كشف التقرير الأخير لمنظمة الشفافية العالمية والذي يرتب البلدان حسب مؤشر مدركات الشفافية والفساد الصادر بتاريخ 1 ديسمبر الجاري، أن الفساد في تونس في مجال البنية التحتية زاد ب 14 نقطة فبعد أن كانت تونس تحتل المرتبة 59 بلغت هذه المرتبة 73 على 183 بلدا... ولعل المثير للانتباه هو ارتفاع مؤشر الفساد حتى بعد الثورة رغم أن البلاد يفترض أنها تعيش مرحلة انتقال ديمقراطي وتكرس كل جهودها لتفعيل آليات القضاء على هذه الظاهرة. هذا التقرير كان محور لقاء صحفي انتظم أمس، تولى خلاله السيد كمال العيادي الرئيس السابق للاتحاد الدولي للمنظمات الهندسية والرئيس المؤسس الحالي للجنة العالمية لمكافحة الفساد بالاتحاد والممثل الإقليمي لشمال إفريقيا والشرق الأوسط للمركز البريطاني بقطاع البنية التحتية، تقديم قراءة في هذا التقرير فضلا عن التعليق على تراجع تونس ب 14 نقطة مستعرضا في نفس الوقت الإجراءات الكفيلة لمكافحة الفساد. ويندرج هذا اللقاء في إطار الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة الفساد الذي يوافق ل 9 ديسمبر الجاري. وفي تفسيره لأسباب تراجع ترتيب تونس في هذا الأمر أورد العبيدي أن الفساد يزداد خلال الأنظمة الانتقالية بسبب التسابق نحو تحصيل الوضعيات المكتسبة ليشهد تراجعا فور تفعيل هذه الأنظمة لآليات مكافحة الفساد كما أن ارتفاع مؤشر الفساد يعود أساسا الى عوامل تتصل بالمؤشر ذاته استنادا الى أن المؤشرات المبنية على الإدراك لها مصداقية ثابتة غير أن لها نقاط ضعف إذ تحلل بناء على الاتجاه كما أن نتائج الاستبيانات المنجزة بالأنظمة الشمولية قد لا تعطي الصورة الكاملة عن الأوضاع الحقيقية بسبب عامل الخوف والرقابة الذاتية. وأضاف أن العوامل الأساسية التي أدت الى تفاقم الفساد بتونس هو العامل الفردي الذي يكرس جاهزية الأفراد للتسليم بالرشوة كظاهرة مجتمعية مسكوت عنها ومتسامح معها فضلا عن الممارسة الكليانية اي الانحراف بالسلطة وعدم تفعيل القوانين. وتطرق العبيدي في نفس السياق على أن مؤشر إدراك الشفافية والفساد يعتمد على معطيات وبيانات وتحاليل مستقاة من 3 الى 17 مصدرا تعتمد أساسا على تحاليل خبراء مقيمين وغير مقيمين واستطلاعات رأي وتحقيقات ميدانية يقع إعدادها من قبل 13 مؤسسة بينها البنك العالمي, البنك الإفريقي للتنمية. وينبني "مؤشر 2011" على معطيات تم تجميعها من ديسمبر 2009 الى ديسمبر 2011 . وتبقى الإجراءات الكفيلة للحد من الفساد في مجال البنية التحتية وفقا للرئيس السابق للاتحاد الدولي للمنظمات الهندسية، تكمن في تجاوز ثقافة التشهير الى ثقافة الوقاية من الفساد فضلا عن إدماج آليات لكشفه والتوقي من حدوثه ضمن منظومات التصرف علاوة على تفعيل أجهزة الرقابة وتكريس استقلاليتها والنهوض بالنزاهة الفردية. تجدر الإشارة الى أن المركز العالمي لمكافحة الفساد في قطاع البنية التحتية مقره العاصمة البريطانية ويتمثل نشاطه أساسا في إنتاج محتوى برامج تكوين وتطوير آليات للحد من الفساد استنادا الى ان حجم الفساد عالميا في هذا القطاع يقدر ب 10 بالمائة من مجموع الاستثمار.