براثن التخلف والجهل , بينما راى البعض الاخر ان تونس لا زالت ترزح تحت الاستعمار غير المباشر متهمين الزعيم بارتهان تونس للبلدان الغربية وعلى رأسها فرنسا وببيع ثرواتها للخارج. أين الحكومة من الاحتفالات؟ وشجب اغلب المتواجدين بشارع الحبيب بورقيبة ما اعتبروه تهميش الحكومة لعيد الاستقلال وتركيزها على اشياء هامشية واستغلال الفرصة لاطلاق سراح المساجين الذين تعلقت بهم جرائم خطيرة على حد تعبيرهم , مستنكرين مشاركة كثير من السياسيين الاخيرة في الاحتفال بعيد الولاياتالمتحدةالامريكية الذي احتضنته سفارة امريكا ببلادنا وردد العشرات: «حكومة لا تحتفل بعيد الاستقلال لا تمثلني ...» فيما تساءل الكثيرون: «أين الحكومة من الاحتفالات ؟». كما اتهم البعض الحكومة بمحاولة طمس الذاكرة الوطنية وتقزيم المجاهدين والفلاقة وزعماء الحركة الوطنية الذي اسهموا في اعادة السيادة التونسية على حد تعبيرهم. أنصار الافريقي في الموعد وتجمع عدد من انصار النادي الافريقي قبالة المسرح البلدي ورددوا شعارات رياضية وتغنوا بفريقهم واصفين انفسهم بشعب الافريقي, وارتدى بعضهم قمصان الفريق المذكور وتناسوا الاحتفال بعيد الاستقلال. فيما تساءل البعض الاخر عن سبب خروج المواطنين واحتشادهم بشارع الحبيب بورقيبة متناسيا انه الاحتفال بعيد الاستقلال, وتوجه بعض الاعلاميين بسؤال الى المواطنين مفاده: «الذكرى قداش اليوم للاستقلال» فما راعهم وأن أغلب المستجوبين لا يعرفون الإجابة. بماذا نحتفل؟ وأبرز بعض المواطنين الذين القوا نظرة خاطفة على شارع الحبيب بورقيبة انهم غير معنيين بالمشاركة في عيد الاستقلال متعللين بانهم لم يجنوا ثمار الاستقلال, وأبرز آخرون ان تزايد نسب الفقر والبطالة في بلادنا وتدهور المقدرة الشرائية للتونسي اجلت الاحتفال وافسدت هذه المناسبة الوطنية وقال احدهم: «بماذا نحتفل؟».