«يا معهدا تحية... على مدى الأيام... قضيت فيك سنة... كالحلم في المنام» هكذا كنا نغني عند نهاية السنة الدراسية لما نفتتح فقرات الحفل المدرسي الذي كان عادة ضمن تقاليدنا المدرسية لا يمكن التخلي عنها لأننا فيها نقدم صورة حية من نشاطنا الثقافي طيلة سنة كاملة وخلالها نكرم أنجب التلاميذ بحضور الإطار التربوي والأولياء وتلاميذ المدرسة وكثيرا من الأحيان يشرف على هذا الحفل البهيج مسؤول سياسي أو تربوي. وفي الحفل المدرسي تتجمل مدارسنا وتلبس حلّة بديعة وتستقبل ضيوفها من المربين والتلاميذ والأولياء ليحضروا فقرات حفل يتعطر بتلقائية وعفوية الأطفال حيث ينتصب ركح العروض مقلدين أكبر المسارح.... وينطلق العرض عادة بتلاوة من القرآن الكريم... فإلقاء لقصيد يتغنى بالعلم أو بالوطن بصوت جوهري لتلميذ يشد الحاضرين بصوته الرخيم... وكوكتال من الأناشيد مواضيعها حول الوطن والأم والطبيعة... مسرحية هزلية يقلد فيها الصغار أبطالنا الكبار على غرار «الحاج كلوف» و «حميداتو» و «هناني» وقد تعقبها مسرحية أخرى في طابع توعوي اجتماعي بطلها طبيب يداوي مرضاه وينصحهم بحمية غذائية يتفاعل معه المتفرجون خاصة لما يشدهم «الدكتور الصغير» بميدعته البيضاء ونظارتيه السميكتين والسماعتين المتدليتين على كتفه مثل جهابذة الطب... وفي كل فقرة من العرض تتعالى آهات الاعجاب والضحكات والتصفيق لقاء ما يأتيه أولئك الصغار من مواقف رائعة تجسمها حركاتهم البريئة ولغتهم العفوية في لكنة الصغار بين اللهجة العامية ولغة الضاد. وفي خاتمة المطاف تشرئب الأعناق وتتسارع دقات القلوب كما يعتلي مدير المدرسة ويشرع في مناداة أصحاب الجوائز اسما اسما بداية من السنة الأولى وصولا الى السنة السادسة مع جائزة التلميذ المثالي داخل المدرسة لتقدم لهم جوائزهم تباعا من قبل مربييهم تحت وابل من التصفيق والاعجاب حيث يكرم الأبطال على منصة التتويج وتغمرهم عدسات التصوير صحبة مدرسيهم وأفراد عائلاتهم. هكذا... كنا نحتفي بيوم الحصاد ونبث الفرحة في مدارسنا لأنه يوم عيد... ومثلما نستقبل المدرسة نودعها... عكس اليوم حيث صار ختام السنة في «غياهب الجب» وغفل عنه الجميع وأصبح اليوم الختامي من الموسم الدراسي قاتما، عبوسا، حزينا بعد أن افتكت المؤسسات الثقافية المدنية من المدرسة حفلها وأفرغتها من مواهبها... دون أن ننسى عدم تحمّس التلاميذ الى مثل هذه الأدوار بعد أن فقدوا عفويتهم وحماسهم الى جانب أن ادارة المدارس الابتدائية تبرّر ذلك بعدم قدرتها على مجابهة مصاريف الحفل المدرسي في عصر الصورة والتقنيات الصوتية وغلاء الجوائز لندرك أن الحفلات المدرسية ولّت ولن تعود... اللهم عادت الضمائر الحية من تملك الرغبة في النهوض بالمدرسة بعد أن اعتراها الاعياء والسقم في كل عناصرها التربوية وقد يتمنى الصغار يوما وخاصة النجباء منهم عودة حفلهم المدرسي قائلين... ليت «حفل ختام السنة الدراسية» يعود يوما!!!