القيروان: إزالة توصيلات عشوائية على الشبكة المائية في الشبيكة    بالفيديو: مطار طبرقة الدولي يستعيد حركته ويستقبل أول رحلة سياحية قادمة من بولونيا    عاجل: أمر مفاجئ من ترامب: على الجميع إخلاء طهران فورا    في 5 سنوات.. 11 مليار دولار خسائر غانا من تهريب الذهب    كأس العالم للأندية: التشكيلة الأساسية للترجي الرياضي في مواجهة فلامينغو    كأس العالم للأندية: تعادل مثير بين البوكا وبنفيكا    اسرائيل تتآكل من الداخل وانفجار مجتمعي على الابواب    عاجل : ترامب يدعو إلى الإجلاء الفوري من طهران    كاس العالم للاندية 2025: تشلسي يفوز على لوس انجلس بثنائية نظيفة    بعد تسجيل 121 حريقا في 15 يوما.. بن الشيخ يشدد على ضرورة حماية المحاصيل والغابات    ميناء جرجيس يستقبل أولى رحلات عودة التونسيين بالخارج: 504 مسافرين و292 سيارة    يهم اختصاصات اللغات والرياضيات والكيمياء والفيزياء والفنون التشكيلية والتربية الموسيقية..لجنة من سلطنة عُمان في تونس لانتداب مُدرّسين    المندوبية الجهوية للتربية بمنوبةالمجلة الالكترونية «رواق»... تحتفي بالمتوّجين في الملتقيات الجهوية    في اصدار جديد للكاتب والصحفي محمود حرشاني .. مجموعة من القصص الجديدة الموجهة للاطفال واليافعين    الكوتش وليد زليلة يكتب .. طفلي لا يهدأ... هل هو مفرط الحركة أم عبقري صغير؟    أخبار الحكومة    انطلاق الحملة الانتخابية بدائرة بنزرت الشمالية    المنتخب التونسي للكرة الطائرة يفوز وديا على المنتخب الايطالي الرديف 3 - 1    بورصة: تعليق تداول اسهم الشركة العقارية التونسية السعودية ابتداء من حصّة الإثنين    تونس تحتضن من 16 الى 18 جوان المنتدى الإقليمي لتنظيم الشراء في المجال الصحي بمشاركة خبراء وشركاء من شمال إفريقيا والمنطقة العربية    منظمات تونسية تدعو سلطات الشرق الليبي إلى إطلاق سراح الموقوفين من عناصر "قافلة صمود".. وتطالب السلطات التونسية والجزائرية بالتدخل    طقس الليلة    تونس تعزز جهودها في علاج الإدمان بأدوية داعمة لحماية الشباب واستقرار المجتمع    إسناد العلامة التونسية المميزة للجودة لإنتاج مصبر الهريسة    تجديد انتخاب ممثل تونس بالمجلس الاستشاري لاتفاقية حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه لليونسكو    عاجل/ وزير الخارجية يتلقّى إتّصالا من نظيره المصري    "تسنيم": الدفاعات الجوية الإيرانية تدمر مقاتلة إسرائيلية من طراز "إف 35" في تبريز    اتحاد الشغل يدعو النقابيين الليبيين الى التدخل لإطلاق سراح أفراد قافلة "الصمود"    تونس تدعو إلى شراكة صحّية إفريقية قائمة على التمويل الذاتي والتصنيع المحلي    نحو إحداث مرصد وطني لإزالة الكربون الصناعي    جندوبة: اجلاء نحو 30 ألف قنطار من الحبوب منذ انطلاق موسم الحصاد    العطل الرسمية المتبقية للتونسيين في النصف الثاني من 2025    عاجل/ باكستان: المصادقة على مشروع قرار يدعم إيران ضد إسرائيل    جندوبة: الادارة الجهوية للحماية المدنية تطلق برنامج العطلة الآمنة    "مذكّرات تُسهم في التعريف بتاريخ تونس منذ سنة 1684": إصدار جديد لمجمع بيت الحكمة    الدورة الأولى من مهرجان الأصالة والإبداع بالقلال من 18 الى 20 جوان    في قضية ارتشاء وتدليس: تأجيل محاكمة الطيب راشد    القيروان: 2619 مترشحا ومترشحة يشرعون في اجتياز مناظرة "السيزيام" ب 15 مركزا    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    الكاف: فتح مركزين فرعيين بساقية سيدي يوسف وقلعة سنان لتجميع صابة الحبوب    ابن أحمد السقا يتعرض لأزمة صحية مفاجئة    تأجيل محاكمة المحامية سنية الدهماني    دورة المنستير للتنس: معز الشرقي يفوز على عزيز دوقاز ويحر اللقب    خبر سارّ: تراجع حرارة الطقس مع عودة الامطار في هذا الموعد    10 سنوات سجناً لمروّجي مخدرات تورّطا في استهداف الوسط المدرسي بحلق الوادي    189 حريق خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية….    باريس سان جيرمان يقسو على أتليتيكو مدريد برباعية في كأس العالم للأندية    النادي الصفاقسي: الهيئة التسييرية تواصل المشوار .. والإدارة تعول على الجماهير    تعاون تونسي إيطالي لدعم جراحة قلب الأطفال    كأس المغرب 2023-2024: معين الشعباني يقود نهضة بركان الى الدور نصف النهائي    صفاقس : الهيئة الجديدة ل"جمعية حرفيون بلا حدود تعتزم كسب رهان الحرف، وتثمين الحرف الجديدة والمعاصرة (رئيس الجمعية)    لطيفة العرفاوي تردّ على الشائعات بشأن ملابسات وفاة شقيقها    قابس: الاعلان عن جملة من الاجراءات لحماية الأبقار من مرض الجلد العقدي المعدي    تحذير خطير: لماذا قد يكون الأرز المعاد تسخينه قاتلًا لصحتك؟    من قلب إنجلترا: نحلة تقتل مليارديرًا هنديًا وسط دهشة الحاضرين    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حديث صحفي وثيقة // الناقد الادبي الكبير المرحوم ابو زيان السعدي في حديث الذكريات …..التقاه وحاوره الكاتب محمود حرشاني

خاص بالزمن التونسي ومرآة الوسط
الناقد الادبي الكبير المرحوم ابو زيان السعدي في حديث الذكريات
التقاه وحاوره الكاتب التونسي محمود حرشاني
حدبث وثيقة ينشر لاول مرة
الجزء الاول
فقدت الساحة الأدبية والثقافية في في تونس في اليوم الأول من جويلية منذ حوالي ثلاث سنوات احد أعلام الأدب والثقافة المرحوم أبو زيان السعدي، الذي يعد من كبار نقاد الأدب العربي وله فيه عديد الكتب المنشورة مثل كتبه، نقد وتأصيل وفي الأدب التونسي المعاصر، ومواقف فكرية وأدبية ومنطلقات في الأدب والثقافة… وغيرها من الكتب الأخرى.
ولد الأستاذ المرحوم أبو زيان السعدي في السابع من شهر مارس سنة 1937 بقرية السعائدة التابعة لمعتمدية حاجب العيون من ولاية القيروان، وكان والده يشتغل بالتجارة ولأجل هذا انتقل الوالد والعائلة إلى تونس، وقد تردد الطفل في صباه على كتاب القرية ثم كتاب جامع صاحب الطابع لما انتقل مع العائلة إلى العاصمة، وانخرط في جامع الزيتونة في سن مبكرة بترخيص خاص من مشائخ الزيتونة وكان سنه عشر سنوات وقد حدثني الراحل العزيز وكنت من أصدقاءه ورواد مجلسه الأدبي الشهير بمقهى باريس في العاصمة، أن احد الشائخ توسط له لدى الشيخ الأعظم لجامع الزيتونة وقد ر فيه مواهبه المبكرة فتم الترخيص له بالانخراط في جامع الزيتونة في سن العاشرة. ودرس على أيدي مشائخ إعلام، وتحصل سنة 1951 على شهادة الأهلية وسنة 1955 على شهادة التحصيل و كان أول فرد من عائلته الكبرى، حسب ما قال في حديث مطول سأنشره قريبا كاملا و هو مسجل عندي بصوته، حصل على شهادة التخرج من جامع الزيتونة المعمور و كان لذلك وقع كبير لدى أفراد العائلة الكبرى.
ثم انخرط لمدة سنة واحدة بكلية الحقوق و نجح من جملة 60 آخرين على 1200 مترشحا.
و قال لي في هذا الحديث الوثيقة انه بعد سنة واحدة في كلية الحقوق قرر ان يشتغل و نجح في مناظرة لانتداب المعلمين سنة 1956 فعين ببنزرت لمدة خمس سنوات. و هي من أجمل سنوات حياته كما قال لي، تعرف فيها على أبناء بنزرت النبغاء مثل الأديب رشيد الذوادي و المسرحي و الإعلامي محمد الهادي المرنصي و عمر البجاوي و حمادي بن حماد و رشيد البكاي و قال لي أن تعيينه في بنزرت كان حدثا كبيرا في حياته و اقبل على القراءة و المطالعة بشغف و في بنزرت بدء يكتب و يراسل الصحف و منها جريدة الصباح، حيث تعرف لأول مرة سنة 1958 على المرحوم الهادي لعبيدي الذي كان ينشر له قبل أن يعرفه مباشرة… و أصبح أبو زيان السعدي يتردد كثيرا على العاصمة نظرا لقرب بنزرت منها و كانت مقالاته تنشر بصدر الصفحة الادبية لجريدة الصباح… و قال لي بالحرف أن النشر في جريدة الصباح تحت رئاسة الهادي لعبيدي كان بمثابة شهادة التخرج الأدبي لصاحبه.
لان الهادي لعبيدي كان قاسيا، و كان لا ينشر إلا لمن يتوسم فيه الموهبة، و كان ينصح من ليس له موهبة أن يتجه إلى عمل آخر و عدم إضاعة وقته في حرفة لا يتقن أصولها.
و أسأل المرحوم أبو زيان السعدي عن ذكرياته سنة 1956 سنة حصول البلاد على الاستقلال و سنة تخرجه هو من جامع الزيتونة فيجيبني بالحرف أنها كانت سنة من أجمل سنوات تونس، و أن كفاح الشعب التونسي من اجل الحصول على استقلال البلاد بقيادة الزعيم الحبيب بورقيبة كلل بالنصر المبين…
و أن فرحة التونسيين بالاستقلال كانت فرحة عظيمة، و لكن ما نغص هذه الفرحة هو الخلاف الذي سرعان ما دب بين الزعيمين الحبيب بورقيبة و صالح بن يوسف.
الجزء الثاني.
الخلاف البورقيبي اليوسفي و تأسيس نادي المعلمين في بنزرت و زيارة عميد الأدب العربي إلى تونس
وصلت في الحوار مع الناقد الأدبي الراحل أبو زيان السعدي إلى سنة 1956 سنة حصول تونس على استقلالها في 20 مارس من تلك السنة، و سألته عما تختزنه ذاكرته من ذكريات عن تلك السنة و ذلك الحدث العظيم… فقال، الحقيقة كانت فرحة الشعب التونسي بالاستقلال فرحة عظيمة. و لقد عشت تلك الفرحة بكل جوارحي كشاب تونسي، شاهد فرحة شعب عظيم بتحقيق نصر عظيم في تاريخه بقيادة الزعيم الحبيب بورقيبة…
و اذكر أن الأفراح عمت كامل تراب البلاد التونسية في ذلك الوقت. و لكن ما نغص فرحة الشعب التونسي بالاستقلال هو الخلاف الذي سرعان ما دب بين الزعيمين بورقيبة و صالح بن يوسف، و انقسم الشعب التونسي، و أصبحت هناك تصفيات جسدية و اغتيالات لمناضلين من هذا الشق أو ذاك. و هو خلاف دام طويلا، و دفع الشعب التونسي ثمنه باهظا…
و أضاف انه في تلك السنة و بعد دراسته سنة واحدة بكلية الحقوق، شارك في مناظرة لانتداب معلمين و نجح، فتم تعيينه معلما بمدينة بنزرت.
وصلت في الحوار مع الناقد الأدبي الراحل أبو زيان السعدي إلى سنة 1956 سنة حصول تونس على استقلالها في 20 مارس من تلك السنة، و سألته عما تختزنه ذاكرته من ذكريات عن تلك السنة و ذلك الحدث العظيم… فقال، الحقيقة كانت فرحة الشعب التونسي بالاستقلال فرحة عظيمة. و لقد عشت تلك الفرحة بكل جوارحي كشاب تونسي، شاهد فرحة شعب عظيم بتحقيق نصر عظيم في تاريخه بقيادة الزعيم الحبيب بورقيبة…
و اذكر أن الأفراح عمت كامل تراب البلاد التونسية في ذلك الوقت. و لكن ما نغص فرحة الشعب التونسي بالاستقلال هو الخلاف الذي سرعان ما دب بين الزعيمين بورقيبة و صالح بن يوسف، و انقسم الشعب التونسي، و أصبحت هناك تصفيات جسدية و اغتيالات لمناضلين من هذا الشق أو ذاك. و هو خلاف دام طويلا، و دفع الشعب التونسي ثمنه باهظا…
و أضاف انه في تلك السنة و بعد دراسته سنة واحدة بكلية الحقوق، شارك في مناظرة لانتداب معلمين و نجح، فتم تعيينه معلما بمدينة بنزرت.
في بنزرت عشت أحلى سنوات عمري:
واترك الرجل ينساب في حديث الذكريات وعن فترة عمله ببنزرت، فيقول لي، في بنزرت عشت أحلى سنوات عمري، تعرفت على العديد من أبناءها ومناضليها ومنهم صديقي رشيد تراس والإعلامي والمسرحي محمد الهادي المرنيصي وعمر البجاوي وحمادي بن حماد وكانا في ذلك الوقت صغيرين ولكنهما كانا يتقدان نشاطا وحيوية…
تأسيس نادي المعلمين في بنزرت:
ويضيف محدثي، قضيت في بنزرت خمس سنوات ومن أصدقائي وجلاسي الأديب عبد الواحد براهم والأديب البنزرتي رشيد الذوادي، وقد أسسنا معا نادي المعلمين في بنزرت الذي قام بنشاط كبير واستدعينا له عديد الإعلام لإلقاء محاضرات مثل العلامة محمد الفاضل بن عاشور وعثمان الكعاك… وقام هذا النادي بنشاط ثقافي كبير… وفي بنزرت وجدت نفسي في علاقته مع الكتابة وأصبحت أكتب… ثم استغللت مراسلا بجريدة الصباح ببنزرت… وأول مقال لي كان تغطية المحاضرة التي ألقاها الشيخ الفاضل بن عاشور في نادي المعلمين.
بداية الصداقة مع الهادي العبيدي:
ويسترسل محدثي في حديث الذكريات فيقول أن مراسلاته للصباح سمحت له بالتعرف على رئيس تحريرها الصحفي الكبير الهادي العبيدي ويضيف أصبحت انشر بكثافة في جريدة الصباح، وفي قسمها الثقافي… وكان الهادي العبيدي صارما ولا يسمح لا لمن يتوسم فيه الموهبة الحقيقة، وكان النشر في الصباح برئاسة الهادي العبيدي بمثابة شهادة التخرج لصاحبه… خصوصا وان عدد الكتاب كان قليلا في ذلك الوقت… ولكن مع ذلك كان الهادي العبيدي لا يتوانى عن تشجيع صاحب كل موهبة حقيقة.
زيارة عميد الأدب العربي إلى تونس:
ويضيف المرحوم الأديب أبو زيان السعدي في هذا الحديث المطول الذي أجريته معه منذ حوالي ثماني سنوات، وبقيت محتفظا به بصوته…
من الأحداث المهمة في تاريخ تونس الثقافي زيارة عميد الأدب العربي طه حسين إلى تونس سنة 1957، وقد جئت من بنزرت لحضور محاضرة عميد الأدب طه حسين التي ألقاها بقاعة البالماريوم، وقد دخل طه حسين القاعة وسط تصفيق الحاضرين والترحيب لمقدمه وكان مرفوقا بالزعيم الحبيب بورقيبة بوصفه الوزير الأكبر آنذاك.
وألقى محاضرته الشهيرة التي نشرها فيما بعد في إحدى كتبه… وقد أثنى فيها على تونس والمغرب ولم يذكر الجزائر مما أثار حفيظة عدد من الجزائريين… ويبقى السؤال: ترى لماذا لم يذكر طه حسين الجزائر في محاضرته؟
الرحلة إلى الشرق بين دمشق والقاهرة
… وسألت الأستاذ أبو زيان السعدي رحمه الله، عن زيارة عميد الأدب العربي طه حسين إلى تونس سنة 1957، فقال لي، أن تلك الزيارة كانت حدثا ثقافيا وأدبيا كبيرا، شهدته تونس، وقال انه جاء من بنزرت لحضور محاضرة عميد الأدب العربي التي ألقاها بقاعة البالماريوم وسط حضور مكثف من رجال الثقافة والعلم، وكانت محاضرته بعنوان “رحلة فنية” التي نشرها فيما بعد في إحدى كتبه. وقد حل عميد الأدب العربي بقاعة البالماريوم مرفوقا بالزعيم الحبيب بورقيبة بوصفه الوزير الأكبر آنذاك، وقد أشاد في هذه المحاضرة بتونس والمغرب وبالزعيم بورقيبة وبجلالة الملك محمد الخامس، ولم يذكر الجزائر بكلمة مما أثار حفيظة الجزائريين… وسألت أبا زيان السعدي لماذا لم يذكر طه حسين الجزائر، فأجاب أن العميد لم يشأ أن يتورط في موقف معاد لفرنسا باعتباره خريج جامعة السربون فيها، وكانت الثورة الجزائرية وقتها في أوجها ولم يمض عليها سوى ثلاث سنوات.
أما الحدث الثقافي الثاني المهم فكان زيارة ناسك الشخروب ميخائيل نعيمة إلى تونس سنة 1961 في شهر حزيران (جوان) وقال لي أبو زيان، أن زيارتي العميد وميخائيل في ذلك الوقت المبكر كانت دليلا على توجه تونس الثقافي بقيادة الزعيم الحبيب بورقيبة… وقال لي، لا أنسى أبدا كيف كان التونسيون يتزاحمون لحضور محاضرة عميد الأدب العربي وسماع صوته وهو يترنم باللغة العربي بما عرف به من قدرة على البلاغة والفصاحة، وسألت أبا زيان، إذن كانت بداياتك الأدبية وسط هذا الجو المفعم بالنشاط والحيوية فقال لي، نعم… نحن جيل كان يتحرك بقوة… درسنا معا في جامع الزيتونة ثم واصلنا النشاط الثقافي فيما بعد، ومن جيلي الدكتور علي الشابي ومنور صمادح وجمال الدين حمدي ونور الدين صمود وكان يأتينا الهادي نعمان والشاذلي زوكارمن المنستير… كانت جلساتنا يومية ووجدنا في الشاعر مصطفى خريف خير موجه لنا لأنه كان يحب العربية ويحب من يتكلم بها بطلاقة ويحسن التعبير والكتابة…كما وجدنا التوجيه الحسن من أساتذة كبار أمثال العروسي المطوي ومحمد المرزوقي… وكان نشاطنا في رابطة القلم الجديد وقد أقمنا أربعينية العقاد واعتبرناه أديبا عربيا… وكانت احتفالية كبرى لم يسبق لها مثيل في تونس.
الهجرة إلى الشرق:
ووصلت بالحديث مع أبي زيان رحمه الله إلى حدث مهم في حياته وهي هجرته إلى الشرق فقال لي، كان ذلك سنة 1964، وقد خرجت من تونس وركبت السفينة مع صديقي عمر المزي باتجاه مرسيليا ومن مرسيليا ركبت إحدى السفن اليونانية باتجاه الإسكندرية التي وصلتها يوم الخميس 21 جويلية 1964.
وقول له… تذكر هذا التاريخ جيدا… ويجيبني بحزم نعم… اذكره جيدا لأنه كان تاريخا فاصلا في حياتي… عندما قررت أن أواصل تعليمي العالي استجابة لدعوة الشيخ الفاضل بن عاشور رحمه الله عندما زارنا في بنزرت في نادي المعلمين وقال لي، عليك بمواصلة تعليمك العالي وطلب مني التسجيل في كلية الشريعة وأصول الدين ولكنني رفضت وخيرت التسجيل في كلية الآداب بالقاهرة.
كاد الحلم ان يجهض…
وأسأله، هل سجلت بكلية الآداب القاهرة بعد أن صلت، ويجيبني، لا… لان العلاقات بين تونس ومصر في تلك السنة كانت سيئة، لذلك قررت السفر إلى دمشق و سجلت في كلية الآداب بدمشق ودرست بها سنة، ثم عدت إلى القاهرة من جديد وانتسبت إلى كلية الآداب بعد ذلك في السنة الثانية مباشرة.
واسأله من كان أساتذتك في كلية الآداب بالقاهرة ويجيبني درست على يد عدد كبير من الأساتذة الوجلاء مثل الدكتور يوسف خليف وعبد العزيز الهواري والدكتورة سهير القلماوي والدكتور شكري عياد والدكتور شوقي ضيف.
ويضيف كنت مسؤولا عن شؤون الطلبة التونسيين في القاهرة في غياب السفارة التونسية.
الدكتور شوقي ضيف اعتز بتكريمي:
وفي لحظة افتخار لا أنساها أبدا، يقول لي أبو زيان السعدي انه لما حصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب سنة 1997، أرسل نسخة منها إلى أستاذه شوقي ضيف وكأنه أراد أن يقول له، هذا من بعض فضلك أو هذا طالبك الذي درسته يتوجه بأعلى الجوائز في بلاده… وقال لي أن الدكتور شوقي ضيف وجه له رسالة مؤثرة جدا وقال انه فرح جدا بتتويج احد طلابه في بلاده بأعلى جوائزها الأدبية والثقافية.
حاوره الكاتب والصحفي محمود حرشاني
واترك الرجل ينساب في حديث الذكريات وعن فترة عمله ببنزرت، فيقول لي، في بنزرت عشت أحلى سنوات عمري، تعرفت على العديد من أبناءها ومناضليها ومنهم صديقي رشيد تراس والإعلامي والمسرحي محمد الهادي المرنيصي وعمر البجاوي وحمادي بن حماد وكانا في ذلك الوقت صغيرين ولكنهما كانا يتقدان نشاطا وحيوية…
تأسيس نادي المعلمين في بنزرت:
ويضيف محدثي، قضيت في بنزرت خمس سنوات ومن أصدقائي وجلاسي الأديب عبد الواحد براهم والأديب البنزرتي رشيد الذوادي، وقد أسسنا معا نادي المعلمين في بنزرت الذي قام بنشاط كبير واستدعينا له عديد الإعلام لإلقاء محاضرات مثل العلامة محمد الفاضل بن عاشور وعثمان الكعاك… وقام هذا النادي بنشاط ثقافي كبير… وفي بنزرت وجدت نفسي في علاقته مع الكتابة وأصبحت أكتب… ثم استغللت مراسلا بجريدة الصباح ببنزرت… وأول مقال لي كان تغطية المحاضرة التي ألقاها الشيخ الفاضل بن عاشور في نادي المعلمين.
بداية الصداقة مع الهادي العبيدي:
ويسترسل محدثي في حديث الذكريات فيقول أن مراسلاته للصباح سمحت له بالتعرف على رئيس تحريرها الصحفي الكبير الهادي العبيدي ويضيف أصبحت انشر بكثافة في جريدة الصباح، وفي قسمها الثقافي… وكان الهادي العبيدي صارما ولا يسمح لا لمن يتوسم فيه الموهبة الحقيقة، وكان النشر في الصباح برئاسة الهادي العبيدي بمثابة شهادة التخرج لصاحبه… خصوصا وان عدد الكتاب كان قليلا في ذلك الوقت… ولكن مع ذلك كان الهادي العبيدي لا يتوانى عن تشجيع صاحب كل موهبة حقيقة.
زيارة عميد الأدب العربي إلى تونس:
ويضيف المرحوم الأديب أبو زيان السعدي في هذا الحديث المطول الذي أجريته معه منذ حوالي ثماني سنوات، وبقيت محتفظا به بصوته…
من الأحداث المهمة في تاريخ تونس الثقافي زيارة عميد الأدب العربي طه حسين إلى تونس سنة 1957، وقد جئت من بنزرت لحضور محاضرة عميد الأدب طه حسين التي ألقاها بقاعة البالماريوم، وقد دخل طه حسين القاعة وسط تصفيق الحاضرين والترحيب لمقدمه وكان مرفوقا بالزعيم الحبيب بورقيبة بوصفه الوزير الأكبر آنذاك.
وألقى محاضرته الشهيرة التي نشرها فيما بعد في إحدى كتبه… وقد أثنى فيها على تونس والمغرب ولم يذكر الجزائر مما أثار حفيظة عدد من الجزائريين… ويبقى السؤال: ترى لماذا لم يذكر طه حسين الجزائر في محاضرته؟
الرحلة إلى الشرق بين دمشق والقاهرة
… وسألت الأستاذ أبو زيان السعدي رحمه الله، عن زيارة عميد الأدب العربي طه حسين إلى تونس سنة 1957، فقال لي، أن تلك الزيارة كانت حدثا ثقافيا وأدبيا كبيرا، شهدته تونس، وقال انه جاء من بنزرت لحضور محاضرة عميد الأدب العربي التي ألقاها بقاعة البالماريوم وسط حضور مكثف من رجال الثقافة والعلم، وكانت محاضرته بعنوان “رحلة فنية” التي نشرها فيما بعد في إحدى كتبه. وقد حل عميد الأدب العربي بقاعة البالماريوم مرفوقا بالزعيم الحبيب بورقيبة بوصفه الوزير الأكبر آنذاك، وقد أشاد في هذه المحاضرة بتونس والمغرب وبالزعيم بورقيبة وبجلالة الملك محمد الخامس، ولم يذكر الجزائر بكلمة مما أثار حفيظة الجزائريين… وسألت أبا زيان السعدي لماذا لم يذكر طه حسين الجزائر، فأجاب أن العميد لم يشأ أن يتورط في موقف معاد لفرنسا باعتباره خريج جامعة السربون فيها، وكانت الثورة الجزائرية وقتها في أوجها ولم يمض عليها سوى ثلاث سنوات.
أما الحدث الثقافي الثاني المهم فكان زيارة ناسك الشخروب ميخائيل نعيمة إلى تونس سنة 1961 في شهر حزيران (جوان) وقال لي أبو زيان، أن زيارتي العميد وميخائيل في ذلك الوقت المبكر كانت دليلا على توجه تونس الثقافي بقيادة الزعيم الحبيب بورقيبة… وقال لي، لا أنسى أبدا كيف كان التونسيون يتزاحمون لحضور محاضرة عميد الأدب العربي وسماع صوته وهو يترنم باللغة العربي بما عرف به من قدرة على البلاغة والفصاحة، وسألت أبا زيان، إذن كانت بداياتك الأدبية وسط هذا الجو المفعم بالنشاط والحيوية فقال لي، نعم… نحن جيل كان يتحرك بقوة… درسنا معا في جامع الزيتونة ثم واصلنا النشاط الثقافي فيما بعد، ومن جيلي الدكتور علي الشابي ومنور صمادح وجمال الدين حمدي ونور الدين صمود وكان يأتينا الهادي نعمان والشاذلي زوكارمن المنستير… كانت جلساتنا يومية ووجدنا في الشاعر مصطفى خريف خير موجه لنا لأنه كان يحب العربية ويحب من يتكلم بها بطلاقة ويحسن التعبير والكتابة…كما وجدنا التوجيه الحسن من أساتذة كبار أمثال العروسي المطوي ومحمد المرزوقي… وكان نشاطنا في رابطة القلم الجديد وقد أقمنا أربعينية العقاد واعتبرناه أديبا عربيا… وكانت احتفالية كبرى لم يسبق لها مثيل في تونس.
الهجرة إلى الشرق:
ووصلت بالحديث مع أبي زيان رحمه الله إلى حدث مهم في حياته وهي هجرته إلى الشرق فقال لي، كان ذلك سنة 1964، وقد خرجت من تونس وركبت السفينة مع صديقي عمر المزي باتجاه مرسيليا ومن مرسيليا ركبت إحدى السفن اليونانية باتجاه الإسكندرية التي وصلتها يوم الخميس 21 جويلية 1964.
وقول له… تذكر هذا التاريخ جيدا… ويجيبني بحزم نعم… اذكره جيدا لأنه كان تاريخا فاصلا في حياتي… عندما قررت أن أواصل تعليمي العالي استجابة لدعوة الشيخ الفاضل بن عاشور رحمه الله عندما زارنا في بنزرت في نادي المعلمين وقال لي، عليك بمواصلة تعليمك العالي وطلب مني التسجيل في كلية الشريعة وأصول الدين ولكنني رفضت وخيرت التسجيل في كلية الآداب بالقاهرة.
كاد الحلم ان يجهض…
وأسأله، هل سجلت بكلية الآداب القاهرة بعد أن صلت، ويجيبني، لا… لان العلاقات بين تونس ومصر في تلك السنة كانت سيئة، لذلك قررت السفر إلى دمشق و سجلت في كلية الآداب بدمشق ودرست بها سنة، ثم عدت إلى القاهرة من جديد وانتسبت إلى كلية الآداب بعد ذلك في السنة الثانية مباشرة.
واسأله من كان أساتذتك في كلية الآداب بالقاهرة ويجيبني درست على يد عدد كبير من الأساتذة الوجلاء مثل الدكتور يوسف خليف وعبد العزيز الهواري والدكتورة سهير القلماوي والدكتور شكري عياد والدكتور شوقي ضيف.
ويضيف كنت مسؤولا عن شؤون الطلبة التونسيين في القاهرة في غياب السفارة التونسية.
الدكتور شوقي ضيف اعتز بتكريمي:
وفي لحظة افتخار لا أنساها أبدا، يقول لي أبو زيان السعدي انه لما حصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب سنة 1997، أرسل نسخة منها إلى أستاذه شوقي ضيف وكأنه أراد أن يقول له، هذا من بعض فضلك أو هذا طالبك الذي درسته يتوجه بأعلى الجوائز في بلاده… وقال لي أن الدكتور شوقي ضيف وجه له رسالة مؤثرة جدا وقال انه فرح جدا بتتويج احد طلابه في بلاده بأعلى جوائزها الأدبية والثقافية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.