لفّ الغموض الاجتماع الذي دعا إليه رئيس المجلس الوطني التأسيسي اليوم أعضاء لجنة السلطتين. فقد اختلفت التصريحات حول فحواه، وتباينت معه مواقف النواب المعارضين لمشروع دستور غرة جوان 2013 بين قائل بأن هذا الاجتماع هو اجتماع لجنة السلطتين نظرا لأن الارساليات القصيرة التي بلغتهم تؤكد ذلك وبين قائل بأنه اجتماع خصّص لتدارس السبل للخروج من الخلافات حسب ما أكده بن جعفر. ففي الوقت الذي أكد فيه النائب عن الكتلة الديمقراطية علي بالشريفة أن رئيس المجلس دعا عبر ارساليات قصيرة أعضاء لجنة السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والعلاقة بينهما للاجتماع أمس، مشيرا إلى أن الدعوة أرسلت متأخرة ولم يستطع بذلك عدد من أعضاء اللجنة الالتحاق بالاجتماع، أكدت النائبة عن كتلة المؤتمر سامية عبو أحد أعضاء اللجنة أنها لم تتلق أيّة ارسالية مبدية استغرابها الشديد من عقد هذا الاجتماع خاصة أن رئيس اللجنة عمر الشتوي متغيب لأنه متواجد بالمحكمة الإدارية. انقلاب على رئيس لجنة السلطتين ولأن الاجتماع الذي دعا إليه بن جعفر كان اجتماعا مغلقا ولم تتمكن وسائل الإعلام من مواكبته، فقد اختلفت تصريحات النواب، إذ أن بعض المعارضين لمشروع الدستور عبّروا عن استيائهم الشديد لعقد هذا الاجتماع في غياب رئيس اللجنة عمر الشتوي، من ذلك النائب عن الكتلة الديمقراطية علي بالشريفة الذي قال إنه أقسم على المصحف الشريف أمام المجتمعين وأكّد لهم بأن أغلبية أعضاء لجنة السلطتين صوتوا بالأغلبية على صلاحيات رئيس الجمهورية وأن الهيئة المشتركة للتنسيق والصياغة أحالت كل الصلاحيات التي كانت لرئيس الجمهورية إلى رئيس الحكومة. النائبة عن كتلة «المؤتمر» سامية عبو دخلت بدورها الاجتماع ثم قاطعته غاضبة لأنها اعتبرت أن ذلك بمثابة انقلاب على رئيس لجنة السلطتين عمر الشتوي. وقالت في هذا السياق إن رئيس المجلس مصطفى بن جعفر قام بالانقلاب على رئيس اللجنة بدعوته لعقد الاجتماع مشبهة ذلك بانقلاب بن علي على جمعية القضاة. وأشارت إلى أن بن جعفر وأعضاء حركة «النهضة» عادوا إلى انتهاج سياسة بن علي في خرق واضح للقانون، مؤكدة أن عقد الاجتماع في قاعة العرش وما يشوبه من غموض لا يدل سوى على أن اللجنة قد سرقت، كما رجحت أن تكون وراء هذه الخطوة عملية بيع وشراء للدستور. كما أضافت سامية عبو أن مشروع الدستور يحتوي على الكثير من الثغرات ذات أهمية كبرى على غرار الفصل بين السلط ومصدر السلطة بالإضافة إلى التوطئة والأحكام الانتقالية، مشيرة إلى أن تمرير تقرير لجنة السلطتين دون تحقيق التوافق سيخدم صالح الأغلبية التي ستفرض قوتها خلال الجلسات العامة المخصصة للدستور، وقالت إن مشروع الدستور يحمل بذور فلسفة اسلامية وهو دستور اخواني بامتياز. لكن النائب عن المسار الديمقراطي الاجتماعي سمير الطيب أكد لوسائل الإعلام أنه استفسر عن طبيعة الاجتماع وأن المجتمعين أكدوا له أنه ليس اجتماع اللجنة إنما هو اجتماع خصّص لتدارس السبل للخروج من الخلافات الحاصلة صلب لجنة السلطتين. وقال الطيب أنه قدم مقترحين إلى رئيس اللجنة ونائبيه والمقرر العام للدستور الأول يتمثل في تكوين لجنة لإعادة صياغة الباب العاشر المتعلق بالأحكام الانتقالية والتي اتهم فيها المقرر العام للدستور بالاستفراد بصياغته، أما المقترح الثاني فيتعلّق بإرجاع التقارير إلى اللجان التأسيسية لمقارنتها بمشروع الدستور. وكشفت النائبة عن الحزب الجمهوري وعضو لجنة السلطتين ريم محجوب أن الاجتماع خُصّص لإيجاد حل لوضع التعطيل داخل اللجنة، مشيرة إلى أنه تم الانطلاق في تلاوة الفصول التابعة للجنة وتم تباحث كيفية إيجاد حلول للخروج من هذا المأزق. وأكدت محجوب أنها رفضت أن يفصل الاجتماع في التقرير النهائي في غياب زملائها من نواب المعارضة، واقترحت على رئيس المجلس التأسيسي تحوير النظام الداخلي للمجلس معبرة عن لومها الخاص لهيئة التنسيق والصياغة بسبب عدم استشارتها للجان التأسيسية مؤكدة أنه من الأفضل البحث عن صيغة توافقية عبر تغليب المصلحة الوطنية. اجتماع مشترك بين لجنة السلطتين وهيئة التنسيق والصياغة غير أن رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر أزال اللبس وأكد بعد تعليق الاجتماع وعقده لندوة صحفية عاجلة، أن هذا الاجتماع هو اجتماع لتدارس الخلاف حول لجنة السلطتين والخروج بحل توافقي، مشيرا إلى أن رفض رئيس لجنة السلطتين تقديم تقرير اللجنة يفتقد للمبررات المنطقية والقانونية. وعبر بن جعفر عن أسفه لأن عددا من النواب رفضوا هذا الاجتماع، مشيرا إلى أنه في نهاية الأمر اتفق الحاضرون على أن تعقد لجنة السلطتين اجتماعا مشتركا اليوم الثلاثاء مع الهيئة المشتركة للتنسيق والصياغة لتجاوز الخلاف خاصة. وقد عقد بن جعفر هذه الندوة في الوقت الذي تدور فيه أخبار مفادها أن عمر الشتوي قد توجه إلى المحكمة الإدارية لاحضار عدل تنفيذ لابطال الاجتماع فيما ينتظر جانب من أعضاء لجنة السلطتين أن تنظر المحكمة الادارية خلال الأيام القليلة القادمة في طلب الطعن الذي رفعه عمر الشتوي على خلفية ما اعتبره خللا اجرائيا وتجاوزا للصلاحيات الإدارية لرئيس المجلس على أن تأذن المحكمة الادارية قرارا بايقاف تنفيذ تمرير مشروع الدستور إلى الجلسة العامة.