حصري لأوتار على شاطيء ديله المختنق بأكوام القمامة وحفر مقاطع الحجارة في ليلٍ حالك السواد غنيتُ مواويل طويلة تفاعلتُ .. على إيقاعات الأمواج المتلاطمة خرجت ترانيم جديدة تفاعلتُ .. ناديت يا... كان الفضاءُ من حولي رهيب .. مخيف .. ولا أحد إلا أنا ونفرٌ من صيادين يطرحون شباكهم لم ينتبهوا لي .. لم يسمعوا لندائي .. لم يسمعوا لترانيم مواويلي .. ** ** طيور النورس وحدها تعودت فهم لغتي هذه الليلة وقفت مذعورةً من صدى ند آتي الأسماك بحوض المرسى وعلى صفحة وجه البحر وقفت على أذيالها تتسمعُ لي ** ** لاح الوقت من خلال بزوغ إشعاعات الفجر الأولى زرقةُ مياه البحر المتوسط ظهرت واضحةً الفضاء .. الأسماك .. طيور النورس الصخور جميعها تفاعلت معي في عتمة أول الليل وبُعدَ المسافة عن المدينة ومع قوة الصمت المطبق على المكان إلا مني أكداس القمامة كما كنتُ أمقتها صارت تمقتني ** ** في لحظة من صحوة .. تذكرت وقوفي يوماً على حافة نهر الراين في إحدى الصباحات وتذكرت صرخاتي في صمتٍ بساحة لندن الكبيرة آه ما أشبه الليلة بالبارحة مع الفرق لكن هذه الليلة شيء آخر بالنسبةِ لي ** ** أثناء الصمت شعرتُ بتسابيح تدعو لي وأخرى تدعوني النهار أعطى إشارات تباشير قدومه في خلدي يدور جدلٌ وتساؤلات عديدة : - ما الذي أتى بي إلى هنا ؟ - أي شجاعة أتت بي إلى هنا ليلاً وأنا الذي أخشى الوحدة والعزلة ؟ - كيفَ أتحولُ إلى شخصٍ انطوائي ؟ - وكيف أواجه البحر ليلاً بمفردي ؟ - كيف .. كيف ؟ أوقدتُ نيراني وأضرمتها .. احترقت لم أُخفي قلقي .. نسيتًُ ترانيمي .. نسيتُ نداءاتي وأوجاعي .. ونسيتُ كل شيء بين همس الحرف وصمتي ** ** في المدينة تمشيتُ بين الأقواس ومررتُ بالأعتاب شخص يقف هناك يتفجرُ غيضاً .. وهذا مملوءٌ بزهو شيطاني ينفخُ أرياشه ذاك يعيش مع نديم له يسردُ عليه أجملِ حكاياته في هذه اللحظات فتاةٌ تمر على الرصيف الثاني كلُ العيون إليها .. تلتهمها أحدهم : يا .. أنت .. بس بس .. بسبسبسبس غير كلمينا .. غير ارحمينا وأرضي علينا وقولي باهي .. حتى نظرة منك تكفينا .. لو تتفضلي تزوري المحل تأخذي كل اللي خاطرك فيه بالمجانا .. هو حوشك بعيد و إلا قريب من هنا .. خلي نوصلك لو تأخرتِ . ن الأشواق الملتهبة وإيقاعات مكنسة العامل الأسمر وبين تلك وهذه من الخطى مرتْ حكايات وحكايات أدمغة مملوءة بالتبن .. عقول فارغة .. بل صدئة صدور يملؤها حقد أسود وأكداس من نقمة وأخرى .. أنا وحيداً أهيمُ ليلاً على شاطئ مرسى ديلة وأتمشى بين شوارع المدينة وطرقاتها نهاراً أنظر لحركات الناس ونظراتهم لم أعرف لغات عيونهم المتعددة ولأني أكره الجلوس في المقاهي والمطاعم وأحبُ العُزلة فأنا أكره الزحام فقط صرتُ أميلُ للصمتَ وأحبُ الخلوةَ والوحدة ** ** هؤلاء جميعاً لا يعرفون الله قدره منافقون .. جشعون .. يحبون المال .. منهم من يتاجر في الله حسب فتواه ومصالحه وأنا أمنحُ للغد أكبر مجال للحلم في المرسى أقدم ليلاً لله بعضُ ركعات وأقرأُ بعض سور وآيات وفي النهار أمنح لنفسي خلوة بعد كل صلاة أدعو الله أن يبدل هذه العقول وأن يمنح هذه الأمة النصر وأن يبعد عنا كل مأساة الجميع أراهم على مخاريز في النار يحترقون يذوبون بين الضحك وسرد القصص ونكات الحسناوات وأنا في ليلي الصامت أردد ترانيمي ومواويلي المشبعةُ بالآهات أكرر ندائي .. الله وحده من يسمعني فالكلُ في سُبات مطيطُ شفاههم للشيشة والعفن وشرب الممنوعات بعضُ بائعات حب اللحظة وكثيرٌ من حسناوات معشوق ومعشوقة هنا أو هناك ووسائلٌ لإفراغ الجيوب والعقول وخرابٌ البيوت والممتلكات شيخ كبير : أعتقدُ أن ابني قد سحرته إحداهنَ وبحاجة لحل رباط التابعة زوجة : زوجي صار لا يطيقني .. يُنادي في نومه : فاطِمةَ .. ثُمَ أُخريات كل ليلة تُعقد السهرات .. الجميع بين محطات الضحك وما أكثر المنتزهات في ساحلنا وفي الخلوات يسيطر اللهو على العقول الصدئة وتشتعل نيرانُ الوجد في ثنايا عقولهم ويمارسون كل التفاهات ** ** بشاطئ مرسى الأجداد لا أشعرُ ليلاً بالسحب الكثيفةِ ولا بسقوط المطر وانقضاء الساعات ما أجمل الصمتْ .. الكلُ يبحثُ عن حروف العطف وجميع المصطلحات الكلُ يغامر بالسفر إلى المجهول إلا أنا باقٍ أشتمُ بخوراًَ من غير احتراق وأتجملُ بقلائد الصبر وأتذوق من هؤلاء أجمل المرارات أتفه للغتهم .. لغة الجنون وصنعِ البطولات أنا وحدي أسبغتُ ألوان حياتي .. ورسمتُ بصمتي من شفاه الليل كل حكاياتي أرخيتُ سبيل مواويلي وترانيمي دون عثرات وتناسيتُ شقاء طفولتي وربيعي الذي فات . ........................................... عمران بشنه ....... 14/12/2007