نظمت صبيحة أمس نقابة القضاة التونسيين برئاسة روضة العبيدي ندوة علمية تحت شعار «لا وصاية سياسية على القضاء» بحضور عدد هام من القضاة والإعلاميين. في بداية الندوة عبرت روضة العبيدي رئيسة نقابة القضاة عن استنكارها الشديد للمصادقة على قانون الهيئة الوقتية للقضاء مؤكدة أن قانون 1967 الذي تم اعتماده في قانون الهيئة لم ينقّح بعد وأنه لذلك لا يمكنه أن يوفّر الضمانات الكافية لتكريس استقلالية القضاء ملاحظة أن التوجه نحو تعيين أطراف لا تنتمي لسلك القضاة كالمحامين والسياسيين صلب الهيئة الوقتية للقضاء أمر خطير وتوجه واضح نحو تسييس القضاء وضرب استقلاليته. وشددت روضة العبيدي على أن إحداث هيئة غير مستقلة لن يضمن انتخابات حرة ونزيهة وشفافة. كما أكدت أن ضمان استقلالية القضاء يستوجب حرص القضاة على صيانة استقلاليتهم عبر تركيز هيئة إشراف محايدة ومستقلة إضافة إلى اعتماد المرجعية الدولية في مجال استقلال القضاء في الدستور وضرورة التنصيص على مبدإ فصل النيابة العمومية عن السلطة التنفيذية ووزارة العدل. وأشارت روضة العبيدي إلى أن المجلس التأسيسي ترك الفصلين 6 و11 من قانون هيئة القضاء العدلي وناقش بقية الفصول وهو ما يعني بطلان قانون الهيئة الوقتية للقضاء برمته مؤكدة أن النقابة مصرّة على إحداث هيئة مستقلة متكونة من قضاة فقط خلافا للمشروع المقترح من طرف نواب التأسيسي الذي ينص على إحداث هيئة مختلفة تضم قضاة ومحامين وسياسيين وجدّدت رفضها لموقف جمعية القضاة الداعي إلى استبدال أعضاء الهيئة من غير القضاة بقضاة من المحكمة الإدارية ودائرة المحاسبات مبيّنة أن القانون الخاص بالهيئة الوقتية للقضاء العدلي حافظ على سلطة وزير العدل وبالتالي فإن ذلك سيكرس مبدأ التدخل في القضاء وتأسيس سلطة قضائية غير مستقلة ومحايدة لا تضمن العدالة والحرية للمواطنين. القضاة لن يركعوا وفي نفس السياق أكدت روضة العبيدي أن القضاة لن يركعوا ولن يستسلموا وأنهم سيناضلون من أجل إرساء قضاء مستقل ومحايد يضمن الحرية والعدالة والمساواة أمام القانون مؤكدة أن القضاة سيتخذون قراراتهم ويحدّدون مصيرهم بأنفسهم ودون أي ضغوط مشددة على أنهم لن يخافوا ويرهبوا من السياسيين أو من غيرهم مبيّنة أن المعركة ستكون معركة مصير موضحة أن نقابة القضاة ستناضل ولن تستسلم للضغوطات وللتجاوزات السياسية ولن تسمح بالتدخل في شؤون القضاء مشيرة إلى أن النقابة ستقوم بإنشاء دفتر للنيابة العمومية تدوّن فيه كل التجاوزات والتدخلات والاتصالات لوزير العدل أو السياسيين. رئيس الجمهورية باع القضاء ! وفي نفس السياق قالت روضة العبيدي «إنّ رئيس الجمهورية باع القضاء عندما أمضى على ختم الهيئة الوقتية للقضاء لذا فإنّه يتحمّل مسؤوليته أمام التاريخ والشعب وهو الذي قال أثناء لقاء جمعنا به إنّ هذا القانون فيه نقائص عديدة وبذلك نستشف أن السلطة التنفيذية لا تسعى إطلاقا لتأسيس قضاء مستقل ومحايد... إذن فمسألة استقلالية القضاء هي من آخر اهتمامات رئاسة الجمهورية، والمجلس التأسيسي والحكومة الحالية يريدان الانقلاب على مبدإ استقلال القضاء العدلي لكن القضاة واعون بخطورة الأمر وبخطورة قانون الهيئة الوقتية للقضاء ولذلك أقول وأجدّد لنوّاب التأسيسي ولرئاسة الجمهورية لا مفرّ من تكريس قضاء عدلي شفاف يستجيب للمعايير الدولية المعمول بها». من جانبه أكد نزار شوك رئيس المرصد الوطني التونسي لمراقبة جودة التشريع أن مصادقة رئيس الجمهورية والمجلس التأسيسي على ختم قانون الهيئة الوقتية للقضاء العدلي يوحي بعدم الإلمام بالشأن القضائي في تونس وأن القانون المذكور حمل عديد الهنات والسلبيات وأجمع عليها معظم القضاة وخاصة مسألة تمييزه للمرأة القاضية، وعدم تنصيصه على الترقية الآلية، هذا بالإضافة إلى وجود محامين داخل الهيئة المشرفة على القضاء العدلي. واعتبر الشوك ذلك مسألة مرفوضة بالنسبة للقضاة مشيرا إلى أن في ذلك تعدّيا وتدخلا صارخا في مسارهم المهني مؤكدا على ضرورة التصدّي لهذا المشروع الذي يكرس الظلم واللامساواة في مجال القضاء على حدّ تعبيره موضحا أن ذلك يُعدّ محاولة لتسييس القضاء وإدراجه في صراع انتخابي. جمعية القضاة تلهث وراء المال والسياسة وحاولت تنظيم مجزرة !! وفي نفس الصدد وأثناء مداخلته حول مشروع قانون الهيئة الوقتية للقضاء العدلي أكد المستشار بمحكمة التعقيب السيد علي عواينية أن القضاة سيقاتلون من أجل قضاء مستقل ومحايد مضيفا: «إن جمعية القضاة حاولت تنظيم مجزرة وأن هناك من يطرق أبواب الأحزاب السياسية وأدخلوا أعضاء منها في تركيبة الهيئة العليا لأهداف الثورة وأن جمعية القضاة كانت تلهث وراء المال حيث كانت تحاول كسب ودّ نورالدين البحيري من أجل الحصول على أموال كانت في شكل شيكات ومبالغ مالية هامة خلافا لنقابة القضاة التي تفتقر لعديد الأشياء ولا تقدر في بعض الأحيان على تنظيم لقاء صحفي ببعض النزل ولولا مساهمات القضاة المالية لدعم النقابة لما استطاعت هذه الأخيرة مواصلة عملها» مضيفا أنّ نقابة القضاة فقيرة ماديا ولن تتسوّل أحدا ولن تركع للسياسيين وللجمعيات موضحا أن النقابة فقيرة ماليا لكنها غنية بمبادئها وأخلاقها وهي ترفض أي منح من أيّة جهة. كما أكد السيد علي عواينية أن جمعية القضاة تحب جمع المال والدليل على ذلك حسب تصريحه أنها تمارس النشاط التجاري عبر كراء مقرات لإحياء حفلات الختان والأعراس. هيئة الإعلام ستطعن فيها وفي نفس الصدد أكّدت روضة العبيدي أن نقابة القضاة ستطعن في هيئة الإعلام السمعي البصري بالمحكمة الإدارية وأكدت أن هذا الطعن يأتي احتجاجا من النقابة لتضمّن تركيبة هيئة الإعلام على قاضية من القضاء العدلي منخرطة في جمعية القضاة التونسيين على حدّ قولها. إجراءات وأكدت رئيسة نقابة القضاة التونسيين أن هذا الاجتماع العام الذي عقدته سيتخذ من خلاله القضاة جملة من الإجراءات والقرارات بخصوص التصدّي لقانون الهيئة الوقتية للقضاء العدلي ودراسة أشكال النضال والاحتجاج مستقبلا.