بعد أن هدد قرابة ثلث نواب المجلس التأسيسي باللجوء إلى المحكمة الإدارية لإلغاء مشروع الدستور وبعد ان ذهب منجي الرحوي إلى حد المطالبة بحلّ «التأسيسي» اتصلت «التونسية» بأستاذ القانون الدستوري قيس سعيد للإستفسار عن تبعات هذه التهديدات وهل بالإمكان فعلا حل المجلس التأسيسي؟ فكان هذا التصريح: «عموما الصراع هو صراع سياسي ولا يمكن التوصل إلى حل قانوني ما دام هذا الصراع متواصلا. تظهر علامات تهدئة أحيانا ولكن في أكثر الأحيان تكون تمهيدا لمزيد من التصعيد. فالقضية ليست قضية قانونية كما يبدو فهي قضية سياسية,وحينما يتحول الصراع من تنافس على السلطة حسب قواعد مضبوطة إلى صراع وجود فإن الحسم لن يكون بنصوص القوانين أوالدساتير. ومن المؤسف أن هذا الصراع قائم بين مجموعات صعدت بها الانتخابات أو ببقية باقية من الأصوات لأن نظام الاقتراع الذي تم اعتماده هو الذي مكنها من ذلك في الوقت الذي كانت فيه شعارات الشعب التونسي واضحة وبعيدة كل البعد عن المواضيع التي يطرحها هؤلاء اليوم في رحاب قصر باردو وفي بعض القصور الأخرى .ومنذ أواسط 2011 بدأ هذا الانحراف حيث أصبحت القضايا المطروحة من قبل من اعتقدوا ومن قبل جميع الأطراف والجهات أن 14 جانفي فرصتهم التاريخية لتمرير مشاريعهم ,فعادوا أو حاولوا العودة بالتاريخ إلى الوراء وإلى نفس الصراعات التي كانت قائمة في القرون الماضية والمتعلقة بالهوية والدين ,في حين أن الشعب التونسي الذي انتفض لم يطرح أبدا هذه القضايا. فكيف سيتم وضع دستور في ظل كل هذه الأوضاع؟ القضية تتعلق بهذا الوضع وكل الأطراف تعتبر أن الدستور أداة للحكم وتحاول أن تهيأ من خلال القواعد التي تقترحها أن يكون الدستور طريقا للحكم .هي صراعات على السلطة ونلاحظ من خلال النقاشات أن الأغلبية توجه أنظارها إلى قصر قرطاج. والسلطة التشريعية تكاد تكون مغيبة في النقاشات وكذلك الأمر بالنسبة للسلطة المحلية. فلكأنّ الدستور يتعلق فقط برئاسة الدولة وهذا دليل على أن العديد من الأطراف تعتبر الدستور أداة للحكم وليس للحرية وصورة الرئيس هي التي تستهويهم . أما بالنسبة لإلغاء مشروع الدستور وحل المجلس التأسيسي فإنه يمكن فقط الطعن في قرارات رئيس المجلس التأسيسي والأمر موكول إلى المحكمة الإدارية ولا يمكن إلغاء النصوص لأنها مازالت مشروعا لم يصادق عليه بعد.الأمر يتعلق بقرار المحكمة الإدارية فهل ستغير قرار رئيس المجلس بإنهاء إعداد الدستور ؟ وهذا وارد لأن القرار إداري وقابل للطعن وإذا كانوا يريدون حل المجلس فعليهم بالاستقالة. إذ لا وجود لأي جهة يمكنها حل المجلس التأسيسي إلا إذا حلّ نفسه. وعموما عندما يصبح الدستور أداة لكسب الشرعية فقط فإنه يصبح فاقدا لجدواه».