انتخاب يوسف البرقاوي وزكية المعروفي نائبين لرئيس المجلس الوطني للجهات و الاقاليم    منها 617 م.د بيولوجية...عائدات تصدير التمور ترتفع بنسبة 19،1 ٪    بعد القبض على 3 قيادات في 24 ساعة وحجز أحزمة ناسفة ..«الدواعش» خطّطوا لتفجيرات في تونس    فضيحة في مجلس الأمن بسبب عضوية فلسطين ..الجزائر تفجّر لغما تحت أقدام أمريكا    هل تم إلغاء حج الغريبة هذا العام؟    شهداء وجرحى في غارات للكيان الصهيونى على مدينة رفح جنوب قطاع غزة    كأس تونس .. بنزرت وقفصة يعبران ولقاء جرجيس و«البقلاوة» يلفت الأنظار    أخبار الترجي الرياضي .. أفضلية ترجية وخطة متوازنة    وزير الشباب والرياضة: نحو منح الشباب المُتطوع 'بطاقة المتطوع'    القصرين...تلميذ يطعن زميليه في حافلة النقل المدرسي    رئيس الجمهورية يُشرف على افتتاح معرض الكتاب    القصرين..سيتخصّص في أدوية «السرطان» والأمراض المستعصية.. نحو إحداث مركز لتوزيع الأدوية الخصوصيّة    بكل هدوء …الي السيد عبد العزيز المخلوفي رئيس النادي الصفاقسي    هزيمة تؤكّد المشاكل الفنيّة والنفسيّة التي يعيشها النادي الصفاقسي    تعاون تونسي أمريكي في قطاع النسيج والملابس    عاجل/ محاولة تلميذ الاعتداء على أستاذه: مندوب التربية بالقيروان يكشف تفاصيلا جديدة    حجز أطنان من القمح والشعير والسداري بمخزن عشوائي في هذه الجهة    معرض تونس الدولي للكتاب يعلن عن المتوجين    وزارة الصناعة تفاوض شركة صينية إنجاز مشروع الفسفاط "أم الخشب" بالمتلوي    المعهد الثانوي بدوز: الاتحاد الجهوي للشغل بقبلي يطلق صيحة فزع    قيس سعيد يعين مديرتين جديدتين لمعهد باستور وديوان المياه المعدنية    ارتفاع حصيلة شهداء قطاع غزة إلى أكثر من 34 ألفا    الوضع الصحي للفنان ''الهادي بن عمر'' محل متابعة من القنصلية العامة لتونس بمرسليا    حالة الطقس خلال نهاية الأسبوع    لجنة التشريع العام تستمع الى ممثلين عن وزارة الصحة    حامة الجريد: سرقة قطع أثرية من موقع يرجع إلى الفترة الرومانية    سيدي بوزيد: وفاة شخص واصابة 5 آخرين في حادث مرور    انتخاب عماد الدربالي رئيسا للمجلس الوطني للجهات والأقاليم    عاجل/ كشف هوية الرجل الذي هدّد بتفجير القنصلية الايرانية في باريس    انطلاق معرض نابل الدولي في دورته 61    الصالون الدولي للفلاحة البيولوجية: 100 عارض وورشات عمل حول واقع الفلاحة البيولوجية في تونس والعالم    تخصيص 12 مليون م3 من المياه للري التكميلي ل38 ألف هكتار من مساحات الزراعات الكبرى    نقابة الثانوي: وزيرة التربية تعهدت بإنتداب الأساتذة النواب.    برنامج الجلسة العامة الافتتاحية للمجلس الوطني للجهات والأقاليم    حادثة انفجار مخبر معهد باردو: آخر المستجدات وهذا ما قررته وزارة التربية..    كأس تونس لكرة السلة: البرنامج الكامل لمواجهات الدور ربع النهائي    انزلاق حافلة سياحية في برج السدرية: التفاصيل    تواصل حملات التلقيح ضد الامراض الحيوانية إلى غاية ماي 2024 بغاية تلقيح 70 بالمائة من القطيع الوطني    كلوب : الخروج من الدوري الأوروبي يمكن أن يفيد ليفربول محليا    بطولة برشلونة للتنس: اليوناني تسيتسيباس يتأهل للدور ربع النهائي    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني    عاجل/ بعد تأكيد اسرائيل استهدافها أصفهان: هكذا ردت لايران..    توزر: ضبط مروج مخدرات من ذوي السوابق العدلية    عاجل: زلزال يضرب تركيا    انتشار حالات الإسهال وأوجاع المعدة.. .الإدارة الجهوية للصحة بمدنين توضح    رئيس الدولة يشرف على افتتاح معرض تونس الدّولي للكتاب    تجهيز كلية العلوم بهذه المعدات بدعم من البنك الألماني للتنمية    المنستير: ضبط شخص عمد إلى زراعة '' الماريخوانا '' للاتجار فيها    عاصفة مطريّة تؤثر على هذه الدول اعتباراً من هذه الليلة ويوم غد السبت    خطبة الجمعة..الإسلام دين الرحمة والسماحة.. خيركم خيركم لأهله !    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    منبر الجمعة .. الطفولة في الإسلام    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    وزير الصحة يشدّد على ضرورة التسريع في تركيز الوكالة الوطنية للصحة العموميّة    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    غادة عبد الرازق: شقيقي كان سببا في وفاة والدي    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد قحبيش (نائب ب «التأسيسي» وقيادي ب «التحالف الديمقراطي») ل «التونسية»:«التأسيسي» يعاني من اختلال التوازنات داخله
نشر في التونسية يوم 23 - 04 - 2013


حاوره: ناجح بن عافية
لا يمكن أن يواصل القضاء خضوعه للسلطة التنفيذية
نريد سلطة القضاء لا سلطانه
أول سؤال يفرضه نبض الشارع هو أن الكثير من التونسيين أضحوا يحسون بخيبة امل كبرى وكثير منهم يقولون إن تونس وقعت في مأزق تحت مسمى المجلس الوطني التأسيسي، ما هو تعليقك؟
بالنسبة لهؤلاء، أقول لهم ان هذا الطرح لا يجوز وهذا الكلام غير صحيح، فبعد الثورة المباركة التي أنجزها الشعب وبعد القصبة 1 والقصبة 2 وكل ما رافقهما من تضحيات لا يجوز إطلاقا وصف المجلس التأسيسي بمأزق أو ورطة أو أي شيء من هذا القبيل.
فصحيح أن اداء المجلس تعطل والأمور لا تسير على ما يرام وصحيح ان المدة طالت اكثر من اللازم لكن لابد ان نتذكر أن هذا المجلس يقوم بثلاث وظائف ومهام وهي وظيفة تأسيسية ووظيفة تشريعية ووظيفة مراقبة، وهو يقوم بكل هذه المهام ويبذل كل ما في وسعه لكي يتم الانجاز على احسن ما يرام. والأهم أن المجلس قام بانجازات واضحة في إطار كل مهمة. فكما لا يخفى على أحد قمنا الأسبوع الفارط ولأول مرة في تاريخ تونس بتقديم لائحة لوم ضد أحد أفراد الحكومة، واليوم تنهي لجنة الصياغة أعمالها وستنطلق خلال الأسبوع هيئة الخبراء في مباشرة أعمالها قبل أن يقع تمرير نتائج أعمالها لرئيس الدولة ورئيس الحكومة قبل ان تعود للمجلس من أجل الشروع في النقاش العام. كما قام المجلس بصياغة عدد مهم من القوانين اللازمة لاستمرار العمل الحكومي والعمل الإداري وكل هذا يعني أن المجلس كرس منذ انبعاثه إثر انتخابات 23 أكتوبر الفارط مبدأ الممارسة الديمقراطية للسلطة وهو تكريس لمبدإ ديمقراطية الحكم حتى وإن كان ذلك بصفة متعثرة. فالمجلس من خلال ممارسته لأعماله هو بصدد تثبيت المسار الديمقراطي، غير أن اختلال موازين القوى داخله وهيمنة كتل دون أخرى يؤثران سلبا على حسن سير هذه الممارسة داخل المجلس وكل التونسيين كانوا شهودا على احتدام النقاش داخل المجلس وقد أدى الانزلاق إلى نوع من الحدّة في هذه النقاشات إلى إخراج صورة سيئة عن المجلس وهذا مفهوم فكلنا مازلنا في خطواتنا الأولى على درب الممارسة الديمقراطية وبعض الأخطاء واردة ولكن هذا لا يعني أن المجلس التأسيسي هو خطأ أو مأزق بل على العكس هو أول خطوة على درب التأسيس لمسار ديمقراطي صحيح ودائم وهو في الأخير مطلب شعبي يتنزل في إطار المطالب المشروعة للثورة.
قد يكون هذا صحيحا، لكن ألم يكن من الممكن أحسن مما كان؟ فالانتقادات كثيرة، فمثلا في ما يخص الدور الرقابي فالظاهر ووفق تأكيدات العديد من الأطراف في بعض الأحيان يظهر المجلس التأسيسي وكأنه مؤسسة تابعة للسلطة التنفيذية وتصريحات الوزراء وغيرهم قد توحي بذلك في العديد من المواقف.
هذا غير صحيح، فالدور الرقابي يمارسه النواب كغيره من الأدوار غير أن هناك اختلال التوازنات داخل المجلس حيث هناك فارق واضح بين الكتل النيابية داخل المجلس وهناك نقص في الإحساس بالمسؤولية لدى بعض النواب حيث يقومون بتقديم ولائهم الحزبي على ولائهم لأهداف الثورة ومتطلبات المرحلة يؤثر بصفة جدية على الأداء العام للمجلس. كما ان بعض الهنات في النظام الداخلي للمجلس وكذلك القانون المؤقت المنظم للسلط العمومية حالت دون قيام المجلس بدوره الرقابي كما يجب ونحن بصدد وضع قانون أو مشروع قانون من أجل تفادي هذه النقائص وهنا أسوق مثلا لجنة التحقيق في أحداث 9 أفريل 2012. فما وقع في هذا الملف هو إنشاء لجنتين لجنة حكومية ولجنة نيابية وهذه اللجنة لم يكن لها الحق في القيام بعمل ميداني وفق ما يقتضيه القانون وبالتالي وجدت نفسها عاجزة عن فعل أي شيء
كذلك على مستوى دوركم التشريعي: البعض ذهب إلى حدّ اتهامكم بالانتهازية في ما يتعلق بالقوانين التي وقع اقتراحها أو تمريرها؟
صحيح أن بعض القوانين وقع تمريرها وفق رغبة الأطراف التي تقف وراءها ووفق الثقل الانتخابي لبعض الكتل، لكن هذا يحدث في كل الأجهزة التشريعية التي يختل فيها التوازن الحزبي كما أن غياب محكمة دستورية فاقم بدوره في هذه المسألة ولكن هذه الأمور تبقى ظرفية ولن تدوم حيث أنه بعد الانتهاء من كتابة الدستور سيقع تركيز محكمة دستورية ستتكفل بمراقبة القوانين والقيام بالدور الرقابي بالنسبة للسلطة التشريعية.
على ذكر المحكمة الدستورية ودورها الرقابي، بالنسبة للهيئة الوقتية المشرفة على القضاء العدلي الكثير من التجاذبات والجدل تزامن مع تقدم النقاش حول القانون المحدث لهذه الهيئة وكذلك الإضرابات والوقفات الاحتجاجية، كيف تفاعلت مع هذه المسألة وأنت القاضي قبل أن تكون نائبا ومحاميا؟
أولا ما أود التأكيد عليه هو أن مسألة استقلال القضاء هي مسألة ضرورية ومحورية على كل المستويات وفي كل الميادين تقريبا، كما أنه من أهم أسباب الدكتاتورية التي عاشتها تونس لعقود عدم توفر هامش كاف من الاستقلالية والحرية المخولة للقضاة وهنا أريد ان أفتح قوسا سأحدثكم من خلاله عن معركة استقلال القضاء والتي واكبتها منذ كنت قاضيا إلى غاية سنة 1987 حين استقلت ودخلت سلك المحاماة بعد أن دخلت سلك القضاء سنة 1980 اثر اجتياز المناظرة الخاصة بانتداب القضاة في ذلك الحين وبعد قيلل من مدة دخولي للسلك التحقت بجمعية القضاة الشبان بمساعدة واقتراح من السيد فريد الحديدي حيث تقلدت منصب أمين المال وانخرطت رفقة جملة من الزملاء في معركة تحقيق جملة من المطالب لفائدة القضاة وفي اتجاه استقلاليتهم ولو بصفة نسبية والتي من ضمنها تحقيق مطلب الترقية الآلية للقضاة وإنشاء معهد أعلى للقضاء إلى جانب بعض المطالب المادية حيث كان القاضي يتقاضى أجرة لا تتجاوز 240 دينارا إلى جانب المطالبة بالسيارات الوظيفية حيث من الغرائب في ذلك الوقت ان القاضي لما يجد نفسه مضطرا للتنقل لمعاينة حادثة ما أو جريمة ما يبقى في انتظار حلول سيارات الضابطة العدلية لتقوم بنقله وهو امر غير عادي، وقد بلغت نضالاتنا في الجمعية مداها بتنفيذ إضراب سنة 1985 انجر عنه إلحاق جملة من العقوبات التي طالت العديد من الزملاء والتي تراوحت بين الفصل النهائي إلى الإيقاف عن العمل وقد فصلت أنا وقتها لمدة عام كامل عدت على إثره لممارسة المهنة لمدة سنة قبل أن أستقيل وألتحق بسلك المحاماة، ولكن ما أود التأكيد عليه هنا ان هذه التحركات أتت أكلها وتحسنت ظروف القضاة تدريجيا إلى أن أصبحت اليوم محترمة للغاية.
ظروف القضاة تحسنت نسبيا لكن مطلب استقلال القضاء لم يتحقق بعد على ما يبدو؟
هذا أكيد، ومازال هناك مزيد من العمل مازال في انتظار أهل القطاع من أجل تحقيق هذا المطلب. فمنذ 1959 كانت في تونس مطالب بتحقيق مطلب استقلال القضاء حيث وفي القراءة الأولى لدستور 1959 وقع التنصيص والمصادقة على مبدإ استقلال القضاء كسلطة Pouvoir قبل أن يقع في ما بعد التراجع عن هذا التمشي والاكتفاء بالتنصيص على «سلطان» Autorité وبين النعتين هناك بون شاسع فالأولى تعني سلطة مستقلة ومكتملة الأركان وفي المعنى الثاني تعني سلطة تابعة لسلطان الحاكم السياسي أو السلطة التنفيذية.
من جانب آخر أود ان أؤكد على مسألة جوهرية هي أنه من المهم بالنسبة للمواطن أن يمثل أمام القضاء وهو مطمئن لعدالة واستقلالية القاضي الذي سينظر في مسألة تخصه ومن المهم كذلك بالنسبة للقاضي عندما يجلس للحكم بين الناس أن تكون له كافة الضمانات بألاّ يتعرض لضغوطات وألاّ تقع نقلته بصفة تعسفية وبأن تقع ترقيته بصفة آلية وألاّ يقع تجميده وألاّ تقع معاقبته من طرف السلطة التنفيذية او أي جهاز آخر خارج السلطة القضائية المستقلة. كما من المهم كذلك بالنسبة للمستثمر الأجنبي عندما يسأل عن تونس أن يعرف أن بها قضاء مستقلا يحكم بالعدل ويحفظ حقوق الناس على حد السواء وكذلك لا يمكن أن يتحقق حكم ديمقراطي متين ومتجذّر ما لم يكن هناك في البلاد قضاء مستقل.
كل هذا شيء جميل، لكن يبدو أنكم على مستوى المجلس التأسيسي لم تدركوا هذه المسائل بعد؟
نحن في معركتنا من أجل استقلال القضاء مؤمنون بالقضاء كدعامة للاستقرار وللتنمية وللديمقراطية وهو كذلك دعامة لنزاهة وشفافية الانتخابات ودعامة للاستقرار السياسي. وهذا كنت قلته علنا في الجلسة العامة.
أما في ما يخص اللجنة الوقتية المشرفة على القضاء فقد قلت خلال احدى الجلسات العامة أنه ليس من الممكن العودة بالقضاء إلى الوراء من خلال أن يكون في هذه الهيئة أناس من خارج الميدان القضائي وطالبت بأن تكون الهيئة متكونة من قضاة دون سواهم لكن هناك من طالب بأن يكون هناك في الهيئة من غير القضاة وهذا تمش غير صحيح فيه تعسف وخرق للنص وليس من باب حسن التشريع وحسن التأسيس السليم وهو ما بينته في تدخلاتي وقلت إنه لا يمكن للمجلس أن يشرّع لشيء ثم يقوم بمخالفته على اعتبار تناقض هذا التوجه تماما مع القانون وأعني القانون المؤقت المنظم للسلط وتحديدا الفصل 22 منه، كما بدأنا في اللجنة التأسيسية للقضاء بعد القيام بعديد الاستشارات والاستماع إلى عديد المختصين وكذلك الاستئناس بمقترحات وتوصيات لجنة «فينيز» التابعة لمجلس أوروبا كما قمنا بالعديد من المتابعات والبحوث وقعت إفادتنا أن مجالس القضاء تتركب من قضاة وغير القضاة فقبلنا هذا المبدأ على أن تقع دسترته مستقبلا، لكن هناك أطراف تريد استباق هذه المسائل رغم مخالفة ذلك للنص.
من يريد استباق الأمور؟
نواب حركة «النهضة» هم الذين يريدون استباق الأمور وهناك خوف من هذه الأطراف من استقلالية القضاء ولذلك هم يدفعون إلى تقييد استقلالية القضاء لغايات غير معلنة بسعيهم لاستقلالية محروسة للقضاء في حين ان استقلالية القضاء إما ان تكون استقلالية كاملة أو لا تكون. فمن المهم اليوم المحافظة على مكسب استقلالية القضاء على معنى الفصل 22 من القانون المؤقت المنظم للسلط.
بالعودة للهيئة لو توضح لنا نقاط الخلاف؟
نقاط الخلاف متعلقة بتركيبة هذه الهيئة حيث أن نواب حركة «النهضة» وكذلك «المؤتمر» و«التكتل» يريدون ان تتركب من قضاة وغير القضاة أما النقطة الخلافية الثانية فهي المتعلقة بالشخصية المعنوية للهيئة وهنا من غير المفهوم الاصرار على هذه النقطة الغريبة، فهل يعقل أن تتمتع بعض الإدارات العمومية والمعهد الأعلى للقضاء وغيره بالاستقلالية المالية والإدارية ولها الشخصية المعنوية بينما لا تتمتع بها الهيئة المشرفة على القضاء العدلي حيث وقع حصر استقلاليتها في الاستقلال الإداري فحسب بسبب رفض الأطراف التي ذكرتها آنفا؟
وهذا الرفض فيه رفض واضح لاستقلالية القضاء، بينما استقلالية القضاء تحقق كما قلت آنفا شروط الشفافية والديمقراطية وفي كلمة واحدة يتبين معها «الخيط الأبيض من الخيط الأسود» وهذه الهيئة متى كانت مستقلة بإمكانها ان تجعل قضاءنا مستجيبا للمعايير الدولية ويمكنها كذلك القيام بالدور الرقابي على القضاء والقضاة على حد السواء وبانتفاء هذه الاستقلالية تنتفي هذه العوامل ويمكن القول في كلمة ان عدم قبول استقلالية القضاء وهيئته إساءة كبيرة لصورة تونس وسمعتها والتخوف من استقلالية الهيئة واستقلالية القضاء هو تخوف في غير محله.
تواصلون اليوم الثلاثاء مناقشة بقية الفصول المتعلقة بهذه الهيئة، ما هي توقعاتك لما من شأنه أن يتحقق بخصوصها؟
هناك عدة جلسات عمل وقعت بين رؤساء الكتل ولجنة التشريع العام من أجل التوصل إلى توافق بخصوص تركيبة هذه الهيئة ويوم الجمعة كانت هناك جلسة ولم يقع التوصل إلى اتفاق حيث مازال ممثلو «النهضة» و«المؤتمر» و«التكتل» كذلك يصرون على أن تتركب هذه الهيئة من قضاة ومن غير القضاة وقد قبلنا هذا المبدأ على ان تكون بقية المكونات من منتسبي القضاء الإداري والقضاء المالي وبعض الأساتذة الجامعيين وقد وقع رفض هذا المقترح وعليه فستعقد جلسات أخرى من أجل الوصول إلى صيغة تفاهم في هذا الصدد ولكي لا يقع إجهاض عملية إحداث الهيئة مرة ثانية لأن تركيز هذه الهيئة مرحلة مهمة بالنسبة للمرحلة القادمة فلا يمكن أن يستمر وزير العدل في تعيين وترقية وعزل ومعاقبة القضاة ولا يمكن أن يواصل القضاء خضوعه للسلطة التنفيذية وهو ما يتنافى مع أهداف الثورة.
تعني أن من يقف أمام استقلالية الهيئة الوقتية المشرفة على القضاء العدلي يقف ضد أهداف الثورة؟
نعم هذا ما قصدت بالتحديد، فضرب استقلالية القضاء هو ضرب لأوكد أهداف الثورة، وهو ما لا نتمنّاه، بل على العكس نتمنى أن يتذكر السياسيون الأسباب التي قام الشعب من أجلها بثورة لم تكن لها قيادات ولا مؤطّرون من الأحزاب والسياسيين وكان من أبرز أسباب قيام الشعب بثورته هو استشراء الظلم والاستبداد وعلوية أشخاص دون غيرهم على العقاب وعلى القانون...
لنأتي الآن لحزبكم «التحالف الديمقراطي»، يبدو أنكم غير مهتمين بما يحدث من تحالفات على الساحة السياسية؟
بالعكس نحن كحزب ركزنا على عملية التأسيس وتحديد هوية الحزب والتي نؤكد انه حزب ذو توجه معتدل ووسطي بعيدا عن كل التجاذبات الأيديولوجية المتطرف يمينا ويسارا وعليه فإننا لا يمكن ان نتحالف مع من تتعارض رؤاه مع توجهنا المعتدل والوسطي، وبعد الكثير من العمل السياسي في الوقت الوجيز من حياة الحزب نحن الآن منكبون على اتمام هيكلة وتنظيم الحزب وتركيز تنسيقياته الجهوية والمحلية حيث قمنا بافتتاح العديد من المكاتب في مختلف ولايات الجمهورية ونحن مستمرون في هذا التوجه إلى غاية إتمامه قبل أن نعقد مؤتمرنا التأسيسي ربما أواسط شهر ماي القادم.
بالتوازي مع ذلك دخلنا في مفاوضات مع العديد من الأطراف السياسية التي نتشابه ونتشارك معها في الآراء والتوجهات والتي أعيد التأكيد على انها تتلخص في المحافظة على البعد المعتدل والوسطي للحزب، سنقوم بعد التقدم في هذه المفاوضات بالكشف عن تكوين جبهتنا السياسية والتي ستكون مهمة ولها دور على الساحة.
هل لك ان تكشف لنا ولو تلميحا عن هوية شركائكم في هذا الحوار؟
أعتذر عن ذلك في الوقت الراهن وأفضل أن نكشف عن ذلك في الوقت المناسب.
لو عدنا إلى هوية الحزب، العديد من السياسيين يصفونكم بعدم وضوح الهوية فهل من توضيح؟
هويتنا واضحة ومرجعيتنا واضحة وكل من يتابع انشطتنا يدرك جيدا أفكارنا وتوجهاتنا المعتدلة والوسطية ونحن لا نرفض الاستقطاب الثنائي الذي أصبح يتهدد ويخيم على المظهر السياسي العام كما أنّنا ضد الإقصاء مهما كان نوعه...
شاركتم في الحوار الماراطوني الذي رافق مبادرة رئيس الحكومة الأسبق حمادي الجبالي فهل كنتم مقتنعين بهذه المبادرة؟
نحن عبرنا عن موقفنا منذ البداية ونؤكد على ذلك مجددا فمبادرة السيد حمادي الجبالي كانت هي الطريق المثلى للتسريع بإنهاء المرحلة الانتقالية في أحسن الظروف كما ان حمادي الجبالي نفسه أقر بفشل التمشي الذي ذهبت فيه الحكومة حيث فشلت في تحقيق أهداف الثورة وسقطت في المحاصصة وفي التعيينات على أساس الولاء في مراكز حساسة في الإدارة من أجل السيطرة على مفاصل الدولة وفشلت في ملف التشغيل وفي تحقيق مطلب التنمية وغيره من الاستحقاقات الضرورية لمرحلة تلت ثورة قامت ضد الفقر والتهميش والظلم والاستبداد.
فالنهضة بإصرارها على التمسك بالحكم في هذه الفترة الانتقالية إقترفت خطأ جسيما أضر بمسار الانتقال الديمقراطي وكذك حزبا «المؤتمر» و«التكتل» ساعداها على التمادي في هذا الخطإ والتقدم فيه وعليه فقد اعتبرنا نحن في حزب التحالف الديمقراطي مبادرة السيد حمادي الجبالي بمثابة العودة إلى المسار السليم ولكن للأسف لم يكتب لها النجاح.
لكن في نفس الوقت شاركتم في الحوار من أجل تشكيل الحكومة الحالية والتي أتت على أنقاض مبادرة الجبالي... ألا يعتبر هذا تناقضا في المواقف؟
نحن لما شاركنا في دعم مبادرة حمادي الجبالي لم نساندها لشخص رئيس الحكومة الأسبق بل لمضامينها كذلك فعلنا مع مسار تشكيل الحكومة حيث دخلنا الحوار على أساس نقاط وشروط طلبنا توفرها من اجل دعم هذا التوجه، ونحن كذلك ضد الفراغ وضد سياسة الكراسي الفارغة وقد كانت لنا جملة من المطالب وقع الاتفاق على توفيرها والتي كان من ضمنها تحييد وزارات السيادة وحل رابطات حماية الثورة ومراجعة التعيينات التي تمت على أساس الولاء وليس على أساس الكفاءة وقد عرضت علينا كذلك ثلاث وزارات من ضمنها وزارة السياحة التي كنت مبوءا لكي أشغلها وكذلك منصب وزير التربية للسيد محمد الحامدي ومنصب وزاري آخر للسيد شيخ روحو لكن في آخر لحظة ولما رأينا ما طلبناه لم يتحقق خيرنا الإنسحاب.
وتركنا المناصب لمن يريدها، فالمسألة ليست مسألة مناصب بقدر ما هي مسائل مبدئية.
دائما في إطار مشاركتكم في الحوارات والمناقشات... ماذا عن مشاركتكم في الحوار الوطني الذي دعا إليه رئيس الجمهورية المؤقت؟
بالفعل نحن دعينا إلى هذا الحوار وقد لبينا الدعوة لكن بانطلاق هذا الحوار لاحظنا غياب العديد من الشركاء في العملية السياسية ولذا وقعت الدعوة لتوسيع نطاق هذا الحوار وقد شكلت لجنة من أجل دعوة الاتحاد للمشاركة في هذا الحوار.
وهل تعتقدون أن الاتحاد سيستجيب لهذه الدعوة خاصة وقد تغيبت عنه كل من حركة «النهضة» وكذلك رئاسة الجمهورية عن مبادرته؟
أنا لايمكن ان أقرر مكان الإتحاد، لكن أطلب من الاتحاد بأن يغلّب المصلحة الوطنية في اتخاذ قراره وعدم النظر للمسألة من هذه الزاوية وبذل مجهود من أجل التوصل لصيغة توافقية تعجل بانضمام هذه المنظمة العريقة للحوار الوطني الذي تحتاجه مصلحة تونس
ماذا عن التمشي القائم بخصوص لائحة حجب الثقة عن رئيس الجمهورية المؤقت؟
هذا يتنزل في إطار الدور الرقابي للنواب وللمجلس التأسيسي ككل، وقد توصلنا إلى غاية اليوم إلى تجميع 77 توقيعا من اجل تمرير هذه اللائحة التي تم إعدادها وفق تراتيب القانون المؤقت للسلط العمومية وستعقد جلسة بالمجلس من اجل تحديد موعد الجلسة التي ستقع فيها دعوة رئيس الجمهورية من اجل مساءلته وتمرير اللائحة
لكن هناك خبراء دفعوا في اتجاه عدم ضرورة حضور رئيس الجمهورية؟
صحيح هناك جدل حول هذه النقطة وهذا سببه الصمت الذي هو موجود بنص القانون المؤقت المنظم للسلط العمومية لكن منطقيا لا يجوز أن تقع مساءلة مسؤول في غيابه فحضوره قد يكون ضروريا حتى يتمكن من الدفاع عن نفسه إن كانت له وسائل دفاع ومسوغات
ومن حيث المبدأ أنت من الممضين على هذه اللائحة فما هي مسوغات هذا الإجراء؟
ما دفعني ودفع بقية زملائي لهذا التمشي والتفكير في تمرير لائحة حجب الثقة هي التصريحات التي أدلى بها السيد المنصف المرزوقي خلال زيارته الأخيرة لقطر، فليس من المنطقي ولا المعقول وبقطع النظر عن فحوى أو معنى هذه التصريحات أن تقع مسألة تتعلق بشأن داخلي بحت في دولة وإن كانت شقيقة فهي دولة اجنبية كما أن دور رئيس الجمهورية هو الظهور كرئيس لكل التونسيين وليس منحازا لفئة دون أخرى كما من دوره هو تلميع صورة تونس وتدعيم هيبتها بين الدول وليس القيام بنشر الغسيل الداخلي للبلاد بمناقشة مسألة داخلية بحتة في تلفزة خاصة وأجنبية.
بالعودة للمجلس التأسيسي، أثرتم الكثير من السخط لدى العامة والخاصة كنواب بما سمي سعيكم إلى تحصيل المنافع المادية من خلال سن قانون لتمكين النواب من منح منتفخة؟
هذا الموضوع فيه سوء فهم كبير ولبس أضر بسمعة النائب بالمجلس، فكما تعلمون ولما بدأنا العمل كان سكن وأكل النواب يقع في أحد النزل المعلومة بالعاصمة وهو أمر ضروري بالنسبة للنواب القادمين من داخل الجمهورية ولما تتالت الجلسات بالنسبة للمجلس وأصبحت العملية مكلفة بالنسبة لميزانية المجلس تمّ تخصيص منحة للنواب لتعويض مصاريف الأكل والسكن وقد قام رئيس المجلس باتخاذ قرار في هذا الشأن لكن لاعتبارات قانونية لم يكن من حق رئيس المجلس القيام بهذا الاجراء وهو ما حدا بأستاذ القانون السيد ناجي البكوش بتقديم قضية لدى المحكمة الإدارية أوقف بها قرار صرف هذه المنح لفائدة النواب وبالفعل احترمنا هذا القرار ولم يتحصل أي نائب على أي مليم منذ شهر أوت 2012 وعليه ومن أجل توفير الإطار القانوني ليتمكن النواب من الحصول على هذه المنح وقع القيام بإجراءات وتمش قانوني من أجل تمكين النواب من الحصول على جراياتهم في إطار قانوني واضح لا غير.
وقد ذهب البعض لاتهام النواب بالانتهازية وبتبديد المال العام في حين أن النائب يتقاضى اليوم منحة تقدر بألفي دينار ونيف لا توازي منحة كاتب دولة أو منحة مدير عام وهو أمر فيه الكثير من الاستنقاص من هيبة ومكانة نائب المجلس المنتخب من طرف الشعب. فلماذا يصر البعض على التوازن بين السلط ويتناسى في نفس الوقت التوازن في الامتيازات؟ فمنحة النائب هي قبل كل شيء تدعيم لهيبته ومكانته في جانب ما خاصة إذا وقعت مقارنتها ببقية منتسبي بقية السلط.
وعلى المستوى الدولي كذلك من المهم التأكيد على أن المنحة المخولة لنواب المجلس لا تكاد تذكر إذا قورنت بما يتقاضاه نواب في بلدان أخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.