كان في الحسبان أن يقع صباح أمس الاربعاء عرض المنسق الجهوي بسوسة ل«حركة تمرد» على أنظار احد قضاة المحكمة الابتدائية وذلك على خلفية اتهامه بالاعتداء بالعنف على أحد مراسلي بعض المواقع الالكترونية. لكن تزامن هذه المحاكمة مع وقفة احتجاجية لعدد من مكونات المجتمع المدني وإنزلاقها إلى مشاحنات مع قوات الأمن جعلت الأمور تنقلب إلى جملة من الأحداث الخطيرة والتي ألقت بظلالها على المحكمة ومحيطها القريب والبعيد على حد السواء. دعوة لوقفة احتجاجية تزامنا مع محاكمة حمدي بن صالح منذ تعيين تاريخ صباح أمس كموعد لمثول حمدي بن صالح منسق سوسة لحركة تمرد تحرك زملاؤه وعدد من ناشطي المجتمع المدني والسياسي بالدعوة لوقفة إحتجاجية أمام مقر المحكمة الابتدائية بسوسة وهو ما تم فعلا تحت أنظار أعداد لافتة ومكثفة من رجال الأمن غطت مدخل المحكمة ومحيطها. هذه الوقفة الاحتجاجية رفعت خلالها العديد من اللافتات ورددت خلالها شعارات وقع إعدادها مسبقا صبت كلها في صلب المطالبة بإطلاق سراح حمدي بن صالح والتأكيد على براءته من التهمة الموجهة له. إيقاف أربعة من المحتجين ينقلب إلى مواجهة مع إقتراب انطلاق موعد جلسة المحاكمة توجه عدد من الشباب المتضامنين مع زميلهم حمدي بن صالح للدخول إلى بهو المحكمة قبل الالتحاق بقاعة الجلسة، لكن البعض من رجال الأمن قاموا بمنعهم من دخول بهو المحكمة مما تسبب في مشاحنات وجدل حاد بين الطرفين قامت قوات الأمن أثنائه بإيقاف أربعة من الشباب الموجودين على عين المكان. صفعة الأستاذ معز السافي الذي كان متواجدا على عين المكان في إطار مباشرته لمهامه كمحام ومن دون ان يكون طرفا في القضية ووفق روايات موثقة لعدد من زملائه وشهود العيان عبر عن إمتعاضه من تصرف رجال الأمن متوجها للبعض منهم بالحديث «لماذا هذا التصرف؟... من حق أي مواطن الدخول إلى المحكمة... الجلسة علنية.. فلماذا تمنعون الناس من الدخول؟... ثم ندد بتصرفات الأمنيين التي كان فيها الكثير من التشدد... كاشفا عن هويته كمحام حين سأله البعض عن سبب تدخله... وفي الأثناء ووفق نفس المصدر الذي كان حاضرا على عين المكان قام أحد الأعوان... بصفعه بشدة على مؤخرة رقبته مما تسبب له في الكثير من الإحراج والألم المعنوي والمادي وهو ما استوجب نقله على الفور إلى قسم الاستعجالي ثم إلى إحدى المصحات للوقوف على تأثيرات هذا الاعتداء... المحامون يتضامنون وتعليق لجلسات المحكمة على ضوء ما جد من أحداث شب إحتقان كبير في أوساط المحامين الحاضرين على عين المكان وعم جو كبير من التوتر داخل المحكمة وفي محيطها وقرر المحامون تعليق حضورهم الجلسات المبرمجة مما أجبر المحكمة على تعليق عملها لغاية تجاوز هذا الإشكال. وقد ربط المحامون رجوعهم للعمل بإيقاف عون الأمن المعتدي على زميلهم. النيابة العمومية تفتح تحقيقا والمتضرر يرفع قضية تفاعلا مع مجريات الأحداث قام الفرع الجهوي للمحامين بالاجتماع مع ممثل النيابة العمومية ورفع شكوى في حق زميلهم المعتدى عليه وقد تجاوبت النيابة بالإذن بفتح تحقيق فوري في ملابسات الحادثة لتحديد المسؤوليات مع الإذن بإطلاق سراح الموقوفين الأربعة. هذا وقد سجلنا احتقانا كبيرا في أوساط المحامين الحاضرين منهم ومن التحق بمسرح الأحداث تبعا للمستجدات وقد عبر عدد كبير منهم عن استيائه من الاعتداء على زميلهم. النقابات الأمنية تتهم معز السافي بالمبادرة بالاعتداء في اتصال مع الأستاذ معز السافي للاطمئنان على أحواله أعلمنا انه تقدم بطلب الحصول على شهادة طبية لتضمينها ملف القضية كما أعلمنا انه استغرب من إدعاء بعض الأطراف الأمنية تعرضهم بدورهم للاعتداء حيث يبدو ان بعض الأطراف النقابية قامت على ما يبدو بتبني هذه الفرضية وأفادت في أحد المداخلات الإذاعية أن عدد من زملائهم تعرضوا هم أيضا للاعتداء. العمادة تندّد في تونس أصدر عميد الهيئة الوطنية للمحامين بيانا قال فيه أنه بعد علمه بالاعتداء الذي تعرض له الأستاذ معز السافي، المحامي بسوسة بمقر المحكمة الابتدائية بسوسة من قبل أحد أعوان الأمن، فإنه يعبر عن: أولا: تنديده الشديد بهذا الاعتداء ورفضه المطلق لكل أشكال العنف الذي يتعرض لها المحامون. ثانيا: تضامنه المطلق مع الزميل المعتدى عليه وكافة المحامين بالفرع الجهوي بسوسة. ثالثا: مطالبته السلط المعنية والجهات القضائية بتتبع الجاني، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضده بما يكفل رد الاعتبار للزميل وللمحاماة. رابعا: ينبه من خطورة تكرار مثل هذه الاعتداءات على لسان الدفاع في الآونة الأخيرة ويدعو كافة الأطراف إلى تحمل مسؤولياتهم. خامسا: يؤكد على ضرورة تطبيق الفصل 48 من المرسوم عدد 79 لسنة 2011 المنظم لمهنة المحاماة.