نشرت نائبة رئيس المجلس الوطني التأسيسي محرزية العبيدي تقول على جدارها الفايسبوكي :«عندما كنت صغيرة، كانت أمي تفتح باب بيتنا أمام الأشخاص الذين تغلَق أمامهم الأبواب لأنهم أخطؤوا، ومن ضمنهم فتاة غُرر بها فأصبحت بدون مأوى.. وكانت ترحمها وتعظها وتعينها. أتذكر أنني عاتبتها وأنا فتاة صغيرة على فعلها قائلة: «أمي كيف تفتحين بابنا لفتاة مرفوضة من المجتمع ونحن عائلة الإمام؟» إذ كان أبي إماما في بلدتنا آنذاك..ردت عليّ أمي بحكمة بسيطة: «اسمعي: إن لم أرحمها أنا زوجة الإمام فلن يرحمها أحد.. ثم يا ابنتي كلنا عرضة للخطأ.. لو كانت هذه الفتاة مريضة في بدنها، هل ستلومينني على إعانتها؟ هي مريضة في نفسها وعليّ أن أعينها كي تعود محترمة ضمن المجتمع». استعدت في ذهني هذه الحادثة وأنا أستقبل والدَي أمينة فيمن.. لنترك السياسة جانبا.. لنترك غضبنا من فعلتها وإن كان مشروعا، ولنستمع لشكوى هذين الأبوين اللذين أثبتا لي بالوثائق مرض ابنتهما ورأيت وسمعت الألم العميق في كلامهما..السؤال : ما هي الأولوية الآن؟ للعقاب أم لمعالجة يمينة وإنقاذها من براثن من يستعملْنَها خدمة لأغراضهن؟ يمينة أخطأت، ولكنها ابنتُنا.. وقد علمنا سيدنا رسول الله أن نرأف حتّى بالمخطئ ونعينه على نفسه.. أليس هو (صلى الله عليه وسلم) من نهى الصحابة عن ضرب السكير، وقال لهم إن فيه خيرا؟ أليس هو من أُرسل رحمة للعالمين؟ ألم يعلّمنا إسلامُنا فتح باب الحياة والتوبة وغلق باب الموت والجفاء واللعنة؟ أليس لنا مثَلٌ في صبر رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) على قوم كافرين غيّرهم بصبره وحلمه وعطائه وبحثه عن الدواء وليس العقاب؟ أريد أن أعيد أمينة لنفسها ولأمها التي تبكي خشية عليها من أن تضر نفسها بنفسها..أريد أن أصالح أمينة مع ذاتها وكرامتها كامرأة..أريدها أن تواصل دراستها وتصبح بحق تدافع عن المرأة بفكرها وعقلها وكفاءتها وليس بالعري وتعريض نفسها للخطر ولغضب شعبها وربها الكريم..لكن لن أستطيع أن أقوم بهذا وحدي.. فمن معي؟ من معي؟ من معي؟ يجب ألاّ تضيع «أمينة» وكل الأمينات في تونس الكرامة والرحمة والعدل.. أستشعر هذا كأمانة أمام الله والوطن ..اللهم وفقنا لحسن القول والعمل»..