عاجل: تحديد جلسة مفاوضات للزيادة في أجور أعوان القطاع الخاص..    مسؤولون من وزارة الصناعة ومن ولاية قفصة يؤكدون ضرورة تسريع اجراءات مناظرات الانتداب لرفع مردودية المؤسسات    الحماية المدنية: إطفاء 125 حريقا خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    عاجل -خطايا ب 20 مليون : وزارة التجارة تعلن ملاحقة المحتالين في التجارة الإلكترونية !    الخطوط الجوية الجزائرية تلغي جميع الرحلات للعاصمة الأردنية عمان    ما حقيقة مقتل مصطفى زماني بطل ''يوسف الصديق'' في قصف قرب كردستان؟    تعرّف على جدول مباريات كأس العالم للأندية اليوم.. مواجهات نارية بانتظارك    الفيفا يوقف لاعبين من بوكا جونيورز الارجنتيني لأربع مباريات في كأس العالم للأندية    عاجل/ الباكالوريا: وزارة التربية توضّح بخصوص النتائج عبر الSMS    عاجل/ الإطاحة بشبكة تستقطب القصّر عبر "تيك توك" وتقدّمهم للأجانب    أزمة لقاحات السل في تونس: معهد باستور يكشف الأسباب ويُحذّر    لجنة الصحة تعقد جلسة استماع حول موضوع تسويق المنتجات الصحية عبر الانترنت    تعرف على توقيت مباراة أنس جابر وبولا بادوسا في ربع نهائي الزوجي والقنوات الناقلة    تونس: مواطنونا في إيران بخير والسفارة تتابع الوضع عن قرب    عاجل/ "قافلة الصمود" تدخل التراب التونسي    عاجل/ إضراب ب3 أيام بشركة الملاحة    بالفيديو: أمطار غزيرة في منزل بورقيبة بولاية بنزرت صباح اليوم الخميس    النادي الإفريقي: لجنة الإشراف على الجلسات العامة تتوجه بخطاب إلى المنخرطين    الترجي الجرجيسي يضم مدافع الملعب القابسي مختار بن زيد    بداية من الأحد: إجراء جديد لدخول مآوي مطار تونس قرطاج.. #خبر_عاجل    هكذا علّق بوتين على "احتمال" اغتيال خامنئي.. #خبر_عاجل    النوفيام 2025: أكثر من 33 ألف تلميذ في سباق نحو المعاهد النموذجية اليوم    عاجل: وزارة التعليم العالي تنتدب 225 عونًا في مناظرة مهنية جديدة.. طريقة التسجيل    قافلة "الصمود" تصل الى الأراضي التونسية    كأس العالم للأندية: طاقم تحكيم نرويجي يدير مواجهة الترجي الرياضي ولوس أنجلوس    عاجل: أمل جديد لمرضى البروستات في تونس: علاج دون جراحة في مستشفى عمومي    محرز الغنوشي: ''الحمد لله على الأجواء الفرشكة..كلو ولا الشهيلي''    قيس سعيد: يجب إعادة هيكلة عدد من المؤسّسات التي لا طائل من وجودها    قيس سعيد: يجب توفير كلّ الوسائل اللاّزمة للمجالس المحلية والجهوية ومجالس الأقاليم لتقوم بدورها    طقس اليوم: انخفاض في درجات الحرارة وأمطار بهذه المناطق.. #خبر_عاجل    هجوم صاروخي كبير على تل أبيب وبئر السبع    بلومبيرغ: واشنطن تستعد لاحتمال توجيه ضربة لإيران خلال أيام    كأس العالم للأندية 2025: الهلال السعودي يفرض التعادل على ريال مدريد الإسباني 1-1    رئيس الجمهورية يشدّد على ثوابت الدبلوماسية التونسية في استقلال قرار الدّولة وتنويع شراكاتها الاستراتيجية    كأس العالم للأندية: العين الإماراتي يسقط أمام يوفنتوس بخماسية    بعد تعرضها للهجوم .. نجوم الفن المصري يدعمون هند صبري بأزمة "قافلة الصمود"    نابل...وفاة طفلة غرقا    فرْصَةٌ ثَانِيَةٌ    الإعلاء    الإعلان عن المتوجين بالجائزة العربية مصطفى عزوز لأدب الطفل    سأغفو قليلا...    محمد بوحوش يكتب: عزلة الكاتب/ كتابة العزلة    طقس الليلة.. خلايا رعدية مصحوبة بأمطار غزيرة بهذه المناطق    شركة "إيني" الإيطالية تعزز استثماراتها في قطاع المحروقات بتونس    معهد باستور: تراجع مبيعات لقاح السل وتوقف بيع الأمصال العلاجية ضد لسعات العقارب ولدغات الأفاعي وداء الكلب خلال سنة 2024    من جوان وحتّى سبتمبر 2025: الشركة التونسيّة للملاحة تبرمج 149 رحلة بحرية    مشاركة اكثر من 500 عارض في النسخة الاولى لمهرجان تونس للرياضة    الموسيقى لغة العالم ، شعار الاحتفال بعيد الموسيقى    عرفها التونسيون في قناة نسمة: كوثر بودرّاجة حيّة تُرزق    عجز ميزان الطاقة الاولية لتونس يرتفع بنسبة 10 بالمائة مع موفى أفريل 2025    عاجل - يهم التونسيين المقبلين على الزواج : وزارة الصحة تصدر بلاغا هاما    هام/ هذه أسعار السيارات الشعبية في تونس لسنة 2025..    المنستير تتقدم: زيادة في الإقبال السياحي وتطوير مستمر للخدمات    بعد تعرضها للهجوم .. نجوم الفن المصري يدعمون هند صبري بأزمة "قافلة الصمود"    علاء بن عمارة يصل إلى تونس    نسبة امتلاء السدود بلغت حاليا 55 بالمائة    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبو بوله ! ... قصة حقيقية
نشر في أوتار يوم 28 - 09 - 2012

أعتذر إن كان عنوان المقال يحمل صيغة وصبغة سوقية، لكن هكذا يجب أن يكون على حقيقته، فصاحبنا معلماً مرموقاً، وأصبح أبو بوله المجنون في ليلة وضحاها، وهو الأن هائم من شارع إلي آخر بثياب متسخة، أشعث اللحية، مغبر الوجه، وبأسنان نخرة، ويشحذ الريال من المارة، والأطفال تسير خلفه وتصرخ بسخرية (أبو بوله! أبو بوله !).. مع الأسف إن ماحدث له مأساوي من الدرجة الأولى، وسببها قلة الوعي، والطمع، والجهل. وهاهي القصة عند أعتاب عقولكم:
تدور أحداثها بداية الثمانينات الميلادية، فصاحبنا الأبن الأكبر بين إخوته الذكور التسعة ، لأب ستيني غني جداً ومتزوج من ثلاث نساء، وبأعمار كبيرة التفاوت ، ويعد المنافس الوحيد لأشعب بخيل العرب ، وقيل إن القائمين على كتاب جينيس أحتاروا فيه! وكيف يضيفونه بقائمة البخلاء العالمية التي لديهم ؟ لأنهم يحتاجون إلي مقياس بخل أعلى مما يستعملوه !
كان الأب حاذقاً جداً في إحتراف البخل وجلب الأموال من دباديب النمل ، إذ يغربل جيوب أبناءه كي تتساقط النقود من بين جوانبهم وبطونهم ، وقد اشتهر بذلك بين أهله وجيرانه ، إذ كان يدفع أبناءه للعمل وهم صغار كي يأخذ رواتبهم البسيطة ، وكذلك يفعل مع البنات ، إذ كن يخطن ويصلحن الملابس بالبيت ، وبعضهن تبيع ماتسمى ( البسطة ) ، وهي حاجيات الأطفال من البسكويت والأيسكريم ، وهكذا دواليك ، فيقبض أي ريال يدخل البيت عن طريق أبناءه ، وكان يرفض أي طبق طعام يخرج من بيته للجيران ، وخاصة بشهر رمضان ، كما هو العرف السائد عند المسلمين .. أما على ذكر السيارة ، فكانت سيارته سوبربان مهترئة موديل 1900 قبل الميلاد ، وكان يكنز أبناءه وبناته من الثلاث زوجات بداخلها عند الحاجة ، ولم يكن يعرف عنه إنه سافر بهم كباقي البشر .. أحياناً يأخذون غدائهم المحسوب بحبة الرز إلي إحدى المنتزهات القريبة ، ويعودوا أدراجهم آخر النهار ، وكان يعرف أيضا ً بشغفه المولع بحضور ولائم الزواج والعزاء ، لأنه ينقض على اللحم كما ينقض النمر على فريسته !
لنعود الأن إلي بطل المقال ، وهو أبنه المعلم المسكين ( أبو بوله ) ، فقد تخرج الأستاذ بالسنة الثانية بعد الثمانين وتسعمائة وألف الميلادية بدرجة بكالوريوس لغة إنجليزية من كلية الأداب بجامعة الملك سعود بالرياض ، وحصل على عمل بإحدى مدارس المنطقة الشرقية ، وأصبح معلماً يفتخر به بالمرحلة المتوسطة ، وما إن قبض أول راتب له صباحاً ، ومقداره حينذاك ، ثلاثة ألاف ريال ، حتى دخل بيتهم سعيداً بعد الظهر كي يخبر أمه وأخواته ، ففرش ورق النقود فوق سريره الأرضي ، ( الدوشق ) ، وصلى ركعتين فرحاً وشاكراً الله الذي حقق أمنيته ، و رزقه ماحلم به .
عصراً بنفس اليوم ، سمع والده بالخبر ، فدخل البيت بصراخه المعتاد معاتباً ، وما إن سمع المعلم صوت أبيه ، حتى جمع أمواله هبشاً بخطفة سريعة ! وأدخلها جيبه ، وهرب مسرعاً نحو حمام بيتهم الوحيد أعزكم الله ، فألتزم الصمت .. وبعد دقائق فقط ! سمع زئير أبيه من خلف الباب : " أخرج بسلام وأعطيني الراتب يا إبن ؟؟؟ " ، فلم يعيده جواباً ، ومع الأسف ، وأمام عيون الأبناء والبنات وذفرات دموع الأم الحنون ، دفع الأب الباب بقوة ودخل الحمام وأقفله خلفه ، وسمع الجميع صوت الضرب والصفع واللطم ، وصرخات الأبن تتعالى عنان السماء ، وخرج الأب منتصراً ، والغنيمة بين يديه وهو يعدها ورقة ورقة .
منذ ذاك اليوم والمعلم مجنون يهيم بالشوارع ، إذ أصبح معلماً لشهر واحد فقط ، ولقد ُأخبرت بقصته من أحد الأشخاص ، فذهبت بنفسي إلي منطقته ، وقابلته شخصياً ، فوجدته يفترش الرصيف وهو ملثم بالشماغ الأحمر المقطع ، وبلحية كثيفة، ويدخن سيجارة المالبورو الأحمر الواحدة تلو الأخرى ، وأسنانه كأعجاز نخل خاوية ، وأصابعه محترقة من نار السيجار ، ورائحته كبول نتن أعزكم الله ، وهو يحدق النظر بالجدار ، ويضحك مكرراً بالإنجليزي كلمة ( Teacher) ، وقد أعجزني وأثقل كاهلي ذكائه ، إذ كلما ألقيت عليه كلمة بالعربي يردها بالإنجليزي أو العكس ، ويطلب مقابل ذلك ريالاً ، وهكذا يفعل مع الناس كي يجمع مبلغاً لعلبة السيجار .. نسيت أن أخبركم إنه يوم دخل الفصل على تلاميذه بأول يوم عمل له ، كان ممسكاً بكرتون كاكاو باونتي ، وقال للطلبة : هذا لكم من بسطة أختي الكبرى التي لم تتزوج ، هدية بمناسبة تحقيق الحلم ! وهو المفضل عندي.
فوزي صادق / كاتب وروائي : www.holool.info @Fawzisadeq هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.