انبلج من رحم ثورة الياسمين لما عادت عديد الفرق الموسيقية الى الساحة الفنية محملة بمشاريع موسيقية متوهجة وقد أغلق العهد القديم أمامها أبواب الفضاءات الثقافية ولجم أفواهها... عاد «نجيب المفتاحي» بآلة «البانجو» من بوابة شارع «الحبيب بورقيبة» واقترب منه جمهور يعشق نمطه الغنائي على الطريقة «الغيوانيّة»... جالسناه في حوار يمس الواقع الابداعي وخاصة الميدان الموسيقى حاليا فجاءت أجوبته مفعمة بالأمل والحلم الجميل. وكأن الجمهور ألف وجهك بشارع الحبيب بورقيبة؟ نعم.. هذا صحيح.. بعد 14 جانفي مباشرة رافقت عناصر فرقتي الى الفضاء المفتوح لشارع «الحبيب بورقيبة» وقدمنا عرضا موسيقيا يميز أسلوبنا الفني حيث أننا من الفرق الموسيقية القليلة التي قدمت عروضها مجانا وبكل عفوية وتلقائية هدية لثورة الحرية والكرامة. وآلة «البانجو» لا تفارقك؟ طبعا.. طبعا.. لا أتنفس إلا بهذه الآلة لأن نغمات أوتارها تعاند دقات قلبي العاشق للموسيقى. وكيف بدأت العلاقة بينكما؟ هي علاقة حب وود... غرام للموسيقى منذ الصغر... لي مع آلة «البانجو» ذكريات أرصع بها مسيرتي الفنية. بماذا توحي لك نغمات هذه الآلة؟ هي تلهمني بكل ما هو روحي وموسيقي وانتشاء وحلم... فلا شيء أكثر من هذا؟ وآلة «البانجو» دفعتك الى تكوين فرقتك؟ كان عليّ أن اشتغل ضمن عمل فرقي حتى تكتمل الكلمات وتتجمع نغمات الآلات فأنشأت مجموعة «عشاق الغيوان» ثم غيرت اسمها وأصبحت «النوارس» قبل أن يقع حل المجموعة... انتظرت طويلا وعدت الى الساحة الفنية بفرقة «الشمعة» لتتحول بعد 14 جانفي الى فرقة «أنصار السلام» صحبة «مروان الزارعي» و«المنصف الهويملي» و«عبد اللّه الغرايري» و«مجدي الزارعي». وأنتم توضعون في خانة الأغنية البديلة؟ نحن نغني ما يهم المجتمع وما يمسه في أحلامه ومستقبله... البطال و«الحرقة» والغربة والوطن وثورات الشعوب مما جعل جمهورنا أكثره من فئة الشبان عماد المستقبل. بما تحلم قريبا؟ نحن غنينا في كل المناسبات والتظاهرات الشعبية بشارع «الحبيب بورقيبة» وسارت معنا الجماهير الحاضرة ساعات من «باب البحر» الى «المسرح البلدي» تشاركنا الآداء... وهذا فخر لنا... أما اليوم فإننا ننتظر المشاركة في المهرجانات الثقافية حتى نقترب كثيرا من جمهور المناطق الداخلية. وكأن جمهوركم أحب هذه الآلة ليرقص فقط؟ لا... أبدا... جمهورنا يحفظ معنا جل أغانينا وخاصة «بطّال» و«السفينة» وهو يتذوّق موسيقانا ويتفاعل معنا شكلا ومضمونا. ماذا بينكم وفرقتا «ناس الغيوان» وجيل الجلالة»؟ نحن نسير على خطى مثل هذه الفرق ونقتدي بهما في الشكل الموسيقي ولكننا ننفرد بالكلمة التونسية لأننا ننطلق من واقعنا... وبيننا ستأتي مشاريع فنية ذات بعد مغاربي. هل أن آلة «البانجو» هي التي قربتكم؟ هذه الآلة تفرض وجودها بكثرة في المجال الموسيقي بالجزائر والمغرب مع تواجدها لدى بعض الفرق الملتزمة في الساحة التونسية... نحن نتفق معها في المواضيع التي تطرحها أغانينا. وهل لك طلبات تخص ميدانكم الفنّي؟ لا أدري لماذا لا تقدم قنواتنا التلفزية إلا اللون الطربي وتغض الطرف عن اللون الملتزم فلماذا لا تحاول أن تعرّف جمهور النظارة علينا لأنه لدينا ما نقدّمه في الشكل الابداعي... فنحن تميزنا في حفلات موسيقية بعديد المدن الداخلية وكذلك بفضاءات الكليات الجامعية وأخيرا بفضاء «المركب الجامعي»... علما بأننا أول فرقة أنجزنا ألبوما موسيقيا بعد 14 جانفي عنوانه «بطّال» تفاعلا مع ثورة الحرية والكرامة. وبماذا تختم؟ نفكر في القيام بجولة عبر جهات البلاد التونسية نقدم فيها عروضا موسيقية مجانا... كما نطلب من وزارة الثقافة الالتفات الى مثل هذه الفرق ذات الطابع الفني البديل لتحقيق توازن في الساحة الثقافية.