قدم عشرة نواب من اللجنة الخاصة للتحقيق في أحداث 9 أفريل 2012 أمس لرئيس المجلس الوطني التأسيسي استقالتهم وأرفقوها بمراسلة فسّرت الأسباب، وهؤلاء النواب هم على التوالي : الأزهر الشملي وإياد الدهماني وأمين الزواغي وخميس قسيلة وسامية عبو وسلمى مبروك وسليم بن عبد السلام وسهير الدردوري ونادية شعبان ونعمان الفهري. وفي المقابل سارع النائب زياد العذاري رئيس هذه اللجنة بتمرير عريضة هدفها إيجاد الحلول. وكشف النواب المستقيلون أنهم طالبوا بإحداث لجنة التحقيق من أجل كشف الحقيقة وإيمانا منهم بأن مثل هذه اللجان تشكل أداة فاعلة في يد المجالس التشريعية لممارسة دورها الرقابي على الحكومة وتكريس التوازن بين السلط في نظام ديمقراطي وللمساهمة بشكل إيجابي في إصلاح المنظومة الامنية وتكريس حيادها من أجل بناء امن جمهوري. لكن لجنة التحقيق في أحداث 9 أفريل على حد قولهم فشلت فشلا ذريعا في القيام بهذا الدور وتعود أهم الاسباب إلى غياب الاليات القانونية التي تمنحها الادوات الضرورية للقيام بدورها الاستقصائي من أجل الوصول إلى الحقيقة وتحديد المسؤوليات فيما وقع يوم 9أفريل 2012 في تونس العاصمة، إضافة إلى عدم تعاون الطرف الحكومي في غياب أي الزام قانوني. وأمام هذا الفشل، عبر النواب المستقيلون عن اعتذارهم لضحايا أحداث 9 أفريل بسبب استحالة القيام بالمهام المناطة بعهدتهم كأعضاء في هذه اللجنة، أمام غياب الأليات التي تسمح لهم بالتحقيق والكشف عن الحقيقة، كما عبروا عن اسفهم لفشل المجلس الوطني التأسيسي في وضع أسس نظام تشريعي يسمح للنواب بالقيام بدورهم في مراقبة السلطة التنفيذية بما تفرضه عليهم مسؤولياتهم كنواب للشعب. وأضاف النواب أنهم سيسعون حسب امكانياتهم إلى إنارة الرأي العام حول ما سبق من أشغال اللجنة، وحول ما توصلوا إليه من حقائق . حلول في الطريق وفي رده على استفسار "الصباح" حول موقفه من تلك الاستقالات بين النائب زياد العذاري رئيس اللجنة عن كتلة النهضة أن الصعوبة تكمن في الاطار القانوني للجنة الذي لا يسمح لها بالنفاذ إلى المعطيات الضرورية التي تساعدها على استكمال أعمالها، وذكر أنه سبق وأن رأت اللجنة تمرير مشروع قانون في إطار تنقيح النظام الداخلي للمجلس لتجاوز تلك العقبات، لكن هذا لم يتحقق. وفي المقابل تم اعداد مشروع قانون خاص ينظم أعمال لجان التحقيق بصفة عامة. وبالنسبة للنواب المستقيلين بيّن أنه يأمل في تراجعهم عن قرار الاستقالة وإن لم يعدلوا سيقع تعويضهم وفق أحكام النظام الداخلي. وفيما يتعلق بمقترح مشروع القانون الذي قدمه العذاري أمس لمكتب المجلس فيتعلق بصلاحيات لجان التحقيق النيابية، وهو ينص على أنه للمجلس المكلف بالسلطة التشريعية أن ينشئ لجان تحقيق نيابية حسب مقتضيات نظامه الداخلي. وتتمتع تلك اللجان في إطار ممارسة مهامها بصلاحيات عدة خاصة منها التنقل إلى أي مكان تراه ضروريا ومعاينة جميع الأمور التي تراها مفيدة لإتمام مهمتها والاطلاع على الملفات والوثائق وكل الملفات التي يقتضيها عمل التحقيق، على أن تقدم الدولة وكل الأشخاص الطبيعيين والمعنويين كل التسهيلات التي طلبتها اللجنة في هذا الإطار، ولا يمكن معارضة اللجنة بالسر المهني إلا فيما يهم الوثائق والمعلومات التي تكتسي صبغة السرية المطلقة وتهم الدفاع الوطني أو الأمن القومي ويمكن للجنة أن تأذن بإجراء كل الاختبارات واتمام جميع الأعمال التي تراها ضرورية لإتمام مهمتها. كما ينص المشروع على أن كل شخص تم استدعاؤه من طرف اللجنة للاستماع إلى أقواله مدعو إلى الحضور أمامها وتقديم شهادته بعد أداء اليمين بأن يقول الحق كل الحق وألا ينطق بسواه ويقع انذاره بأنه إذا شهد زورا استهدف للتتبع طبقا لأحكام المجلة الجزائية. وينص المشروع على العقاب بالسجن مدة 3 أشهر وبخطية قدرها ألف دينار لكل شخص يرفض الحضور أمام اللجنة بعد استدعائه. وكل من يشهد زورا أمام اللجنة يستوجب العقاب المذكور بالفصول 241 وما بعده من المجلة الجزائية وكذلك الشأن بالنسبة لكل شخص يحمل أو يجبر شخصا على الشهادة بالزور أمام اللجنة. ويتم التتبع القضائي للأشخاص المستوجبين للعقوبات المذكورة بطلب من مكتب المجلس. كما ينص على أنه من حق الشهود طلب عدم التنصيص على أسمائهم بمحاضر اللجنة. وفي شرح لأسباب مقترح مشروع القانون تمت الاشارة إلى أنه اتضح للجنة التحقيق في أحداث 9 أفريل التي انشأها المجلس غياب الاطار الذي يسمح للجان التحقيق التي يحدثها المجلس التأسيسي او المجلس القادم المكلف بالسلطة التشريعية بأن تقوم بمهمتها التحقيقية على الوجه المطلوب منها، و الذي يحقق الغرض من انشاءها . ولهذا السبب وجب اعتماد مشروع قانون يضبط صلاحيات هاته اللجان بما يسمح للجنة 9 افريل من استكمال مهامها كما يضع الاطار القانوني لأي لجنة مماثلة يتم أنشاؤها في المستقبل . وزير العدل: التركيبة المختلطة للهيئة القضائية من موجبات استقلال القضاء وضمانة للقضاة لدى رده على استفسارات النواب قال نذير بن عمو وزير العدل في الحكومة المؤقتة :"يجب أن نكون السباقين في اتباع الأنموذج الأمثل لتونس، ولا نقول اننا في وضع تجريبي، فالتركيبة المفتوحة التي تشمل القضاة وغيرهم هي من موجبات استقلال القضاء، والتركيبة المختلطة هي ضمانة للقضاة أنفسهم وضمانة للشفافية، وهي ليست آلية للتشكيك في نزاهة القضاة". وذكر انه استمع لساعات طويلة لجميع الاطياف وتبين له أن الخلاف حول تطعيم الهيئة القضائية بغير القضاة ليس مبدئيا وإنما عاطفي، ودعا لترك العاطفة جانبا. وأضاف متوجها للنواب :"سياتي يوم تنسى فيه النقاشات والحوارات والمشادات حول المشروع ولا يبقى الا ما ستكتبونه.. وليكون سعيكم إلى أن ما ستكتبونه سيكون صالحا للوطن". وفسر الوزير أن استقلال القضاء من استقلال القاضي، وقال ان المسألة المعروضة على النواب تهتم بالهيئة الوقتية للقضاء العدلي وليس السلطة القضائية، ولاحظ أن هذا تداخل وهذا التداخل مقصود بمعنى أن ما يقرر اليوم قد يكون نهائيا. وأكد أن الوزارة تدعم كل الجهود الرامية لتحقيق استقلال القضاء وهو كوزير للعدل ملتزم بذلك. وأضاف :"يجب أن يكون الاصلاح شاملا بجميع مكوناته: كتبة المحاكم والعدول المنفذون والخبراء وكل المتدخلين في شأنه. ويجب إحداث ثورات في الوسائل والأهداف والعقليات بهدف تحقيق قيمة العدل. والقضاء هو قضاء الدولة ورمز من رموز سيادتها.. وهو محكوم بقوانين الدولة وركيزة من ركائز دولة القانون". وذكّر أن استقلال القضاء محكوم بالمعايير الدولية وتتمثل في رفض التدخلات من أي طرف، وفي السير العادي للإجراءات وعدم التلاعب بها وتوفير الموارد الكافية للقضاء وتوفر المؤهلات والكفاءات وتحسين التكوين الأساسي والمستمر واحترام السر المهني وتوفر حصانة القاضي. واكد ان استقلال القضاء ليس غاية في حد ذاته، بل هو وسيلة لان المقصد الاخير من استقلال القضاء هو الوصول الى محاكمة عادلة. وإجابة عن سؤال طرحه النائب عبد العزيز القطي يتعلق بهل صرح بممتلكاته، أجاب وزير العدل أنه لم يفعل لأنه ينتظر الصيغة الجديدة للقانون. ولكن ليس لديه ما يخفيه فقد كان يسكن في بيت اصهاره ولم يتمكن من بناء منزله الخاص الا بداية من سنة 2009 بفضل قرض، كما ورث 700 متر مربع على الشياع وسيارة سينتهي من دفع ثمنها سنة 2016. هل يسقط نواب العريضة الشعبية عريضة إعفاء رئيس الجمهورية؟ في ردة فعل غير متوقعة، سحب نواب العريضة الشعبية 7 أمس توقيعاتهم على عريضة اعفاء الدكتور المنصف المرزوقي رئيس الجمهورية المؤقت. وفي تصريح ل "الصباح" قال نائب العريضة الشعبية الجديدي السبوعي إن نواب العريضة سحبوا توقيعاتهم على اللائحة بناء على ما ذهبت إليه المعارضة في اللجنة التأسيسية للسلطة التشريعية والسلطة التنفيذية من تصويت ضد الفصل الذي اقترحته العريضة وبمقتضاه يفقد النائب عضويته من المجلس النيابي عندما يغير انتماءه الحزبي. وبين أن الهدف من هذا المقترح هو تحصين أصوات الشعب مستقبلا ضد بيع النواب وشرائهم والتنكر إلى إرادة الشعب. وأضاف أنه يعتبر رئيس الجمهورية ارتكب خطأ بتصريحاته لكن المعارضة بموقفها ارتكبت خطأ أكبر في حق الشعب. وللإشارة فإنه رغم اعتراض نواب المعارضة على الفصل المذكور فقد تم التصويت عليه في لجنة السلطتين نظرا لتبني نواب كتلة حركة النهضة نفس هذا المقترح.