ما زال العفو الخاص الذي أعلن عنه رئيس الجمهورية بمناسبة عيد الإستقلال وتم بمقتضاه تسريح بعض المساجين يثير العديد من الإنتقادات في الشارع التونسي وخصوصا بعد تواتر الإعتداءات وتزايد حالات الإغتصاب والتي كان وراءها بعض المسرّحين حديثا من السجون . تساؤلات عديدة يطرحها الشارع التونسي عن المقاييس والشروط التي يتم إعتمادها في هذا العفو؟ وهل تحتاج هذه المقاييس والشروط إلى مزيد المراجعة؟ وما صحة ما يتردد عن وجود الكثير من الغموض في العفو الأخير؟. «التونسية» إلتقت «رياض بالقاضي» مدير الإدارة العامة للشؤون الجزائية بوزارة العدل وعضو لجنة العفو عن المساجين وحصلت منه على التوضيحات التالية:
قال «رياض بالقاضي» عضو لجنة العفو عن المساجين ل«التونسية» ان المقاييس التي يتم بمقتضاها إطلاق سراح المسجونين في العفو الخاص مأذون بها من رئاسة الجمهورية وذلك وفق الفصل 372 والذي ينص على ان «حق العفو الخاص يمارسه رئيس الجمهورية بناء على تقرير من كاتب الدولة للعدل وبعد أخذ رأي لجنة العفو». وأضاف بالقاضي ان العفو الخاص شخصي ويمكن أن يشمل إلا المحاكمات الباتة ومن تتوفر فيه مجموعة من الشروط، وأن لجنة العفو تتكون من وزير العدل أو من ينوبه والمدعي العام للشؤون الجزائية والوكيل العام لدى محكمة الإستئناف أو من ينوبه والمدير العام للسجون والإصلاح ومن يمثل القضاء العسكري ومن يمثل الوزارة الأولى أي الحكومة وممثل عن وزارة الداخلية مؤكدا ان دراسة الحالات يكون حالة بحالة وانه من يتبين مثلا ان سلوكه سيء أو حكمه غير بات يقع رفض اقتراح تمتيعه بالعفو هذا بالإضافة إلى عدة إعتبارات أخرى إجتماعية وصحية. وأكد بالقاضي ان رأي اللجنة هو إستشاري بالأساس ولا يلزم رئيس الجمهورية وانه من الممكن ان ترفض اللجنة مقترح تمتيع سجين بالعفو ولكن رئيس الجمهورية هو الذي يقرر وقد يوافق على العفو ويمضي عليه. وأكد بالقاضي ان رئاسة الجمهورية تصلها عدة مطالب تتولى دراستها ثم ترسلها إلى وزارة العدل التي تبدي رأيها ولكن الرئاسة تقرر. وحول ما يروج بأن بعض الأسماء في الرئاسة تتدخل لتحديد القائمات مثل «سمير بن عمر»، قال بالقاضي ان «سمير بن عمر» مكلف بملف العفو، نافيا حصول أية تجاوزات أو تدخلات شخصية من أي طرف بإعتبار ان اللجنة تنظر في مدى توفر الشروط من عدمها. وردا على سؤال يتعلق بتنامي الإعتداءات وغموض المقاييس في العفو الأخير قال: «ان سلوك السجين قد يكون جيدا داخل السجن ولكن عندما يغادره قد يرتكب جريمة مؤكدا ان وضع البطالة وإنسداد الأفاق أمام السجناء هو الذي قد يدفعهم إلى العودة أحيانا ودعا إلى ضرورة تقديم مقترحات لإعادة إدماج المساجين في الحياة العامة ليكونوا صالحين في المجتمع. مشيرا الى أنه من هنا يأتي دور المجتمع المدني والدولة التي يجب ان تفكر جديا في حلول جذرية لمتابعة السجناء بعد خروجهم وتأهيلهم لتسهيل اندماجهم في المجتمع. وإعتبر بالقاضي ان الإكتظاظ الذي تعاني منه بعض السجون يدفع إلى ضرورة تنفيسها من حين إلى آخر وهو أحد المعطيات التي تؤخذ بعين الإعتبار لأن الإكتظاظ يولد عديد المشاكل وقد تكون حياة السجين في خطر مثلما وقع إبان الثورة من حرق ونهب داخل السجون مما يشكل خطرا على الأمن العام وبالتالي تكون هناك ضرورة لاخراج البعض ممن تتوفر فيهم الشروط ويستجيبون للمقاييس المذكورة. ودعا بالقاضي إلى القيام بدراسة عميقة ومراجعة شروط العفو لأنها تتغير بإستمرار بالاضافة الى تشريك الجهات وخبراء مختصين.