كثيرة هي الأفلام التي تنتجها هوليود والتي تسيء فيها لصورة العرب بطريقة مباشرة دون أن ينتبه المشاهدون وآخرهذه الأفلام "الجنس والمدينة" في جزئه الثاني للمنتج والمخرج "مايكل باتريك كينج". والفيلم الذي كان في الأصل مسلسلا تم عرضه على عدة مواسم وتابعه آلاف المشاهدون من مختلف بلدان العالم، يتهجم بطريقة واضحة ومباشرة على عادات وآداب دولة الامارات. وقد تم تصوير أحداثه في مدينة مراكش مع الايحاء بأن الحكاية تدور في أبوظبي. والفيلم رغم طابعهخ الكوميدي والرومانسي لا يستطيع إلا أن يثير حفيظتنا...فالأحداث التي تعيشها الشخصيات الرئيسية، تنتقل بنا من نيويورك إلى أبوظبي حيث تتم دعوة "سامانتا" الشخصية الرئيسة الثانية (تلعب دورها الممثلة "كيم كايترايل" ) لزيارة الامارات، والتي تقوم بدورها بدعوة صديقاتها الثلاثة. وعلى عكس ما قد يتوهمه أو يتوقعه المشاهد من تصعيد ايجابي في الأحداث كأن تقع إحدى البطلات في غرام وسيم عربي مثلاً، نفاجىء باسقاط كليشيهات كثيرة حول المجتمع الاماراتي والعادات الشرقية المحافظة بصفة عامة، كليشيهات تعودت الأفلام الأجنبية تصويرها في أفلامها منذ بدايات القرن الماضي، فالصورة مازالت مختزلة في مظاهر البذخ التي تتراءى كسراب مع خلفية صحراوية وديكور من الجِمال دون نسيان التركيز على تصوير المرأة العربية ككائن مقموع وذلك من خلال التركيز على انتقاد الحجاب والبرقع والنقاب وكأن المرأة الاماراتية تحديداً بحكم أن الفيلم ركز عليهن، مُلخصة في لباسها وحسب فبالرغم من أن الفيلم امتد لأكثر من ساعتين لم يصور ولو من باب الخطأ الاماراتيات الناجحات اللاتي يعملن في ظائف مهمة متحليات بالارادة والكفاءات العالية. .. كاميرا "مايكل باتريك كينج" ركزت على النساء في المسبح والسخرية من ملابسهن المحتشمة ولم تهم بمتابعة امرأة عربية تحتل مثلا منصب اداريا هاما....ويتجلى الانتقاد للبرقع عندما نقل لنا مشهد إحدى النساء وهي تتناول الطعام من تحت برقعها وقد علقت إحدى البطلات بسخرية: " يتوجب أن يكون الأكل لذيذا جدا كي تقوم بكل هذا الجهد والعناء لتتناوله". وفي مشهد آخر يسخرن من نزول الفتيات للمسبح بملابس تغطي كامل أجسامهن وحتى صوت الآذان تم انتقاده بطريقة غير مباشرة...هذا دون نسيان التلميح المباشر في أحد المشاهد إلى انتشار المثلية من خلال تصوير حركات أحد الخدم الذي يرتدي لباسا عربيا. ويستمر تساؤل الصديقات الأربعة على امتداد الفيلم، وحيرتهن المبالغ فيها حول مقدرة النساء الاماراتيات على التعايش مع هذا الواقع وحتى المشهد الوحيد الذي قد يلوح ايجابيا للمشاهد العربي، فينتهي بجملة ساخرة تقولها "كاري". تدور أحداث المشهد في السوق عند هروب الصديقات من رجال عرب ( كلهم وللمصادفة ملتحون!) بعد أن أثارت "سامانتا" حفيظتهم بحركة بذيئة ووجهت لهم شتائم كلمات سوقية وبكل حياد وموضوعية: لو تمت اضافة نفس المشهد لفيلم آخر لا تدور في بلد عربي، فسيفهم المشاهد من اللقطة بأن سامانتا فتاة ليل في حالة غضب تطلق شتائمها في الشارع متهجمة على المارة! وفي رحلة هربهن في السوق، تتعاطف اماراتيات معهن، حيث يقمن بادخالهن لأحد المنازل. لينطلق حوار بين الجانبين نكتشف لنا من خلاله ويا للعجب: معرفة النساء العربيات بأشهر المدن الامريكية رغم أنهن لم يزرنها من قبل ويتنهدن وهن يتمنين ذلك! ليأتي الاكتشاف العظيم الثاني وهو مواكبة النساء العربيات لأحدث صرخات الموضة حين يكشفن عن ملابسهن الأنيقة تحت عباءاتهن! وحتى في نهاية هذا الموقف الذي صور الاماراتية كامرأة معاصرة وأنيقة ومتابعة لمستجدات الموضة، تقول "كاري" وبانبهار: " حتى هنا في هذا الجزء النائي من العالم حيث كل شيء مكبل بالعادات المنغلقة، تظل الموضة مسيطرة على تفكير المرأة وتأتي أناقتها دائماً في المرتبة الأولى". من المشاهد المسقطة في الفيلم، المشهد الذي صعد الأحداث حيث تتبادل "سامانتا" القبل مع حبيبها في مكان عام لتركز الكاميرا على نقل ردة فعل أحد المواطنين الذي كان برفقة زوجته حيث يضع يده أمام نظرها كي لا ترى شيئا ثم يرسل من يتابع الثنائي الأمريكي وكأنه يعرف منذ البداية أنهما غير متزوجان وأنهما متوجهان للشاطىء لتنتقل بنا الكاميرا في ما بعد لأحد أقسام الشرطة بعد أن تم القبض على سمانتا وحبيبها...والمتفرج ليس ساذجا كي لا يفهم بأن المشهد مسقط تم حشوه فقط ليتم ذكر الحادثة الشهيرة التي وقعت على شاطىء الجميرا والتي كان أبطالها ثنائي بريطاني خدش الحياء العام بممارسة الفعل الفاضح في مكان عام... وعلى صعيد التصوير، قدم لنا فيلم "مايكل باتريك" الكثير من المشاهد المتصنعة خاصة مشاهد الصحراء حيث تجلت كلها مركبة، هذا دون نسيان الموسيقى التي توضع عادة في أفلام مغامرات علي بابا أو السندباد بحيث تكون فيها لمسة من الفانتازيا...وليس من باب التهجم على الفيلم إلا أنه تافه جدا بشهادة الصحافة العالمية حيث تم انتقاده ووصفه بالرديء كما وُصفت شخصياته بالتفاهة وباثارة الملل لدى المشاهد ، هذا دون نسيان ذكر بأنه قائم على الدعاية حيث تظل الكاميرا مركزة ولدقائق طويلة على ملابس الممثلات لنستطيع التقاط أسماء ماركات عالمية مثل ديور وييف سانت لورين وساعات روليكس وغيرها. الفيلم وعلى عكس المسلسل الذي لاقى نجاحا عالميا على امتداد سنوات عرضه، فاجئنا في جزئه الثاني بجرعة مضاعفة من السطحية والملل...وبعيدا عنه ، يتوجب طرح سؤال هام مثل: متى تتغير الصورة النمطية والمشوهة التي يحملها الغرب عنا؟ ومتى نهتم بنقل صورتنا بأنفسنا كي تنعكس في مرايا الآخر بطريقة صحيحة؟ لقطة اعلانية للفيلم Dim lights Download Embed Embed this video on your site