« عادل قطّع؟... كيفاش هرب؟.. شكون وراه؟...الطمع عمانا؟ ... أعطيونا فلوسنا... الدولة هي السبب...كيفاش صدقوه»؟ كلمات تداولها أمس التونسيون الذين استفاقوا لليوم الثاني على التوالي على وقع صدمة العديد منهم أمام اختفاء عادل الدريدي رئيس شركة :يسر للتنمية» لتوظيف الأموال لينقسموا بين متحسّرين باكين على «تحويشة العمر» باحثين عن مبرّر يخفّف من وطأة مصيبتهم وبين فرحين مسرورين لعدم تورّطهم في العمليّة وفي كلتا الحالتين تسمع العجب وتستغرب وقوعه خاصّة عندما يحدّثونك عن قيمة المبالغ المدفوعة والتي تجاوزت 100 مليون لدى البعض منهم . «التونسيّة» تعقبت أمس بعض ضحايا خبر محاولة فرار صاحب الشركة واستمعت اليهم فكان الريبورتاج التالي: بكلمات متشنّجة تكشف مدى الألم الذي يشعر به ومدى الحسرة التي تعتريه قال رضا فضّة موظّف بوزارة الداخليّة أنّه خسر 12 ألف دينار في عمليّة التحيّل موضّحا أنّه وضعها لدى الدريدي لكسبه ثقة هذا الأخير بعد الإفراج عنه من قبل الدولة وكذلك بعد رؤيته لإطارات عليا من مختلف الميادين يضعون مبالغ خياليّة لديه إثر حصولهم على قروض موضّحا انّ هذا الأمر شجّعه كثيرا وجعله يضحّي بأمواله رغبة منه في الترفيع من قيمتها علّه يتمكّن من قضاء أمور بقيت عالقة منذ مدّة. وطالب فضّة بضرورة تدخّل الدولة لاسترجاع أمواله قائلا: «أعطيني قرطلّتي وما حاجتي بعنب... مسامحو المهم ترجعلي فلوسي» ليتوّعد بعد ذلك بإحداث ضرر بنفسه إن لم يسترجع امواله قائلا: «مصارني مستعد نخرّجهم على فلوسي». استدرجونا ولكن أمّا نجاة فاستعرضت ضاحكة قصّة سائقها رياض قائلة «الحمد الله انّه لم يقنعني ولم اتورّط في العمليّة... لقد حاول مرارا إقناعي ولكن كلّ محاولاته باءت بالفشل» لتوضّح انّ هذا الأخير وبعد أن نجح في إقناع كافة أفراد عائلته وأصحابه باستثمار أموالهم في المؤسّسة وبعد أن وضع ما جمعه من ملايين وقيمتها 54 ألف دينار بين يدي الدريدي جرّاء بيعه لكافّة أغراضه حاول إقناعها هي الأخرى وإستدراجها عديد المرات لبيع سيارتها واستثمار أموالها لدى «يسر» للتنمية ممنّيا إياها بأحدث موديلات السيارات مؤكّدا لها أنّ الدريدي هو الحلّ لكن كافة محاولاته ،على حدّ تعبيرها، لم تجد عندها آذانا صاغية وباءت بالفشل الشيء نفسه ، الذي أكّده الأسعد وهو احد أجوارها الذي أوضح أنّ هذا السائق حاول إستدراجه هو الآخر لكنّه لم ينجح في ذلك جرّاء اقتناعه التام بكذب هذه المؤسسات وتحيّلها على المواطنين مهما طال أمدها مستشهدا بنماذج في دول عربيّة وما يتمّ بثّه في الفضائيات قائلا «ياخي ما يتفرجوش في أفلام عادل إمام حتّى ينصبوا عليهم» كما استعرض حالة أخرى ممن تمّ التحيّل عليهم وهو صديقه الذي يشغل خطّة عون امن قال إنّه وضع لدى الدريدي 67 ألف دينار منتظرا الحصول على 130 ألف دينار في 14 جويلية القادم لكنّ مخطّطه ذهب سدى ليشير إلى انّ هذا الأمني في حالة يرثى لها ويكاد يصيبه الجنون على حدّ تعبيره قائلا: «على الحالة اللي هو فيها جمعتين ويدخل منّوبة». كما قال الأسعد انّه يعتقد أن عمليّة التحيّل التي تعدّ الأكبر في تاريخ تونس ليست معزولة بل يقف وراءها أطراف نافذة بما يؤكّد وجود تواطؤ موضّحا أنّ المواطنين اكتسبوا ثقة الدريدي بعد الإفراج عنه من قبل الدولة. «ضحّت بعرق أولادها الحارقين» حالة «زهرة» أصيلة حي التضامن هي أكثر الحالات التي وجدناها على ألسنة أغلب من تحدّثنا إليهم فهذه السيدة وعلى حدّ تعبير أحدهم وضعت أموال أبنائها المهاجرين في مؤسّسة الدريدي رغم محاولة البعض ثنيها عن فعلتها قائلا: «300 مليون عرق أولادها الحارقين لإيطاليا ومضحين بأعمارهم حطّطهم عند الدريدي والله شيء يأسّف مساكن» أمّا أحد جيران الدريدي والذي خيّر عدم عن ذكر إسمه فقد قال إنّه أودع لدى هذا الأخير مبلغ 60 ألف دينار جناها من عرق جبينه بعد سنوات من العمل موضّحا انّه لم يفكّر للحظة بأنّ جاره سيتحيّل عليه مضيفا انّه سيعمل كلّ ما في وسعه لاسترجاع أمواله ليؤكّد انّه تمكّن بمساعدة بعض الضحايا وأعوان من الشرطة الإقتصاديّة من إلقاء القبض على فتاتين على علاقة بالدريدي وبحوزتهما 90 ألف دينار بعد إقتحام منزلهما. «غرّت بيه بنت حومتو» أمّا محمّد علي الرفرافي الذي تواجد أمس امام مقر «غالاكسي» فقد قال إنّه أودع أكثر من 7 آلاف دينار منتظرا حصوله على قرابة 21 ألف دينار في الأيام القليلة القادمة موضّحا انّه خسر كلّ ما كسبه من أموال من عمله في التجارة في لمحة بصر مؤكّدا انه وضع ثقته في الدريدي من إيداع إطارات كبرى لأموالهم مستشهدا بحالة موظف باحدى وزارات السيادة اودع 21 ألف دينار، أمّا عم سالم الذي يشتغل حلاقا فقد استعرض لنا حالة أحد حرفائه قائلا: «حريفي غرّت بيه بنت حومتو» موضّحا انّ هذا الاخير وعندما كان عائدا من عمله اعترضته احدى جاراته وأقنعته بوضع أموال القرض الذي كان ينوي به التحضير لترتيبات زواجه بين يدي الدريدي بغية استثماره ومضاعفته فما كان منه إلا الإذعان لذلك ليجد نفسه «لا هو من الفلوس ولاهو مالعرس» على حدّ تعبيره. «الطمع هزّنا» «كان عندك فلوس أنساهم» كلمات ردّدتها شقيقته صباح أمس الأول على مسامعه وهو لا يريد تذكّرها. هكذا قال مكرم التليلي (نادل)، حيث أشار إلى انّه وطمعا في الحصول على منزل بعد ان ضاق صدره من السكن مع أقارب زوجته وضع أمواله في شركة الدريدي على قسطين وكان في انتظار ما قيمته 39 ألف دينار ممنّيا نفسه بمنزل يليق بعائلته مؤكّدا انّه خسر ما جناه طيلة 11سنة من العمل مرجعا السبب إلى الدور الذي لعبته الدولة في ذلك بعد ان أطلقت سراح الدريدي ووضعته تحت المراقبة مما اكسبه المزيد من الثقة. أمّا أحد جيران الدريدي في العمل فقد بادرنا بالسؤال وملامح التعب تعلو محياه «زعمة شدّوه؟» وباستفساره أكّد أنّه وضع لدى جاره ما قيمته 77 ألف دينار موضّحا انّ النصيب الأكبر من هذه الأموال يعود لحرفائه نظرا لصبغة عمله التجاري ليشير إلى أنّ طمعه في مزيد الكسب جعله يخسر كلّ ما جناه وجعله مهدّدا بالإفلاس. «أولادي عارضوني وأنا السبب» من جهتها قالت آمال والدموع تخنقها إنّها السبب في خسارة أبنائها والتضحية ب40 ألف دينار مرجعة السبب إلى الثقة التي اكتسبتها بعد ان تمكّنت من مضاعفة مبلغ وضعته لديه في الفترة الاولى على انطلاق المؤسّسة مضيفة أنّ هامش الربح الذي حقّقته جعلها تفكّر في إعادة الكرّة رغم معارضة أبنائها. أمّا مرافقتها فقد قالت انّ احد أبنائها قد قام بتهديدها بحرق المنزل في صورة ضياع الأموال. أمّا بلال قطاط فقد كان يندب حظّه السيّء ويقول «انا السبب ...لقد أضعت مستقبل أبنائي» موضّحا انّه عاطل عن العمل وامام ما سمع عنه من تحقيق للأرباح عمد إلى بيع أغراضه ليضع ثمنها بين يدي الدريدي منتظرا حصوله على 16 ألف دينار الأسبوع القادم لكن يا خيبة المسعى ،على حدّ قوله، فقد أضاع كلّ شيء وجعل مصير أبنائه غامضا على حدّ تعبيره. من جهته قال فتحي انّ الإغراءات الماليّة كانت الدافع الوحيد الذي جعله يودع امواله في مؤسّسة الدريدي موضّحا انّ لوبي كبير يعمل معه وانّه من المستحيل على أيّ مواطن أن يتمكّن من استرجاع أمواله بعد إيداعها جرّاء الوعود الذي يتلقاها بإمكانيّة تحقيق ربح أكبر في المرّة القادمة مرجعا ذلك إلى طمع التونسيين في الحصول على أموال دون تعب قائلا: «أحنا التوانسة هازنا الطمع وقطعان الرقبة» ليطلب من الحكومة ضرورة التدخّل لتمكينهم من استرجاع أموالهم موضّحا انّ المواطن التجأ إلى مثل هذه الأساليب جرّاء تأزّم الأوضاع الإجتماعيّة وغلاء المعيشة . ليلى بن إبراهيم