التونسية (تونس) في قراءة لمسودة الدستور المؤرخة في غرة جوان 2013، اعتبرت رئاسة الحكومة أن مشروع الدستور ستكون بمثابة الأساس المتين لبناء دولة مدنية ديمقراطية قوامها احترام سيادة الشعب وحقوق الإنسان وعلوية القانون مثمنة الوضوح في عديد المسائل الجوهرية بناء على توافقات وطنية أبرزها ما تعلق بتأسيس الدستور على تعاليم الاسلام ومقاصده المتسمة بالتفتح والاعتدال والتأكيد على النظام الجمهوري للدولة وعلى مدنيتها. وأشارت رئاسة الحكومة الى ان المشروع المعروض جاء حريصا على تكريس حقوق الانسان والحريات العامة واستيعابها بأجيالها الأربعة التي أرستها المنظومة الكونية لحقوق الانسان، فنص على الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية وحريات الرأي والتعبير والنشر والإعلام والتنظيم والتحزب معتبرة أن مسودة الدستور جاءت بأهم وأحدث ما تم إقراره أمميا ودوليا في إطار المنظومة الكونية لحقوق الإنسان والحريات كالحق في الماء وفي بيئة سليمة. في المقابل، أوضحت رئاسة الحكومة، في قراءتها للمسودة ، ان هناك العديد من النقاط الجوهرية التي لم يتم التعرض لها وقد تخلق إشكالا في صورة عدم توضيحها مثل الفصل 91 الذي يقول «اذا تعذر على رئيس الحكومة ممارسة مهامه بصفة وقتية يفوض سلطاته الى آحد الوزراء» مؤكدة ان هذا الفصل تم فيه إغفال الحالة التي يحصل فيها تعذر وقتي لرئيس الحكومة دون ان يقوم بتفويض سلطاته داعية لجان المجلس التأسيسي الى تلافي هذا النقص من خلال التنصيص صراحة على الطرف الذي يحل محل رئيس الحكومة في ممارسة سلطاته في هذه الحالة. وأضافت رئاسة الحكومة ان مسودة الدستور لم تقم بالتنصيص على أي شرط للمرشح لمنصب رئيس الحكومة وخاصة شرطي الجنسية والدين كما لم يتم التنصيص صراحة على أنه في حالة استقالة الحكومة أو سحب الثقة منها فإنها تواصل تصريف الإعمال الى حين تكوين حكومة جديدة داعية الى التنصيص صراحة على ان الحكومة المستقيلة أو التي تم سحب الثقة منها تواصل تصريف الأعمال الى حين تسلم الحكومة الجديدة مهامها تفاديا لحالة الفراغ أو تأويل مخالف. و لاحظت رئاسة الحكومة غياب التنصيص على الية استعجال النظر في بعض مشاريع القوانين ذات الاهمية الكبرى معتبرة ذلك مسألة جوهرية قد تعطل مستقبلا عمل الحكومة خاصة اذا تعلق الأمر بمشاريع قوانين ضرورية لتنفيذ برامج اقتصادية أو اجتماعية أو غيرها مبرزة أنه لم يتم تقييد المحكمة الدستورية بأي اجل عند تعهدها بالنظر في دستورية مشاريع القوانين التي تعرض عليها من قبل رئيس الجمهورية بعد مصادقة مجلس نواب الشعب مقترحا في مستوى الفصل 117 ضبط آجال البت في دستورية مشاريع القوانين والقوانين الدستورية والمعاهدات من قبل المحكمة الدستورية. كما شابت مسودة الدستور في عديد المواضيع صياغة غير دقيقة قانونية فوردت بعض إحكامه في أسلوب إنشائي أدبي كما اشتمل المشروع عديد التفاصيل التي تعد من مجال القانون وهو ما ادى الى اثقال المشروع كميا 146 فصلا، كذلك تم اعتماد عبارات ومصطلحات غير متجانسة فتارة تستعمل عبارة القانون على اطلاقها عند اقرار علوية القانون في الفصل 2 وطورا نميز بين الدستور والقانون (الفصلان 34 و100). كما تضمن المشروع عبارات جديدة للدلالة على مؤسسات قائمة على غرار «الأمن القومي» عوضا عن «الأمن الداخلي» أو «الأمن الوطني» بحسب الحالة و«الجريدة الرسمية» عوضا عن الرائد الرسمي دون ان يستتبع ذلك بتغيير من حيث الأصل وهو ما يطرح تساؤلا حول استقرار بعض المنظومات حتى من خلال تسمياتها. وشملت ملاحظات رئاسة الحكومة أيضا مسألة تداخل صلاحيات رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة في مجالات الأمن والدفاع والخارجية مشيرة الى أنه رغم ما تم تحقيقه من توافقات حولها، فان احكام الباب الرابع للسلطة التنفيذية تثير عديد الإشكاليات الفنية والإدارية في ما يتعلق بالتداخل بين صلاحيات رأسي السلطة التنفيذية في مجالات الدفاع والخارجية والامن القومي وتبدو الإشكاليات العملية واضحة من خلال الفصلين 76 و88.