لفظ الموسم الرياضي انفاسه الاخيرة حاملا في طياته فضائح مدوية من قبيل التلاعب بنتائج بعض المباريات رافقتها تهديدات وتصريحات نارية لا مسؤولة صدرت عن مسؤولين من خيرة انديتنا الذين تعاملوا مع بعض الاحداث عملا بمقولة « خانها ذراعها قالت مسحورة» دون ان ننسى السيل الجارف من التشكيات التي وصلت الى مسامع زعيم الحزب الحاكم « الشيخ » راشد الغنوشي بعد ان تسببت فيها بعض الاطراف المتداخلة في اللعبة ( لاعبون , حكام , ومسؤولو الاندية والهياكل الساهرة على الجوانب التنظيمية للبطولة ) . « ارهاصات» عديدة ضاعفت من حدة قتامة المشهد الكروي في بلادنا الذي اصبح « جحيما لا يطاق » و« وصمة عار» ارتسمت على جبين كل من سولت له نفسه من قريب او بعيد بث سموم الفتنة في بطولة وصفوها ب« المحترفة » لكنها بدت اقرب للانحراف من الاحتراف . «المليارات» لا تصنع الأمجاد لم يكن اكثر المتشائمين من انصار النادي الافريقي يعتقد ان ينهي فريقه الموسم الكروي بحصاد هزيل وترتيب كارثي ( المركز الاخير في ترتيب مرحلة التتويج بنقطة يتيمة ) لا يليقب حجم قلعة تربوية ورياضية يضرب بها المثل في تشريف الراية الوطنية اقليميا وقاريا ومر بها عمالقة من الزمن الجميل ( عتوقة والبياري والجديدي والعبدلي ومغاريا والنصري والتواتي والاخوان الرويسي...) واسماء عديدة من مختلف الاجيال يطول ذكرها . افريقي نسخة « سليم الرياحي» الذي وصفه البعض من انصار نادي باب الجديد ب« المهدي المنتظر» عند قدومه لرئاسة الفريق منذ عام كان نشازا بامتياز في بطولة فقدت نكهتها وهجرتها الجماهير «الذواقة» لفن الكرة. « المهدي المنتظر » لنادي باب الجديد انفق المليارات وامضى على « الشيكات» دون حسابات لاقتناص لاعبين توسم فيهم الخير الكثير في البداية ( الذوادي , الغربي , القصداوي , الحداد .....) لكن بمرور الوقت تكفل القدر بالكشف عن تواضع عطائهم باستثناء قلة قليلة فكانوا بحق مجرد «فرقعة» اعلامية ونجوما من ورق تلاعبوا بأعصاب «شعب» الافريقي الذي سئم كبوات العادة وطول السنوات العجاف . « الرياحي» وبقية عيونه التي لا تنام شيدوا قصورا من اوهام ل«شعب » حلم كثيرا بالعودة من جديد الى « البوديوم» لكنه استفاق مؤخرا بعد ان زال عنه مفعول « الحبوب المسكنة» بآلام مضاعفة وحقائق ثابتة لعل ابرزها ان « المليارات لا تصنع الامجاد» . بصمة الكرة الشاملة تخطف الأنظار استهل النادي الصفاقسي الموسم الرياضي بصعوبات العادة ( ضيق ذات اليد ومحدودية الرصيد البشري ) زاده « هروب» المدرب نبيل الكوكي الى حديقة « منير القبائلي» مشاقا مضاعفة جعلت الفريق عرضة لتحديات عديدة وعواقب وخيمة . معطيات جدية دفعت هيئة لطفي عبد الناظر للاستنجاد بالمدرسة الهولندية (رود كرول ) لقيادة المقاليد الفنية لعل حال الفريق يستقيم . الخطوات الاولى لكرول داخل قلعة نادي باب الجبلي غلب عليها التعثر رغم استعانته بابن النادي حمادي الدو لتمرير التعليمات الى «جنود الميدان» الا ان الاستجابة لم ترتق الى وجاهة «تكتيك» خريج مدرسة اجاكس امستردام الشهيرة . «كرول» الذي وصفه شق واسع من انصار ال « سي.اس.اس » في بداية المغامرة ب«الفاشل» و« الجاهل » لخصوصيات كرتنا ولاعبينا كان على ابواب المغادرة من « ثقب ابرة » لكن رؤية عبد الناظر المتبصرة دافعت عن بقائه بكل قوة فكان الهولندي على قدر ثقة ربان السفينة الادارية لنادي عاصمة الجنوب حيث نجح في وقت وجيز في تدارك اخطائه مرسيا تقاليد « لعب» تقوم على الجمع بين حسن الاداء والنتيجة ترجمها شبان مهرة على ارض الواقع ( شلوف , منصر , ساسي، اللواتي وندونغ ... ) الذين ابلوا البلاء الحسن وناضلوا كثيرا الى ان تمكنوا من الشرب من عين البطولة مجددا بعد 8 سنوات عجاف . بصمة الكرة الشاملة الهولندية كان لها المفعول السحري على شبان ال « سي.اس.اس»الذين كسبوا رهان التحدي امام بقية كبار قوم كرة القدم التونسية بما يملكون من نجوم تتقاضى اجورا خيالية مقابل اداء هزيل لتكلل جهودهم بالاقتران بنسر البطولة للمرة الثامنة في تاريخ النادي منذ تأسيسه . خطوات « الشيخ» متثاقلة «شيخ» الاندية التونسية بدت خطواته متثاقلة على امتداد الموسم الرياضي رغم وفائه لتقاليد «البوديوم» (المركز الثاني) حيث واجه الفريق صعوبات جمة في المرحلة الاولى من البطولة لترويض بعض الاندية ممن صنفت ب« اندية الأدوار الثانوية » مقتلعا انتصارات بشق الانفس اهلته في النهاية للتاهل الى سباق ال « بلاي اوف » لتتواصل متاعب الترجيين في مرحلة التتويج حيث تعثر ضد النجم والصفاقسي وحتى انتصاراته لم تكن مقنعة لاكثر المقربين لحديقة حسان بلخوجة ليتخلى الفريق عن عرش البطولة مكتفيا بمركز الوصافة . ترجي نسخة هذا الموسم عانى كثيرا من مشاكل لا حصر لها لعل ابرزها ظاهرة تغيير المدربين وتفريط الفريق في ابرز ركائزه ( يوسف المساكني ويانيك نجانغ ) زد على ذلك فشل هيئة «المدب » في تعويض المغادرين بعناصر قادرة على رفع التحديات وكسب الرهانات رغم وفرة الانتدابات في الميركاتو الشتوي وما أنفقه المدرب من مليارات جاوزت في مجملها ما صرفه الرياحي ( الشهودي والعكايشي، إيميكا ليبيري الزواغي الراقد بوقال الغرسلاوي ...) باستثناء عنتر يحيى وشمس الدين الذوادي ويوسف البلايلي الذين كانوا في مستوى الانتظارات اما البقية كان حضورهم في مباريات الفريق هامشيا ان لم نقل اكثر بالاضافة كان لعدم توفر الترجي لبنك احتياط في قيمة الاساسيين تاثير سلبي على مشوار الفريق هذا الموسم والدليل ان نادي باب سويقة لم يجد بديلا لتراوي والمولهي اللذين تغيبا عن الامتار الاخيرة من سباق ال« بلاي اوف» رغم « التخمة» الكبيرة التي تتوفر للجمعية في ما يتعلق بالعناصر التي تحذق اللعب في مركز متوسط ميدان دفاعي . « الكنزاري» بدوره فشل نسبيا في قيادة الفريق على النحو الامثل حيث عجز عن ابتكار اسلوب لعب جديد للترجي ينزع عنه « تكتيك» العادة المتمثل في التعويل على الكرات الطويلة التي تتطلب مهاجمين عمالقة على شاكلة مايكل اينرامو او بدرجة اقل يانيك نجانغ والحال ان الفريق لا يتوفر في الوقت الحاضر على مهاجمين بمثل هذه المواصفات ليبقى الاحمر والاصفر كتابا مفتوحا على مصراعيه لبقية الاندية وهنا يكمن عيب الفريق على امتداد هذا الموسم الذي انهاه في المركز الثاني . «النجمة» بثوب جديد علية البريقي , خالد يحيى , زياد بوغطاس , مصعب ساسي , لسعد الجزيري والبقية من خيرة ابناء النادي تكفلت بوضع حجر الاساس لمستقبل اكثر اشراقا للنجم الساحلي بعد ان خانته الامتار الاخيرة من سباق « بلاي اوف» الموسم الذي ودعناه في الاقتران مجددا بنسر البطولة مكتفيا بالمركز الثالث المؤهل لكأس الكنفدرالية الافريقية . « نجمة» الساحل لبست ثوبا جديدا مع انطلاق سباق مرحلة التتويج حيث اربكت حسابات كبيري العاصمة كثيرا (الفوز ذهابا وايابا على النادي الافريقي وعلى الترجي ذهابا ) وكانت ندا عنيدا للبطل النادي الصفاقسي بشهادة العارفين بكواليس اللعبة رغم الاصابات العديدة التي لاحقت ابرز ركائز الفريق ( المثلوثي , البدوي , البجاوي والجزيري ) لكن حكم القدر لم يسعفها في النهاية بالصعود على منصة التتويج رغم اجتهاد مدرب الفريق دينيس لافاني في الارتقاء باداء الفريق الذي كان من ابرز النقاط المضيئة ل« نجم»ضحى من اجله رضا شرف الدين رئيس الفريق الذي واجه عاصفة الازمة المالية المحتدمة للفريق بشجاعة كبيرة ليكسب رهان التحدي في تكوين فريق شاب قد يكون له شان عظيم في مستقبل الفريق بمساهمة فاعلة من « جنود الخفاء » زياد الجزيري وحسين جنيح .