في رد له على المقال الصادر في «التونسية» بعنوان «هوامش حول حديث السيد الطاهر بلخوجة» بتاريخ التاسع من جويلية الجاري لصاحبه مصطفى قوبعة قال بلخوجة في لقاء مع «التونسية» ان مضمون المقال الذي عنون ب «الهوامش» لم يرتق الى مستوى عمق الرحلة التاريخية والسياسية للحقبة البورقيبية مضيفا ان ما قاله هو شخصيا حول موضوع الجرف القاري وتحميله المسؤولية للهادي نويرة ازعج نوعا ما البعض ممن اكتفوا بقراءة عنوان المقال دون المحتوى كاملا مؤكدا ان خسارة الجرف القاري لفائدة ليبيا هي مسؤولية جماعية يتحمل وزرها بورقيبة والهادي نويرة وكل الوزراء والمسؤولين. وبين الطاهر بلخوجة ان للمسؤولية درجات متفاوتة وخصوصا بالنسبة للمسؤولين المباشرين في اداء وظائفهم ملاحظا انه عاش العقد الزمني الذي امضاه الوزير الاول في الحكم وانه كان من أقران نويرة مضيفا ان هذا الاخير كان نقابيا مهابا ومن المخلصين للزعيم بورقيبة ولكن كل هذا لا يمنع انه في آخر السبعينات تزامنت قضايا الحكم في تونس مع قضية ليبيا وظهر هاجس الخلافة جليا في هذا الفترة مؤكدا ان بورقيبة كان قد اختار الهادي نويرة لخلافته منذ سنة 1943 ومنذ ان سجنا معا في سجن «سانت نيكول» بفرنسا مستطردا ان المجاهد الاكبر حافظ دوما على هيبة وزيره الاول دون ان يدخله في «معمعة التصرف الحكومي» طيلة مرحلة الخمسينات والستينات ثم جاءت بعد ذلك الازمة الصحية التي مر بها نويرة سنة 1980 مما جعل جميع حسابات ومخططات بورقيبة بالنسبة لقضية الخلافة تتبخر وتسقط في الماء وتبعا لذلك سنحت الفرصة لتزاحم الدخلاء على مؤسسة الحكم ومن بينهم بن علي ووقع نسج مخطط «التصميم السياسي» الذي قاد الى خلع بورقيبة عام 1987 وفق كلامه. واوضح الطاهر بلخوجة ان ما اصطبغت به فترة السبعينات من احداث متداخلة كان بامكانها تغيير مصير تونس لو لم تغب عن مسؤولي نظام بورقيبة المصالح المستقبلية للشعبين التونسي والليبي مبينا ان الخلفيات السياسية والسباق للفوز بخلافة الزعيم اتت على اساس ما كان يستجوبه تأسيس مصير مشترك بين البلدين مضيفا انه اضافة الى تناسق وتلاحم الطبيعة تاريخا وجغرافيا بين تونس وليبيا لا يجب اغفال انه توجد توجهات سياسية تستوجب الصقل في اطار الوفاق لإنهاء كل العراقيل او الخلفيات المعرقلة مبينا ان هذا الرهان طرح بالأمس ويطرح اليوم لان ما يشغلنا اليوم هو اخطر بكثير من اي وقت مضى حتى تحافظ تونس وليبيا على استقرارهما واستمرارية كيانهما مهما كان حجم تعفن الوضع مشددا على ان استقرار تونس رهين استقرار ليبيا والعكس صحيح موضحا انه لا بد من قراءة الف حساب لعدوى التفكك الليبي وكذلك الشأن بالنسبة للعلاقة مع الجزائر التي تستوجب تدعيما اكبر خاصة من الجانب السياسي والامني نظرا لخطر تنظيم القاعدة الذي يتهدد المنطقة ككل مؤكدا على ضرورة التنسيق والتشاور مع الجزائر للتصدي لغول الارهاب الجاثم على الصدور حسب قوله. تجاسر على الزعيم من جهة اخرى بين وزير الداخلية السابق في نظام بورقيبة ان صاحب المقال تجاسر على الزعيم وعلى العقيد وزعم ان القذافي انقض على بورقيبة الذي كان يبحث عن مصادر للثروة الوطنية كما اتهم كل الطبقات السياسية بالتكالب وراء منطق الغنيمة واختصر الشعب التونسي في «عيونه الطامعة» ووصل به الامر الى درجة المس بهياكل الامن التي تجسد امال وتطلعات المواطنين في الاستقرار والامن موضحا ودائما في موضوع الجرف القاري ان الزعيم بورقيبة قرر رسميا حضور الاحتفالات الرسمية بعيد استقلال ليبيا سنة 1973 مضيفا ان بورقيبة كان يريد الاستمتاع باستشهاد مشروع الوحدة بين ليبيا ومصر التي رفضها المصريون ليغتنم وقتها الفرصة ليدعو القذافي الى زيارة تونس قائلا حرفيا «خليكم من المشارقة يمكننا فعل الكثير مع بعضنا البعض» مبينا ان بعد عام فقط من هذه الحادثة كان لقاء جربة حسب قوله. واجهنا أوقاتا عسيرة بأقل كلفة وشدد بلخوجة على ان مسؤولي نظام بورقيبة لم يرتقوا الى حجم تفكير ورهانات بورقيبة وانهم لم يحسنوا التصرف لتجسيد وحدة تونسية ليبية كانت ستكون بمثابة الملحمة مبينا ان تونس شهدت اوقاتا عسيرة في تلك المرحلة تخللت مشروع الوحدة وموضوع الجرف القاري اضافة الى قضية اختطاف اللاجئ الليبي « عمر المحيشي» وما تولد عنه من مشاكل سنة 1975 وايضا اختطاف الطائرة التي تقل وزراء النفط في نفس السنة من طرف الارهابي « كارلوس» والتي ارادت الهبوط في مطارات تونس مما اضطر السلطة آنذاك الى اغلاق جميع مطارات البلاد اضافة الى اختطاف «رؤوف مهني» ابن رجل الاعمال علي مهني وغيرها مشيرا الى انه وقع الخروج من عنق تلك المرحلة بأخف التكاليف وانه رغم ذلك حرص نظام بورقيبة على عدم قطع كل الخيوط الرابطة والواصلة بين تونس وليبيا بعد انهيار مشروع الوحدة حسب ما جاء في كلامه. انقسام الحكومة الى شقين واوضح بلخوجة انه بعد فشل الوحدة طرح من جديد موضوع الجرف القاري بعد ان لمست الحكومة التونسية تجاوبا وسعيا لضبط حدود الجرف وآليات استغلاله من قبل ليبيا مضيفا ان شركات عالمية اولاها ايطالية حلت على عين المكان لذات الغرض مستطردا ان الاساطيل الحربية ايضا حضرت على هذا الجانب وذاك واقترب البلدان من مواجهة حربية مبينا انه ازاء هذا الوضع انقسمت الحكومة الى شقين: شق مع المواجهة والاصطدام وشق اخر طالب بالتعقل وضرورة التهدئة مضيفا ان سقوط مشروع الوحدة هو من اجهض مشروع الجرف القاري ورهان الاستغلال المشترك مبينا ان غرور مسؤولي نظام بورقيبة بصلابة موقف تونس هومن اسباب خسارة الجرف موضحا ان كل الاطراف السياسية ان كانت تونسية او ليبية تتحمل المسؤولية في ذلك حسب تعبيره. قانون العزل السياسي سيضرب الوحدة الوطنية وانهى بلخوجة قوله بان التاريخ سيثبت كل المسؤوليات وهو من سيحاسب الاحداث والاشخاص مستطردا ان الشعب له الحق في معرفة تاريخه وما تخلله من احداث وتجاذبات مضيفا ان عهد المجاهد الاكبر كان عهدا شبيها بالأسطورة مليئا بالرجال والخصال ومليئا بالرهانات معترفا في ذات الصدد بالأخطاء المرتكبة واصفا اياها ب «الأخطاء الاقل كلفة» بالنظر الى مشاكل تلك المرحلة ملاحظا انه ليس بامكان اي نظام محاسبة نظام سبقه الا في ما يتعلق بالجريمة المشخصة داعيا الشعب التونسي الى قراءة تاريخه والدفاع عن كيان الدولة ورجالات التاريخ الى العودة للشهادات الحية للجيل البورقيبي مشيرا الى ان الجزائر تمكنت بعد سنوات من الاقتتال والارهاب الى تحقيق الوحدة الوطنية بفضل الاستفتاء على المصالحة الوطنية باستثناء من اجرم في حق الجزائر الذي اقره الرئيس بوتفليقة مضيفا انه لا بد من العدول عن تمرير قانون الاقصاء والعزل السياسي المسمى ب «تحصين الثورة» لأنه سيضرب الوحدة الوطنية وسيقسم الشعب ويغذي الكراهية والبغضاء حسب ما جاء في كلامه.