لقب البطولة بين الترجي والإفريقي ملعب المرسى يصلح لرعاية الأغنام... «جيرار بوشار»... واحد من «الكوادر» الفنية الفرنسية التي قادها القدر الى البطولة التونسية منذ 6 سنوات بحثا عن تأكيد كينونتها ضمن معشر المدربين ونحت سجل تدريبي ثري في قسم النخبة المحلي. حكاية «بوشي» التدريبية في تونس خطت حروفها الأولى من بوابة مركب حسان بلخوجة بإدارته الفنية لفرع الشبان لنادي باب سويقة ليشق بعدها طريقه بثبات في البطولة الوطنية حيث كانت له تجارب عديدة مع نادي حمام الأنف والنادي البنزرتي ليستقر مقامه الحالي داخل أسوار مركب الشتيوي. عن مغامرته الحالية مع القناوية وتقييمه للموسم الرياضي الجاري وعديد المواضيع الأخرى كان ل«التونسية» هذا الحوار المطول مع جيرار بوشار مدرب مستقبل المرسى نترككم تكتشفون أركانه تباعا. بعد بداية موسم محترمة «القناوية» في الجولات الأربع الأخيرة من سيء إلى أسوأ؟ هذا التراجع «المريب» في نتائج الفريق في الجولات الأربع الأخيرة من عمر البطولة الوطنية أعتبره منطقيا الى أبعد الحدود بالنظر لمعطيات عديدة أهمها غياب الحوافز البسيكولوجية مثل المنافسة على سباق الترشح لمرحلة التتويج التي تجعل اللاعب يضاعف من جهوده دون أن يشعر من أجل تأكيد قيمته الكروية فرديا وإيجاد موطئ قدم ضمن صفوة الكبار جماعيا وهذا ما حصل للأسف الشديد لفريقي. لكن البعض يتحدث عن تقصير من هيئة بن عيسى في تأدية واجبها تجاه الفريق سيما وأن السواد الأعظم من اللاعبين «موش خالصين»؟ «المال قوام الأعمال» هذا مما لا شك فيه ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن ننافس مليارات كبار قوم الكرة التونسية وميزانية فريقنا «زيرو مليم» لأن لعبة كرة القدم تتطلب تضحيات جساما وأموالا طائلة و«اللي ما عندوش ما يمشيش لبعيد». هل هذا إقرار ضمني بأن بن عيسى فشل في تحمّل مسؤولية إدارة القناوية؟ (بتردد كبير)... «اليد الواحدة لا تصفق» وبن عيسى لا يستطيع بمفرده أن يتحمل ثقل مسؤولية إدارة فريق عريق في حجم المرسى أمام غياب غير مبرر للدعم المالي من ميسوري الجهة والأحباء والبلدية حتى «الكلمة الطيبة» أصبحت «عملة نادرة» في محيط الفريق... على كل نحمد الله أن الفريق مازال يعيش ب«قدرة قادر». سهام النقد طالتك من الأحباء في الأسابيع القليلة الفارطة ووضعتك في قفص الاتهام؟ «إرضاء الناس غاية لا تدرك» وبوشار له ما يكفي من التجارب الثرية التي ستبقى شاهدة على نظافة سيرته كمدرب صنع نفسه بنفسه دون انتظار «هدايا من فلان أو فلتان». البعض من أنصار الصفصاف انتقد مؤخرا تبنيك لخطة دفاعية عقيمة خلفت الوبال للفريق؟ (يضحك)... غريب حال هذا البلد... 10 ملايين تونسي كلهم مدربون يفقهون في علم «الكورة» ولا يتوانون عن مناقشة أدق الخطط التكتيكية سواء كانت النتيجة فوزا أو هزيمة... عموما هذه المعادلة الفريدة من نوعها أعتبرها «Made in Tunisia» ولم يسبق أن شاهدتها حتى في أعرق بطولات القارة العجوز. إجابة قد تفهم على أنها «مراوغة ذكية» هدفها التهرب من سؤالنا؟ لا ليس كذلك لأن بوشار مثله مثل بقية معشر المدربين يتوخى رسوما تكتيكية بناء على عدة معطيات من بينها نوعية أرضية الميدان والرصيد البشري المتوفر على ذمتي وطريقة لعب المنافس. هل من تفسير؟ تعلمون جيدا أن النتائج السلبية المسجلة مؤخرا لفريقي ساهمت فيها بنسبة كبيرة أرضية ملعب المرسى الرثة والتي لا تصلح لشيء إلا لرعاية الأغنام وهذه جريمة في حق الجمعية في حدّ ذاتها لأن سلطة الإشراف تعلم علم اليقين ماذا يجب عليها فعله في مثل هذه الحالات... كما لا أذيع عنكم سرّا عندما أؤكد لكم أن الرصيد البشري للفريق في الوقت الحاضر لا يفي بالحاجة في ظل نسق ماراطوني للبطولة وهذا ما يجعل هامش الاختيار في المباريات محدودا جدا خصوصا مع سقوط بعض اللاعبين في فخ الإقصاءات أو عند الإصابات... ولعلمكم أن مبارياتنا الأخيرة في البطولة ضد النادي الافريقي والنادي البنزرتي وترجي جرجيس والأولمبي الباجي كانت مصيرية بالنسبة لهذه الفرق الأربعة سيما وأن رهانها تعلق بسباق الترشح لمرحلة التتويج (الافريقي وسي. آ. بي) والصراع من أجل تفادي النزول (جرجيس وباجة) ولهذا خيّل للمشاهد البسيط أن بوشار يميل أكثر لتبني منظومة دفاعية عقيمة والحال أن مختلف هذه المعطيات كانت وراء تراجع نتائج فريقي في الأسابيع الأخيرة. اتهموك أيضا ب«الدكتاتورية» في اتخاذ القرارات الفنية صلب الفريق؟ (بنبرة متهكمة)... بلدكم يعيش عصر الحرية.. والكل يدلي بدلوه في شتى المواضيع دون أن يعير انتباها لأعراض الناس.. عموما الكل حرّ في آرائه وشخصيا هذا الاتهام مردود على أصحابه ولكم أن تسألوا من عاشر بوشار في الترجي والهمهاما والنادي البنزرتي وحتى في مركب القناوية عن معدني وطريقة تعاملي مع بقية الأطر الفنية لمختلف هذه الأندية وعندها ستستنتجون من يسعى لحبك المكائد لا لشيء إلا لتشويه مغامرتي التدريبية الموفقة في تونس ومن يحمل في قلبه ذرة خير لمختلف الأطراف التي تعامل معها على امتداد هذه التجربة وبوشار لا يمكن له أن ينكر «عشرة الماء والملح» مع القائمين بإدارة الأندية التي دربها في بلد أعشقه الى حدّ النخاع. دربت سابقا الترجي الرياضي (فرع الشبان) والهمهاما و«سي. آ. بي» وحاليا المرسى، هل لك أن تحدثنا عن مختلف هذه التجارب؟ تجربتي داخل حضيرة هذه الأندية الأربعة تحمل في طياتها ذكريات جميلة وخصوصيات فريدة الترجي الرياضي مثل نقطة بداية مغامرتي التدريبية في هذا البلد حتى وإن كانت في صنف الشبان وما أعجبني في هذا الفريق صراحة تنظيمه الإداري النموذجي وعنايته الفائقة بشبانه إضافة الى البنية التحتية العصرية التي يزخر بها. وكيف كان الحال مع نادي حمام الأنف؟ رحلتي مع نادي الضاحية الجنوبية كانت محترمة بشهادة «أهل الدار» وما يشدّ الانتباه في هذا الفريق «غيرة» مسؤوليه وأنصاره على حاضر ومستقبل «الهمهاما» ومساندتهم لها في السراء والضراء. وماذا عن تجربتك في بنزرت؟ سحرتني مدينة بنزرت بطبيعتها الخلابة وجسرها المتحرك الرائع وكرم أهلها ولهذا لم أجد صعوبات تذكر للتأقلم مع أجواء نادي قرش الشمال رغم قصر التجربة هناك. ومغامرتك الحالية مع القناوية كيف تصفها؟ مغامرة ناجحة بكل المقاييس رغم ضيق ذات اليد... وتجربتي في المرسى مكنتني من معرفة أناس هم أكثر من أصدقاء مثل ماهر بن عيسى رئيس النادي ونزار الغزواني مساعد مدرب الفريق ولهذا أنا منبهر بالأجواء العائلية داخل الأسرة الموسعة المرساوية وهو ما كان له الأثر الإيجابي في نجاحنا الموسم الفارط ومنذ بداية الموسم الحالي في حجز مقعد مريح ضمن رباعي الطليعة في البطولة الوطنية و«إن شاء الله» مستقبل القناوية أفضل من «حاضره». هل يعني ذلك أنك ستواصل المغامرة مع الصفصاف؟ مبدئيا أنا على ذمة الفريق لكن بعد نهاية هذا الموسم ستكون لنا جلسة مع بن عيسى رئيس النادي سنتدارس فيها إمكانية مواصلة العمل على رأس الإطار الفني للفريق من عدمه وفقا لبعض الشروط التي سنناقشها سوية في القريب العاجل. هل بإمكاننا معرفة هذه الشروط؟ (بعد إصرار كبير)... الإسراع في تأمين انتدابات قيمة في الميركاتو الصيفي القادم (مهاجمان ومتوسط ميدان دفاعي) وخلق موارد مالية إضافية للجمعية حتى نتفادى ما يعكر صفو الفريق في المستقبل القريب والضغط على السلط الجهوية لإعادة تهيئة أرضية ملعب الشتيوي بما يتماشى وسمعة الجمعية. وإذا عجز بن عيسى عن تلبية هذه الشروط، كيف سيكون ردكم؟ (ضاحكا)... لماذا هذا التشاؤم؟.. صراحة المسألة تبقى سابقة لأوانها وفي حال فشل بن عيسى في تلبية شروطنا سيكون عندها لكل حادث حديث. لم يعد يفصلنا عن نهاية المرحلة الأولى من البطولة سوى جولة وحيدة.. كيف تقيمون نظامها القائم على مجموعتين؟ بطولة استثنائية تسير بنظام «القطرة قطرة»... التقطعات العديدة و«الويكلو» أضرّا كثيرا بجمالية اللعبة... فوضى وعنف مادي ولفظي في مناسبات عديدة ووقفات احتجاجية (جماهير النادي الافريقي والترجي الرياضي والنادي الصفاقسي) ساهمت في تراجع شعبيتها لدى السواد الأعظم من الشارع الرياضي.. عموما بطولة هذا الموسم للنسيان وهذا ليس سوى مؤشر خطير على تراجع مريب لهيبة كرة القدم التونسية في محيطها العربي والقاري. صراع سباق التتويج سينحصر تقريبا بين الرباعي التقليدي (الترجي الرياضي، النادي الافريقي، النادي الصفاقسي والنجم الساحلي)، أي من هذه الفرق الأقرب لاقتناص لقب البطولة؟ نقطة الضوء الوحيدة في بطولة هذا الموسم هو التشويق الكبير بين أندية سباق التتويج وصراع الهبوط وجميع هذه الأندية الأربعة حظوظها قائمة لاقتناص لقب البطولة ولا يمكن بأي حال من الأحوال التكهن مسبقا بهوية البطل لكن الترجي الرياضي والنادي الافريقي بدرجة أقل ينطلقان بأسبقية طفيفة للاعتلاء على عرش البطولة الوطنية نظرا للزاد البشري والفني الثري الذي يتوفران عليه مقارنة ب«ليتوال» ونادي عاصمة الجنوب والثقل المالي الكبير لدى هيئتي «حمدي المؤدب» و«سليم الرياحي» الذي سيحدد مسار اللقب في نهاية المطاف إما لنادي باب سويقة أو لنادي باب الجديد. وماذا عن النادي البنزرتي؟ «سي. آ. بي» أضفى كعادته رونقا متميزا وبعدا حماسيا في بطولة هذا الموسم وكان رقما صعبا ل«كبيري» العاصمة في مباراتي الذهاب والإياب لكن أعتقد أن قلة خبرة لاعبيه بمثل هذه المناسبات ستدفع بالفريق خارج امتياز اللعب في مرحلة التتويج والمنافسة على لقب البطولة. جيرار... كيف تقرأ حظوظ المنتخب الوطني في رحلة الترشح لمونديال البرازيل 2014؟ أعتقد أن منتخبكم بقيادة نبيل معلول يخطو خطوات ثابتة نحو كسب بطاقة العبور لمونديال البرازيل 2014 سيما وأن فارق الخمس نقاط عن أقرب ملاحقيه السيراليون وغينيا الاستوائية سيكون له وزن كبير لتحديد هوية المترشح لموعد العالمية كما أن حافز الحضور في مثل هذه المحافل الكبرى وثراء الرصيد البشري لمنتخبكم وزاده الفني الكبير سيلعب لفائدته في نهاية المطاف بالتأهل لمونديال البرازيل 2014. كلمة الختام؟ أشكركم على هذا الحوار الشيق وأتمنى أن ينتهي الموسم الرياضي الحالي في أفضل الظروف كما أدعو أنصار القناوية وميسوري الجهة لمدّ يد المساعدة للفريق ماديا ومعنويا حتى يرتفع سقف طموحاته في أقرب الآجال.