يزور بلادنا هذه الأيام السيد فرنسيس مود الوزير المعتمد لدى رئيس الحكومة البريطانية المكلف بالشفافية وذلك لإجراء لقاءات مع نظرائه التونسيين في إطار التعاون التونسي البريطاني في مجال الشفافية والحوكمة المفتوحة. وقد التقى الوزير البريطاني أمس بالسيد كمال العيادي الخبير في مجال سياسات التوقي من الفساد، ورئيس المكتب البريطاني لمكافحة الفساد لدى منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، وذلك بحضور الوفد المرافق للوزير والقائم بالأعمال بسفارة المملكة البريطانية بتونس. و قد تم هذا اللقاء بطلب من الوزير البريطاني رغبة منه في التحدث إلى خبراء مستقلّين لمزيد الإلمام بواقع الفساد بتونس، ومدى نجاعة وتأثير السياسات والبرامج المعتمدة في مجال مكافحة الفساد في الواقع المعاش. و تجدر الإشارة إلى أن المملكة البريطانية تعتبر من الدول الرائدة في مجال مكافحة الفساد حيث يعتبر البلد الوحيد الذي ادخل مكافحة الفساد إلى دائرة المواصفات والتصديق من خلال إحداث مواصفة في مجال الرشوة وهي منظومة شبيهة بمنظومات الجودة يقع بمقتضاها المصادقة على برامج مكافحة الفساد بالمؤسسات والمنظمات غير الربحية ومنحها علامة خاصة مثل علامة الجودة. هذا فضلا عن تقدم التشريعات بهذا البلد على بقية دول العالم حيث يوجد بالمملكة البريطانية قانون يُعاقب المؤسسات الاقتصادية التي لا تعتمد على آليات النزاهة ضمن منظومة التسيير. وهذه المقاربة تضع مسؤولية مكافحة الفساد على عاتق مسيري المؤسسات والمنشآت والهياكل العمومية والخاصة. واقع الفساد بتونس من خلال التقارير العالمية للشفافية و بالعودة إلى تونس تجدر الإشارة إلى أنّ مجمل التقارير الصادرة خلال الأسابيع المنقضية أشارت إلى انتشار هذه الظاهرة في بلادنا خلال السنتين الأخيرتين. وقد برز ذلك بالخصوص من خلال التقرير الذي اصدرته منظمة الشفافية العالمية منذ أسبوعين «بارومتر الفساد العالمي» بناء على استبيان شمل فئات واسعة من المجتمع التونسي، حيث يرى 81 بالمائة من المستجوبين أن مستوى الفساد ارتفع كثيرا أو نسبيا ، فيما لا تتجاوز نسبة المستجوبين الذين يقرون أن مستوى الفساد بقي على حاله أو شهد تراجعا ضعيفا 19 بالمائة. نفس التقرير بين أن القطاعات التي تعرف انتشار الفساد أكثر من غيرها هي على التوالي: الأمن بنسبة 69 بالمائة من المستجوبين، تليه الأحزاب السياسية 66 بالمائة ثم القضاء 56 بالمائة والاعلام 53 بالمائة ثم المسؤولين والموظفين بالقطاع الحكومي 49 بالمائة ، وأعضاء البرلمان 40 بالمائة الخ.