التونسية (تونس) بين اقسام المعهد ومدارج الكلية بون شاسع..وبين فراش المنزل الدافئ وغرفة المبيت الجامعي فرق كبير... ذلك هو المؤشر الاول الذي يلوح للطلبة الجدد الوافدين على العاصمة بعد نيل شهادة الباكالوريا حيث انهم ينطلقون في نمط حياة جديدة سواء في وتيرة الدراسة او في طريقة المأكل والمأوى. يفد الطلبة الجدد من شتى مناطق البلاد التونسية بنمط حياتهم القديمة التي تربوا عليها منذ الصغر من ناحية اللهجة والعادات والتقاليد باعتبارهم يأتون من المدن والقرى الداخلية ومن ارياف نائية ومن قاع الجنوب الصحراوي ليصطدموا مباشرة بتوهج العاصمة وبوتيرة الحراك اليومي وخاصة منها حركة المرور وامكانيات التنقل بين مكان الاقامة ومقر الكلية حيث الأمر معقد وعسير وصعب خاصة للقادمين من القرى والبوادي... والطالب الجديد يجد نفسه منذ اليوم الاول مجبرا على الاعتماد على نفسه بعد ان كان في رعاية الأسرة...فهو من يتكفل بترتيب فراشه وغسل ملابسه والخروج مسرعا ليقتات لمجة الصباح ثم الالتحاق بالحافلة الصفراء لتنقله الى المحيط الجامعي وهناك يبدأ نشاطه بين المدارج وقاعات الدروس التطبيقية الى حد غروب الشمس في فترتين يفصل بينهما فطور الغداء تؤمنه طوابير الانتظار ليختم يومه بالعدو وراء اخر حافلة تقله الى مبيته.. وهكذا دواليك تمر ايام الطلبة الجدد في اصعب بداية تدفعه الى التعود على حياته الجديدة رويدا رويدا بعد عناء طويل كله «ستراس» وقلق وتوتر يتطلب الصبر والمداومة لان الغاية الاولى و الاخيرة هي النجاح في اول سنة بالتعليم العالي باعتبارها مفتاح مسيرة جامعية ستكلل بالامتياز والارتقاء شريطة التفاعل مع عناصر المحيط ومكوناته كأحسن ما يكون. بين الكلية والمبيت والمطعم الجامعي جحافل الطلبة يؤثثون لحراك لا يتوقف طيلة الموسم الدراسي على نخب سنة كلها انضباط ومكابدة وتعب بما فيها من جزئيات مغايرة لحياة التعليم الثانوي حيث دلال العائلة ودفئها لانه لا مكان في الحياة الجامعية الا لحكمة «الدوام.. ينقب الرخام».