هو ديني الإسلامي من أوجد لي حياتي المتوازنة عاطفيا وفكريا، هو من أضاء لي درب حياتي بنور التوحيد وسنة قانون ثبات عقل منفتح و قلب خافق شوقا و حنانا، فرب الأكوان خالقي غرس بذاتي متضادان متكاملان ، وأرشدني كيف أوازن بينهما وقتا وزمانا ومكانا ، فلا أزيد من أحدهما على حساب الآخر. هذا العاقل الصلب القوي ذو التحليل المنطقي المستند في أحكامه على معايير الصواب والخطأ، أما تلك الخافقة النابضة رقة وليونة ومشاعر نبيلة فتبلغ مرادها ورجواها سواء تطابقت مع المنطق والصواب أم تنافت معهما فالقلب وما سُمِّيَ قلبا إلاّ من تقلُبِهِ والرأيُ يَصرفُ للإنسان أطوارا (1). هذان المتضادان لا غني لنا عنهما ، فهما أساس بنياننا الروحي والذاتي ، فصلابة العقل تلينه رقة القلب ، وطيش العاطفة يهذبها تدبير العقل، فيتناغم عمل أحدهما والآخر تحت منظومة راقية سامية أساسها أحكام سنها رب حكيم ذكرت في قرآن مبين تلاه رسول كريم . كل من العقل والقلب يعتبران المؤثران الأكبران في شؤون حياتنا و قدرتان طاغيتان مهمتهما تأمين السعادة والراحة لنا ، إنما حين يبتعد العقل عن القلب يصاب باضطراب ليس له نهاية إلا غلظة المسكين النابض الخافق ،وهذا ما حذر منه الله تعالى رسوله الكريم في قوله " فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ" آل عمران 159 ، كما أنه بين ضرورة عدم الانسياق وراء العاطفة بدون تحكيم العقل لما في هذا التحكيم من مصلحة للنفس والبلاد والعباد. بأبي أنت وأمي يا سيد البشرية ، يا من جسدت روعة التوازن بين العقل والقلب في مختلف قضايانا الحياتية الدينية والدنيوية و فقهتنا كيفية التوازن بين المتضادان المتكاملان ، فهما معا شديدان رحيمان، غضوبان ضحوكان ، متحركان ساكنان، يسكنان لبعضهما البعض ... مع بعضهما البعض. إسلامنا ، وحي منهجنا ، ونور بصيرتنا المتفردة بعون الله لنستدل على كيفية توازن أفكارنا و مشاعرنا، حركاتنا وسكناتنا . فلنسأل الله العظيم أن يجعلنا من الراشدين وأن يلهمنا سواء السبيل. وصلي اللهم على آله وصحبه أجمعين.