الاسلام بريء من الارهاب.. وما حدث في الشعانبي مخالف له لا خطر من زيارات الشيوخ لكن على علماء الزيتونة التحرّك في أحداث الشعانبي ..لا نريد استنتاجات...نريد حقائق حاورته: ريم بوقرة
محمد خوجة هو رئيس حزب «جبهة الاصلاح» ذي المرجعية الاسلامية.. ماذا يقول عن مسألة تطبيق الشريعة في تونس؟ وماذا عن علاقة حزبه بحركة «النهضة»؟ وكيف ينظر الى الاتهامات الموجهة لبعض السلفيين بسبب ما ينسب لهم من تجاوزات على الساحة التونسية؟ ما موقف حزبه من أحداث الشعانبي؟ وماذا يقول عن تنظيم «القاعدة» ومسألة إقامة الحدّ وزيارات شيوخ الدعوة الى تونس؟
عن هذه الأسئلة وغيرها أجاب السيد محمد خوجة فكان الحوار التالي. هل ترى أن تطبيق الشريعة بحذافرها ممكن في الوقت الحالي؟ في الإسلام بصفة عامة لا توجد فقط الحدود والعبادات ,الإسلام شمولي وفيه كل المجالات من ذلك العبادات والسياسة والإقتصاد والثقافة, وتطبيق الشريعة لا يتمّ بين عشية وضحاها ..صحيح أن هدفنا تطبيق الشريعة لكن بالرجوع إلى سيرة الرسول (ص) نجد أنه لم يطبق الشريعة إلا عندما أقام الدولة الإسلامية وهناك فرق بين الدولة الإسلامية ودولة شعبها مسلم, نحن لم نكفر الشعب لكن بحكم المشروع التغريبي لعهد بورقيبة وبن علي وإبعاد الإسلام عن الحياة في المجتمع أصبح الإسلام يقتصر فقط على العبادات وعلاقة الإنسان خاصة وهو الأمر الذي ينادي به العلمانيون اليوم وبصفة عامة اليسار وهذا الأمر صحيح لكن الإسلام أيضا يحكم علاقة الإنسان بالإنسان أيضا. نحن نريد أن نعيش إسلامنا في مجتمعنا أولا بقبول فكرة الحياة الإسلامية في مجتمعنا. وكان هذا الأمر موجودا من قبل والإسلام يتدخل في كل مجالات الحياة على غرار الزواج والطلاق والربى الذي يمثل خطر كبيرا .لكن هذا لا يعني أننا سنطبق كل أحكام الشريعة دفعة واحدة ونلغي كل ما يخالفها فجأة فنحن نتبع التدرج أسوة بما فعله الرسول (ص). هل ترى ان تخلي «النهضة» عن الشريعة كمصدر وحيد للدستور تخل مرحلي في انتظار تركيز الدولة الإسلامية؟ هي تقول هذا لكن نحن لا نراه. فبورقيبة كتب من قبل في الدستور تونس دولة دينها الإسلام ولغتها العربية لكن هذا لم يمنعه من التجاوز في مجلة الأحوال الشخصية خاصة في ما يتعلق بالتبني ثم الدعوة إلى الإفطار في رمضان والجهر بكل الموبقات والمحرمات فمن هو حتى يحلل ويحرم؟ فهو شخص سياسي. ولقد طالبنا بضرورة إدراج الشريعة الإسلامية كفصل من فصول الدستور ينص على أن الشريعة هي المصدر الأول للقوانين. «النهضة» قالت نكتفي بالفصل الأول لكن هذا لم يمنع من سن قوانين ضد الشريعة. ونرى أن الناس متخوفون على الحريات لكن الدارس للدين الإسلامي يجد أن كل الحريات موجودة للمسلم ولغير المسلم أو صاحب عقيدة مغايرة كأن يكون يساريا أواشتراكيا أوشيوعيا ... هذا صراع فكري بالحجة والسقف هو مصلحة تونس. لا يمكن ان نخرج من الهوية العربية الإسلامية لأن أقلية تطالب بشيء آخر .نحن نحترم الأقلية لكن الأغلبية هي التي ستفرض رغباتها وهو أمر موجود في كل الديمقراطيات فالحرية المطلقة غير موجودة حتى في أمريكا وأوروبا. ونحن حين طالبنا بتطبيق الشريعة خرج مؤيدونا بالآلاف لمساندتنا وهم من كل شرائح المجتمع وحتى السكير ساندنا وقال أنا سأنتخب هذا الذي يخاف الله. هل هناك مشروع تحالف مع «النهضة»؟ الآن الأمر غير مطروح ونحن نتعامل كأحزاب ونحاول أن نقترب من «الترويكا» وننصحها خاصة «النهضة» بحكم أن لديها مرجعية إسلامية .فأداء الحكومة فيه إيجابيات لكن فيه سلبيات أيضا لكننا نراعي ظروف «الترويكا» لأنها حديثة العهد بالحكم .فاستنادنا إلى مرجعية دينية واحدة لا يعني أننا نساندها بصفة مطلقة ودون نقد. دائما نقف مع المواقف التي تصب في مصلحة الشعب خاصة تفعيل قانون العفو العام وقانون العدالة الانتقالية .ونحن ننادي بتحقيق طلبات معتصمي القصبة وكفاهم ما عانوه إلى حد اليوم. وأدعو الحكومة إلى الاقتراب أكثر من الشعب والإحساس به. ماهو رأيك في ما تأتيه السلفية الجهادية من أفعال لا سيما هذه الفترة؟ الإسلام شمولي وبه كل المجالات ابتداء من العبادات حتى الجهاد في سبيل الله .والجهاد في سبيل الله هو مفهوم عام ولا يعني القتال فقط فهو من الجهاد .وأنا أقول انه في تونس لا يوجد موجب للقتال وهذا ليس وقت القتال .والقتال يقرره ثقات العلماء والسلطة فقط هي التي تعلن القتال وذلك عندما تهاجم البلاد من قبل أجانب. الجهاد اليوم هو جهاد النفس وهو الجهاد الأكبر أما القتال فهو الجهاد الأصغر. نقول للشباب جاهدوا في بلادكم وابنوا البلد فأنتم ضحيتم من أجل الأجيال القادمة ولا بد لكم أن تكملوا المشوار. لا أنكر أن هناك بعض الأطراف المتشددة والتي لا تقبل الحوار والصراع الفكري وهي موجودة في كل المجتمعات فالمتطرفون دينيا عند اليهود والمسيحيين كما يوجد متطرفون دينيا عند اليسار. نحن نحرص على إبقاء جسور التواصل والحوار مفتوحة لأننا نعلم أنهم شباب متحمس لدينه لكن دون علم شرعي ونحن نحاول إقناعهم بالتعاون مع أناس ذوي علم شرعي. وإن لم يقتنعوا بالعمل السياسي نحاول أن نبعدهم عن مخالفة القانون . إن الصورة السيئة والمشوهة بدأ التسويق لها من عهد بورقيبة فقد كانوا يطلقون علينا اسم الخوانجية ثم الظلاميين ثم المجاهدين والوهابيين وبعد ثورة الخميني أصبحنا خمينيين والموضة الجديدة اليوم هي السلفية لكن المفهوم العام خاطئ فالسلف الصالح منهج لا بد من اتباعه. لكن هناك العديد من الأعمال الخطيرة ارتكبها السلفيون المتشددون وآخرها ذبح محافظ شرطة؟ لنتساءل أولا هل هم حقا سلفيون. أعطيك مثالا فعندما جاء السيد محمد حسان وألقى درسا في قبة المنزه لاحظنا سيارة نزل منها 4 أشخاص ملتحين ومن يراهم يقول أنهم سلفيون لكن تبين في ما بعد أنهم من الأمن بما أنهم أبرزوا شاراتهم عندما توجهوا إلى البوابة للدخول. لذا أقول أنه من الممكن جدا وجود أطراف أخرى تنتحل صفة السلفية لبث البلبلة والتمويه. وأعاود القول هناك من يريد تشويه اسم السلفية والإسلام والبلاد .وكل ما يقال بخصوص معاملة خاصة للسلفيين وغض طرف عنهم غير صحيح فهم يعاملون بقسوة خاصة عندما كان العريض وزير الداخلية. لكن الجناة في حادث قتل محافظ الشرطة اعترفوا أنهم من الشرطة السلفية؟ «عاد شبيه»؟ أنا في عهد بن علي مررت على الاعترافات واعلم جيدا كيف تتم وأعلم جيدا في أية ظروف تتم ومازالت هذه الظروف موجودة إلى الآن وكلام الحرية الآن وحقوق الإنسان يراد بها تغطية «الشمس بالغربال».فمن خرج بعد الإيقاف تحدث بإطناب عما يقع هناك. وظروف السجن القديمة التي عشناها مع بن علي مازالت موجودة إلى اليوم.والسلفيون المسجونون اليوم يعيشون ظروفا صعبة لا سيما على مستوى السجن والزيارات وحتى تفتيش «القفاف».ونطالب وزارة العدل بمراقبة هؤلاء الأعوان ولابد من معاملة الجميع على قدم المساواة فالكل سواسية سواء كان سجين حق عام أو أي شيء آخر. هل لديكم اتصالات بأبي عياض؟ أول الثورة نعم لكن الآن لا وكان الاتصال على أساس أن تصبّ أعماله في مصلحة البلاد ولا تتنافى وتعاليم الإسلام وبحكم أننا أصبحنا حزبا سياسيا معترفا به وهم يرفضون العمل السياسي انقطعت العلاقات. ما هو رأيك في ما يدور بجبل الشعانبي؟ هي حالة متشعبة لأننا لا نملك أسرار ما يقع هناك .وكل ما يقال عن ضلوع حركة «القاعدة» والسلفية الجهادية في العملية استنتاجات . نحن نريد الحقائق .وأنا أقول إذا كان من يتحدثون عنهم إرهابيين محترفين فكيف يتركون وراءهم أثرا فهذا غير معقول. إن الإرهابي المحترف يراعي كل ظروف الهروب ولا يترك وراءه أثرا. وأنا أتساءل من يستطيع الحصول على الألغام التي وجدوها؟هل تباع في السوق؟ ليس بالضرورة أن يكون المجرمون الذين يتحدثون عنهم سلفيين وربما هم إرهابيون يريدون زعزعة البلاد وتدعمهم أطراف خارجية وداخلية لديها مصالح في عدم استقرار البلاد. من تقصد بالاطراف الخارجية والداخلية؟ ليس لدي أدلة لأقول لك من ولكنهم موجودون . هل أن لتنظيم القاعدة تمركزا في تونس؟ كفكر موجود لكن كتنظيم لا اعتقد .الإعلام هول الأمر حتى أصبح الحديث عنه حقيقة .كذبوا على أنفسهم واقتنعوا بان كذبتهم حقيقة. وحتى إن كانت هذه الأشياء موجودة فلا بد من طمأنة الناس. وأقول إن الدور الذي يقوم به رجال الجيش والحرس والأمن جبار لأنهم لم يكونوا مستعدين للأحداث التي تقع الآن .وأنا حزين عن الذي حدث في الشعانبي وخصوصا الجرحي الذين فقدوا أرجلهم وأبصارهم. وكل ما حدث مخالف للإسلام ,لا يوجد إرهاب في الإسلام. ماهو رأيك في الخيام الدعوية التي تنصب في بعض الأماكن وتدعو إلى قتل رجال الأمن؟ أنا لست ضد الخيام الدعوية لكن ضد خرق القانون والدعوة للكراهية والعنف وقتل وتكفير الناس وكل شخص يخالف القانون لا بد أن يعاقب حتى وإن كنا غير راضين عن القانون تماما ونطالب بتحسينه. ماهو رأيك في مسألة إقامة الحد ؟ هل نحن نعيش في دولة إسلامية وهل نحن وفرنا كل ما يضمن الحياة الكريمة؟ هل وفرنا عملا لكل مواطن يكفيه جرم السرقة والزاني هل وفرنا له ظروف الزواج ؟وفروا كل هذا ثم نحاول إرجاع الناس إلى الإسلام الحقيقي. كيف تقيّم زيارة الشيوخ إلى تونس؟ إذا أخذناها في إطار الثقافة العامة نقبلها فنحن نقبل كل الثقافات .نحن نفرح بهم ولا نخاف على شبابنا أن يسير في مسارهم أو يأخذ بأفكارهم وفلسفاتهم ومناهجهم .ومظاهر استقبالهم من طرف الشباب مفهومة لأنهم لم يجدوا في تونس من يؤطرهم وهذا نتيجة للتصحر الثقافي والديني وتجفيف المنابع في كل مكان .وأقول انه لا بد لعلماء الزيتونة من التحرك لترشيد الشباب. وأنا لا أرى خطرا في قدوم الشيوخ إلى تونس.