كشف مصدر مسؤول من وزارة الحوكمة ومقاومة الفساد أن عملية إنجاز وإعداد الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد ستتأخر إلى موفى شهر أكتوبر على أقصى تقدير بعد أن كانت مقررة لشهر جوان الجاري. وأوضح مصدرنا أن أسباب التأخير متنوعة ومن أهمها عدم الانتهاء من إنجاز العديد من الأعمال التي تم ضبطها عند إطلاق الإستراتيجية في شهر ديسمبر من سنة 2012 وفي مقدمتها عدم الانتهاء من إعداد مدونة السلوك في القطاع العمومي التي تتطلب حسب رأيه وقتا أطول باعتبار ان العملية متشعبة وتشمل آلاف الموظفين ومئات القطاعات المتصلة إلى جانب تركيز نظام النزاهة ودعم الشفافية في القطاع العام علاوة على اكتشاف الساهرين على إنجاز الإستراتيجية أن المسالة على غاية من التعقيد من حيث الإجراءات والتراتيب. كما أسّر ذات المصدر أن تونس وبعد إطلاعها على العديد من التجارب المقارنة في العديد من الدول لا ترغب في نسخ بعض التجارب وتطبيقها على الواقع التونسي الذي له خصوصياته وفق رأيه مشيرا إلى أن إستراتيجية مكافحة الفساد في تونس ينبغي أن تكون مثالا يحتذى. ولم يفوت مصدرنا الفرصة للتلميح بحصول العديد من الصعوبات والعراقيل في عمل اللجان وحتى الوزارة في تعاملها مع بعض المصالح الأخرى ونقص وسائل العمل اللوجستية لتحقيق الأهداف المرسومة من دون الدخول في تفاصيل هذه الصعوبات. وتستوجب رزنامة عمل ضبط الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد والانتهاء من جميع العناصر والمحاور الخاصة بهذه الإستراتيجية واستكمالها عبر إعداد النصوص التطبيقية لمقاومة الفساد وتركيز نظام النزاهة وإعداد مدونة سلوك في القطاع العمومي. ومن المفروض أن يقع قبل انتهاء شهر جوان تطوير نظم ومؤشرات للمساعدة على أخذ القرار وتقييم المؤسسات العمومية علاوة على إنجاز خارطة المخاطر الوطنية والقطاعية ونشر التقارير لدعم النزاهة والشفافية فضلا عن العمل على إعداد مرجعية تخص القطاعين العام والخاص في ما يخص الجودة والمسؤولية المجتمعية (إيزو 26000) وتركيز خلايا الحوكمة وإنشاء صندوق لتمويل جهود مكافحة الفساد وتركيز البوابة الوطنية لمكافحة الفساد. وترتكز الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد على ستة محاور أساسية تتمثل في تعزيز وسائل الوقاية من الفساد وتنفيذ القانون والملاحقة القانونية ورفع مستوى الوعي والتثقيف والتكوين في مجال مكافحة الفساد إلى جانب تنسيق جهود مقاومة الفساد والتعاون الدولي والإقليمي المنظم مع تعزيز قدرات ودور هيئة مقاومة الفساد. وتهدف هذه الإستراتيجية التي تم الإعلان عنها بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة الفساد الموافق ليوم 09 ديسمبر 2012 خلال جلسة ممتازة للمجلس الوطني التأسيسي أشرف عليها الرؤساء الثلاثة، إلى سد المنافذ أمام ممارسة الفساد من خلال وضع أطر تنظيمية وترتيبية ووقائية تتعلق بدعم المساءلة والشفافية والنجاعة بالقطاعين العام والخاص. وجدير بالتذكير أن الفساد يقلص 2 من النمو الاقتصادي وفي المقابل ترفع الحوكمة والنزاهة 2 من النمو الاقتصادي كما أن 9 مواطنين من بين 10 يقرون بان الفساد يمثل ظاهرة اجتماعية واقتصادية خطيرة جدا علاوة على أن 35 بالمائة من المواطنين التونسيين تعرضوا لظاهرة الفساد. آليات التنفيذ ترتكز الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، على جملة من آليات التنفيذ منها تحديد الأدوار لكافة الشركاء بشكل واضح ومحدد والبدء في صياغة تصور قطاعي في مكافحة الفساد، وإرساء مخطط عمل لكافة الشركاء يقوم على تشكيل مجموعات قطاعية تختص بتطوير إستراتيجية قطاعية لمكافحة الفساد للمنظومة الأمنية بالتركيز على الداخلية والديوانة وتحديث وتطوير السلطة القضائية ودعم استقلاليتها وتطوير المنظومة الإدارية طبقا لمعايير الحوكمة والنزاهة. ويقوم مخطط العمل أيضا على اجتماع المجلس الأعلى لمقاومة الفساد وممثلين عن اللجان القطاعية لصياغة الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد مستندة على الإستراتيجية القطاعية علاوة على إشراك الفاعلين الأساسيين في كل قطاع تجسيدا لمبدأ المشاركة. وتتمثل ابرز القواعد الأولية للإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد في التزام تونس بالاتفاقيات الدولية والإقليمية والعربية لمقاومة الفساد وتجريم الأفعال الواردة في هذه الاتفاقيات مع تجريم الكسب غير المشروع وكل فعل يؤدي إلى المساس بالأموال العامة. عناصر القوة ومواطن الضعف في البيئة الداخلية للفساد وكشفت وثيقة الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد أنه تم إعدادها في إطار تحليل البيئة الداخلية والخارجية للبلاد وكذلك انطلاقا من عناصر قوة في الغرض تتمثل في العمل على صياغة دستور جديد للبلاد وحراك مجتمعي وتوجه شعبي نحو الديمقراطية ومحاربة كل أشكال الفساد. وبالنسبة لعناصر الضعف التي تم رصدها فتتمثل بالأساس في عدم وضوح الأدوار للجهات الحكومية وحداثة هيئة مكافحة الفساد وكثرة المهام المنوطة بها علاوة على حداثة مؤسسات المجتمع المدني التي تعنى بمقاومة الفساد علاوة على استفحال الفساد في مستويات عديدة في مؤسسات الدولة وفي المجتمع مع غياب رؤية وطنية وإستراتيجية وسياسات مكافحة الفساد.