جيهان لغماري نفس السلاح ونفس المشتبه بهم أشخاصا أو خلية أو تنظيما، هذا أقصى ما عرفناه في حادثي اغتيال بلعيد والبراهمي. الندوة الصحفية لوزير الداخلية زادت من حجم الأسئلة المطروحة عوض أن تساهم في إنقاصها على الأقل أو الإجابة عنها نهائيا وبشكل جازم وحاسم. متهم وقعت مداهمة منزله فإذا بقدرة وحي نزل عليه يغادر قبل ذلك بقليل ثم وبدم بارد وقدرة فائقة في التخفي في مساحة جغرافية صغيرة، يتحدى الجميع ويغتال البراهمي ب14 رصاصة وبوجه مكشوف!. هل هناك اختراق أمني أم فشل في التنسيق؟ أم تفاصيل أخرى مجهولة لكنها سبب هذا الاحتقان والعنف؟. اغتيال البراهمي وبلعيد بداية قاتمة لاغتيالات أخرى قادمة بسرعة البرق ما لم يقع الكشف الكامل لا عن اليد التي ضغطت على الزناد، بل عن الأيادي التي خططت والتي لن تكون في كل الحالات إلا أطرافا سياسية داخلية وخارجية لها مصلحة سياسية مباشرة في إخماد صوتيْهما المنتصرين للعدالة الاجتماعية واستقلالية القرار الوطني ومعاداة كل القوى الامبريالية التي تعمل على تأبيد خضوع الدول الصغيرة لأجنداتها في السيطرة على ثرواتها وقراراتها. إذ أن البعض يتناسى عمدا أن الاغتيال السياسي يعني آليا وجود طرف سياسي آخر له مصلحة مباشرة في ذلك لخلق إطار أو مشهد سياسي جديد وقابل للسيطرة عليه بسهولة، والدليل هو أن الاكتفاء بربط القتلة بتيارات دينية متشددة غير مسيسة لا يستقيم لأن استهداف رمز سياسي يساري بدأ صوته يجد قبولا لدى العامة ثم استهداف رمز قومي أيضا بدأت مواقفه العروبية ومقارباته التي تجعل من تونس ركنا من أركان التحرر العربي في القبول لدى عدد غير قليل من الناس، يجعل الاكتفاء بتحديد الضاغط على الزناد محاولة لطي الصفحة بسرعة وكأن شيئا لم يحدث. وبخلاصة وإضافة للمنفذ فإن أياد كثيرة سياسية داخلية وخارجية ضغطت على الزناد. انتهت اللعبة..وبدأت لعبة أخرى لن تكون خاتمتها إلا باستعادة مطالب الثورة الحقيقية مهما كانت آلام الولادة أو بالدخول في متاهة الرصاص ولغة الموت والقصاص!.