وزارة العدل: تسمية عدد من المسؤولين الراجعين لها بالنظر أعضاء بالمجالس الجهوية    عائدات العمل والسياحة تغطي 54 % من خدمات الدين الخارجي    مفاجأة اللحظات الأخيرة .. واصف جليل يتحد مع هذه الشخصيات ويودع ترشحه لإنتخابات الجامعة    عاجل/ حادث انقلاب الحافلة السياحية: مستجدات الوضع الصحي للمصابين    مداهمة نوادي ليلية في قمرت.. وهذا ما تم تسجيله    معرض الدولي للكتاب: جناح خاص بوزارة الأسرة ومشاريعها    القصرينية تحسم الجدل حول خبر طلاقها من زوجها    عاجل/ التشكيلة المحتملة للترجي أمام صانداونز    حجز مخدرات وضبط مروّجيها بمحيط مؤسسات تربوية في هذه المناطق    جلسة بين وزارة الصناعة وشركة صينية لتعزيز استخراج الفسفاط    رئيس جمعية القضاة يتّهم وزارة العدل بالتنكيل به    اليوم غلق باب الترشحات لإنتخابات الجامعة التونسية لكرة القدم    خطير/ العالم الهولندي يحذّر من مشروع لحجب الشمس.. يدعمه بيل غيتس!!    تايوان ترصد 21 طائرة عسكرية صينية حول الجزيرة    أداة ذكاء اصطناعي تحول صورة ومقطعا صوتيا ل"وجه ناطق" بتوقيع مايكروسوفت    القصرين: وفاة 4 أشخاص وإصابة 4 آخرين في إصطدام سيارة نقل ريفي بشاحنة    الامارات: بن زايد يكرّم تونسية ساهمت في إنقاذ 8 اشخاص من حريق    تونس: "لم نتفاجئ من فشل مجلس الامن في إقرار عضوية فلسطين بالامم المتحدة"    رئيس الإمارات يكرّم فتاة تونسية قامت بعمل بُطولي    بطولة إفريقيا للتنس: التونسيتان لميس حواص ونادين الحمروني تتوجان بلقب الزوجي    دراسة تكشف أصول "القهوة الصباحية".. كم عمرها؟    عاجل/ إضراب مرتقب في قطاع المحروقات.. وهذا موعده    جندوبة: انطلاق بناء مدرسة اعدادية بجاء بالله طبرقة    قفصة : الاعدادية النموذجية تتحصل على أفضل عمل متكامل    يساهم ب 16% في الناتج المحلي: الاقتصاد الأزرق رافد حيوي للتنمية    شملت شخصيات من تونس..انتهاء المرافعات في قضية "أوراق بنما"    جبنيانة: حجز 72 طنا من الأمونيتر    هيئة الدّفاع عن المعتقلين السّياسيّين: خيّام التركي محتجز قسريا وهذه خطواتنا القادمة    عاجل/ إتحاد الفلاحة: "تدهور منظومات الإنتاج في كامل البلاد"    غارة جوية تستهدف موقعا عسكريا لقوات الحشد الشعبي في العراق    طقس السبت: رياح قوية والحرارة بين 18 و28 درجة    منظمة الصحة العالمية تعتمد لقاحا جديدا عن طريق الفم ضد الكوليرا    المنستير للجاز" في دورته الثانية"    منوبة: حجز طُنّيْن من الفواكه الجافة غير صالحة للاستهلاك    بنزرت: القبض على تكفيري مفتش عنه ومحكوم ب8 سنوات سجنا    جندوبة: حجز أطنان من القمح والشعير العلفي ومواد أخرى غذائية في مخزن عشوائي    رئيس الجمهورية يشرف على افتتاح الدورة 38 لمعرض تونس الدولي للكتاب    هزيمة تؤكّد المشاكل الفنيّة والنفسيّة التي يعيشها النادي الصفاقسي    تعاون تونسي أمريكي في قطاع النسيج والملابس    لجنة التشريع العام تستمع الى ممثلين عن وزارة الصحة    الصالون الدولي للفلاحة البيولوجية: 100 عارض وورشات عمل حول واقع الفلاحة البيولوجية في تونس والعالم    انطلاق معرض نابل الدولي في دورته 61    تخصيص 12 مليون م3 من المياه للري التكميلي ل38 ألف هكتار من مساحات الزراعات الكبرى    أبرز مباريات اليوم الجمعة.    تواصل حملات التلقيح ضد الامراض الحيوانية إلى غاية ماي 2024 بغاية تلقيح 70 بالمائة من القطيع الوطني    رابطة ابطال افريقيا (ذهاب نصف النهائي) : الترجي الرياضي يواجه صان داونز بحثا عن تعبيد الطريق الى النهائي    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني    كلوب : الخروج من الدوري الأوروبي يمكن أن يفيد ليفربول محليا    انتشار حالات الإسهال وأوجاع المعدة.. .الإدارة الجهوية للصحة بمدنين توضح    برج السدرية: انزلاق حافلة تقل سياحا من جنسيات مختلفة    طقس الجمعة: رياح قوية وانخفاض نسبي في درجات الحرارة    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    منبر الجمعة .. الطفولة في الإسلام    خطبة الجمعة..الإسلام دين الرحمة والسماحة.. خيركم خيركم لأهله !    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رجل دولة حارب الجهل والفقر.. ووضع شعبه على طريق الحداثة.. ولكن!
ملفات "الصباح": الذكرى 12 لرحيل الزعيم بورقيبة

هكذا خطط بن علي لإبعاد بورقيبة عن الحكم - علالة الرجيشي محامي الزعيم الحبيب بورقيبة منذ سنوات والعاشق الأبدي لهذه الشخصية السياسية التي عادت لتجد حظها بعد الثورة وليعيد لها الزمن مكانتها الطبيعية في قلوب عدد كبير من أبناء الشعب التونسي.
الأستاذ علالة الرجيشي كشف لسالصباحس عن عديد الحقائق التي رافقت حياة بورقيبة وخاصة منها علاقته بالمخلوع زين العابدين بن علي وما جد ليلة 7 نوفمبر 1987 وما حصل للزعيم بعد الإطاحة به.
ويقول الأستاذ الرجيشي: زفي سنة 1984عاد بن علي إلى تونس بعد أن تمت معاقبته سابقا وإبعاده إلى المغرب للعمل في السفارة التونسية. وعيّن بعد أحداث الخبز مديرا للأمن بوزارة الداخلية لينطلق في مخططه الانقلابي عبر تحطيم المؤسسة الأمنية كخطوة أولى وذلك بإحالة كبار موظفيها على التقاعد. ثم قام بإعادة رجال الأمن المتقاعدين للعمل عبر عقود وهو إجراء غير معمول به بالمرة صلب هذه الوزارة. ووضع بن علي يده على المؤسسة الأمنية وطور العمليات الاستخبارية التي أصبحت مركزة على الشخصيات السياسية في البلاد وخاصة منهم الوزراء والأطراف المقربة من بورقيبة حتى يسهل له مقايضتهم وإيجاد ذرائع لعزلهم عبر تقارير اغلبها مغلوطة ترسل لبورقيبةس.
وبمساعدة الاستخبارات والدول الأجنبية، صعد بن علي بسرعة البرق في أقل من سنتين ليكون الشخصية الثانية في البلاد بعد أن ارتقى بسرعة من خطة مدير للأمن إلى وزير للداخلية ثم وزير أول ووزير للداخلية. وهو ما فسح له المجال واسعا لتحقيق أغراضه واستكمال مخططه والانقلاب على بورقيبة.
التمهيد للانقلاب
وفيما يتعلق بليلة 7 نوفمبر 1987 وخفايا الانقلاب على الرئيس الحبيب بورقيبة، ذكر الأستاذ علالة الرجيشي أن عملية الانقلاب كانت تطبخ على نار هادئة وسبقتها تحضيرات وتمهيد للأرضية من قبل بن علي واعضاده وخاصة منهم الحبيب عمار آمر الحرس الوطني وقتها والهادي البكوش.
كما حرض بن علي الرئيس بورقيبة على الإسلاميين حتى يرمي بهم في السجون وبذلك يضرب عصفورين بحجر واحد..تحريض الشعب ضد الرئيس والتخلص من منافس صعب يطمح بدوره للوصول إلى السلطة.
ويضيف محامي بورقيبة: ز زرع الفتنة وإحداث الفوضى داخل الجامعات كان من بين مخططات بن علي لما لهذا الفضاء من تأثير كبير على الوضع الأمني والاجتماعي في البلاد وقد استعان في ذلك بكل من الهادي البكوش وعبد العزيز بن ضياء.
وعلى المستوى الخارجي، وإضافة إلى علاقاته الاستخباراتية والخدمات الجليلة التي كان يقدمها بن علي ولسنوات للمخابرات والدول الأجنبية، عمد بن علي إلى تحريض الدول الغربية ضد الرئيس بورقيبة.
وكان ينسق كل شيء مع السفير الأمريكي بتونس فالتار ثم مع بعض السفراء الآخرين ومنهم سفراء دول مجاورة.
كما أحكم بن علي الحصار على بورقيبة عبر تحريضه على تطليق وسيلة ثم تمكن من السيطرة على سعيدة ساسي ابنة أخت بورقيبة التي باتت تمده بكل الأخبار بعد أن وعدها بمنصب سياسي.
الانقلاب
وبخصوص الإطاحة بالرئيس بورقيبة عبر زانقلاب الأطباءس ذكر علالة الرجيشي أن بورقيبة أطلق على ليلة 7 نوفمبر 87 تسمية زليلة الغدرس. وقال الرجيشي:س مساء 6نوفمبر كان بن علي في منزله بشارع يوغرطة بالبلفيدير صحبة الهادي البكوش ينسقان للعملية، ورغم أن البكوش بدا مترددا في التنفيذ فان بن علي تمسك بالعملية خاصة انه كان يحاول استباق عملية انقلاب كانت تعد لها أطراف إسلامية وحدد موعدها ليوم 8 نوفمبر. وقد كلف بن علي (م. م) المسؤول على قاعة العمليات بوزارة الدفاع و(ص.غ) بالدخول إلى قصر قرطاج تحت إشراف ع.ز وبتنسيق من الضابط م. ز. وكانت هذه المجموعة تنسق سابقا مع الإسلاميين وعلى راسهم منصف بن سالم وزير التعليم العالي الحالي للقيام بانقلاب 8 نوفمبر. لكن بن علي استغلها واستبق الجميع. اثر ذلك جاء الحبيب عمار من ثكنة العوينة صحبة فرقة خاصة من الكومندوس مرفوقا برفيق شلبي وولجوا إلى القصر ليعلموا حرسه بان بورقيبة لم يعد رئيسا. واضاف الرجيشي أن عملية اخراج بورقيبة من القصر هي نفسها العملية التي خطط لها الاسلاميون وهي اجلاؤه عبر طائرة عمودية نحو قصر مرناق. وقد تمت هذه العملية بالفعل يوم 9 نوفمبر حيث ان الطائرة التي حملت بورقيبة كانت بقيادة عناصر إسلامية لذلك كان بن علي خائفا من إمكانية الهروب به وقتله وهو ما سيدخل البلاد في اتون فتنة ويمنع عن بن علي التبجح بالتغيير والتحول السلمي وربما يلاقي امتعاض ورفض الدول التي ساندته سابقا.
ويضيف الاستاذ الرجيشيس اذا كان بن علي غادر بعد الثورة البلاد فارا ومحملا بالأموال وثروات البلاد، فان الزعيم بورقيبة خرج من القصر فقط بكتابين وصورة لمنداس فرانس. ولم يكن يمتلك لا اموال ولا عقارات باستثناء منزل والده في حومة الطرابلسية بالمنستير والذي حاول البعض الاستحواذ عليه لاحقاس.
امريكا تخاف بورقيبة
وبخصوص علاقة بورقيبة بالأمريكيين، قال الأستاذ علالة الرجيشي ان الولايات المتحدة كانت تخاف وتحترم بورقيبة بشكل كبير,,بل كانت تخشاه أكثر من عبد الناصر الثوري في حين أن بورقيبة كان داهية سياسية ويخطط وينظر إلى بعيد. كما أن بورقيبة هو الزعيم العربي الوحيد الذي أحرج الولايات المتحدة عدة مرات منها خاصة ما حصل سنة في القمة العربية سنة 1982 حيث اتفق وزراء الخارجية العرب على إنشاء لجنة متابعة للوضع في فلسطين ولبنان. فرد عليهم بورقيبة قائلا: زاطلب منكم وبسبب صفتي رئيس الجمهورية التونسية أن لا تنتفضوا قبل أن تتخذوا قرارا واحدا فقط وهو سحب سفرائكم من واشنطن. ان الثورة الفلسطينية والشعب اللبناني الصامد لا يريدون منكم سوى هذه الخطوة.. مايجري هو ذبح للفلسطينيين واللبنانيين وهو إبادة للشعبين فماذا ستفعل لجنة متابعةس؟ وكان الرد العربي وقتها سنتشاور ثم نعود لكنهم وفي الحقيقة لم يجتمعوا وفروا من بورقيبة وطلبه.
والكل يذكر موقف بورقيبة سنة 1985 بعد الاعتداء على حمام الشط حيث وضع بورقيبة إصبعه في عين السفير الأمريكي فالتار وهدده بقطع العلاقات مع أمريكا... وكان الرد الأمريكي وقتها الرضوخ والتنديد بالعدوان وهي المرة الوحيدة التي تتخذ فيها الولايات المتحدة موقفا ضد إسرائيل.
وختم الأستاذ الرجيشي حديثه عن بورقيبة بقوله: لقد كان زعيما فعليا يحب شعبه.. عاش عزيزا ومات عزيزا رغم ان المخلوع أهانه ومنع عنه الدواء والزيارة.. وتعمد تعريضه للاعتداء المادي واللفظي من قبل الساهرين على رعايته.لقد كان يخشاه حتى وهو في منفاه في مرناق ثم في المنستير... ذلك هو الزعيمس

محمد عبد الكافي الاعلامي و المناضل الذي حوكم بالاعدام مرتين : الزعامة و«التحزب الخاطئ».. وراء الاقتتال بين الوطنيين
الاعلامي والكاتب والمفكر محمد عبد الكافي مناضل وطني حوكم بالاعدام مرتين : الاولى في عهد الاحتلال الفرنسي والثانية بعده بتهمة الانتماء الى « المعارضة اليوسفية « .. التي يصر على وصفها بالمعارضة الشعبية الوطنية ويرفض اختزالها في « اليوسفية».. عرف محمد عبد الكافي المنفى بعد الاستقلال في ليبيا ثم في اسبانيا منذ 1974 ..واصبح من ابرز الاعلاميين والمثقفين والمفكرين العرب الاسبان والاوربيين الذين لهم حضور كبير على الساحتين الاعلامية والثقافية الاسبانية والعربية والدولية ..
يزور الاعلامي والمناضل محمد عبد الكافي تونس هذه الايام لعرض كتابه الجديد عن النموذج الاسباني للانتقال الديمقراطي ..الانتقال من ديكتاتورية نظام فرانكو الى ديمقراطية نجحت عبر التدرج في ابعاد قيادات الجيش عن الحكم وفي دفع البلاد نحو التقدم الشامل ..التقيناه فكان الحوار التالي :
+ أولا لماذا حوكمت بالاعدام في عهد الاستقلال رغم دورك في الحركة الوطنية ومحاكمتك من قبل قضاء قوات الاحتلال الفرنسي بالاعدام ؟
++ كنت مع مناضلين وطنيين اخرين مثل المناضل حسين التريكي حوكمت بالاعدام من قبل سلطات الاحتلال الفرنسي ثم من قبل رفاقنا في الحركة الوطنية بعد الاستقلال ..وكان ظلم ذوي القربي اشد مضاضة ..واني أترحم بهذه المناسبة على كل الشهداء الوطنيين الذين دفعوا حياتهم من اجل تونس ..واقف اجلالا امام حوالي الفين من المعارضين لبورقيبة وصفوا بال»يوسفيين»..بينما كانوا من حيث وعيهم الوطني والثقافي والسياسي اكبر من ان يختزل دورهم في مساندة زعيم ضد اخر..والدليل ان بعضهم صمد رغم حملات الاعدامات والاغتيالات والاعتقالات ..ورغم السنوات الطوال التي قضوها في محتشدات « غار الملح «و»برج الرومي «وغيره.. في ظروف قاسية جدا ..وكان على راسهم خالي علي الزليطني المناضل الكبير رفيق بورقيبة في القاهرة والسعودية في الاربعينات ثم رئيس مكتب الحزب في العاصمة عند اندلاع الخلاف بين بورقيبة وبن يوسف ..
رفض الحقد والتشفي
+ ماهو رأيك في الدعاة الى التشفي من خصوم المعارضة «اليوسفية» وقتلة الزعيم صالح بن يوسف ورفاقه وجلاديهم في زنزانات وزارة الداخلية و» دوامس الظلام»؟
++ لا بد من انصاف الضحايا والمظلومين ..معنويا وماديا .. لكن التشفي والانتقام مرفوضان لقد تورط البعض في اخطاء فادحة .. وحدثت صراعات دموية بين رفاق النضال الوطني والسبب الرئيسي هو العقلية الحزبية المتحجرة ومنطق «الزعاماتية «..اذن لابد من التحرر من عقلية « انصر اخاك (في الحزب او في التوجه ) ظالما او مظلوما» ..
تبادل الاتهامات ؟
+ لماذا انقلب الزعماء والمناضلون الوطنيون على بعضهم بسرعة الى درجة الاقتتال وتبادل الاتهامات بالخيانة ؟
++ الخلافات بين الزعماء الوطنيين في حقبة الكفاح ضد الاحتلال ثم مباشرة بعد الاعلان عن الاستقلال الداخلي لها اسباب عديدة ..على راسها سيادة « المنطق الحزبي» و»العقلية الحزبية « و» منطق الزعامة «..والخلافات بين بورقيبة وانصاره من جهة ومعارضيهم بزعامة صالح بن يوسف من جهة ثانية كان من ابرز محاورها الزعامة و» التحزب» الخاطئ..لكن التباين بين بورقيبة من جهة وبن يوسف وبعض القيادات الوطنية الزيتونية بزعامة الرئيس الشرفي لاتحاد الشغل وللحركة الطلابية محمد الفاضل بن عاشور كان اساسا ذا ابعاد ثقافية وحضارية وسياسية ..لقد كان بن يوسف المتخرج من الجامعة الفرنسية مثل بورقيبة وانصاره منحازين للهوية التونسية العربية الاسلامية وللقضايا القومية العربية التي يرمز لها وقتها الزعيم جمال عبد الناصر وزعماء الحركة الوطنية الجزائرية ( بزعامة احمد بن بلة) والقيادات المغاربية عموما ..في المقابل كان الطرف المنافس بزعامة بورقيبة له موقف « واقعي» ..وقد انحاز للنموذج الفرنسي ولبعض اولويات السياسة الفرنسية والغربية لفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية ..
الالتزام المعنوي للجزائر
+ لكن الخلاف كان حسب كثيرين سياسيا بدرجة اولى ؟
++ كان ثقافيا وسياسيا في نفس الوقت ..وكان من ابرز محاورالخلاف بين صالح بن يوسف وبورقيبة الموقف من « الوفاء لالتزامات قيادة الحركة الوطنية التونسية « للاشقاء الجزائريين ولقادة مكاتب المغرب العربي في القاهرة وفي العالم بعدم قبول اي بلد مغاربي اي عرض فرنسي للاستقلال الا اذا شمل كل الدول المغاربية الثلاث اي تونس والجزائر والمغرب ..وقد تمسك بن يوسف والمعارضون لبورقيبة بهذا الموقف المبدئي ..لكن بورقيبة قبل بشروط « الحكم الذاتي « رغم عدم تحرير الجزائر التي قررت باريس ان تبقى الى الابد تابعة لترابها الوطني وسمتها « الجزائر الفرنسية «..وتسبب ذلك الموقف لبورقيبة في مشاكل وصعوبات ..واتهم وقتها بالخيانة من قبل جل القادة الوطنيين والمغاربيين والتونسيين الذين انحازوا بنسبة تفوق ال90 بالمائة اول الامر لصالح بن يوسف ..
الحكم الذاتي المحدود؟
+ وماذا عن الخلافات بين انصار بورقيبة وبن يوسف حول وثيقة « الاستقلال الذاتي»؟
++ كان الخلاف على اشده حول « وثيقة الاستقلال الذاتي « التي اعتبرها بورقيبة «مكسبا ضمن استراتيجية سياسة المراحل» ووصفها معارضوه بزعامة بن يوسف بانها» خطوة الى الوراء»..لانها منحت فرنسا صلاحيات كاملة في قطاعات الامن والجيش والسياسة الخارجية ..كما نصت على بقاء اراض من تونس تحت الاحتلال العسكري الفرنسي ..واسجل انه يوم عودة الزعيم بن يوسف من القاهرة الى تونس في سبتمبر1955 استقبله بورقيبة وأشرفا معا على اجتماع شعبي ضخم بجانب بيت «سي صالح « في منفلوري ..وخطبا معا من الشرفة ..وعبر كل منهما عن رأيه ..وكان الجمهور العريض وغالبية القادة الوطنيين التونسيين مع الامين العام صالح بن يوسف ..قبل ان يتصدع الحزب الى انصار « الامانة العامة» «بزعامة بن يوسف والموالين لمجموعة» الديوان السياسي» بزعامة بورقيبة..
بن يوسف رفض تشكيل الحكومة
+ لكن الوثائق التاريخية والشهادات تؤكد انه في فترة الخلاف بين بورقيبة وبن يوسف رفعت شعارات الهوية العربية الاسلامية والولاء للقومية ودعم عبد الناصر بعد 1954.. والبعض يعتبر ان ذلك كان لتغطية الخلافات حول الزعامة ومن ستولى الحكم بعد انسحاب الفرنسيين ؟++ الزعيم صالح بن يوسف استقبل من قبل الباي بعد عودته واقترح عليه تشكيل الحكومة والتفاوض مع فرنسا حول تحسين شروط وثيقة الاستقلال فرفض لاسباب مبدئية.. بينما قبل بورقيبة ذلك ..وهكذا تبين ان بورقيبة كان اكثر دهاء سياسيا من غالبية رفاقه الذين تمسكوا بالمواقف المبدئية بزعامة صالح بن يوسف..كما تمسك بن يوسف بالتنسيق مع الاخوة الوطنيين في مكتب المغرب العربي في القاهرة وخاصة مع القيادة الوطنية الجزائرية ومع الزعامات القومية العربية ..
صراعات بن يوسف وبورقيبة مع «الزيتونيين»
+ لكن بن يوسف كان بصفته الامين العام للحزب الدستوري خلال المرحلة الحاسمة من الحركة الوطنية القائد الفعلي باعتبار وجود بورقيبة في المنفى ..وقد دخل بن يوسف وانصاره مطلع الخمسينات في صراعات عنيفة مع الحركة الطلابية الزيتونية والصادقية ..ومع زعيميها محمد الفاضل بن عاشور والمختار بن محمود ..وبلغ الامر حد الاعتداءات بالعنف على زعامات الحركة الطلابية وقيادات « صوت الطالب» الزيتوني واساتذة الجامعة « خدمة لفرنسا « كما قيل وقتها ؟
++ اعمال العنف التي وقعت وقتها بين انصار الفاضل بن عاشور وحركة صوت الطالب الزيتوني وانصارهم من جهة وشباب تابع للحزب الدستوري بزعامة صالح بن يوسف كان سببها الحقيقي حزبيا ..فقد كانت بعض قيادات الحزب الدستوري ورطت شباب الحزب الدستوري في اعمال عنف ضد الشيوعيين والزيتونيين من منطلقات حزبية بحتة ..مثلما تصارعت من قبل مع انصار الشيخ عبد العزيز الثعالبي ..ومن بين ما يؤكد ان الخلاف كان حزبيا وليس حول المبادئ ولا حول الموقف من نضالات الزيتونيين وحركة صوت الطالب ان بن يوسف وقيادة الحزب اسسا وقتها تنظيم « الكتلة « الطلابية الزيتونية وعينا على راسها الشيخ الشاذلي النيفر ..لكن بعد الخلاف حول الاستقلال الذاتي المحدود ساند غالبية الزيتونيين و90بالمائة من كوادر الحزب الزعيم صالح بن يوسف ..
في جامع الزيتونة
+ لكن بورقيبة كسب لاحقا ورقة الزيتونة ايضا وكسب الى جانبه الشيخين الطاهر والفاضل ابن عاشور والشيخ جيعط ورموز حركتي الاساتذة والطلبة ؟
++ حصل هذا لاحقا ..لكن الزيتونيين وقفوا الى جانب الزعيم بن يوسف اول الامر..وقد كانت من اهم الاجتماعات الشعبية التي اشرف عليها بعد عودته من القاهرة تلك التي اشرف عليها في جامع الزيتونة بحضور جل علمائها وطلبتها وجمهور غفير من الشعب ..ثم اجتماع الملعب البلدي بالمنزه واجتماع ضخم اخر في منفلوري ..ولم تتغير موازين القوى الا بعد مؤتمر الحزب في صفاقس الذي وقفت فيه قيادة النقابات الى جانب بورقيبة رغم معارضة غالبية الدستوريين الذين ظل غالبيتهم لمدة سنوات أوفياء لبن يوسف وللخط المعارض لبورقيبة ..عاما ان بورقيبة نفسه لعب ورقة الزيتونيين والجوامع وتنقل بين جامع الزيتونة وجامع صاحب الطابع بدعم من بعض اساتذة الزيتونة وطلبتها..
النزاعات الهامشية
+ ماهي اهم الرسائل السياسية التي توجهها الى الشعب التونسي اليوم عن دروس اخطاء تلك المرحلة الحاسمة من الصراعات الدموية والعنيفة بين المناضلين الوطنيين؟
++ للاسف فان حوالي الفين من الوطنيين الذين عارضوا بورقيبة تعرضوا في الخمسينات والستينات الى التعذيب والسجن والاضطهاد أو الى الاعدام والمحاكمات القاسية والنفي ..لسبب رئيسي واحد : معارضتهم زعيم الحزب والتعبير عن موقف سياسي كانت الغالبية الساحقة من الشعب والطبقة السياسية اول الامرانحازت اليه ..رسالتي اليوم هي ان مستقبل تونس ينبغي ان يبنيه الجميع بعيدا عن الاقصاءات والعنف وعن عقلية التشفي والانتقام والثار.. وعن الاعتبارات الشخصية والحزبية الضيقة ..ولنا في المثال الاسباني للانتقال الديمقراطي نموج عملي ..
حاوره كمال بن يونس

تقييم شخصية بورقيبة من منظور علم النفس :أب حنون وقاس.. وعاشق لتونس
الزعيم الحبيب بورقيبة أسطورة وشخصية نضالية وسياسية كبيرة.. ملأ الدنيا وشغل الناس على مدى عدة عقود.. فبين نضال.. وكفاح.. وتحد.. وصمود وسياسة ونفوذ..ألقاب كثيرة وعديدة أطلقت على هذه الشخصية التي أثرت عميقا في التاريخ والثقافة والمجتمع وأيضا في بعض الأحداث العالمية... شخصية ثرية واضحة وقوية حينا وغامضة أحيانا ولعلم النفس دور في تسليط الضوء عليها.
ولمحاولة الإحاطة بها اتصلت "الصباح" بعدد من المختصين وفي البداية أشارت السيدة مريم صمود ( مختصة في علم النفس) أن الزعيم الحبيب بورقيبة لعب دور الأب الحنون لشعبه فقد كان يغلب على شخصه طابع الأب الذي يفكر في مستقبل أبنائه وتلبية حاجياتهم في الشغل والأكل والملبس من ناحية، ومن ناحية أخرى كان يلعب دور الأب المتسلط لأنه كان يعتقد انه الوحيد الذي يعرف مصلحة أبنائه، فلا احد له الأهلية لذلك ولا أحد بالنسبة له وصل مرحلة النضج حتى يتحمل المسؤولية عنه.
أب حنون..وقاس
فالزعيم بورقيبة كان يرى أن الشعب التونسي حسب السيدة صمود لم يصل بعد لمرحلة النضج ليأخذ مصيره بيده ومن هنا كانت الدكتاتورية لأنه كان يعتقد انه الوحيد القادر على العبور بالأمة التونسية من مرحلة الاستعمار والتخلف للوصول بها إلى مرحلة الحداثة.
شخصية الزعيم بورقيبة جمعت بين متناقضين: الطيبة والدكتاتورية فمن جهة كان يحب أبناءه ومن جهة أخرى لم يكن معترفا بقدراتهم وهو ما وصل به إلى مرض الزعامة « mégalomanie » حيث يعتبر نفسه مركز العالم.
وأضافت أن الزعيم الحبيب بورقيبة لم تكن تطغى عليه أبدا النزعة المادية فقد تقمص شخصية تونس التي كانت بالنسبة له الوطن وبمثابة بيته والشعب أبناءه فلم يفكر مطلقا في الاستيلاء أو النهب لأنه من المنطقي أن لا يفكر الأب في الاستيلاء على منزله ولذلك بقيت تونس دولة القانون لأنه كان قائدا. أما بالنسبة للأمراض فقد أثر عليه مرض الزهايمر ومرض آخر يسمى ب parkinson ز من أمراض الشيخوخة.
مقومات الزعامة البورقيبية
طارق بلحاج محمد مختص في علم الاجتماع التربوي لاحظ أن الزعامة والقيادة من وجهة نظر نفسية هي نوع من الفن والذكاء والعبقرية لا تتمتع بها إلا نسبة قليلة من الناس، لكن بالمقابل ليس كل موهوب وذكي وعبقري هو زعيم وقائد بالضرورة فبالإضافة إلى الموهبة والاستعدادات النفسية تتطلب الزعامة والقيادة مؤهلات ومهارات وأدوات أخرى.
فالزعامة هي صورة وأسطورة تصنع وخطاب يؤثر في الناس وأداء يقنع وأثر ينفع. وبقطع النظر على التقييم السياسي للمرحلة البورقيبية فقد تمكن بورقيبة من تقديم نفسه كزعيم ليس في العالم الثالث فقط بل على المستوى العالمي.
حامل لمشروع
أضاف بلحاج أن بورقيبة قدم نفسه ليس على أنه مناضل سياسي وحقوقي فقط، بل كرجل حامل لمشروع تحديثي نير وكمؤسس لأمة جديدة وهي الأمة التونسية القائمة على تحديث البنى الفكرية والاقتصادية والاجتماعية التقليدية وتعويضها بأخرى منسجمة مع عصرها مثله الأعلى في ذلك مشروع بيسمارك في ألمانيا وقاريبالدي في إيطاليا وكمال أتاتورك في تركيا.
فمشروع الزعامة هذا نسبه بورقيبة إلى نفسه واقنع به الداخل والخارج سواء لدى النخب أو لدى شريحة واسعة من الملاحظين وحتى المواطنين التونسيين.
زعامة شعبية
من جهة أخرى لا حظ بلحاج محمد أن بورقيبة قدم نفسه أيضا على أنه الأب الحنون الحريص على مصلحة الشعب والاحرص والأقدر على حفظ مصالحه وتأمين مستقبله وقد تطورت هذه العلاقة الأبوية إلى نوع من التماهي بين شخصيته كزعيم سياسي وبين شعبه وبلده فالشعب التونسي أصبح شعب بورقيبة وتونس هي دولة بورقيبة، سلاحه في ذلك خطاب سياسي بسيط وعاطفي ووجداني وغير متعال تتفاعل معه الطبقة السياسية والاجتماعية على حد السواء. وحضور كثيف ومتواصل بين الناس سواء مباشرة أو عن طريق وسائل الإعلام وأداء سياسي اقرب منه إلى المسرح يقدمه كنموذج وكمثل أعلى يقتدي به في الفكر والممارسة.
زعامة في إدارة الخلافات وإقصاء الخصوم
ولكي يحافظ أي زعيم على مكانته ويفرزها فيتطلب هذا الأمر قدرة فائقة في إدارة الخلافات والصراعات وقدرة أكبر في إقصاء الخصوم وهذا أمر يجيده بورقيبة بامتياز إلى درجة أنه أطلق عليه آكل الرجال.
زعامة الأثر
وأضاف بلحاج أن ما يقيم الزعماء ليس أداءهم فقط بل ما يخلفونه من آثار في مجتمعاتهم فرغم التضحيات السياسية المختلفة للفترة البورقيبية ورغم تغييب ذكره لمدة 23 سنة. إلا أن البورقيبية مازال لها حضور في الوجدان الجماعي والفكر السياسي والانجاز الحضاري.
فقد تمكن بورقيبة من جعل شخصه وأفكاره وتصوره للبلاد نوعا من رؤية للحياة أكثر منه برنامجا سياسيا زال بزوال مؤسسه وهذه هي القيمة المضافة في الزعامة البورقيبية.
عاشق تونس
أما وحيد قوبعة مختص في علم النفس فقد أضاف أن الحبيب بورقيبة شخصية وطنية متفتحة جمعت بين الحداثة والدين والسياسة مثقف له خبرة ويتميز بذكاء كبير. هو إنسان يعشق تونس عشقا لا حدود له وقد عمل على تحريرها من قيود الاحتلال وكان هدفه الجهاد ضد التخلف وكسب الرهان في تطوير المرأة وكانت تونس من أول الدول في العالم التي تعطي للمرأة حق الانتخاب كما جعل من تونس وجهة فكرية وسياحية رغم صغر المساحة وقلة مواردها الطبيعية.
وأضاف وحيد قوبعة أن شخصية الحبيب بورقيبة رغم كل هذه المميزات لم تكن تؤمن بالديمقراطية لأنه كان يعتبرها مضيعة للوقت وان رأيه كاف لإدارة البلاد والعباد والوصول بها إلى برالأمان. فالزعيم كان يخفي شخصية دكتاتورية متفتحة وواعية هدفها نبيل لأنها كانت تخدم مصلحة شعبه وأبنائه.
هذا فضلا على انه كانت له نظرة ثاقبة واستشرافية على المستقبل حتى في السياسة الخارجية وفي علاقته مع الزعماء العرب مثل معمر القذافي وغيره، فقد كان سابقا لعصره. لكن الأمراض التي أصيب فها في كبره مثل الاضطراب المزاجي وعدة أمراض أخرى كالزهايمر جعلته يضطر للتداوي في الخارج ويقضي حتى عدة شهور بعيدا على السلطة كما أضعفت مداركه الذهنية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.