خطا مجلس نواب الشعب خطوة جديدة نحو تسوية وضعيات البناءات المنجزة دون تراخيص قانونية في تونس. فقد صادق مكتب البرلمان، خلال اجتماعه يوم الخميس الماضي، على إحالة مقترح قانون على لجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية. ويهدف هذا النص إلى تكييف الإطار القانوني مع الواقع الميداني، من خلال إقرار سلّم خطايا مالية تتراوح بين 35 و700 دينار عن كل متر مربع زائد، وذلك حسب صنف البناء المعني. تعديل موجّه لقانون سنة 2015 هذا المقترح، الذي تقدم به عدد من النواب، يسعى إلى تنقيح ثلاثة فصول أساسية (2، 5، و14) من القانون عدد 11 لسنة 2015 المتعلق بتسوية وضعيات البناءات المخالفة لرخص التهيئة. ويقترح التنقيح الجديد للفصل 2 تمديد الفترة الزمنية المشمولة بالقانون لتشمل البناءات المشيّدة إلى غاية 30 جانفي 2025، بما يتيح فسحة إضافية للراغبين في التسوية. أما تعديل الفصل 5، فينص على أنه يتعيّن على المواطنين المعنيين إيداع ملفاتهم لدى الجماعة المحلية المختصة في أجل أقصاه ثلاث سنوات من تاريخ دخول القانون حيّز التنفيذ، مع تسليم وصل في الغرض عند الإيداع. وستُنشر تواريخ انطلاق وغلق قبول الملفات في صحيفتين يوميتين، وأسبوعيتين، وكذلك عبر وسائل الإعلام السمعية والبصرية. سلّم تدريجي وخطايا واضحة ينص الفصل 14 في صيغته الجديدة على أن كل عملية تسوية ستخضع وجوبًا إلى خطيّة مالية تُسدّد لفائدة المحاسب العمومي التابع للجماعة المحلية، وذلك قبل صدور القرار النهائي. وتُضاف هذه الخطية إلى معاليم الرخصة العادية للبناء. وسيتم تحديد مقدار الخطيّة استنادًا إلى المساحة الزائدة ونوع البناء، ضمن سلّم يتراوح بين 35 و700 دينار للمتر المربع. ولم يوضّح النص بعد المعايير الدقيقة لتصنيف أنواع البناءات، والتي يُتوقع تحديدها لاحقًا عبر أمر حكومي. ردّ على تفشّي البناء العشوائي في مذكرة شرح الأسباب، أشار النواب المبادرون إلى أن تعليق تطبيق قانون 2015 لعدة سنوات أدى إلى فراغ قانوني، منع الجماعات المحلية من البتّ في آلاف ملفات التسوية المودعة، مما ساهم في انتشار البناءات العشوائية، التي غالبًا ما تفتقر إلى معايير السلامة والتخطيط العمراني. وأكد المشرّعون أن هذه المبادرة تهدف إلى استعادة هيبة الدولة في مجال التهيئة العمرانية، مع تقديم مخرج قانوني منظم للراغبين في تسوية وضعياتهم. وهكذا، فإن إعادة إرساء إطار قانوني واضح، مع اعتماد خطايا مالية تصاعدية ولكن غير تعسفية، من شأنه أن يُشكل منعطفًا في إدارة ملف البناءات غير المرخصة في تونس. ويبقى على اللجنة البرلمانية المختصة الحسم في هذا الملف الحساس، الذي يتقاطع مع قضايا التخطيط الحضري، والعدالة الاجتماعية والضريبية. تعليقات