محاكمة ممثل فرنسي مشهور بتهمة الاعتداء الجنسي خلال تصوير فيلم    المهدية.. إنتشال 9 جثث لفظها البحر    وزير خارجية نيوزيلندا.. لا سلام في فلسطين دون إنهاء الاحتلال    مبابي يصمد أمام "ابتزاز" ومضايقات إدارة باريس    القصرين.. رعاة وفنانو ومبدعو سمامة يكرمون الكاتبة الفلسطينية عدنية شبلي    أخبار باختصار    الاحتفاظ بالمهاجرة غير النظامية كلارا فووي    صفاقس الإحتفاظ بالكاميرونية "كلارا فووي" واحالتها للتحقيق    أخبار المال والأعمال    تونس تشارك في الدورة الأولى من الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي حول التعاون الشامل والنمو والطاقة بالرياض    وزارة التجارة تنفي توريد البطاطا    مجلس الوزراء يوافق على جملة من مشاريع القوانين والقرارات    عاجل/ سعيّد: الدولة لن تبقى مكتوفة الأيدي أمام من يحاول المساس بأمنها    دامت 7 ساعات: تفاصيل عملية إخلاء عمارة تأوي قرابة 500 مهاجر غير نظامي    عاجل/ جيش الاحتلال يعلن مقتل ضابطين وإصابة آخرين في قطاع غزة    النادي الافريقي: 25 ألف مشجّع في الكلاسيكو ضد النادي الصفاقسي    خالد بن ساسي مدربا جديدا للنجم الساحلي؟    درة زروق تهيمن بأناقتها على فندق ''ديزني لاند باريس''    المجمع الكيميائي التونسي: توقيع مذكرة تفاهم لتصدير 150 ألف طن من الأسمدة إلى السوق البنغالية    نائبة بالبرلمان: ''تمّ تحرير العمارة...شكرا للأمن''    الطلبة التونسيون يتحركون نصرة لفلسطين    تعرّض سائق تاكسي إلى الاعتداء: معطيات جديدة تفنّد روايته    بن عروس : تفكيك وفاق إجرامي مختص في سرقة المواشي    نادي تشلسي الإنجليزي يعلن عن خبر غير سار لمحبيه    الجامعة التونسية المشتركة للسياحة : ضرورة الإهتمام بالسياحة البديلة    الرابطة الأولى: تفاصيل بيع تذاكر مواجهة النادي الإفريقي والنادي الصفاقسي    المجر ترفع في المنح الدراسية لطلبة تونس إلى 250 منحة    السنغال تعتمد العربية لغة رسمية بدل الفرنسية    عاجل : وزير الخارجية المجري يطلب من الاتحاد الأوروبي عدم التدخل في السياسة الداخلية لتونس    إنهيار سد يتسبب في موت 42 شخصا    "بير عوين".. رواية في أدب الصحراء    سليانة: 4 إصابات في اصطدام بين سيارتين    كأس الكونفدرالية الافريقية : نهضة بركان المغربي يستمر في استفزازاته واتحاد الجزائر ينسحب    نقطة ساخنة لاستقبال المهاجرين في تونس ؟ : إيطاليا توضح    مدنين : مواطن يحاول الإستيلاء على مبلغ مالي و السبب ؟    قيس الشيخ نجيب ينعي والدته بكلمات مؤثرة    تصل إلى 2000 ملّيم: زيادة في أسعار هذه الادوية    ما حقيقة انتشار "الاسهال" في تونس..؟    تونس : ديون الصيدلية المركزية تبلغ 700 مليار    جائزة مهرجان ''مالمو'' للسينما العربية للفيلم المغربي كذب أبيض    بعد مظلمة فرنكفورت العنصرية: سمّامة يحتفي بالروائية الفسطينية عدنية شبلي    الرابطة الأولى: برنامج مباريات الجولة السادسة لمرحلة التتويج    هام/ بشرى سارة للراغبين في السفر..    زلزال بقوة 4.6 درجات يضرب هذه المنطقة..    يوميا : التونسيون يهدرون 100 مليار سنويا    دكتور مختصّ: ربع التونسيين يُعانون من ''السمنة''    ثمن نهائي بطولة مدريد : أنس جابر تلعب اليوم ...مع من و متى ؟    معز السوسي: "تونس ضمن القائمة السوداء لصندوق النقد الدولي.."    خط جديد يربط تونس البحرية بمطار تونس قرطاج    طقس الاثنين: تقلبات جوية خلال الساعات القادمة    عملية تجميل تنتهي بكارثة.. وتتسبب بإصابة 3 سيدات بالإيدز    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الطاهر بلخوجة» ل «التونسية» :«الشعب فايق».. وعلى الحكومة التفريق بين الديمقراطية والتطرّف
نشر في التونسية يوم 26 - 05 - 2013


الدستور الجديد يستوجب استفتاء
أقول لكل الدساترة : لا تتاجروا بتاريخ بورقيبة
لا جدوى من الحوار مع دعاة العنف والتكفير.
«القاعدة» لم تأت للمنطقة صدفة... واستقرار تونس مهدّد لسنوات
وحدة الشعب مهدّدة... والسياسيون مشغولون بالتحالفات الإنتخابية
شكري بلعيد اغتيل لأنه سياسي فذّ وأنا مع تدويل جزئي لقضيته
حاورته: سنية البرينصي
هو أحد « بارونات» النظام البورقيبي.. خبر جيدا دواليب الحكم ومقالب السياسة ودهاليز السلطة وعاش انتصاراتها وانكساراتها ودخل التاريخ باعتباره أحد رموز الجناح اللبيرالي في حكومات بورقيبة المتعاقبة.
السيد الطاهر بلخوجة الذي تقلد عدّة مناصب في الجمهورية الأولى لعل اهمها منصب وزير الداخلية تحدث ل «التونسية» عن المشهد السياسي العام وتطرق إلى ظاهرة العنف والإرهاب التي باتت تهدّد البلاد. كما تعرّض إلى مشروع تحصين الثورة وقضية « المتاجرة» بالتاريخ البورقيبي والصراع النهضوي السلفي وغيرها من القضايا المطروحة اليوم على الساحة التونسية فكان معه الحوار التالي :
بداية كيف تقيّمون المشهد السياسي العام بالبلاد؟
الوضع السياسي واضح لعامة المسؤولين والمواطنين على اساس ان الشعور واحد وهو ان البلاد تواجه تحديات كبيرة وأننا نعيش اوقاتا صعبة في عدة مجالات ونطرح تساؤلات عديدة ونحاول ايجاد حلول عاجلة لأن المشاكل التي تمر بها تونس تراكمت واصبح وزنها ثقيلا جدا بل يثقل يوما بعد يوم. واذا صنفنا هذه الصعوبات نجد ان الازمة السياسية تتفاقم يوميا والوضع الاجتماعي العام اصبح عسيرا وأريد ان ارجع بك الى أمهات المشاكل واطرح التساؤل التالي والذي يجب ان يكون دائما نصب أعيننا وهو: هل لتونس الكفاءات والرؤية الصحيحة وحلول موضوعية وهل ان هذه المساعي والاجتهادات كافية للخروج من الازمة؟ وأجيبك ان المسألة الاولىالتي تطرح نفسها بقوة هي سيادة واستقلال البلاد وحرمتها اذ تبين ان التهديدات التي تواجهها داخليا بسبب انتشار وانتصاب العنف والارهاب الذي اصبح متداولا وخارجيا بسبب زحف التصورات والاعتقادات الخاطئة والدخيلة علينا. والنتيجة أننا أصبحنا نخاف على نمط حياتنا وكل ما اكتسبناه منذ قرون. وما اكتسبناه طيلة التاريخ ليس وليد الامس بل هو بفضل مجهودات ملايين التونسيين من جيل الاصلاحيين الاوائل من الثعالبي الى بورقيبة وغيرهم من الاجيال التي ناضلت ضد الاستعمار وضد الجهل وبنت البلاد ومؤسساتها. وكل هذه المكتسبات التي تحققت على مدى اجيال وعلى مدى تضحيات جسيمة هي الآن محل تجاذبات وبدأت تثير شكوك المواطن وعدم ثقته في المستقبل. اذن لابد من ايجاد حلول عاجلة لا داعي لطرح الاسئلة من نوع لماذا يهرب شبابنا من بلاده ويغادرها في مراكب «الحرقة» الى ايطاليا أو الغرب بصفة عامة او الاحتراق بنيران جهادات مغلوطة لا تمّت لهم بصلة.
ما سبب كل هذا الاحتراق التونسي في نظركم ولمن تحمّلون المسؤولية؟
هنا سأجيب راشد الغنوشي وأقول ان السبب ليس نظام بورقيبة او نظام بن علي وهذه الحقيقة يعرفها الخاص والعام لان هذه التيارات والمجموعات تواجدت مؤخرا بسبب ايجاد المبررات لها بدعوى التعددية والديمقراطية وبسبب تجاهل وغض النظر عن مبتغاها واهدافها واسبابها وعدم مواجهة كل الانفلاتات والفوضى التي احدثتها وخصوصا عدم المقدرة وعدم وجود قناعات مبدئية وعدم وجود كفاءة اقناع المواطنين كل هذا جعل البلاد تتفكك وتتشتت.
لا اريد ان اكون متشائما او متفائلا ولكن حان الوقت لنقول مثل هذا الكلام ونطالب بالتعمق في التفكير من اجل مصلحة الوطن العليا ولا فائدة في تحميل وتشخيص المسؤوليات فكل طرف له ضلع في تداعيات هذا المشهد المفكك وكل طرف يتحمل مسؤوليته من حكومة ومعارضة ومجتمع مدني وغيره لان اهم مفصل واكبر مهمة في عالم السياسة هو تقديم النتائج الملموسة والواقعية التي يراها المواطن ويتلمسها على ارض الواقع وتكون في مستوى تطلعاته. وما تحقق الآن من نتائج ليس في مستوى هذه التطلعات لذلك فلا جدوى من المحاسبة هذه مهمة سيضطلع بها التاريخ الاهم من هذا كله هو تقديم حلول ورؤية جديدة لمستقبل تونس وشعبها.
ولكن مختلف الاحزاب دخلت تحت عباءة الحوار الوطني الشامل للخروج من الازمة ومحاولة ايجاد توافقات شاملة تخدم المصلحة العليا للبلاد؟ فهل هذا الحوار وما تمخض عنه من قرارات غير قادر في نظركم على تقديم حلول عملية؟
رغم تصريحات المسؤولين التي تتحدث عن الوفاق والتوافق الوطنيين لم نلاحظ وجود اسلوب واضح يجعل التونسيين يختارون قاسما مشتركا يلتفون ويتوحدون حوله. فأكبر تحّد نجح فيه الزعيم بورقيبة مثلا هو تجميع كل التونسيين وتوحيدهم جميعا حول الوحدة القومية والوطنية التونسية وتوحد كل التونسيين حول تونس ولذلك انصهر الجميع في البناء والتأسيس وبناء الدولة الصلبة التي تضم كل تونسي وتونسية وبناء وحدة وطنية خارقة ومشهودة بينهم حصّنتهم وأبعدتهم عن كل الانقسامات والتجاذبات. لذلك اقول ان ما يجري اليوم هو من اجل ايجاد تحالفات انتخابية وسياسية وتكوين الجبهات السياسية لا من اجل ارساء الوحدة الوطنية واشدد على أن هذه الوحدة مهددة لعدم توفر رؤية واضحة للتحديات الموجودة وأضرب لك مثلا وهو ان البلاد عاشت طيلة قرون موحدة وسليمة دينيا تحسد عليهما اذ التفّ كل التونسيين حول الثوابت الدينية بعيدا عن كل النزاعات الطائفية والملل والنحل التي وسمت البلدان الاخرى واليوم نجد هذه البلدان تحاول ارباكنا بواسطة مللها ونحلها وتريد تكريس طائفيتها وانقساماتها في بلادنا.
من جهة اخرى واحقاقا للحق اريد ان اشير الى توافقية البند الاول من الدستور الجديد الذي نأمل ان يقع الالتزام به وألا يحرف ولا يؤول في بنود اخرى ونأمل ان تتوحد قناعاتنا الوطنية بالحفاظ على هذا البند الذي يعود فضله الى بورقيبة.
وفي أي ميزان تضعون اداء الحكومة الحالية وطرق تعاطيها مع تداعيات المرحلة التي تمر بها البلاد؟
الحكومة هي مرآة للمجتمع الذي نعيشه ونفس التناقضات والتجاذبات التي يشهدها المجتمع تشهدها الحكومة. لم نعتد على هذا المجتمع وعلى هذه الحكومة من قبل ولكن يجب ان نعتاد على وجود قيادة سياسية لا تتناقض في اقوالها وحكومة تعتمد على هياكل سياسية منظمة ورؤية واضحة ومسؤولين منضبطين لا على ازدواجية في الخطاب والقيام بمساع تتناقض مع المصالح العامة كأن يقوم بعض المسؤولين باستدعاء الدعاة وغير ذلك من المسائل ومرة اخرى اتساءل: هل ان تونس تتمتع الان باستقلالية ومسؤولية القرار السياسي والديني والاقتصادي والاجتماعي وهل تملك كل تصوراتها الوطنية السيادية ام لا؟ ام انها دخلت منذ ما يسمى ب«الثورة» في تصور اقليمي عربي اذ نجد ان البعض يعتدي على اعتقاداتنا وتصوراتنا وافكارنا وهويتنا وانماط عيشنا, لا نريد ان تكون للحكومة املاءات خارجية لان الامور محسومة بالنسبة لهؤلاء فالشعب قال كلمته منذ زمن وسيقول مجددا كلمته وهو ان تونس لن تصبح ابدا في زمرة من يريد فرض انظمة سياسية وانظمة دينية والثابت والمبدئي ان استقلالية تونس مقدسة ونحن وصلنا الى ما وصلنا اليه بفضل استقلالية قرارنا رغم ضعف مواردنا وامكانياتنا المادية وهو مالم تحققه هذه البلدان رغم بذخها وثرواتها الهائلة لأجل كل هذا يجب المحافظة على المكاسب التونسية والمحافظة على استقلالية قراراتنا السيادية وعدم استبلاه التونسيين.
وماذا عن أداء المعارضة والرئاسة؟
المعارضة كما الرئاسة في مأزق الجميع في خندق واحد. اما بالنسبة للرئاسة والرئاسات الثلاث اقول ان النظام الحالي مؤقت وظرفي والشعور السائد الموجود لدى جميع التونسيين ان هؤلاء لن يكونوا قادة والشعب سيقول كلمته في يوم ما اذا ما تعنت هؤلاء في مساعيهم من اجل البقاء في الحكم لذلك لا بد من حلول عاجلة للمشاكل العويصة والمستعجلة لمؤسسات الدولة وللمواطنين وعلى من يريد التحكم في البلاد ان يقدم الحلول والالتزامات والبرامج لأن الاولوية القصوى اليوم هي اولوية سياسية بامتياز والخلاص في الحل السياسي.
شهدتم مرحلة كتابة واعلان دستور 1 جوان 1959 فكيف تقيّمون عمل المجلس التأسيسي في صياغة الدستور الجديد وهل سيكون هذا الدستور توافقيا برأيكم ام انه سيمر الى الاستفتاء كما يرى البعض؟ وما نقاط الاختلاف والائتلاف بينه وبين دستور بورقيبة؟ وما تعليقكم على مطالبة بعض النواب بالترفيع في رواتبهم ومنحهم المرتفعة اصلا؟
الخطأ التاريخي الاول في الدستور الحالي هو عدم اعتماد الدستور القديم والقطع معه. كان من الأجدر تجميع الخبراء الدستوريين والجامعيين والسياسيين واجراء تعديلات في هذا الدستور مثلما فعلت مصر والخطأ الثاني هو رفض كل المقترحات التي قدمها الخبراء وكتابة دستور جديد من النقطة الصفر وعلى ورقة بيضاء ولذلك اهدر الكثير من الوقت. وهناك خلفيات عديدة لغاية ربح الوقت وخلط الاوراق وكتابة دستور على المقاس لفائدة اطراف معينة لكن الاهم ان هناك يقظة من المعارضة ومن المجتمع المدني بمكوناته المدنية والحقوقية والجمعياتية وكذلك من الشعب الذين ابلوا البلاء الحسن للتنصيص على الحقوق والحريات. ويمكن القول انه بسبب هذه اليقظة وصلنا الى كتابة دستور توافقي نوعا ما ومع ذلك يجب ان نكون واثقين ويقظين دوما حتى لا تحرف ولا تؤول مبادئ الدستور الاساسية خاصة باعتبار موازين القوى المهم هو توفر النوايا الحسنة .
اما الفرق بين دستور 59 والدستور الحالي فكلّ منهما وليد لحظته التاريخية ووضعه الخاص وفي كل الحالات أرى أن الدستور الجديد يستوجب استفتاء شاملا من التونسيين لا اغلبية مطلقة في المجلس التأسيسي حتى لا يحرف وفي الحقيقة سيصعب تحريف الدستور الجديد نظرا ليقظة المجتمع المحلي والدولي ايضا.
اما عن منح ورواتب نواب المجلس التأسيسي المنتفخة فأقول انها اجحاف ومظلمة كبيرة في حق المواطن التونسي.
وكيف تقيّمون وضع الديمقراطية خصوصا ان البعض يرى ان البلاد أمام شبح عودة الدكتاتورية بسبب سعي حركة النهضة الى التغول والتغلغل في مفاصل الدولة واحكام سيطرتها على البلاد؟
وضع البلاد الحالي لا يسمح لأحد بالتسلط والتغول وكل مساعي التغول مؤقتة وظرفية اضافة الى ان مساعي حركة «النهضة» في التغول لم تجد مساندة من قبل الشعب. أيضا هذا التغول ستقع تصفيته مع مرور الوقت لان التونسيين لن يقبلوا ولن يرضوا ابدا بوجود اناس ليس لديهم اية كفاءات في الحكم المركزي والجهوي للبلاد أوفي مستوى ادارة المؤسسات .«الشعب فايق» وكل مساعي التغول النهضوية ستبوء بالفشل لكن ما ينقصنا هو المراقبة الوطنية لكل التعيينات التابعة للحزب الحاكم او غيره خاصة الفاقدة للكفاءة وسد الطريق على كل تسلط وسيطرة على دواليب الدولة. لا بد من وجود لجان مستقلة بالمجلس التأسيسي تسهر على مراقبة التعيينات في الوظيفة العمومية وفي ادارة المؤسسات وغيرها وتعمل على ان تكون هذه التعيينات سياسية او حزبية.
ظواهر خطيرة يشهدها مجتمعنا اليوم من تزايد للعنف والارهاب والتكفير والتحريض على المواطنين ومؤسسات الدولة والهوية الوطنية وغيرها, كيف تقيّمون هذه الظواهر وكيف ترون تعاطي الحكومة الأخير معها؟
المعروف ان الاخوان والوهابيين او السلفيين وغيرهم اجهزة لها امكانياتها المعروفة ايضا في عدة بلدان بعينها وكل هذه المجموعات من سلفية جهادية او انصار شريعة هي دخيلة علينا وعلى تقاليدنا وهويتنا وان هناك حدودا يجب التوقف دون تجاوزها وان تونس لن تسمح لهم بالتحريض والتكفير وممارسة العنف وانه يجب تطبيق القانون على كل من يهدد البلاد والعباد. وعلى هؤلاء ان يبقوا بعيدا عن تونس وان يدركوا انه لا مكان لهم في بلادنا لانهم لن يتمكنوا من فرض تصوراتهم وان افراد الشعب سيقفون صفا واحدا في التصدي لهم والذود عن تونس.
اعتقد ان كل ما يقال حول محاولة ارجاع هؤلاء الى الجادة وفتح حوار معهم تحت راية التعددية والديمقراطية لا جدوى منه لانه من الواجب والضروري ايقافهم عند حدهم وتطبيق القانون عليهم ليعرفوا حدودهم حتى نقي تونس من عدوى العنف ونحفظ بعض المواطنين من محاولة استغلالهم وتوظيفهم باسم الدين او غيره. نحن مع التعايش السلمي دون توسع ودون فرض او عنف من هذه التيارات لتصوراتهم على حساب غيرهم من التونسيين.
اليوم تونس مهددة بإرهاب يسعى الى اكتساح كل المنطقة منذ اكثر من عشر سنوات بعد قرار «القاعدة» نقل ارهابها من افغانستان الى المغرب الاسلامي الكبير. وكان لا بد من قراءة ألف حساب للذين لم يتخذوا الصحراء الغربية مقرا لانتصابهم عبثا او من باب الصدفة او لغاية الفسحة. الجزائر كانت فطنة لكل هذه المخاطر لكن نحن لم نول المسألة اي اهتمام ولم نتأمل مليا في ما حدث في الغريبة وفي سليمان وبئر بن خليفة والروحية وسفارة امريكا والشعانبي وغيرها. يجب الوعي بان ل«القاعدة» مخططات واستراتيجيات معدة سلفا وهي مخططات ممولة بصفة مهولة من دول معروفة وأخذت وقتها الكامل في الاستعداد لزعزعة كامل المنطقة من مالي الى النيجر الى تونس وكامل المنطقة. يجب ان نقرأ الف حساب للارهاب الاجمالي لان الارهاب في تونس نقطة من بحر الارهاب الجماعي لابد من التعرف على منابع هذه الظاهرة في كل العالم لان ملاحقة الاذيال تقينا مؤقتا ولكن لا تحل الاشكال نهائيا وتمكننا من ضرب المنابع . ولمواجهة هذا الغول لابد من توفر وحدة وطنية كاملة وتصور استراتيجي وسياسي واضح لا يسمح لهذه المجموعات باختراق بلادنا ولابد من عدم التساهل مع كل من يدعو الى العنف او يمارسه ولو كان بعيدا عن التنظيمات الارهابية.
في تونس اليوم لا توجد جرأة لتطبيق القانون بحنكة وحيادية كاملة وكل تمطط او تلاعب او تساهل في تطبيق القانون يجعل الارهاب في بلادنا يسير نحو التوسع والتغلغل اكثر. الحكومة مدعوة للتفريق بين تطبيق الديمقراطية وتطبيق القانون وبين الديمقراطية والتطرف لا خلط الأوراق حسب الظروف.
كل ما حدث من ثورات مزعومة كلام فارغ ربما حدثت انتفاضات في وقت معين لكن كل الثورات هي تنفيذ لمخطط معين لتغيير خارطة المنطقة وقع اعداده منذ الخمسينات ومازال ساري المفعول في الوقت الراهن وفي خضم كل هذا استقرار تونس مهدد طيلة سنوات قادمة اذا لم توجد ارادة وتوازنات وقرارات سياسية واضحة ووحدة وطنية وحلول عاجلة لذلك لا بد من اعداد العدة لمواجهة الارهاب خلال السنوات المقبلة والتنسيق مع البلدان المعنية بهذه الآفة كالجزائر..
للأسف ندق جرس الخطر والارهاب اصبح واقعا لا شبحا وهو لا يعني تونس فقط بل كل المنطقة.
ولكن لوحظ تطبيق القانون مؤخرا من خلال منع وزارة الداخلية مؤتمر «أنصار الشريعة» بالقيروان خصوصا بعد تهديد العريض والغنوشي بتطبيق القانون على كل من يدعو او يمارس العنف او يمس بهيبة الدولة رغم ان البعض يردد ان الصراع النهضوي السلفي مجرد مناورة سياسية؟
اللحمة التي تكونت مؤخرا بين الامن والمواطن وايضا وجود مسؤولية حيادية هي التي ستحمي تونس من كل الإنفلاتات.. اتفهم المساعي الحكومية لتهدئة الاوضاع لكن ان يقع ايقاف بعض المجموعات ثم يطلق سراحها خطأ اذ لا بد من الحسم في المسألة كما ان الصراع يقول ان ينتصر طرف على طرف.. اما المناورات او الخلفيات فهي موجودة في كل الاحزاب والضامن الوحيد لحمايتنا من كل ذلك هو القانون و«النهضة» هي الحزب الاساسي في البلاد واعتماد هذه التيارات لتخويف وترهيب الناس غير مقبول ولكن ان سعت هذه المجموعات الى الوصول الى الحكم فعلى الجميع الوقوف ضدها.
تباينت المواقف السياسية بين «الترويكا» والمعارضة بين دعوات الى مشروع تحصين الثورة ودعوات الى حل ما يسمى ب«رابطات تحصين الثورة» ففي أي صف تقفون؟
تحصين الثورة والاقصاء وهذه الرابطات كل هذا يصب في نفس المصب في تعكير الاجواء والوضع العام بالبلاد. فقط الشعب ومؤسسات الدولة من يحصنان الثورة ويحميان البلاد يجب تطبيق القانون على هذه المجموعات وتجميد نشاطاتها حتى يقول القضاء فيها كلمته.
يرى ملاحظون ان الهدف الوحيد من قانون التحصين هو اقصاء الباجي قائد السبسي وحزبه؟
هذا ممكن والمهم أن القانون والشعب هو من يقول كلمته والاهم ان يدخل كل حزب الحملة الانتخابية عبر برامج ومشاريع واضحة وعبر التزامات دقيقة بالنسبة لعدة ملفات كصندوق التعويض وصندوق النقد الدولي وصندوقي التقاعد والصحة مثلا اضافة الى ارساء توازنات بنكية وايجاد حلول فورية لتردي الاقتصاد فتونس في طريقها الى الافلاس ان لم توجد حلول حاسمة وشفافية كاملة سواء بالسلب او بالإيجاب.
على ذكر السبسي هناك اطراف تتهمه بالمتاجرة بالتاريخ البورقيبي وتوظيفه لغايات حزبية وسياسية, ما تعليقكم؟
قلت منذ زمن أن لا مكان للجيل السياسي القديم في المشهد الحالي للبلاد الا من خلال ابداء الرأي والافكار والنصح .ولكن توظيف البورقيبية كأصل تجاري سياسي لغايات سياسية يمس برمزية بورقيبة وقيمته الثابتة في تاريخ تونس والذاكرة الوطنية ولأجل ذلك اقول لكل الدساترة المتواجدين في كل الاحزاب ومنهم حركة «النهضة»: «لا توظفوا ولا تتاجروا بتاريخ بورقيبة بل حافظوا عليه جيدا واحترموا الزعيم في قبره ولا تستغلوا تاريخه او اسمه في تحقيق مآرب سياسية واتركوا التاريخ والشعب يحكمان عليه وقد حكما لصالحه من زمن. وأضيف أن على الجميع اقناع التونسيين لا بماضي بورقيبة فحسب بل ببرامج بورقيبة المستقبلية لتونس وان يأخذوا من نضاله في بناء وطنه ومن وطنيته العالية والنادرة ومن حنكته السياسية الكثير.
هل تمت حسب رأيكم الاساءة للمجاهد الأكبر او حاولت بعض الأطراف طمس تاريخه وانجازاته؟
تمت الاساءة لبورقيبة في حكم بن علي وبعد الثورة . بورقيبة قام بأخطاء ولكنه اسس دولة صلبة وعصرية لا يمكن القول أن من جاء الآن وجد أرضا قاحلة وصحراء. هؤلاء وجدوا دولة قائمة ووجدوا مؤسسات ودستورا وقوانين ومكاسب وسياسة تذنيب بورقيبة في المخاطر التي تمر بها البلاد ليست صحيحة بالمرة ومجانبة للحق وللتاريخ بل هي بسبب توافد فلسفات ونظريات وتيارات دخيلة على تونس ولا تمت لها بصلة. على العكس لابد من الافتخار والاعتزاز بكل المكاسب البورقيبية وبتاريخنا... في كلمة الزعيم في قلب كل تونسي وحكم له التاريخ والشعب التونسي يعرف ابطاله وعظماءه وحماته ورموزه جيدا ولن تنطلي عليه حملات التشويه او الاساءة لان الزعيم اكبر من الجميع ولن يطال ارتفاع قامته اي كان مهما تطاول او حاول الاساءة اليه.
ايضا اضيف ان مقولة الحزب الواحد والقائد الواحد وطاعة القائد الواحد لم يعد لها وجود في الوقت الراهن بل اكل عليها الدهر وشرب.
كوزير داخلية سابق كيف تقيّمون حيادية وأداء وزارة الداخلية الحالية تحت اشراف لطفي بن جدو؟
أصبحت الداخلية تحظى بثقة اكبر من قبل المواطنين ورأينا الامن ينادي بالحيادية وبالجمهورية وهناك ارادة سياسية واضحة وجادة من قبل لطفي بن جدو كشخص. والاكيد ان وزارة الداخلية لا يمكن ان تنجح في غياب ارادة سياسية لوزيرها ومسؤوليها الاوائل وما لوحظ ان هذه الارادة السياسية الحالية فرضت نفسها وليست موكولة الى نزوات هذا او ذاك او نزوات اي حزب سياسي وهذا تمظهر جليا في احداث القيروان مؤخرا.
وماذا عن حادثة اغتيال الشهيد شكري بلعيد وسؤالي يتجاوز السؤال البديهي والاعتباطي «شكون قتل بلعيد» بل «علاش تقتل بلعيد»؟
اغتيال شكري بلعيد مصيبة حلت بتونس وايجابيته الوحيدة هي تفطن التونسيين الى ان غول العنف موجود بالبلاد وحوادث الاغتيال السياسي حتى وان تعرفنا على مقترفيها ففي غالب الاحيان لا نتعرف على مدبريها خصوصا وان بقيت الحادثة محلية لذلك انا مع التدويل الجزئي للقضية لا بد من اللجوء الى المجتمع الدولي حتى يقول كلمته في كشف القتلة.
اما اجابة عن سؤالك وهو مهم جدا فأجيبك ان بلعيد قتل لأنه رجل وسياسي فذ وله تأثير عجيب على الناس ولديه قناعات راسخة ولأن كان أمامه مستقبلا سياسيا زاهرا وايضا لتخويف السياسيين والشعب على حد السواء.
نفتح قوسا على المشهد الاقليمي والدولي كيف تنظرون الى ظاهرة الجهاد في سوريا؟ وما دور وزارة الشؤون الدينية في ذلك؟ وهل انتم مع قطع العلاقات الديبلوماسية مع نظام بشار الاسد ؟
المؤسف ان من يسمون انفسهم بالجهاديين مغرّر بهم وهم وحدهم من يدفع الثمن غاليا والحكومة مطالبة بتجفيف منابع هذه الظاهرة والشبكات التي ورطت شبابنا ووضع حد لهذا النزيف.
اما قرار قطع العلاقات مع سوريا فهي غلطة ديبلوماسية قاتلة لان السفارات لا توضع لتأييد او نصرة نظام ما بل لحل مشاكل مواطني هذه البلدان. وبالنسبة لوزارة الشؤون الدينية فلا جدوى من وجودها اصلا وليس لهذه الوزارة صفة او عمل تقوم به وهي الطامة الكبرى في البلاد لأنها مسيسة فكل الفتن والصراعات التي تشهدها تونس سببها تسييس وتحزيب الدين وهناك تعتيم كبير وتغطية تامة لكل ما يقترف ضد تونس وشعبها باسم الدين وتحت غطائه وهي امور لا تليق بتونس ولا بتاريخها ولا بشعبها والمطلوب هو وقاية المساجد والجوامع والاستنجاد بأولي العلم وأولي الذكر الزيتونيين والعودة فورا الى جامع الزيتونة والمطلوب ايضا وهذا الاهم تحييد وزارة الشؤون الدينية عن كل انتماء حزبي وسياسي لإنقاذ البلاد من التفكك والعنف والفتن.
رسائل توجهها الى هؤلاء:
بورقيبة:
نم باسما ومطمئنا فما حققته لتونس لا يمكن زعزعته ابدا رغم كل محاولات الداخل والخارج.
راشد الغنوشي:
مسؤوليته كبيرة جدا لانه الحاكم الفعلي للبلاد وادعوه الى تجنب ازدواجية الخطاب وايجاد قواسم مشتركة للتعايش السلمي بين كل التونسيين وعدم التنكر لإنجازات بورقيبة.
السبسي:
ما يؤسفني زلات لسانه والوقت لم يحن بعد للرئاسة والمهم تقديم برامج لا اشخاص.
لطفي بن جدو:
اكبّر فيه انه قاض وتبين ان الارادة السياسية متوفرة وواضحة لديه وهو وزير الداخلية الوحيد الذي عرف قراره وكسب ثقة الامنيين منذ الثورة.
حمة الهمامي:
رغم حكمه على الماضي الذي كلّنا مسؤولون عنه احترم فيه نزاهته الفكرية وقوة مبادئه واقترابه من مشاغل الشعب.
كرسي الاعتراف:
الطاهر بلخوجة هل هو راض عن مسيرته ام شعر يوما بتأنيب الضمير عن اخطاء قام بها؟
الطاهر بلخوجة يحظى بسمعة طيبة لدى اغلب المواطنين خلال مسيرة عمرها 40 سنة ورغم تألمي لبعض الاخطاء التي قمت بها ككل البشر ومن بعض هذه الاخطاء التي اقولها تلميحا لا تصريحا هي اني لم اتجاسر كثيرا لوضع بورقيبة على بينة من عدة امور كانت ستقينا من عدة مخاطر خاصة في ما يخص التآلف الاجتماعي داخليا والنجاح في ربط مصالحنا مع بعض الدول الشقيقة من جانب الوحدة والتضامن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.