ليس من الهين على هذا الأب المكلوم تذكر لحظات عصبية عاشها منذ سنوات ويعيشها إلى حد هذه اللحظات على اثر ولادة ابنه الذي طالما انتظر قدومه وتابع مع زوجته مراحل الحمل بكل دقة. لكن انتظاره كلل بخيبة أمل كبرى فقد ولد هذا الطفل جسما يئن وجعا وألما فاقدا لكل حواسه لا يسمع.. ولا يرى ولا يتكلم ولا يتحرك يشكو من إعاقة تامّة حولت حياة والديه إلى جحيم . يقول الأب «وائل» إنّ البداية كانت عندما أحست زوجته بآلام المخاض فنقلها من سبيبة إلى احد المستشفيات بالقصرين وبعد معاينتها تم تسليمه وصفة طبية تحتوي على حقنة لابد من إحضارها على الفور. أسرع الزوج بشرائها رغم غلو ثمنها (60 دينارا) فتم حقن الزوجة بها واعلموها أن ميعاد الوضع لم يحن بعد. بقيت الزوجة وحيدة تنتظر الفرج وهي تكابد الأوجاع دون مراقبة إلى أن قدمت الطبيبة التي أذنت بادخالها –مستغربة كل هذا التأخر في الوضع -غرفة العمليات على الفور وعند ولادة الطفل لم يبك ويصرخ مثل كل المولودين بل كان لونه يميل إلى الزرقة الداكنة ويبدو انه غير طبيعي ولكن الأب لم يظن أن الأمر سيؤدي إلى تعقيدات مشابهة بل ظن أن المسالة عرضية وانها من مخلفات تعب الولادة. وعند العودة إلى المنزل كانت وضعية الرضيع تزداد سوءا حيث لم يكن يرغب في لبن والدته بتاتا فنقل مرة أخرى إلى المستشفى الذي تمت فيه عملية الولادة وكانت الدهشة الكبرى حيث استغرب الأطباء أن تكون عملية الوضع قد تمت داخل المستشفى وظنوا للوهلة الأولى أن الولادة تمّت في المنزل وعندما تيقنوا من صحة أقوال الأب عبر الوثائق التي استظهر بها أمروا مباشرة بوضع الرضيع تحت العناية الطبية المركزة لخطورة حالته وأعلموه أن حالته الصحية متدهورة جدا وقد تنتهي به إلى الوفاة. وبعد مدة من مكوثه بالمستشفى غادر الرضيع وهو في حالة صحية حرجة وأكثر تعقيدا لكن شدة العناية التي تلقاها من والديه مكنته من استرجاع البعض من وزنه ,وعند بلوغه الستة أشهر لم يكن يبد أي حراك ويختلف كثيرا عن الرضع الذين في سنه فاخذه والده من جديد إلى الطبيب الذي أحاله على طب الأطفال المختص فطلبوا منه الكشف بالصدى عن هذه العلة التي تبين أنّ مردها إصابة جهازه العصبي بسبب التأخر في الولادة مباشرة بعد كشف سبب الداء قام محدثنا بدعوى من اجل إثبات الخطأ الطبي الذي كان وراء الاعاقة التامة لابنه فتقدّم بقضيّة لدى المحكمة الإدارية التي أصدرت بتاريخ 9 مارس 2012 حكما أقرت فيه بوجود خطا طبي وقضت بالتعويض بمبلغ قيمته 135الف دينار والاذن بالنفاذ العاجل بمبلغ خمسين الف دينار لكن ورغم مجهودات والد الطفل ورغم الصبغة الاستعجالية لهذه المصاريف الضرورية للعلاج فان وزارة الصحة إلى اليوم لم تمكنه من ذلك وبقي الحكم حبرا على ورق موضوعا على الرفوف ولا يدري محدثنا ما هو سر اللامبالاة التي تتعامل بها هياكل وزارة الصحة مع ملف الطفل وائل الصالحي ؟... ما اكده والد هذا الطفل ضحية الخطا الطبي أن الوضع الصحي لوائل تعقد أكثر فأكثر في ظل عجز والده عن توفير مصاريف علاجه لأنه عاطل عن العمل وبالرغم من محاولة استرزاقه عن طريق بيع بعض البضائع البسيطة في نصبة فإن مصالح بلدية صفاقس منعته من ذلك فكانت النتيجة كارثية على هذه العائلة التي جاعت وقد اسر لنا انه ليس لديه ما يبيع ليشتري به رغيف خبز والى حدود كتابة هذا المقال فان وائل جائع ويستحق العلاج لكن والده عاجز على توفير ثمن الأدوية ... محاولات مع بعض الجمعيات لكن ... في العديد من المناسبات وجه هذا الوالد المكلوم بمساعدة من بعض الأطراف نداءات للجمعيات لكن دون استجابة ...وهو ما عمق أحزانه لأنّه اليوم مسالة العلاج قد تصبح بلا فائدة اذا بقي الحال على ما هو عليه...