مع وصول جثث الشهداء وبقية الجرحى الى مستشفى القصرين ومرافقيهم من العسكريين ومن خلال الحديث معهم اتضحت الصورة الكاملة للحادثة الاليمة وهي ان وحدة عسكرية تتكون من 8 ينتمون الى الوحدات الخاصة يقودها الملازم اول الشهيد نزار المكشر كانت عائدة قبل موعد الافطار بحوالي ساعة من مكان تمركزها في اعالي الشعانبي وتحديدا بمنطقة التلة غير بعيد عن محطة الارسال الاذاعي والتلفزي وفي الطريق المعبدة (الرئيسية بالجبل ) فاجأتهم المجموعة الارهابية وهاجمتهم بعبوة ناسفة ثم امطرتهم بوابل من الرصاص ولم تترك لهم اي مجال للدفاع عن انفسهم فقتلوا جميعا ثم قامت بتجريدهم من ملابسهم العسكرية والاستيلاء على اسلحتهم وذبح بعضهم والتنكيل بالبقية بواسطة آلات حادة .. ولما سمعت اقرب وحدة لهم اصوات الرصاص اتجهت على متن دبابة لاستجلاء الامر وتقديم الدعم ظنا منها انه اشتباك مع الارهابيين لكن في طريقها استهدفها لغم ارضي حطم جزءا من المدرعة وادى الى اصابة 4 عسكريين بين ضباط وجنود بشظاياه ثم وصلت تعزيزات اخرى ليتم اكتشاف الفاجعة. قائمة الشهداء أدت العملية الارهابية الى استشهاد ثمانية من جنودنا البواسل هم: نزار المكشر وياسين الهيشري وماهر عمار وطارق عثمان وماهر القاسمي والهادي المسعدي ولطفي العوادي ومروان المشي. تشريح الجثث بحضور وكيل الجمهورية بالقصرين تمت احالة جثث الشهداء الثمانية من بيت الاموات الى قاعة التشريح على ذمة الطبيب الشرعي بالمستشفى الجهوي بالقصرين الذي قام بمعاينتها وتشريحها. وقد اكد لنا الدكتور الشاذلي المقصودي وهو طبيب بقسم الانعاش ( قبل عملية التشريح ) ان كل الشهداء اصيبوا بعديد الرصاصات في انحاء مختلفة من اجسامهم و5 منهم تعرضوا الى الاصابة بآلات حادة على مستوى الرقبة والوجه والبقية تم التنكيل بهم. مسيرة للمطالبة برحيل الأحزاب من القصرين بعد حوالي ساعتين من وصول الشهداء والجرحى إلى المستشفى القصرين انطلقت من هناك مسيرة تضامنية مع الجيش الوطني شارك فيها المئات من المواطنين طالبوا برحيل جميع الاحزاب عن المدينة ووضع حد للانقسامات التي تسبب فيها السياسيون يمينا ويسارا ورفعت فيها اعلام تونس.. وفي نفس الوقت خرجت مسيرة اخرى من وسط المدينة من تنظيم انصار الجبهة الشعبية نادت باسقاط الحكومة وحل المجلس الوطني التأسيسي اعترضتها مسيرة اخرى بادر بها شباب الثورة للدعوة الى ابعاد الجهة عن التجاذبات السياسية وعدم ادخالها في الصراعات الحزبية وحين التقت المسيرتان حصلت مناوشات بين مجموعات تابعة للجبهة الشعبية واخرى من انصار حركة النهضة ادت الى التراشق بالحجارة واسفرت عن اصابة افراد من الطرفين مما فرض على الوحدات الامنية التدخل بحزم لتفريقهم والفصل بينهم والسيطرة على الوضع. مهاجمة مقرّين ل «النهضة» انتهاء المواجهات بين الطرفين لم يهدئ من الوضع المحتقن بل ان مجموعة من الشبان الغاضبين المحسوبين على احزاب الجبهة الشعبية هاجموا مقر المكتب المحلي للنهضة بحي الزهور وخربوا بعض محتوياته واشعلوا النار في وثائقه .. فيما اتجهت مجموعة أخرى الى المقر الرئيسي للمكتب الجهوي لحركة النهضة بالقصرين الموجود في مدخل حي النور وحاولت اقتحامه لحرقه الا ان عددا كبيرا من انصار النهضة تصدوا لهم ومنعوهم من الوصول اليه. قلق واحتقان حتّى الفجر أغلب مواطني القصرين لم يخلدوا للنوم ليلة اول امس من جراء تأثرهم بما وقع لجنودنا البواسل وقضوا كامل الليل خارج منازلهم وعدد كبير منهم ظل مرابطا بالمستشفى الجهوي حتّى طلوع الفجر وكلهم غضب على كيفية تعاطي الحكومة مع مسالة الارهاب في الشعانبي وكيف انها لم تعط الى الآن اي نتيجة ملموسة تؤدي الى ايقاف الارهابيين المتحصنين هناك. وصول عائلات الشهداء مع الساعات الاولى من صباح أمس بدأ افراد عائلات الشهداء يتوافدون على المستشفى الجهوي بالقصرين لمشاهدة جثث ابنائهم في اجواء مؤثرة اختلطت فيها الزغاريد بالآهات والعويل ودموع الامهات الثكالى لكل من كان في المستشفى بما في ذلك الاطارات الطبية وشبه الطبية. تأبين الشهداء في سرية ووسط اجراءات أمنية صارمة وصل صباح امس الثلاثاء رئيس الجمهورية الدكتور منصف المرزوقي الى مدينة القصرين ونزل في الثكنة العسكرية اين اشرف على موكب تابين الشهداء الثمانية للجيش الوطني وكان برفقته وزير الدفاع رشيد الصباغ وقائد اركان جيش البر والوزير مدير الديوان الرئاسي ووالي الجهة وقبل ذلك تولت 8 سيارات اسعاف عسكرية نقل جثامين. الشهداء من المستشفى الجهوي بالقصرين الى الثكنة توجهت بهم اثر موكب التأبين الرسمي مرفوقين بوحدات عسكرية الى منازل اهاليهم لدفنهم في مناطقهم. تعزيزات آمنية وعسكرية مباشرة اثر الفاجعة بدات تعزيزات كبيرة من مختلف الوحدات التابعة للحرس والجيش الوطنيين في الوصول الى القصرين والتوجه الى الشعانبي لدعم التواجد الامني والعسكري الموجود هناك كما وصلت آليات ثقيلة للجيش وحلقت صباح الامس في سماء القصرين ومرتفعاتها طائرات مقاتلة لاستكشاف غابات الشعانبي تمهيدا ربما لعملية عسكرية شاملة. تغيير خطة التصدي للارهابيين علمنا من مصادر امنية ان قيادات رفيعة من الحرس الوطني مختصة في التصدي ومقاومة الارهاب قدمت امس للقصرين وعقدت اجتماعات مضيقة من اجل النظر في كيفية التعامل مع الوضع في الشعانبي بعد فاجعة مساء الاثنين وتحديد الخطط المتبعة الى حد الآن في التعامل مع الارهابيين المتمركزين هناك خاصة بعد قيام هؤلاء بالاستيلاء على اسلحة العسكريين الشهداء وازيائهم وامكانية استعمالها في تنفيذ عمليات جديدة .. اما على المستوى العسكري فهناك تكتم كبير عما سيتم اتخاذه من اجراءات لكن من الواضح حسب التحركات الجارية في محيط الشعانبي انه سيتم تطويق الجبل بقوات اضافية لمحاصرة الارهابيين ومنعهم من التسلل خارجه وتكثيف عمليات البحث والتمشيط والاستعانة بمعدات متطورة لتحديد اماكن تحصنهم ودكها ان لزم الامر بالطائرات والمدافع.