k خلافات واشتباكات ومناوشات كلامية وتبادل للتهم ومحاولات للاعتداء بالعنف، مشهد عام طغى أمس على أجواء المجلس الوطني التأسيسي، فمنذ مطلع الصباح انطلقت الأحداث الساخنة، حيث نشب خلاف حاد بين أعضاء لجنة السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والعلاقة بينهما حول ترأس العربي عبيد النائب الثاني لرئيس المجلس التأسيسي لأشغال اللجنة ودعوته النواب للانعقاد، الأمر الذي رفضه رئيسها عمر الشتوي وجزء من أعضائها معتبرين أن ما أقدم عليه عبيد مخالف للنظام الداخلي وانقلاب على رئيسها. الخلاف بلغ حدّ محاولة الاعتداء بالعنف عندما همّت النائبة عن كتلة «النهضة» صالحة بن عائشة بافتكاك دفتر التقارير من رئيس لجنة السلطتين عمر الشتوي، فقام الشتوي بأخذ الدفتر الذي كان موجودا على طاولة رئاسة اللجنة وذلك بعد أن قام بإفشال عقد اجتماع لجنة السلطتين من منطلق أنه رئيسها وقد رأى في عقد الاجتماع مخالفة للنظام الداخلي وانقلابا على صلاحياته. وعند مشاهدة النائبة عن كتلة «النهضة» ومقررة اللجنة صالحة بن عائشة عمر الشتوي وهو يأخذ الدفتر قالت إن هذا الدفتر هو خاص بها، وأنه دفتر كانت توثق فيه تقارير اللجنة بينما اعتبر الشتوي أن الدفتر هو على ملك اللجنة وأنه ليس من حق النائبة الاحتفاظ به وبما أنه رئيس اللجنة فهو الأحق بأخذه. وأمام تعنّت الشتوي في الاحتفاظ بالدفتر ومحاولة بن عائشة افتكاكه، توترت الأجواء أكثر ليتدخل بعض النواب في سعي منهم لتهدئة الوضع. ندوات صحفية متتالية ومحاولات كل طرف افشال ندوة الآخر ولم يكن للأطراف المتنازعة خيار آخر بعد هذا الحادث سوى مسارعة كل طرف إلى عقد ندوة صحفية قصد بيان موقفه وتبرير تصرفاته، غير أن كل ندوة صحفية كانت تشهد محاولة تشويش من طرف الخصم. فقد كانت البداية مع ندوة النواب الرافضين لمشروع الدستور برئاسة عمر الشتوي وعدد من أعضاء لجنة السلطتين والتي حاول خلالها نواب كتلة «النهضة» التدخل ومقاطعة تدخلات أصحاب الندوة مطالبين بإعادة دفتر زميلتهم لتعقد كتلة «النهضة» اثر ذلك ندوة صحفية ترد فيها على الطرف المقابل ليتكرر الموقف ويحاول الطرف المقابل التدخل أيضا. كما دعا المقرر العام للدستور الحبيب خضر الصحفيين لندوة صحفية عقدتها الهيئة المشتركة للتنسيق والصياغة ليرد على الاتهامات الموجهة للهيئة ولم تسلم هذه الندوة أيضا من التشويش وتبادل التهم. «بن جعفر ينتحل صفة غير صفته ويخترق القانون» وخلال الندوة الصحفية التي عقدها عمر الشتوي رئيس لجنة السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والعلاقة بينهما وعدد من أعضائها لتسليط الأضواء على أسباب عدم عقد اللجنة لاجتماعها، أشار إلى أن عقد هذا الاجتماع يعدّ محاولة غير مشروعة وذلك لعدم توفر الشروط القانونية. وكشف الشتوي أن مكتب المجلس دعاهم يوم غرة جوان عبر ارساليات قصيرة للاجتماع، لكنه تراجع عن ذلك وبعث بإرساليات أخرى تؤكد الغاء الاجتماع، ليفاجئهم أمس بإرساليات جديدة يعلمهم فيها باجتماع لجنة السلطتين، الأمر الذي اعتبره الشتوي مخالفا للقانون وأنه ليس من حق رئيس المجلس مصطفى بن جعفر تحديد موعد ومكان اجتماع لجنة السلطتين بل له الحق فقط في حضور الاجتماع أو ترؤسه. وقد اعتبر الشتوي في هذا الإطار أن بن جعفر انتحل صفة غير صفته وخرق القانون، مشيرا إلى أنه وعدد من أعضاء اللجنة بصدد دراسة الجوانب الجنائية والجزائية ضد رئيس المجلس. وتأييدا لتصريح مساعدة الرئيس المكلفة بالإعلام كريمة سويد التي أفادت أن مكتب المجلس في اجتماعه لم يحدد موقفه في ما يتعلق بلجنة السلطتين وأن اجتماع اللجنة صبيحة أمس لم يتم بقرار من مكتب المجلس، مشيرة إلى أن النظام الداخلي يقع تطبيقه عندما يكون في صالح أطراف معينة دون أخرى، اعتبر الشتوي أن الدولة انهارت عن طريق المجلس الوطني التأسيسي، وأضاف أن رئيس المجلس مصطفى بن جعفر وضع نفسه في سباق مع المحكمة الإدارية وأراد أن يعقد اجتماع لجنة السلطتين قبل أن تصدر المحكمة قرارها، لأنها منحته خمسة أيام للإجابة، مشيرا إلى أنه تم رفع ثلاث قضايا ضد بن جعفر. كما أكد الشتوي أنه طالب رئيس اللجنة بنسخة مطابقة للأصل لمشروع الدستور غير أن بن جعفر تعلل بعدم وجود الوقت للذهاب إلى البلدية. وتساءل الشتوي «لم كل هذا الكمّ من التضليل والخداع والتحيّل على القانون؟» مشيرا إلى أن كتلة «النهضة» تريد بذلك فرض دستور مفصل على المقاسات الانتخابية وفرض النظام على المجلس وهو نظام قال إنه انقرض. وفي ما يتعلق بتبرئ حزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» من موقف عمر الشتوي ، قال الأخير إن «المؤتمر» موحد بجميع هياكله أكد رفضه لمشروع الدستور، في حين أكدت النائبة عن «المؤتمر» اقبال مصدع أن موقف الحزب هو أنه لا يريد التدخل في موقف الشتوي باعتباره رئيس لجنة ومن حقه أن يتخذ كل الاجراءات التي يراها مناسبة. اتهام الشتوي بتعطيل الدستور من جهتها اتهمت كتلة حركة «النهضة» في ندوتها الصحفية رئيس لجنة السلطتين عمر الشتوي بمحاولة تعطيل الدستور، وأكد في هذا الإطار النائب عن كتلة «النهضة» زياد العذاري أن الشتوي بقرار فردي تعلّل بمجموعة من التعديلات الاجرائية وعطل أشغال اللجنة، في إشارة إلى مطالبته بنسخة مطابقة للأصل لمشروع الدستور. وقال العذاري إن الشتوي استعمل العنف لمنع انعقاد اجتماع لجنة السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والعلاقة بينهما، مشيرا إلى أن ما حدث لا يشرف المجلس ولا النواب وأن ما صدر من النواب من تصرفات غير لائق. في حين أصرت النائبة صالحة بن عائشة على أن الدفتر يعود لملكها الخاص متهمة الشتوي بالاعتداء عليها بالعنف الشديد وطالب عدد من زملائها بضرورة اعادة هذا الدفتر. عملية استباقية استعدادا للانتخابات القادمة وفي الندوة الصحفية التي عقدها عدد من أعضاء الهيئة المشتركة للتنسيق والصياغة، اعتبر مقرر المساعد الأول للهيئة أزاد بادي أن الإشكال الذي أثاره الشتوي له خلفيات وأبعاد سياسية الغاية منه تعليق أعمال هيئة التنسيق والصياغة لتضمين مقترحات الحوار الوطني بحذافيره. كما اعتبر أزاد بادي أن وراء اثارة هذا الاشكال حرب تموقع بعض الأحزاب في اطار البحث عن تكتلات جديدة في عملية استباقية استعدادا للانتخابات القادمة على حدّ تعبيره. وربط بادي الاشكال المطروح حول مشروع الدستور بالعريضة المتعلقة باعفاء المنصف المرزوقي من مهامه، حيث أكد أن ما يحدث هو بإيعاز من رئيس الجمهورية وأنها طبخة تطبخ بقصر قرطاج، مشيرا إلى أن تبرأ حزب «المؤتمر» من موقف الشتوي يندرج في إطار اللعبة السياسية. وتساءل بادي: «لماذا لم يعارض الشتوي وأتباعه مشروع الدستور عندما كانوا يتناقشون صلب هيئة التنسيق والصياغة وعندما كانوا يصيغون بطريقة توافقية؟» وأضاف أن من يطالب الآن بصلاحيات رئيس الجمهورية هو من صوت ضد صلاحياته في الدستور الصغير. من جهته تحدث النائب عن كتلة التكتل فيصل الجدلاوي عن باب الأحداث الانتقالية، وقال إنه عند اتمام صياغة الدستور قدم المقرر العام للدستور الحبيب خضر مقترحا يتضمن فصلين حول الأحكام الانتقالية وأنه تم الاتفاق على الرجوع بعد يومين لمناقشته بعد أن يطلع النواب على هذا المقترح، مشيرا الى أن لا أحد من أعضاء اللجنة قدم مقترحا في هذا الباب، والى أنه بعد مناقشة مقترح حضر وادخال تعديلات فيه سواء بالحذف أو الإضافة أو اعادة الصياغة صلب الهيئة تم تضمين هذا المقترح في مشروع الدستور. وأشار الجدلاوي إلى أن المشكل ليس في محتوى باب الأحكام الانتقالية وإنما في الجهة التي تقدمت به. بينما عبر النائب عن كتلة وفاء مبروك الحريزي عن خشيته مما ستِؤول إليه تونس مشيرا إلى أنه منذ بدء أشغال المجلس تم العمل على تحطيم مؤسسات الدولة وآخرها النظام الداخلي. وتجدر الإشارة إلى أن المقرر العام للدستور الحبيب خضر أكد أن خمس لجان تأسيسية من ضمن ست لجان اجتمعت لإبداء رأيها في مشروع الدستور، وان 3 لجان أودعت تقريرها في مكتب الضبط فيما لا تزال لجنتان تستكملان التدقيق في المشروع ومن المنتظر أن تقدم تقريرها يوم الاثنين القادم، في حين لا يزال الإشكال عالقا حول لجنة السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والعلاقة بينهما أمام المنعرج الأخير لمشروع الدستور.