نفّذ أمس عدد كبير من المواطنين المنخرطين في شركة «يسر للتنمية» لصاحبها عادل الدريدي وقفة احتجاجية أمام القطب القضائي بشارع محمد الخامس بالعاصمة ليتوجهوا في ما بعد الى المقر المركزي لحركة «النهضة» بجهة مونبليزير مطالبين بإطلاق سراح وكيل الشركة لضمان استرجاع أموالهم. وفي سابقة خطيرة منذ اندلاع ثورة الحرية والكرامة رفعت لأول مرة شعارات منادية بإرجاع «بن علي» إلى البلاد كتعبير من المحتجين على الموقف السلبي للحكومة في التعاطي مع قضية «الدريدي» التي تسبّبت في اندلاع موجة من الاحتقان والغضب الشعبي منذ ما يقارب ثمانية أيام. وقد ردّد المحتجون شعارات «يا حكومة عار عليكم»، «سيبولنا عادل» «رجعولنا فلوسنا» «رجعولنا بن علي... يحيى بن علي» (!!!) ووسط حالة من الإستنفار القصوى لوحدات التدخل والشرطة والجيش الوطني طالب عدد من المحتجين بمقابلة عدد من قياديي «النهضة» لحثهم على التدخل لإطلاق سراح عادل الدريدي الضامن الوحيد لحقوقهم على حدّ تعبير بعض المحتجين. «محمد ميلاد» أحد المتضررين من شركة «يسر للتنمية» ساهم بما قيمته 65 مليونا قال: «سبب قدومي اليوم أمام مقر حركة «النهضة» هو حث هؤلاء للتدخل لاطلاق سراح الدريدي كي يتمكن من ارجاع الأموال المقدرة بالمليارات لاصحابها». وتساءل «ميلاد» عن سبب اصرار الحكومة على الإحتفاظ بالدريدي الذي تعهد بتعويض كافة المتضررين قائلا: «لقد تمّ تعيين متصرف في تصفية الأموال والأملاك على مؤسسات الدريدي من طرف وزارة المالية في حين تعهد الدريدي خلال بحثه الأولي بتعويض كافة المتضررين». وأردف «ميلاد»: «لقد اعترف الدريدي خلال البحث أنه يمتلك ما قيمته مليوني دينار في شكل أملاك وعقارات كما يمتلك 3 ملايين دينار في حسابه البنكي وهي مبالغ هامة تمكن من جبر أضرار المشتركين في «يسر للتنمية»». وتتالت محاولات المحتجين لاقتحام المقر المركزي لحركة «النهضة» مطالبين بأن يتدخل لفائدتهم أحد قياديي هذا الحزب لطمأنة قلوبهم التي اكتوت جراء هذا التحيل الذي وصفوه ب «الأبشع والأخطر في تاريخ تونس» على حدّ قولهم. وفي المقابل استطاعت الوحدات الأمنية المتواجدة تطويق مقر الحزب والسيطرة على المحتجين حيث توافدت التعزيزات التي حالت دون وقوع أية صدامات أو اقتحام. عدّة نساء كن يطالبن ضمن المحتجين بضرورة إطلاق سراح الدريدي، حيث قالت «سناء» موظفة ومنخرطة بما قيمته 13 مليونا «اطلقوا سراح عادل كي يتمكن من ارجاع الأموال لأصحابها». وأضافت «سناء» أن الحكومة غضت النظر عن هذه القضية «الخطيرة» مبينة أنه بإمكان حركة «النهضة» التدخل لصالحهم وإطلاق سراح الدريدي لتفادي هذه الكارثة التي قد تتسبّب لهم في ترك سدّة الحكم على حدّ تعبيرها. المحتجون مكثوا ساعات طويلة أمام المقر المركزي لحركة «النهضة» تحت أشعة الشمس الحارقة التي لم تمنعهم من المطالبة بإطلاق سراح الدريدي. وهدد المحتجون بمواصلة الصمود والاحتجاج الى أن يتم الإفراج عن وكيل الشركة ليمكنهم من استرجاع أموالهم. زوجة الدريدي تطمئن بعض المحتجين أكدّوا أن زوجة «عادل الدريدي» قامت بطمأنة بعض المنخرطين بإعلامهم عبر ارساليات قصيرة SMS أنه في صورة إطلاق سراح رئيس الشركة سوف تتم تسوية كل الوضعيات ويستلم كل ذي حق حقه. وقالت «زينب» منخرطة بالشركة منذ عامين وتقطن بحي الكبارية: «لقد تلقيت ارسالية قصيرة SMS من طرف زوجة الدريدي أعلمتني فيها أنه في صورة إطلاق سراح «عادل» سيرجع كل الأموال لأصحابها لأنه يمتلك ما يكفي من أموال لخلاص جميع ديونه». وأوضحت «زينب» أنها مقتنعة بما قالته زوجة «الدريدي» وان ذلك يفسر قدومها أمام القطب القضائي للمطالبة بإطلاق سراح وكيل الشركة. «رحلات الموت من جديد» رامي هو شاب في عقده الثالث شدّد على ضرورة اطلاق سراح الدريدي قائلا: «ليعلم الجميع أن شركة «يسر للتنمية» هي سبب تراجع نسبة «الحرقة» الى البلدان الأوروبية». وأوضح «رامي» أن «رحلات الموت» سوف تعود من جديد لأن هذه الشركة قد وفرت مصدر قوت لعديد الشبان خاصة بجهة الكبارية والأحياء المجاورة. «التصدي مستمر» من جهة أخرى أكد مصدر رسمي من البنك المركزي ل «التونسية» أن البنك بصدد التصدي لمجموعة من شركات التوظيف المالي التي تعتمد نفس منهج شركة «يسر للتنمية». وأوضح ذات المصدر أن البنك المركزي قام برفع قضايا على عدد من الشركات التي تتعاطى نشاطا مصرفيا خارج الصيغ القانونية حسب قوله ونبّه مصدرنا الى ضرورة توخي الحذر ازاء النشاط الذي تتعاطاه بعض الشركات لما فيه من شبهات في التعامل بالأموال قصد التحيل وتبييض الأموال.