تعبيرا منها عن استيائها ونفاد صبرها مما اعتبرته تماديا في ممارسة العنف والاعتداء على الأطباء وعلى المؤسسات الصحية بصفة شبه يومية لقاء «صمت حكومي مريب»، وبالنظر الى واقع الصحة العمومية الذي وصفته ب «الكارثي»،هددت أمس النقابة العامة لأطباء الصحة العمومية والصيادلة وأطباء الأسنان ،خلال ندوة صحفية عقدتها بمقر الاتحاد العام التونسي للشغل ،بالدخول في إضراب في موفى هذا الشهر وحددت تاريخ 27 جوان الجاري كموعد اولي لتنفيذ الاضراب الذي قالت انها لن تتراجع عنه ولا عن سلسلة من الاضرابات قد تليه في قادم الايام الا بشرط الاستجابة الى مطالبها المتمثلة اساسا في تسوية اوضاع الاطباء المهنية والمادية وحمايتهم من الاعتداءات واعادة النظر في التعيينات التي انبنت على اساس «المحاصصة والولاء»-على حد تعبير بعضهم-. الطرف النقابي الممثل لاطباء الصحة العمومية والصيادلة واطباء الاسنان وصف الوضع بقطاع الصحة العمومية ب «الخطير والخطير جدا»،و قد اعتبر «سامي السويحلي» كاتب عام النقابة العامة لاطباء وصيادلة الصحة العمومية،تردي الاوضاع بالقطاع «نتيجة حتمية للاختيارات الخاطئة التي تتبعها وزارة الاشراف»،مؤكدا ان تدهور الاوضاع سينعكس سلبا على الجهات ويعمق الهوة بينها. في ظرف 3 سنوات لن يبقى في تونس طبيب واحد..و «الكنام» ستغلق ابوابها! و اوضح «السويحلي» ان تدهور الاوضاع بالقطاع العام شجع عددا كبيرا من الاطباء العاملين به رغم قلتهم (حوالي 5000 طبيب في الصحة العمومية) على مغادرته الى القطاع الخاص وعلى الهجرة للعمل بدول اجنبية،مضيفا: «و اذا ما تواصلت وتيرة العنف المسلط على المؤسسات الصحية العمومية وعلى اطبائها بالشكل الذي هي عليه اليوم فانا متاكد انه في ظرف 3 أو 5 سنوات على اقصى تقدير لن يبقى لنا ولا طبيب واحد خاصة وان دخل الطبيب في القطاع الخاص يبلغ في بعض الاحيان ضعف الأجر الذي يتقاضاه الطبيب العامل في القطاع العام بحوالي 30 مرة بالاضافة الى حجم الطلب الكبير على الاطباء للعمل في اوروبا والخليج وافريقيا الجنوبية..!». قرارات الوزارة «اعتباطية» ! و شدد «السويحلي» ايضا على ان وزارة الصحة «اغلقت باب الحوار جملة وتفصيلا ولم تقدم ردا على طلباتنا ولا على مقترحاتنا حتى بالرفض !و لم تتحدث معنا الا في بعض المسائل الثانوية ..و حتى الحوار الوطني حول الصحة سعت فيه قدر المستطاع الى عدم تشريك الطرف النقابي من كلا القطاعين العام والخاص..الوزير اعلن خلال هذا الحوار المزعوم عن مجانية العلاج على امتداد 16 شهرا،فكيف ذلك؟و من استشار؟؟؟ ..ماذا نسمي هذه القرارات؟؟اهي اعتباطية؟؟؟.الله اعلم !». وضعية اتعس ممّا قبل الثورة ! و لم يخف «السويحلي» حنقه وغضبه الشديدين من سوء الاوضاع التي «استنزفت الاطباء وعجلت نفاد صبرهم» -حسب قوله-،قائلا بالحرف الواحد: «عدنا الى طريقة تعامل اتعس بكثير مما كانت عليه الحال قبل ثورة 14 جانفي..فماذا تغير والحال ان التعيينات حسب الولاءات زادت عن ذي قبل والمحاصصة كذلك؟و..و..». لماذا يرفض الوزير استقالة الاطباء؟ رفض الوزير للاستقالة الجماعية التي تقدم بها عدد من الاطباء خلال الآونة الاخيرة،اعتبره الطرف النقابي مؤشرا خطيرا على عودة تقييد الحريات «اذ لا يمكن اجبار الاطباء على العمل في مثل هذه الوضعية الكارثية والمزرية»-هكذا وصف محمد جموسي كاتب عام مساعد النقابة العامة لأطباء الصحة العمومية والصيادلة وأطباء الأسنان الوضع،مضيفا انه لا يمكن اقتباس التجارب «الفاشلة» عن دول اخرى ولا الحديث عن استراتيجية للعمل «و الحال ان المؤسسات تتهاوى على رؤوس العاملين بها»،في اشارة منه الى عدد من المؤسسات الصحية التي قال ان أسقفها سقطت على رؤوس الاطباء وعدد اخر منها آيل للسقوط»، مقدما مستوصف محمد علي بصفاقس ومستوصف حي الحبيب ومركز نقل الدم بصفاقس..امثلة على صحة أقواله». و في سياق انتقاده «اللاذع» لسلطة الاشراف، قال «محمد جموسي» انه ليس للوزارة المعطيات اللازمة عن وضعية العمل بمؤسساتها الصحية وانها لم تحاول تجميعها ولا اتخاذ الاجراءات وفق ما يمليه الوضع –على حد تعبيره-. عُيّنوا وهم الذين لا يفقهون من الصحة شيئا ! و اكد «محمد جموسي» في معرض حديثه عن الاخطاء التي اقترفتها وزارة الصحة،انها «قامت بتنصيب عدد من المديرين العامين والمسؤولين الجهويين والحال انهم لا يفقهون من الصحة شيئا»-حسب قوله-،مضيفا ان 2000 ممرض تم انتدابهم خلال الايام القليلة الاخيرة لم يتم استغلالهم بالشكل الصحيح والمناسب «و انما تم توزيعهم بطريقة عكسية لا يمكن ان تنم الا عن جهل بكيفية تصريف الامور لا مثيل له». و قال «جموسي» ان «ماحدث في عام لم يحدث في 4 او 5 سنوات في العهد السابق»،مرجعا السبب في ذلك الى «الجهل والتعنت اولا وعدم الاعتراف بالطرف النقابي». «الاعتداء بلغ درجة تحول دون العمل» من جانبها، شددت «سلمى المعلى» عضو بنقابة الاطباء المقيمين والداخليين على ان الاعتداء بلغ درجة تحول دون قيام الاطباء بواجبهم المهني على احسن وجه ووفق ما يقتضيه الواجب الوطني ،مشيرة الى ان محاولات الاعتداء التي يتعرض لها الطاقم الطبي «تضر بالمريض قبل الطبيب». وطالبت «المعلى» بضرورة توفير الحماية للاطباء وخاصة للعاملين باقسام الاستعجالي التي قالت ان اعوانها يتعرضون للاعتداء اكثر من بقية الاقسام،كما طالبت بسنّ قانون ينظم وظيفة الاطباء من حيث التوقيت ونوعية العمل ...