الحرمان يجثم بأثقاله على قلوب الناس في منطقة نسيها اصحاب القرار زمن المخلوع وتناساها اليوم الجميع خاصة لما أقرت حكومات «الثورة» تحويل تقل الاستثمار والتنمية من الشريط الساحلي الى الشريط الغربي فوجدت حاجب العيون نفسها في ظل قنطرة الخصاصة والبطالة والاحتياج وقدرها انها تتموقع في وسط البلاد التونسية لا هي شرقية قديما ولا هي غربية في يومنا هذا. الأهالي لصفاوة نفوسهم لم يهيجوا ولم يضربوا ولم يعتصموا وتركوا «الأمر يستراح» الى يوم يفتح فيه ملف المنطقة لدى السلطة المركزية باعتبار ان قراراتها نافذة وقد تكون من العيار الثقيل. الأهالي يتنفسون «كورة» اهالي حاجب العيون يتنفسون «كرة قدم» لقاء فريق يعشقونه وله بينهم مكانة لا تقدر بمال الدنيا...والجميع ينتظر على احر من الجمر الجولة الاخيرة من الرابطة الجهوية بالقيروان ليصلهم الخبر السعيد من ميدان ملعب «علي الزواوي» بسبب لعب هذه المقابلة دون حضور جمهور والذي سيحمل حصول ابناء المدرب «محمد علي الحاجي» على ورقة الصعود الى الرابطة الثالثة وهو مكانه الحقيقي... والاستعدادات لهذا الحدث بدأت منذ ايام ولاح في شكل متنفس لشباب المنطقة للهروب من «الستراس» والقلق والتوتر ووجدوا في فريقهم ملاذا للغناء والرقص ورفع الرايات الخضراء والبيضاء في كل مكان من مدينة تختنق وتحاول ان تنفجر من عنق الزجاجة. «مهرجان الصوف» واللغز المحيّر هو عيد بأتم معنى الكلمة ومناسبة تتحول فيها المدينة وضواحيها الى عروس كاملة الاوصاف بهرجا وجمالا وزينة وتنتشر مواكب الافراح ويخرج الاهالي لاستقبال عيدهم بالمسرات لمدة اسبوع كامل لا مكان فيه الا للسهرات الموسيقية والملتقيات الثقافية والمسابقات الرياضية منذ الصباح الباكر حتى مطلع الفجر...ومهرجان الصوف بمدينة العيون عريق عراقة مهرجان قرطاج بل ظل طويلا رديفا له يتجاوب معه شكلا ومضمونا لما حلم ابن المدينة البار المرحوم «علي الزواوي» بتحويله الى مهرجان دولي خاصة لما اصبح يستقبل فرقا موسيقية من الدول العربية الشقيقة والبلدان الاوروبية دون نسيان اعتى فرقنا الموسيقية والمسرحية واكبر فنانينا وفناناتنا. هذا المهرجان وقد صار قطعة من جسد الاهالي جاء حذفه بجرة قلم من قائمة المهرجانات الصيفية دون مراعاة تاريخه العريق ولا احترام اهالي المنطقة ممن مسّهم القرار في ماضيهم وحاضرهم وتعدى على حرمتهم وكرامتهم..نعم.. هذا ما أقره وزير الثقافة الاسبق «عزالدين باش شاوش» من دخل الى المنطقة من الباب الكبير وخرج منها من الباب الصغير وصار لدى السكان على كل لسان وفي كل مكان لأن القرار حمل في طياته سؤالا محيرا.. الجميع اغلقوا قرار الوزير المذكور وانطلق الغيورون على هذا المهرجان العريق في تأثيث ملف فني يشتمل على عناصر برنامج ثقافي وابداعي كامل الشروط ينطلق من خصوصيات الجهة ومن موروثها الثقافي حيث التقاليد والعادات تزهر بين الحقول الغنّاء وتتعطر برائحة المشمش والتفاح والرمان.. وبين كرة القدم وعيد الصوف ينام اهالي حاجب العيون يحلمون بالخبر السعيد.