نفّذ أمس أساتذة التعليم الثانوي والإعدادي بمختلف ولايات الجمهورية إضرابا عن العمل هو الثاني بعد إضراب يومي 22 و23 جانفي الفارط والذي خاضه القطاع دفاعا عن نفس المطالب وتجمّع المدرّسون أمس وبمختلف انتماءاتهم ومشاربهم منذ ساعات الصباح الأولى بقاعات الأساتذة عملا بتراتيب الإضراب ثم توجهوا على الساعة منتصف النهار (بالنسبة للعاملين بتونس الكبرى) إلى ساحة محمد علي بالعاصمة أين تجمّعوا احتجاجا على عدم تلبية مطالبهم. «التونسية» زارت المعهد النموذجي الحبيب بورقيبة بالعاصمة وتحدّثت إلى أساتذة في اختصاصات مختلفة ومدى مشروعية المطالب المطروحة وعن موقع التلميذ في دائرة الجدل القائم بين المدرس ووزارة الإشراف كما توجهت إلى ساحة محمد علي وواكبت الوقفة التي نفذها الأساتذة المضربون واستمعت إلى مطالبهم. متمسّكون بمطالبنا تقول السيدة رجاء بورقيبة أستاذة أولى في اختصاص الإيطالية بمعهد بورقيبة وعضو نقابة أساسية بدائرة باب بحر: اجتمعنا منذ الساعة الثامنة حتى العاشرة صباحا بقاعة الأساتذة وحررنا عريضة المطالب وأمضينا عليها وحضر كل الأساتذة بمختلف الشعب وحتى الأساتذة الذين لا يدرّسون اليوم سجّلوا حضورهم وواكبوا الإضراب. وأضافت: تدارسنا المطالب ونحن متمسكون بها وعبّرنا عن استيائنا مما صرح به وزير التربية يوم الاثنين الفارط عندما أكد على أن الاتفاقيات الممضاة من طرف الوزير السابق لا تلزمه. وتساءلت السيدة رجاء في هذا الإطار هل أنّ الاتفاقيات الممضاة تتغيّر بتغيّر الوزراء؟ وهل أنّ وزير التربية واع بما صرّح به؟ وبخصوص مطالب المدرّسين قالت السيدة رجاء: «مطالبنا مشروعة وأولها وأهمها قانون أساسي ينظم القطاع» وأشارت إلى أن رواتب الأساتذة هزيلة ولولا المنحة المضمنة في الراتب لما استطاعوا العيش. وأضافت: راتبي بلا منح يساوي 250 دينارا وآخر منحة صرفت لي قدرت ب40 دينارا وأنا أستاذة أولى للتعليم الثانوي أما أستاذ التعليم الثانوي العادي فمنحته لا تتجاوز 30 دينارا. وأكدت أستاذة اللغة الإيطالية أن مطالب المدرسين معترف بها ووقع الإمضاء عليها لكنّ الوزير لا يريد تطبيقها. وأشارت إلى وجوب الاعتراف بمهنة التعليم كمهنة شاقة حتى لا يكون أغلب زوّار الرازي من رجال التعليم. وتوجهت السيدة رجاء برسالة إلى الأولياء الذين يؤاخذون الأستاذ على كثرة العطل قائلة خذوا العطل وأعطونا امتيازات الموظف العمومي بما فيها المكتب الدافئ في الشتاء والبارد في الصيف في إشارة منها إلى الأوضاع السيئة التي يعمل فيها المدرّس بجل المعاهد الثانوية. كما أكدت السيدة رجاء على أن الأستاذ معرّض إلى الإصابة بالأمراض النفسية والعصبية مضيفة أن الأستاذ مطالب بالتعامل بأريحية مع التلاميذ مشيرة إلى أنّ ذلك يدخل في صلب عمله. لا تعطيل للدروس في إجابتها عن سؤالنا حول إمكانية تعطيل الإضراب لسير الدروس وخاصة بالنسبة لتلاميذ الباكالوريا أكدت السيدة فوزية ممّو أستاذة أولى في اللغة الفرنسية أنّ الإضراب لا يؤثر على سير الدروس لأنه بإمكان الأساتذة تعويض الساعات التي خسرها التلميذ مشيرة إلى أن ارتباطهم بالوزارة لم يكن على أساس حجم الساعات المدرّسة وإنما على أساس البرامج. من جهتها أكدت السيدة رجاء أن الوزارة لم تراع هذا الجانب ولم تفكّر في مصلحة التلميذ مشيرة إلى أنّ الأساتذة تنازلوا عديد المرات وأجّلوا الإضراب مراعاة لمصلحة التلميذ وتساءلت لماذا لا تتحمّل الوزارة مسؤوليتها هذه المرّة وتستجيب لطلبات المدرسين ولا تعطيل سير المفاوضات حتى لا تتزامن مع الامتحانات. من جهة أخرى أشارت أستاذة التاريخ والجغرافيا بمعهد بورقيبة النموذجي أن الإضراب لن يعطّل سير الدروس، وقالت: بالنسبة لي اتخذت احتياطاتي فأنا على علم بتاريخ الإضراب منذ ثلاثة أسابيع لذلك تقدّمت في إنجاز الدروس، وأضافت: أمامنا شهر ونصف لإنهاء البرنامج ولن نتأخر في إتمامه. رسائل للوزير «وزير بلا قرار يمشي يشد الدار.. ويا وزير بلا نفاق طبق طبق الاتفاق» هذه بعض الشعارات التي ردّدها الأساتذة المضربون في وقفتهم الاحتجاجية التي حضرتها أغلب الإطارات النقابية. وقد أكد السيد لسعد اليعقوبي الكاتب العام لنقابة الثانوي أن هذه الوقفة هي رد المدرسين على وزارة التربية وعلى الوزير الذي ادعى أنه مستعد للتفاوض مع المدرّسين. وقال كاتب عام نقابة التعليم الثانوي سنعود للمفاوضات وسنراسل الوزارة من أجل طلب جلسات تفاوض ولن نتخلى عن حقوق المدرسين. وبخصوص تصريح الوزير أنّ الاتفاقيات الممضاة مع الأطراف النقابية لا تلزمه، قال اليعقوبي: «نتمنّى أن يكون ذلك زلة لسان» وأضاف: «نحن ملتزمون بهذه الاتفاقيات التي حقّقناها بنضالنا ولن نتنازل عنها قيد أنملة ونحن مصرّون على المضي قدما في النضال». وفي ردّه على سؤال: «التونسية» حول الخطوات التي ستتلو الإضراب قال اليعقوبي ننفّذ الأسبوع القادم تجمعات مكثفة وسندعو الهيئة الإدارية للاجتماع من جديد لمناقشة تنفيذ قرار حجب الأعداد كما سنتدارس ما اقترحه المدرسون في اجتماعاتهم بقاعات الأساتذة. من جهة أخرى أكّد اليعقوبي أن النقابة العامة للتعليم الثانوي سجلت إقدام بعض أعوان الأمن بالزي الرسمي والزي المدني على دخول المؤسسات التربوية بمناسبة تنفيذ المدرسين لإضرابهم الحضوري كامل يوم أمس وأدان اليعقوبي بشدة هذه الأساليب التي لم تنقطع كلما تحرك المدرّسون حسب قوله. الاتفاقيات ممضاة مع الحكومة وليس مع أشخاص من جهته أكد السيد أحمد عمارة أستاذ التعليم الثانوي بمعهد قرطاج الرئاسة أن هذه الوقفة تأتي كرد على الوزير «المراوغ» حسب قوله، الذي صرح في إحدى الإذاعات صبيحة يوم الإضراب أنّ له حلولا لمشاكل القطاع. وتساءل أحمد عمارة إذا كانت للوزير حلول لماذا لم يطرحها قبل الإضراب؟ وأكد أستاذ التعليم الثانوي أن الاتفاقيات ممضاة مع الحكومة وليست مع أشخاص، وليس من حق الوزير التراجع عن تطبيقها. من جهته استنكر السيد عبد الدايم الذوّادي أستاذ متعاقد في اختصاص التاريخ والجغرافيا عدم التزام الوزير بتطبيق الاتفاقيات الممضاة مع النقابة وعدم استجابته لمطالب المدرّسين. وقال عبد الدّايم الذوّادي: نساند النقابة العامة للتعليم الثانوي في هذه الوقفة ومطلبنا الأساسي هو إدماج الأساتذة المتعاقدين والمعوّضين». وأضاف: نستنكر تجاهل الوزير لملف المتعاقدين ونعبّر عن الظروف القاسية التي نعيشها فنحن لم نحصل على الراتب منذ السنة الفارطة. وأكد عبد الدّايم الذوّادي على أنّ الأستاذ المتعاقد لا يتمتع بأيّة ضمانات اجتماعية على الرغم من أنه يساهم في إنجاح السنة الدراسية تدريسا ومراقبة وإصلاحا.